تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم

تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم يعد من الأمور التي تشكل موضع اهتمام بالنسبة إلى جميع المسلمين، فلا يعلم الكثير من المسلمين كيف يمكن لهم أن يعبروا بصدق عن مدى حبهم لنبيهم الكريم.

لذا سنعرض لكم من خلال موقع زيادة أفضل طريقة تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم، لكي يتثنى للجميع معرفة أفضل الوسائل التي يمكن لهم من خلالها التعبير عن حبهم لرسول الله.

تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم

إن أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم مهما كان بالغ الجمال وعظيم الكبر، فهو لن يوفيه حقه ولن يصف مثقال ذرة مما تحمله أفئدتنا لخاتم الأنبياء، فما من بشر عانى كمحمد ولا بشر صبر وتحمل من أجلنا جميعًا دون أن يرانا حتى، كما صبر وتحمل محمد من أجل أمته.

تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم مهما طال فهو قصير ومهما عَظٌمَ فهو صغير، فإذا قلنا إنه هو علم الهدى وسيد الخلق جميعًا، فهذا لا يعد تعبيرًا وافيًا ولو أردنا أن نعبر عن حبنا للرسول الكريم فعلى هذا الحب أن يكون من جهتين تكمل كل منهما الأخرى، وهذا ما يتضح في الآتي:

تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلام

كل منا يجول ويدور في خاطره الكثير من الكلام والخواطر من أجل محاولة إبداء أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعد أجمل وأسمى تعبير شفهي عن حب الرسول هو الإكثار من الصلاة عليه، فهو يحب كل من يصلي عليه والله يحب من يصلي على حبيبه خاتم المرسلين.

بعد ذلك يمكننا التعبير عن حبنا للرسول بقول عبارات وخواطر تدور في صدورنا

“نشهدُ الله يا حبيبنا على حبك، نشهده على حبك ما حيينا، ولأنتَ حياتُنا ولأنتَ الأغلى، ما بقي لنا وأغلى ما لدينا، ولأنت والله، أحب إلينا من أرواحنا التي بين جنبينا، فلولاك بعد الله، ما كنا من أصحاب الصراط المستقيم والهدي القويم، ولولاك ما رأينا نور الهداية”

كلنا لولا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كنا ذات يوم أمة تفرق بين الحق والباطل، ما كنا لنفرق بين الظلم والعدل، لولا بعثة النبي فينا بدين الإسلام ما كنا يومًا نستحق أن نوصف بلفظة البشر، فمحمد هو من علم كل إنسان منا كيف يكون إنسانًا.

“إنه لحب يسكنُ القلب، ويتغلغل فيه يلامس إحساسه، كأنه جزءٌ منه، حبٌّ تسري أنواره بين حنايا القلوب؛ فتملؤها نورًا وضياءً وهُدى”

نحن كمسلمين مهما عصينا الله وضللنا طريقه فإن هذا لا يغير شيئًا ولا ينقص من قدر حبنا لنبيه، والدليل على ذلك أننا بالرغم من كثرة ذنوبنا وآثامنا المستمرة إذا سمعنا اسم محمد تردد إلى مسامعنا، ينطق اللسان فجأة وبتلقائية بالصلاة عليه، وتلك التلقائية لا مبرر لها إلا الحب الكامن للنبي في داخل قلوبنا.

“هتفت لك الأرواح؛ من شدة اشتياقها، صلى الله عليك يا خير الورى، تعداد حبات الرمال وأكثر، يا صفوة الأولياء، وصاحب الغرة والتحجيل والحوض المورود، اشتدّ بي الشوق والحنين”

إن الشوق إلى رؤية نبي الله ما هي إلا نتاج لحبه المكنون في صدورنا جميعًا، وإن أجمل الخواطر التي تدور في عقولنا وقلوبنا غالبًا ما تكون بدافع الشوق، وما الشوق المستمر إلا دلالة على الحب أو العشق، وتلك دلالة قوية في إبراز تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: عبارات نصرة ودفاع عن رسول الله

تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم بالفعل

من خلال كتابتنا أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم، نجد أن الحب الحقيقي يكمن في القيام بسلوكيات وأفعال تدل على هذا الحب وتكتب لنا عند الله طاعة، وحبنا للرسول فعليًا يتضح في المظاهر الآتية:

1- طاعة الرسول

إن طاعة الرسول تعد من أهم المظاهر العملية التي تنم عن شدة حب المسلم له، وهي تكمن في الإقدام على ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه سواء كان ذلك في القول أو الفعل أو الاعتقاد.

