سيرة أحمد خالد توفيق

أحمد خالد توفيق فلنقل من جعل الشباب يقرؤون كما هو مكتوب على قبره.

هو كاتب وروائي مشهور حازت رواياته التي كتبها على إعجاب طبقة كبيرة من القراء وبصفة خاصة الشباب، حيث مزج في رواياته بين الحقيقة والخيال في أبهى صورة، ليخرج علينا بروايات متكاملة الأركان من حيث اللغة الفصحى والألفاظ الرصينة والحبكة الجيدة.

وبذلك تمكن أحمد خالد توفيق من جذب الكثير والكثير من الناس لعادة القراءة برواياته المشوقة وأسلوبه الساخر وقربه من الشباب.

في هذا المقال سوف نتناول سيرة العراب الذاتية ومؤلفاته وحياته الشخصية، حتى نتعرف سويًا على كيفية تأثير هذا الشخص على فئة كبيرة من الناس.

أحمد خالد توفيق

أحمد خالد توفيق أحمد فرّاج، ولد في العاشر من شهر يونيو من العام ألف وتسعمائة واثنان وستون بمحافظة الغربية بمصر، تحديدًا في مدينة طنطا عاصمة هذه المحافظة.

تدرج في المراحل التعليمية حتى التحق بكلية الطب البشري بجامعة طنطا في العام ألف وتسعمائة وخمسٍ وثمانين من الميلاد، ولم يكتفي بدرجة البكالوريوس فقط بل أكمل حتى حصل على درجة الدكتوراه في طب المناطق الحارة في العام ألفٍ وتسعمائة وسبعٍ وتسعين.

تزوج الدكتور أحمد خالد توفيق من الدكتورة منال أخصائية الصدر وأنجبت له طفلين هما محمد ومريم.

إقرأ أيضًا: ما هو السرد وما هي نظرية السرد؟.. تعرف على أنواع السرد وفق المدارس الأدبية المختلفة

الجمع بين الأدب والطب

استطاع الدكتور أحمد خالد توفيق أن يستفيد من خبرته في مجال الطب وحوّل هذه الخبرة إلى مادة يستطيع توظيفها لكتابة موضوعات رواياته ومقالاته، فكان يكتب سلسلة من المقالات بعنوان “الطريف في طب الريف” وأيضًا اشتهر له مقاله “متلازمة الأدب والطب” الذي كان يجيب فيه على تساؤل كثير من قرائه عن كيف يستطيع طبيب اتخذ من الطب مهنة له أن يتفرغ للكتابة والأدب.

وهذا أحد ردوده على هذا السؤال من مقاله ” متلازمة الأدب والطب”: ( أما عن الجمع بين الطب والأدب فعملية صعبة تقتضي نوعًا من الصراع المستمر، هناك من حسموا قرارهم بشجاعة في وقت مبكر مثل: مصطفى محمود ونبيل فاروق، لقد اختاروا الأدب في النهاية بدلًا عن الطب.

وهناك أيضًا من حسموا قرارهم في الاتجاه العكسي، كم واحدًا في دفعتك الدراسية يكتب الشعر والقصة القصيرة؟

وكم من هؤلاء سيتخلى عن هذه الهواية بعد التخرج ليصير طبيبًا فقط؟.

ربما يفعل هذا بسبب الانهماك في العمل والدراسة، ربما يفعل هذا لأنه بحاجة إلى المال الذي لا يقدمه الأدب بسهولة، ربما يفعل هذا لأن موهبته نضبت، المهم أن معظم الأدباء في دفعتك سوف يحسمون قرارهم ويصيرون أطباء فقط، هناك احتمال 90% أن تكون واحدًا من هؤلاء، وسوف تجد أشعارك في الكراس القديم يومًا ما بعد عشرين عامًا فتعرضها على أولادك، وتزعم أنك كنت أديب الجامعة وشاعر الدفعة، وأن الفتيات كن ينتحرن طمعًا في قصيدة من نظمك، لكن ما أراه يقينًا هو أن الشاعر الذي يستطيع التوقف متى أراد ليس شاعرًا بالضبط، ولن يخسر الشعر كثيرًا بفقده، نفس ما قاله العميد طه حسين عن عبدالرحمن شكري الذي أنهكه النقد السلبي فأعلن أنه سيتوقف).

إقرأ أيضًا: ملخص رواية البؤساء Les Misérables رائعة فكتور هوجو

بداية حياته العملية

اتجه أحمد خالد توفيق إلى مجال الرواية أيضًا، وكان يركز في رواياته على الاستعانة بأحداث واقعية تحدث في عصرنا الحالي، إلى جانب التنبؤ بأحداث المستقبل.

فعلى سبيل المثال روايته ما قبل الأخيرة “شآبيب” والتي تناولت قضية العنصرية التي يعاني منها بعض العرب الذين يعملون في الدول الغربية بسبب أصلهم أو دينهم أو عرقهم أو حتى لونهم، واستطاع أيضًا أن يوظف هذه الفكرة في خلق افتراض عمّا إذا كان عرب الخارج يفكرون في إقامة دولة خاصة بهم كما فعل اليهود في العام 1947 حينما جمعوا شتاتهم المنثور في جميع أنحاء أوروبا والعالم ليبنوا دولة خاصة بهم في أرض فلسطين.

