تحليل قصيدة بشار بن برد

تحليل قصيدة بشار بن برد بشكل مفصل حتى يتمكن قارئ القصيدة من استيعاب معانيها ببساطة، بشار بن برد هو بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي ويكنى بأبي معاذ.

هو شاعر مخضرم عاش إلى نهاية عصر الدولة الأموية ولد كفيفًا لكنه منار البصيرة لأنه كان بليغا في شعره ولم يتخذ التكلف أسلوبًا في شعره، ومن خلال موقع زيادة سنتعرف أكثر على تحليل القصيدة.

تحليل قصيدة بشار بن برد

قصيدة بشار بن برد إذا كنت في كل الأمور معاتبًا أو تسمى أيضًا جفا وده فازور أو مل صاحبه، هذه القصيدة من أهم القصائد في الشعر العربي، تتعلق القصيدة في وصف بشار بن برد للجيش واستطاع الشاعر من ذلك أن يعرف الصديق الحقيقي.

تدعو القصيدة للتسامح والعفو عن زلات بعضنا البعض لتدوم المحبة بيننا، وسوف نعرض لكم فيما يلي نص قصيدة إذا كنت في كل الأمور معاتبًا، ثم سنقوم بشرح بعض الأبيات شرحًا تفصيليًا وذلك في إطار موضوع تحليل قصيدة بشار بن برد.

اقرأ أيضًا: تحليل قصيدة عنترة بن شداد يا دار عبلة

نص قصيدة إذا كنت في كل الأمور معاتبًا

فيما يلي سنعرض لكم نص القصيدة وسنقوم بشرح بعض الأبيات المهمة حتى يتمكن للقارئ فهم الأمر العام للقصيدة وذلك استكمالًا لموضوعنا تحليل قصيدة بشار بن برد.

جَفا وِدُّهُ فَاِزوَرَّ أَو مَلَّ صاحِبُه * * وَأَزرى بِهِ أَن لا يَزالَ يُعاتِبُه

خَليلَيَّ لا تَستَنكِرا لَوعَةَ الهَوى * * وَلا سَلوَةَ المَحزونِ شَطَّت حَبَاِئبُه

شَفى النَفسَ ما يَلقى بِعَبدَةَ عَينُهُ * * وَما كانَ يَلقى قَلبُهُ وَطَبائِبُه

فَأَقصَرَ عِرزامُ الفُؤادِ وَإِنَّما * * يَميلُ بِهِ مَسُّ الهَوى فَيُطالِبُه

إِذا كانَ ذَوّاقاً أَخوكَ مِنَ الهَوى * * مُوَجَّهَةً في كُلِّ أَوبٍ رَكائِبُه

فَخَلِّ لَهُ وَجهَ الفِراقِ وَلا تَكُن * * مَطِيَّةَ رَحّالٍ كَثيرٍ مَذاهِبُه

أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما * * أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه

إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً * * صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ * * مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى * * ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

وَماءٍ تَرى ريشَ الغَطاطِ بَجَوِّهِ * * خَفِيِّ الحَيا ما إِن تَلينُ نَضائِبُه

قَريبٍ مِن التَغريرِ ناءٍ عَن القُرى * * سَقاني بِهِ مُستَعمِلُ اللَيلِ دائِبُه

حَليفُ السُرى لا يَلتَوي بِمَفازَةٍ * * نَساهُ وَلا تَعتَلُّ مِنها حَوالِبُه

أَمَقُّ غُرَيرِيٌّ كَأَنَّ قُتودَهُ * * عَلى مُثلَثٍ يَدمى مِنَ الحُقبِ حاجِبُه

غَيورٍ عَلى أَصحابِهِ لا يَرومُهُ * * خَليطٌ وَلا يَرجو سِواهُ صَواحِبُه

إِذا ما رَعى سَنَّينَ حاوَلَ مَسحَلاً * * يَجِدُّ بِهِ تَعذامُهُ وَيُلاعِبُه

وَظَلَّ عَلى عَلياءَ يَقسِمُ أَمرَهُ * * أَيَمضي لِوِردٍ باكِراً أَم يُواتِبُه

لِعَلَّكَ تَستَدني بِسَيرِكَ في الدُجى * * أَخا ثِقَةٍ تُجدي عَلَيكَ مَناقِبُه

أَحَلَّت بِهِ أُمُّ المَنايا بَناتِها * * بِأَسيافِنا إِنّا رَدى مَن نُحارِبُه

وَما زالَ مِنّا مُمسِكٌ بِمَدينَةٍ * * يُراقِبُ أَو ثَغرٍ تُخافُ مَرازِبُه

إِذا المَلِكُ الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ * * مَشَينا إِلَيهِ بِالسُيوفِ نُعاتِبُه

