اللهم اجعل همي الاخره

اللهم اجعل همي الاخره دعاء يرجوا جميعنا أن يجيبه الله لنا، فلا أحد منا لا يتمنى أن يكون مثواه الأخير في الدنيا حسنًا كي ينال جنة الله في الآخرة، وجميعنا أيضًا لا ينفك يسمع أي دعاء في صلاة أو في أي مناسبة دينيه يخلو من هذا الرجاء والطلب، ونتعرف أكثر من خلال موقع زيادة إلى هذا الدعاء.

اللهم اجعل همي الاخره

قال ـ عز وجل ـ في الآية 17 من سورة الأعلى (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) فيجب أن ندعوه قائلين اللهم اجعل همي الاخره، فهذا الدعاء يحمل في طياته الكثير والكثير من المعاني، لأنه دلالة على إيمان ويقين العبد بأن الدنيا فانية ودار زوال ولكنها في نفس الوقت فتنة قوية، فيسعى الإنسان إلى نيل ما يمكنه نيله من متاعها حتى وإن كان فيه هلاكه.

لكن من يشاء الله أن يقوي عزيمتهم هم الذين يقاومون قدر المستطاع ليدعونه دومًا اللهم اجعل همي الاخره، ولقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بأن نسعى للآخرة ونرجوها من الله لأنها الطريق أو المحطة النهائية التي تقرر المصير الأخير للعبد مع ربه.

“عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ” [صحيح الألباني].

يتوجب علينا جميعًا أن ندعو الله أن يكرم عيشنا على الدنيا وأن يجعل مثوانا في الآخرة هو رؤية وجهه الكريم، فلن ينفع الإنسان من دنياه في آخرته سوى عمله الصالح.

اقرأ أيضًا: دعاء مستجاب مجرب يأتي بها الله إن الله لطيف خبير

أدعية النبي لخير الدنيا والآخرة

كان النبي صلى الله عليه وسلم مدركًا لقيمة الحياة الدنيا ولكنه كان يعلم أيضًا أنها خير وسيلة بالرغم من صعوبتها لكسب الآخرة، لذا كان دائم الدعاء بأن يرزقه الله خير الدنيا والآخرة ليقينه أن الدنيا يحتاج فيها إلى الله دومًا لما فيها من مصاعب كي يعينه عليها، فيفوز في المقابل بآخرته التي إليها معاده وفي السنة النبوية نجد الكثير من الأدعية التي جمعت بين رجاء خير الدنيا والآخرة مثل:

“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ

كما قال: “اللَّهمَّ اقسِم لَنا من خشيتِكَ ما يَحولُ بينَنا وبينَ معاصيكَ، ومن طاعتِكَ ما تبلِّغُنا بِهِ جنَّتَكَ، ومنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَينا مُصيباتِ الدُّنيا، ومتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا، واجعَلهُ الوارثَ منَّا، واجعَل ثأرَنا على من ظلمَنا، وانصُرنا علَى من عادانا، ولا تجعَل مُصيبتَنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدُّنيا أَكْبرَ همِّنا ولا مبلغَ عِلمِنا، ولا تسلِّط علَينا مَن لا يرحَمُنا ” [صحيح الترمذي].

في هذا الحديث يتضح لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه كان يرجوا الله على الدوام ألا يفتنه بالدنيا وينسيه الآخرة، وألا يجعل نيل الحظ من الدنيا ومتاعها أكبر همه، وأن يجعل الآخرة هي مبتغاه وجُلُّ همه لأنها مثواه ومصيره وعلينا أن نحتذي به في دعائه هذا.

شروط وآداب الدعاء

سواءً كان دعاء العبد هو اللهم اجعل همي الاخره أو غيره من الأدعية الأخرى، فإنه للدعاء بوجه عام شروط وآداب يجب أن يلتزم بها المسلم وهي:

1- الوضوء واستقبال القبلة

من المستحب أن يتوضأ المسلم أولًا قبل البدء في الدعاء ومناجاة الله، ومن ثم يستقبل القبلة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل تمامًا.

2- حمد الله والثناء عليه

من أهم آداب الدعاء بعد الوضوء واستقبال قبلة الصلاة أن يحمد الله ويشكره وهو يقف بين يديه، لذا يتوجب عليه انتقاء ما جَمُلَ من الألفاظ ومن الكلام أحسنه الذي يليق بجلال الله وكماله وعظمته، وأن يتخير أحسن وأجمل الصفات وأكرمها وأعظمها ومثلما بدأ بالحمد والثناء يختم به الدعاء.

3- الصلاة على النبي

من آداب الدعاء التي يجب مراعاتها هي الصلاة والسلام على النبي، والسبب في ذلك هو أن الصلاة على النبي تجعل الدعاء أكثر قبول وأسرع إجابة وأيضًا ينال الداعي أجرًا كبيرًا عند الله لصلاته على نبيه، وجدير بالذكر أن الصلاة عليه في الدعاء تكون في ثلاثة مواضع يختر منها الداعي ما يشاء وهي:

  • قبل البدء في الدعاء وبعد الحمد والثناء على الله.
  • في بداية الدعاء ووسطه وآخره.
  • في بداية ونهاية الدعاء.