فلقد أورد الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وجوب وإلزام المسلم بطاعة النبي، ويتضح هذا في قوله تعالى في سورة النساء (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّـهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ)

إن في ذلك أمر مباشر وواضح من الله لنا بطاعة النبي والإيمان برسله جميعًا، وذلك لأن طاعة أنبياء الله هي شكل من أشكال طاعة الله، ولقد اختص الله تعالى النبي محمد بالتحديد في أمر وجوب الطاعة للأنبياء، وذلك لأن الرسالة التي بعث بها هي الرسالة المتمة لرسالات الله جميعًا فقد قال تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ)

إن طاعة النبي لا تقتصر على جانب معين بل هي عامة شاملة فيجب علينا إذا أحببنا الرسول أن نستجيب لكل ما أمر به دون منازعة أو جدال، ولقد وجبت طاعة المسلمين للنبي في حياته، وحتى بعد مماته وحتى قيام الساعة، فمن أحب محمد أطاعه ومن أطاعه لم يعرف حبه له قيدًا للزمان أو للمكان.

2- توقير النبي وتعظيمه

إن أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجب أن يخلو من تعظم وتوقير وإجلال له، وتعظيم النبي وإجلال مكانته يجب أن يكمن أولًا في الاعتقاد واليقين التام بأن دين محمد وسنته هما الخير الحقيقي والباقي للبشرية بأكملها.

كما يجب أن تكون محبته باتباعه واحترامه في الظاهر والباطن، ومن أجل وأفضل صور تعظيم النبي هو الصلاة عليه في كل حين وذلك لقوله تعالى في سورة الأحزاب: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

3- نصرة النبي والدفاع عنه

إن نصرة النبي والدفاع عن دينه وسنته من أهم وأجمل مظاهر تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك وفقًا لما أورده سبحانه وتعالى في سورة الحشر، حيث قال الله تعالى:

(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

إن هذا ما فعله الصحابة الكرام في حياة الرسول وحتى بعد وفاته، فلقد زهدوا الدنيا وقدموا أنفسهم وأولادهم وأموالهم في سبيل الدفاع عن رسول الله ومحاربة أعدائه، كما جاهدوا في سبيل الله ودحضوا خطر وعدوان وتجاوزات المشركين في حق الرسول.

لقد تولى سبحانه وتعالى أمر الدفاع عن النبي بنفسه، وصد عدوان المعتدين عليه بالقول والفعل، ونصره على الدوام فكان نعم الناصرين، فقد أيده وثبته ودافع عنه فعلى سبيل المثال وليس الحصر قول الله في سورة الحجر: نّا كَفَيناكَ المُستَهزِئينَ) وفي ذلك أيضًا قال في سورة الكوثر: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر).

فأوفى الله بوعده وأخرس ألسنة كل من استهزأ به، ولقد رد على أعدائه ادعاءاتهم الواهية عليه واتهامهم إياه بالجنون، فقد قال الله في سورة التكوير (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ)، كما رد عنه تهمة السحر التي رماها قومه به، فقال تعالى في سورة الإسراء: (إِذ يَقولُ الظّالِمونَ إِن تَتَّبِعونَ إِلّا رَجُلًا مَسحورًا)

لذا من الواجب على كل مسلم أن يهب لنصرة نبي الله ودينه مع الحرص على أن يتخلى المسلم عن أي وسيلة منافية للدين أو الأخلاق في طريقته في الدفاع عن النبي إذا كان يريد التعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم صدق وأخلاقية.

اقرأ أيضًا: كيفية الرد على تعزية البقاء لله

4- الاقتداء بالنبي

إن محمدًا هو خير مثال يقتدي به المرء في حياته على الإطلاق، وهذا بالاستناد إلى قوله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا).

فلقد جعل الله في الاحتذاء بالنبي وسيلة قويمة للهداية، فإذا اتبع المسلم بالرسول واقتدى به، نال الفوز بالطريق المستقيم والسير على درب الهدى والحق، وذلك ما أورده الله تعالى في سورة النور: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)

إن الاقتداء بالنبي يجب أن يكون في أخلاقه أولًا، فعلى سبيل المثال يجب على المسلم إذا أراد عن يبدي أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتحلى بالصدق، فإن النبي طيلة حياته لم ينطق بالكذب أبدًا سواءً بجدية أو على سبيل المزاح، ولقد أكد على ذلك قول الله تعالى في سورة الزمر: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

لقد مر النبي بصعاب ونوازل لا يتحملها بشر فلقد عانى من صغره وحتى شيبته أشد معاناة، وصبر على اليتم، وعلى المجافاة والفقر والبعد عن أهله ووطنه وأحبته جميعًا، ولكن بالرغم من كل ذلك كان صابرًا محتسبًا لكل هذا لوجه الله، ولقد أورد الله تعالى عن شيمة الصبر، والتحمل في النبي محمد في قوله تعالى في سورة النحل:

(وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ وَلا تَحزَن عَلَيهِم وَلا تَكُ في ضَيقٍ مِمّا يَمكُرونَ).

