حديث نبوي شريف عن الإيثار

حديث نبوي شريف عن الإيثار يوضح أنه من الأخلاق الكريمة التي ذُكرت في القرآن الكريم وكذلك بالسنة الشريفة، والتي تُميز بين الإنسان الكريم والغير كريم، فخير البشر هو من ضرب مثال على ذلك في مواقف مختلفة، ومن خلال موقع زيادة نتعرف إلى المزيد من التفاصيل بخصوص هذا الموضوع.

حديث نبوي شريف عن الإيثار

هناك مجموعة من الأحاديث النبوية التي وردت عن الرسول الكريم عبرت عن الإيثار، ومنهم ما يلي:

1 – إيثار الطعام

الحديث الذي رواه أبي هريرة – رضي الله عنه – عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:

طَعامُ الاثْنَينِ كافِي الثَّلاثةِ، والثَّلاثةِ كافِي الأَرْبَعةِ” [صحيح البخاري]

، كأن الرسول الكريم يقول هنا أن الذي يؤثر غيره على نفسه في الطعام حتى لو كان قليلًا يبارك الله فيه كما لو كان كثيرًا.

اقرأ أيضًا: قصص قصيرة عن الإيثار

2 – حديث صاحب الراحلة

كذلك حديث آخر رواه أبي السعيد الخدري – رضي الله عنه – عن الرسول الكريم أنه قال:

بيْنَما نَحْنُ في سَفَرٍ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ علَى رَاحِلَةٍ له، قالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له. قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ، حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ” [صحيح مسلم].

أي من يملك من الزاد يعطي لمن يحتاج ولا يملك أيًا كان نوع الزاد ذلك، حتى ظن صحابة الرسول في ذلك الموقف أن ما يمتلكونه من مال وطعام ليس ملكًا لهم من الأصل، وإنما هو ملك لكل من هم محتاجين.

3 – حديث الأشعريين

حديث آخر رواه أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن الرسول قال:

إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ” [صحيح البخاري].

أي أنهم في وقت الضيق والاحتياج كانوا يقومون بجمع المؤن باختلاف أنواعها، ويقومون بتقسيمها فيما بينهم إيثارًا للغير على أنفسهم، فهم خير مثال ودليل على صفة الإيثار.

اقرأ أيضًا: آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها

4 – حديث صاحبة البردة

من ضمن المواقف التي يرويها سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – عن الرسول الكريم بما يخص الإيثار

أنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ ما البُرْدَةُ؟ قالوا: الشَّمْلَةُ، قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: نَسَجْتُهَا بيَدِي فَجِئْتُ لأكْسُوَكَهَا، فأخَذَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، فَخَرَجَ إلَيْنَا وإنَّهَا إزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقالَ: اكْسُنِيهَا، ما أَحْسَنَهَا، قالَ القَوْمُ: ما أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وعَلِمْتَ أنَّهُ لا يَرُدُّ، قالَ: إنِّي واللَّهِ، ما سَأَلْتُهُ لألْبَسَهُ، إنَّما سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ” [صحيح البخاري]

كان عليه ـ أفضل الصلاة والسلام ـ لا يرد محتاجًا يطلب منه شيء يملكه، ولكنه استأثر بتلك القطعة حتى تكون كفنًا له، فلم يكن يريد من الدنيا أي متاع.

5 – حديث الرجل المجهود

كذلك من ضمن الأحاديث التي وردت عن النبي وفيها حث واضح وصريح على الإيثار هو ما رواه أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:

جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: إنِّي مَجْهُودٌ، فأرْسَلَ إلى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما عِندِي إلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلى أُخْرَى، فَقالَتْ مِثْلَ ذلكَ، حتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذلكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما عِندِي إلَّا مَاءٌ، فَقالَ: مَن يُضِيفُ هذا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، فَانْطَلَقَ به إلى رَحْلِهِ، فَقالَ لاِمْرَأَتِهِ: هلْ عِنْدَكِ شيءٌ؟ قالَتْ: لا إلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، قالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بشيءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فأطْفِئِ السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ، فَقُومِي إلى السِّرَاجِ حتَّى تُطْفِئِيهِ، قالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: قدْ عَجِبَ اللَّهُ مِن صَنِيعِكُما بضَيْفِكُما اللَّيْلَةَ” [صحيح مسلم]