4- رفع اليدين عند الدعاء

رفع اليدين عند الدعاء علامة التضرع والخشوع والتذلل لله، وكلما كانت حاجة العبد كبيرة رفع يديه بالتضرع أكثر فعلى سبيل المثال يرفع المسلمين أيديهم أكثر خلال صلاة الاستسقاء لشدة حاجتهم للماء إذا ما أمسكت السماء عن المطر، ومن الدلائل على ضرورة هذا الأمر ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال:

“كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يرفَعُ يدَيهِ في شيءٍ مِن الدُّعاءِ إلَّا في الاستسقاءِ فإنَّه كان يرفَعُ يدَيهِ حتَّى يُرى بياضُ إِبْطَيْهِ” [صحيح بن حبان].

اقرأ أيضًا: أدعية دينية جميلة مكتوبة

5- الإقرار بالذنب والاعتراف به

لا يجب على العبد أن يتكبر ويتعالى عند الدعاء، بل يجب أن يخشع لله ويعترف ويقر به أمام الله ويبدي له الندم على ما سلف، فهذا يجعل الدعاء مهذبًا ومقبولًا لأن تلك السمة كان يتمتع بها أنبياء الله أنفسهم.

6- الإلحاح في الدعاء

يقصد بالإلحاح في الدعاء هو الإصرار عليه لدرجة تكراره والثبات على ترديده وعدم اليأس أو الملل، وفي هذه الأثناء يجب دعاء الله بأسمائه الحسنى واللجوء إليه على الدوام والإقرار بضعف العبد وقدرة الله وعظمته، فهذا إن دل على شيء فيدل على صدق الداعي وهو أهم أسباب الإجابة.

7- عدم تعجل الإجابة

لا يجب على العبد أن يكون قنوطًا ملولًا يئوسًا وليعلم أن استمراره في الدعاء خير له، فلا يدعو اليوم ولا تطيق نفسه وينتظر أن يستجاب دعاؤه غدًا وإذا لم تكن الإجابة غدًا يتوقف عن الدعاء وييأس من رحمة ربه، وهذا في حد ذاته قد يكون سببًا في عدم إجابة دعائه أصلًا ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر.

“عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي” [صحيح البخاري].

8- البعد عن التكلف

لا ينصح أبدًا التكلف في الدعاء أي في طريقة صياغته، مثل التدقيق في اختيار الألفاظ ذات القافية الواحدة وتعمد ذلك يعد سجعًا والسجع كلام مقفى لا مراعاة فيه للوزن وهذا أمر مكروه في الدعاء ولم يكن النبي يفعل ذلك ونهى عنه أيضًا.

“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فإنْ أبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فإنْ أكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ، ولَا تُمِلَّ النَّاسَ هذا القُرْآنَ، ولَا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتي القَوْمَ وهُمْ في حَدِيثٍ مِن حَديثِهِمْ، فَتَقُصُّ عليهم، فَتَقْطَعُ عليهم حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ، ولَكِنْ أنْصِتْ، فَإِذَا أمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وهُمْ يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ؛ فإنِّي عَهِدْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابَهُ لا يَفْعَلُونَ إلَّا ذلكَ. يَعْنِي لا يَفْعَلُونَ إلَّا ذلكَ الِاجْتِنَابَ” [صحيح البخاري].

9- خفض الصوت

من ضروب التأدب في الدعاء هي خفض الصوت أثنائه ولقد ورد ذلك في القرآن الكريم، (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) [سورة الأعراف، الآية 205].

ذلك لأن خفض الصوت دلالة على الإيمان والخشوع والتأدب والإخلاص في العبادة، وحضور القلب وقرب الداعي من ربه وهذا أدعى لدوان الطلب وسؤال الله في كل وقت.

10- خشوع القلب وحضور العقل

حضور القلب والعقل أثناء الدعاء من أهم آداب الدعاء وأسباب إجابته، فالمسلم إذا ما استحضر قلبه واستجمع فكره وعاطفته وأيقن في قرارة نفسه أن الدعاء إذا استجاب الله له أم لم يجبه فهو خير له، ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر

اقرأ أيضًا:أجمل أدعية الصباح

11- شروط واجب تواجدها

في إطار عرض فضل دعاء اللهم اجعل همي الاخره فيرجى العلم أن هناك بعض الآداب الأخرى التي تعد شروطًا للدعاء مثل:

  • المزج بين شعوري الرغبة والرهبة.
  • رد الحقوق إلى أصحابها.
  • التخلص من أي مصدر للكسب الحرام.
  • الإخلاص في الدعاء وعدم سؤال من هو دون الله.
  • عدم الدعاء على النفس.
  • تجنب الدعاء على الولد، الأهل أو المال.
  • الدعاء ثلاثًا.
  • عدم الدعاء بعدوان.
  • البدء بالدعاء للنفس قبل الغير.
  • عدم الدعاء بإثم أو بقطع للأرحام.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • ترك المعصية والإقبال على الله بقلب ونية سليمة.

لا يجب أن نغفل عن قول اللهم اجعل همي الاخره، وأن نحرص كل الحرص على ألا تلهينا الدنيا وتنسينا ميعادنا ومثوانا الأخير.

قد يعجبك أيضًا