لقد كان النبي كريمًا عطوفًا معطاءً فكان يكرم ضيفه أيما كرم من دون أن يخشى الفقر أو الفاقة في العيش، ولقد قال صلى الله عليه وسلم: مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ“.

5- حب صحابة النبي

إن أصحاب النبي صدقوه وآمنوا به ولم يخشوا الصعب والأهوال التي تعرضوا إليها بسبب إيمانهم به، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل قدموا أرواحهم وأموالهم وأولادهم افتداءً لرسول الله وحاربوا وجاهدوا في سبيل الله.

ذلك كله من أجل رفعة دينه ونفاد كلمة الله، ولا يحق لمسلم أن يبغض أحد الصحابة لموقف أو خلاف وقع بين أحدهم، وبين النبي فلا يليق بالمسلم أن يولي نفسه قاضيًا أو حاكمًا بين النبي وأحد الصحابة الكرام.

كما قد أوصى النبي بضرورة حب المسلمين للصحابة لأنهم نصروه وأحسنوا جواره، ولقد قال صلى الله عليه وسلم: آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ وهذا الحديث لا ينكر أبدًا فضل المهاجرين من الصحابة.

6- محبة آل بيت النبي

إن محبة آل بيت النبي جزء لا يتجزأ من محبة النبي ومحبة النبي هي محبة خالصة لله، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم زوجات النبي جميعهن وآل على بن طالب بن عم النبي، وآل جعفر بن أبي طالب وآل العباس بن عبد المطلب ونسلهم جميعًا، ولقد ورد ذكر مكانة آل البيت عند الله في سورة الشورى في قوله تعالى:

(قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).

لقد طهر الله آل بيت النبوة من ارتكاب الآثام وجعلهم فوق مستوى أي شبهة، ولقد نقاهم وطهرهم جميعًا من أي صفات سيئة، وجعل فيهم من صفات النبي الكثير، ولقد ورد ذكر هذا أيضًا في سورة الأحزاب في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).

مواقف تدل على حب النبي لأمته

إن ما عاناه وقاساه النبي في حياته وتحمله وصبر عليه واحتسبه عند الله كان كله من أجل أمته التي لم يكتب له أو لها أن يرى بعضهما البعض، فالنبي ضحى كثيرًا من أجل أن ننعم نحن بنعمة الإسلام صبر، وتحمل من أجل أناس لم يرهم ولم يعرفهم من قبل، ورضي محمدًا بالقليل من أمته التي عاصرته وفي المقابل منحهم حبًا جمًا، أليسَ المُحِبُّ جديرًا بِأن يُحَب؟ أليس محاول إظهار أي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم قليل؟

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ما أعْدَدْتَ لَهَا قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ

رواه أنس بن مالك، وحدثه الإمام البخاري، المصدر: صحيح البخاري

حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.

هناك الكثير من المواقف الإنسانية الجميلة التي تدل على مدى حب الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وخوفه عليهم، وتفانيه في الدنيا والآخرة من أجل أن ينالوا جنة الله ورضاه ورضوانه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ يَدْعُو بها، وأُرِيدُ أنْ أخْتَبِئَ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي في الآخِرَةِ

رواه أبو هريرة، وحدثه الإمام البخاري، المصدر: صحيح البخاري

حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.

اقرأ أيضًا: مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض القصائد في حب الرسول

أحاديث النبي عن حبه لأمته

من أجمل ما يدفعنا إلى كتابة تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم أن النبي كان شغله الشاغل على الدوام هو الدعاء لأمته أمة الإسلام كافة بكل الخير، والدليل على ذلك هو حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين قالت:

“لما رأيتُ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ طِيبَ النَّفْسِ قلتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي قال اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم من ذنبِها وما تأخَّرَ وما أسرَّتْ وما أعلنَتْ فضحكتْ عائشةُ حتى سقط رأسُها في حِجرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من الضَّحِكِ فقال أَيَسُرُّكِ دُعائي فقالتْ ومالي لا يَسُرُّني دُعاؤُكَ فقال واللهِ إنها لَدَعْوتي لأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ

روته عائشة بنت أبي بكر، وحدثه الألباني، المصدر السلسلة الصحيحة

حكم الحديث: صحيح وحسن الإسناد.