لذلك كانت الرواية تحتوي عنوانا براقًا وهو سؤال: “هل يصبح العرب يهود العصر؟”.

مؤلفات أحمد خالد توفيق

استطاع توظيف بعض الأحداث الواقعية لخدمة فكرته في هذه الرواية مما جعل من يقرؤونها يظن أنها رواية حقيقة وليست من نسج الخيال.

لم يكن أحمد خالد توفيق من الكتاب أصحاب النوع الأدبي الواحد، بل استطاع أن يكتب في العديد من الأنواع الأدبية مثل:-

  • أدب الرعب، وله في ذلك سلسلة كاملة بعنوان “ما وراء الطبيعة” والتي تحولت إلى مسلسل يحمل نفس العنوان من إنتاج شركة NETFLIX.
  • الفانتازيا، وله أيضًا سلسلة تحمل نفس العنوان “سلسلة فانتازيا” وأيضًا “سلسلة سفاري”.
  • المغامرات، ورواية “شآبيب” هي خير مثالٍ على ذلك.
  • الخواطر، وقد كتب في هذا النوع الكثير من المؤلفات أشهرها “قصاصات قابلة للحرق”.

ولم يكن أحمد خالد توفيق مجرد كاتب عربي مهووس بالكتابة فحسب، بل كان مطلعًا أيضًا على مؤلفات وروايات الكتاب الغربيين، وقد ترجم العديد من مؤلفات بعضهم للغة العربية، وذلك مثل:

  • رواية “نادي القتال” للكاتب الأمريكي تشاك بولانيك.
  • رواية “ديرمافوريا” للكاتب كريج كليفنجر.
  • رواية “كتاب المقابر” للكاتب الإنجليزي نيل جايمان.

ولم يكتفي الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق بكونه كاتبًا أو مترجمًا للروايات والمقالات فحسب، بل إلى جانب كل ذلك كان يعمل كعضو في هيئة التدريس بكلية الطب البشري بجامعة طنطا منذ اليوم الأول لحصوله على درجة الدكتوراه، فلم ينقطع مطلقًا عن مهنته الأساسية كطبيب، ولم يهمل شغفه بالأدب والكتابة أيضًا، فمن أقواله:” بالنسبة لي يساعدني ولعي بالطب والأدب على الاحتفاظ بتوازني النفسي، كرجل له بيتان وزوجتان يفر إلى واحدة من نكد الأخرى، عندما أتلقى ضربات في معرفتي الطبية أتذكر أنني أديب، وعندما أحقق فشلاً جديدًا في عالم الأدب أعزي نفسي بأنني طبيب. لكني -كرجل له بيتان وزوجتان- ألاقي مصاعب جمة في الاحتفاظ بالاثنين، وحياتي دورات يجور فيها الطب على الأدب والعكس، أندمج في الطب حتى أصير عاجزًا عن صياغة أحداث قصة متماسكة، ثم أغوص في الأدب إلى أن أجد عسرًا في تذكر اسم البكتريا المسببة للحمى الراجعة”.

إقرأ أيضًا: من هو عميد الادب العربي وماذا قدم للأدب العربي؟

وفاة أحمد خالد توفيق

توفي الدكتور والأديب أحمد خالد توفيق عن عمر يناهز 55 عامًا، في اليوم الثاني من إبريل من العام ألفين وثمانية عشر للميلاد إثر أزمة قلبية أصيب بها.

ليرحل وقد ترك تراثًا عظيما تفخر به عائلته وأبنائه وكل من قرأ مؤلفاته، فقد نعته وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم ورئيس جامعة طنطا قائلين بأن الثقافة المصرية فقدت قامة طبية وأدبية كبيرة يصعب تكرارها في عصرنا الحديث.

ليس هذا فقط، بل إن كثيرًا من الشباب خرجوا لاتباع جنازته عرفانًا للجميل، فقد أوصى الدكتور أحمد خالد توفيق بتعليق لافتة على قبره مكتوب عليها عبارة “جعل الشباب يقرؤون”، وقد كتب كثير من الشباب العديد من عبارات الشكر والثناء وعلقوها أيضًا على قبره عقب الجنازة مباشرة، فقامت أسرته بحفظ هذه الأوراق وتغليفها ووضعها في مكتبه حفاظًا عليها من عوامل الجو.

رحم الله الدكتور أحمد خالد توفيق وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان ورزقنا أيضًا من يكون من أمثال الدكتور في ثقافته وعلمه الغزيرين، في نهاية هذا المقال نتمنى أن نكون قد بينّا لكم نبذة مختصرة عن حياة الدكتور أحمد خالد توفيق -رحمه الله- وأن يكون مقالًا مفيدًا لمن يودون التعرف على كتاباته ومؤلفاته.

قد يعجبك أيضًا