، يدل الحديث على الكثير من الإيثار الذي كان يتمتع به النبي الكريم وأصحابه حيث أحضر الطعام؛ لذلك المحتاج وأطفأ الأضواء حتى لا يشعر الضيف بثقل وجوده ولا يلحظ أن النبي لا يأكل.

اقرأ أيضًا: أهمية الأخلاق في بناء المجتمع

ما هو الإيثار

بعد أن تعرفنا على حديث نبوي شريف عن الإيثار فلا بد من التعرف على المقصود بهذا الخلق الكريم، وهو أن يقدم الإنسان مصلحة غيره على مصلحته في أي أمر من أمور الدنيا وهو أعلى درجات المعاملة مع الناس.

على عكس أن يستحوذ الفرد على الخير كله لنفسه ولا يمنح غيره من الفضل شيء، لذلك هذا الخُلق العظيم من تمام مكارم الأخلاق وهو خير مظاهر الحب، والود ودليل على قوة الإيمان والثقة في الله تعالى.

قصة الإيثار في الإسلام

في سياق الحديث عن حديث نبوي شريف عن الإيثار فلا بد من ذكر قصة حدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبر عن الإيثار وأنه خير مثال على ذلك، ففي ذات مرة اشترى الرسول قميص من أحد الحوانيت وبينما وهو يغادر المكان قابله أحد الأنصار فقال له اكسني هذا القميص يا رسول الله فلم يتردد الكريم وأعطاه له.

عاد مرة أخرى واشترى قميصًا آخر وتبقى معه درهمين اثنين فقط، وبينما وهو مغادر تفاجأ بجارية تبكي فسألها لماذا تبكين فقالت إن أهل البيت الذين تعمل عندهم منحوها درهمين اثنين لتشتري الطحين فأضاعتهم، فأعطاها النبي الدرهمين ملكه لتقضي غرضها.

تبعها النبي الكريم عندما وجدها لازالت تبكي وسألها عن سبب بكائها فقالت إنها تخاف أن يضربوها، فرافقها عليه أفضل الصلاة والسلام إلى حيث تعمل وأخبرهم بما وقع وهو ما ترتب عليه إعفاء الخادمة من العمل وصارت حرة طليقة.

التمييز بين الإيثار والولاء

من المهم أن نعرف أنه يوجد فرق الإيثار وبين الولاء، يكمن في أن الولاء يكون في العلاقات الاجتماعية المختلفة، بينما الإيثار ليس له علاقة بالعلاقات وإنما هو في شتى مناحي الحياة.

اقرأ أيضًا: أحاديث الرسول عن الأخلاق

آيات قرآنية عن الإيثار

أيضًا جاء القرآن الكريم موضحًا معاني الإيثار في مختلف الآيات والمواضع، ومن أبرز هذه الآيات ما يلي:

  • قول الله تعالى:

    (وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ) [سورة الحشر – الآية 9]

    ، تأتي الآية صريحة معبرة عن فضل الإيثار وتجنب الشح والبخل، وأن الفئة التي تطبق ذلك هم الفئة التي ستلقى الفلاح.

  • كذلك قول الله تعالى:

    (لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ) [سورة آل عمران – الآية 92]

    ، أي أن المسلم لن ينال البر والخير كله حتى ينفق ويضحي بما يحبه طمعًا في رضا الله تعالى.

الإيثار من الصفات ومكارم الأخلاق التي بُعث النبي ليتممها ويرسي قواعدها، فعلينا جميعًا أن نتحلى بالإيثار ابتغاءً لوجه الله تعالى.

قد يعجبك أيضًا