لقد بلغ شوق النبي لأمته وحبه للمسلمين منه مبلغ البكاء، فأي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم لن يوفيه حقه، فنحن لن نستطيع أن نحبه بقدر ما أحبنا وفضلنا عن أصحابه وآل بيته وعن كل المقربين منه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى المَقْبُرَةَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ، وأنا فَرَطُهُمْ علَى الحَوْضِ ألا لَيُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي كما يُذادُ البَعِيرُ الضَّالُّ أُنادِيهِمْ ألا هَلُمَّ فيُقالُ: إنَّهُمْ قدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فأقُولُ سُحْقًا سُحْقًا. وفي رواية: فَلَيُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي”

رواه أبو هريرة، وحدثه مسلم، المصدر صحيح مسلم، حكم الحديث: صحيح وقوي الإسناد.

صفات النبي وخلقه

لقد كانت شخصية النبي منذ ولادته فريدة من نوعها إلى أبعد الحدود فهو نشأ في مجتمع يعمه الفساد والجهل والغلظة، وبالرغم من هذا البستان الشائك الوعر، إلا أنه كان بمثابة النبتة والزهرة الطيبة المباركة التي طرحت في وسطه.

بالرغم مما يعرف عن طيش الشباب واندفاعهم وراء شهواتهم، وبالرغم من أن النبي كان شابًا ورجلًا إلا أنه لم يقم بأي فعل مما يقوم به الشباب في عمره وفي هذه البيئة الفاسدة، فهو لم يشرب الخمر قط، ولم يطف حول واحدًا من الأوثان، ولم يلعب الميسر، ولم يقرب أي امرأة هذا القدر من الاستقامة دون أن يبعث بالرسالة أو يوحى إليه.

كما لم يسبق للنبي أن تشاجر مع أحد أو انفلتت منه زلة لسان، ولم يسبق أن مس اسمه أي شيء يلطخه بمعنى أنه لم يرتكب أي خطأ قط، وبالطبع هذا أمر طبيعي فإن الله قد أعده منذ اللحظة الأولى له في هذه الحياة لِأن يكون خاتم النبيين في هذه الأمة.

لقد شب النبي وقضى شبابه على الاستقامة والاعتماد الكامل على النفس فلم يفسده فرط دلال ومحبة جده وعمه له، فعمل منذ أن كان صغيرًا في رعي الأغنام بمكة مقابل مبلغ زهيد من المال، ثم عندما كبر قليلًا واشتد عوده بدأ يعمل في التجارة حتى بدأ يخرج في بعض الرحلات التجارية، مثل الرحلات التجارية الخاصة بالسيدة خديجة بنت خويلد.

لقد شهد الجميع بنبل صفات محمد بن عبد الله حتى سمي وهو في مقتبل العمر في كل مكان باسم الصادق الأمين، وقد كان خير أسوة لشباب قومه ورجالهم وكان شديد التواضع حليم صبور في تعامله مع الناس، ولا سيما في واجهته لصد المشركين لدعوته.

كان النبي رجلًا بكل ما تحمله كلمة رجل من معنى، فكان يساعد زوجاته في شئون المنزل وكان يمازحهن ويداعبهن ويدللهن، كان أعز ما عليه أن يرى حقدًا أو ضغينة أو مشاحنة بين الناس، فكان يتدخل على الفور من أجل معالجة الوضع، كان يميل للوسطية والاعتدال في كل شيء حتى في الطعام والشراب واللباس.

عاش النبي حياته كريمًا شديد الجود سمح الكف رحيمًا، ليس للين قلبه نظير ولا شبيه، كان متسامحًا يميل دومًا للعفو والصفح ويجنح للسلم، كما كان عادلًا منصفًا ناصرًا للمظلوم لا يسكت عن الحقوق المهدرة، ولقد كان فصيح اللسان حلو الكلام على الدوام، فلم يزل لسانه يومًا قط.

سعادة الدنيا بمولد الرسول

لقد استبشر عبد المطلب جد النبي بحمل آمنة، وبمقدم المولود الذي تحمله في داخلها، وسر وفرح به كثيرًا عندما ولد وأخذه وذهب به إلى الكعبة المشرفة، وهناك ألهمه الله بأن يسميه محمدًا، لكي يكون رجلًا محمودًا في الأرض وفي السماء، وجدير بالذكر أيضًا أن هذا الاسم لم يكن معروفًا أو منتشرًا بين العرب آنذاك، وبعدها قام بختنه صلى الله عليه وسلم في اليوم السابع من ولادته المباركة.

لقد ظهرت بعض الدلائل التي تبشر الدنيا بقدوم خير خلق الله إليها، ولقد ذكرها المؤرخون الذين شهدوا هذا العصر ومن لحقوهم، ومن بين تلك البشائر بمولد النبي:

  • سقوط أربعة عشر شرفة كبيرة وقوية من قصر كسرى الفرس.
  • سقطت وانهدمت الكنائس التي كانت تقع بالقرب من بحيرة ساوة وتحيط بها.
  • انطفئت النيران التي كان يعبدها المجوس فجأة.
  • خروج أشعة من النور من فرج آمنة بنت وهب أثناء وضعها للنبي.

لا أحد على ظهر الأرض بأكملها يستحق أن يحب بهذا القدر إلا محمدًا، وأي تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم لن يوفيه قدره، فلقد نطقت السماوات والأرض واحتفت بمولد سيد البشر كلهم جميعًا وأشرقت الأرض في ذلك اليوم بنور ميلاد خاتم النبيين وليس بنور الشمس، فلقد كان مولد محمد يومها هو نور الله فقد أشرقت الأرض بنور ربها الذي تمثل في محمد.

اقرأ أيضًا: اين ولد الرسول صلى الله عليه وسلم

تعبير عن حب الرسول في يوم مولده

إن في مولد النبي الأمين صلى الله عليه وسلم يمنًا وبركة حلت على أهل الجزيرة العربية، فحولت خريف حياتهم إلى ربيع مزهر، وأبرز الأدلة على ذلك أنه في يوم مولد النبي كان أبرهة الحبشي قد عزم أمره على حشد جيوش ليست من البشر ولكن من الفيلة، وتوجه إلى مكة المكرمة قاصدًا هدم الكعبة المشرفة التي بناها إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.

ما حدث يومها أن الله أراد بيمن قدوم النبي المبارك أن يحبط عمل أبرهة الحبشي وجيشه، وأن يحفظ هذا المقام مقام إبراهيم المقدس، فأرسل الله على أبرهة وجيشه أسرابًا من الطير المحمل بحجارة من سجّيل، وهي حجارة من الطين طبخت من نيران جهنم، فأبادت أبرهة وجيشه عن آخرهم وكتبت لمكة وللكعبة المشرفة النجاة يومها.

توالت المعجزات على مدى حياة النبي بأكملها، وتعد معجزة انشقاق صدر النبي في طفولته من أعظم المعجزات التي حدثت لنبي على الإطلاق، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في حضانة حليمة السعدية لرضاعته وتربيته وكان آنذاك في ديار بني سعد بن هوازن.

ما حدث في ذلك اليوم هو أن نزل الملك جبريل عليه السلام وقام بشق صدر الرسول وإخراج قلبه من بين أضلعه، ثم مد يده إلا داخل قلب النبي وأخرج منه علقة سوداء صغيرة توجد في قلوب البشر، وهي البوابة التي يدخل منها الشيطان إلى الإنسان.

ثم قام بعدها بغسل قلب النبي في طست من الذهب الخالص وماء زمزم، وأعاده إلى موضعه مرة أخرى وأغلق صدره وأعاده كما كان، في غمار هذه الأحداث كان هناك شاهدًا واحدًا عليها، وهو طفل صغير السن وهو ابن لحليمة السعدية ولقد هاله روع ما رآه وحاول أن يحكي لوالدته مرضعة النبي، ولكنها لم تصدقه واعتبرت أن ذلك ما هو إلا خيال طفل صغيرأ ولكنه فيما بعد لاحظت أثر شق في منتصف صدر النبي.

إن في ذلك كله دلالة على حب الله لنبيه وحب الناس له منذ لحظة ميلاده الأولى، وقبل أن يكلف بحمل رسالة الإسلام، إنه كما أكدت كل البرايا هو الحق والأحق بالحب، وهو جدير بكل ما تغنى به الشعراء من أجله في يوم مولده الذي كان وما زال معجزة الأزمان.

يبقى كل تعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم غير كافٍ مهما حاولنا، فمحمد معجزة ومحمد جدير بأن يُحبَّ بأكثر مما أحب، ولا أحد يمكنه أن يُحب مثل محمد.

قد يعجبك أيضًا