وَجَيشٍ كَجُنحِ اللَيلِ يَرجُفُ بِالحَصى * * وَبِالشَولِ وَالخَطِّيِّ حُمرُ ثَعالِبُه

غَدَونا لَهُ وَالشَمسُ في خِدرِ أُمِّها * * تُطالِعُنا وَالطَلُّ لَم يَجرِ ذائِبُه

بِضَربٍ يَذوقُ المَوتَ مَن ذاقَ طَعمَهُ * * وَتُدرِكُ مَن نَجّى الفِرارُ مَثالِبُه

كَأَنَّ مُثارَ النَقعِ فَوقَ رُؤُسِهِم * * وَأَسيافَنا لَيلٌ تَهاوى كَواكِبُه

بَعَثنا لَهُم مَوتَ الفُجاءَةِ إِنَّنا * * بَنو المُلكِ خَفّاقٌ عَلَينا سَبائِبُه

فَراحوا فَريقاً في الإِسارِ وَمِثلُهُ * * قَتيلٌ وَمِثلٌ لاذَ بِالبَحرِ هارِبُه

وَأَرعَنَ يَغشى الشَمسَ لَونُ حَديدِهِ * * وَتَخلِسُ أَبصارَ الكُماةِ كَتائِبُه

تَغَصُّ بِهِ الأَرضُ الفَضاءُ إِذا غَدا * * تُزاحِمُ أَركانَ الجِبالِ مَناكِبُه

كَأَنَّ جَناباوَيهِ مِن خَمِسِ الوَغى * * شَمامٌ وَسَلمى أَو أَجاً وَكَواكِبُه

تَرَكنا بِهِ كَلباً وَقَحطانَ تَبتَغي * * مُجيراً مِنَ القَتلِ المُطِلِّ مَقانِبُه

أَباحَت دِمَشقاً خَيلُنا حينَ أُلجِمَت * *وَآبَت بِها مَغرورَ حِمصٍ نَوائِبُه

وَنالَت فِلِسطيناً فَعَرَّدَ جَمعُها * * عَنِ العارِضِ المُستَنِّ بِالمَوتِ حاصِبُه

وَقَد نَزَلَت مِنّا بِتَدمُرَ نَوبَةٌ * * كَذاكَ عُروضُ الشَرِّ تَعرو نَوائِبُه

تَعودُ بِنَفسٍ لا تَزِلُّ عَنِ الهُدى * * كَما زاغَ عَنهُ ثابِتٌ وَأَقارِبُه

دَعا اِبنَ سِماكٍ لِلغَوايَةِ ثابِتٌ * * جِهاراً وَلَم يُرشِد بَنيهِ تَجارِبُه

وَنادى سَعيداً فَاِستَصَبَّ مِنَ الشَقا * * ذَنوباً كَما صُبَّت عَلَيهِ ذَنائِبُه

وَمِن عَجَبٍ سَعيُ اِبنِ أَغنَمَ فيهِمُ * * وَعُثمانَ إِنَّ الدَهرَ جَمُّ عَجائِبُه

وَما مِنهُما إِلّا وَطارَ بِشَخصِهِ * * نَجيبٌ وَطارَت لِلكِلابِ رَواجِبُه

أَمَرنا بِهِم صَدرَ النَهارِ فَصُلِّبوا * * وَأَمسى حَميدٌ يَنحِتُ الجِذعَ صالِبُه

وَباطَ اِبنُ رَوحٍ لِلجَماعَةِ إِنَّهُ * * زَأَرنا إِلَيهِ فَاِقشَعَرَّت ذَوائِبُه

وَبِالكوفَةِ الحُبلى جَلَبنا بِخَيلِنا * * عَلَيهِم رَعيلَ المَوتِ إِنّا جَوالِبُه

أَقَمنا عَلى هَذا وَذاكَ نِساءَها * * مَآتِمَ تَدعو لِلبُكا فَتُجاوِبُه

دَلَفنا إِلى الضَحّاكِ نَصرِفُ بِالرَدى * * وَمَروانُ تَدمى مِن جُذامَ مَخالِبُه

مُعِدّينَ ضِرغاماً وَأَسوَدَ سالِخاً * * حُتوفاً لِمَن دَبَّت إِلَينا عَقارِبُه

وَما أَصبَحَ الضَحّاكُ إِلّا كَثابِتٍ * * عَصانا فَأَرسَلنا المَنِيَّةَ تادِبُه

اقرأ أيضًا: شرح وتحليل قصيدة في وصف النهر للصف الثامن

شرح أبيات قصيدة بشار بن برد

سنتعرف على شرح بعض أبيات قصيدة جفا وده فازور أو مل صاحبه حتى يتمكن القارئ من فهمها وذلك في إطار موضوع تحليل قصيدة بشار بن برد.

إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً * * صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ * * مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى * * ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

في تحليل قصيدة بشار بن برد يوضح الشاعر كيف يجب أن يتعامل الإنسان مع صديقه فيقول الشاعر إن الشخص الذي يريد أن يعاتب صديق دائمًا وباستمرار في كل شيء يقع فسوف يرحل عنه صديقه ويعيش وحيدًا، وإن لم يرد العيش وحيدًا فعليه أن يصل أخاه، وشبه الشاعر في الأبيات الصديق بالأخ بسبب قربه من الشخص.

يبين الشاعر بشار بن برد حقيقة الإنسان فيقول إن الإنسان يكون مذنبًا في مرة ومرة أخرى يتوب ويتجنب ذلك الذنب، ويذكر الشاعر أن الإنسان إن لم يذق مرار العيش في الدنيا، سيظمأ فيدل من ذلك البيت على أهمية التحمل والصبر على مرار الدنيا لأن الدنيا لا تأتي كيفما نحب، كما لا تأتي الرياح بما تشتهيه السفن.

يجب على الإنسان أن يصبر ويتحمل مصاعب الحياة حتى يحقق فيها هدفه لأن هذه هي السبيل الوحيد إلى ذلك.

إِذا المَلِكُ الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ * * مَشَينا إِلَيهِ بِالسُيوفِ نُعاتِبُه

ينتقل الشاعر بشار بن برد في تحليل قصيدة بشار بن برد إلى وصف العلاقة بين الملك الذي تطاول على شعب دولة أخرى ويتكلم في البيت عن الملوك التي تهين أنفسها وتصعر خدها، فيقول إن الملك إذا تطاول على شعبه وصعر خده حين فعل ذلك استحق العقاب، وأن يسير الشعب إليه بجيش رافعين سيوفهم للعتاب.

إلى أن يعتذر الملك ويتراجع عن خطئه، ولا يمكن أن يكون العتاب لفظيًا لأن هذا العتاب يكون للأصدقاء والأقارب أما عتاب من تطاول فيكون بالسيف.

أبيات وصف الشاعر للجيش

يفخر الشاعر بشار بن برد في الأبيات التالية بقوة جيشه وقوم قيس عيلان ووظف عبارات وأساليب جذابة تميل قلب القارئ إليها وسنتعرف على الأبيات فيما يلي.

وَجَيشٍ كَجُنحِ اللَيلِ يَرجُفُ بِالحَصى * * وَبِالشَولِ وَالخَطِّيِّ حُمرُ ثَعالِبُه

غَدَونا لَهُ وَالشَمسُ في خِدرِ أُمِّها * * تُطالِعُنا وَالطَلُّ لَم يَجرِ ذائِبُه

من خلال تحليل قصيدة بشار بن برد يبدأ الشاعر في وصف الجيش الذي استعد للمعركة ليؤدب ذلك الملك الذي تطاول عليهم، يبين الشاعر في الأبيات أن المعركة قد وقعت بالفعل والتحمت الجيوش معًا، وظل الطعن بالسيوف مستمرًا وإطلاق الأسلحة، ليذيقوا العدو ألم الموت، ومن يهرب من هذه المعركة يصبح ذليلًا، ويذوق طعم الهزيمة وعارها، أما من يستمر بالقتال فله النصر.

يوضح الشاعر بشار بن برد أن الغبار قد عم المكان بسبب تقارع السيوف وقوة المحاربين، ويشير الشاعر في هذا البيت إلى شدة قوة الجيش على العدو.

بَعَثنا لَهُم مَوتَ الفُجاءَةِ إِنَّنا * * بَنو المُلكِ خَفّاقٌ عَلَينا سَبائِبُه

فَراحوا فَريقاً في الإِسارِ وَمِثلُهُ * * قَتيلٌ وَمِثلٌ لاذَ بِالبَحرِ هارِبُه

يفخر الشاعر في الأبيات بقبيلته وقومه قوم قيس عيلان، ويفخر بهم بأنهم أبناء الملك وأنهم قوم لا يهابون الموت، ويسيرون حاملين راية الملك، وينتصرون في المعارك انتصارًا عظيمًا ويعلون راية المجد في السماء.

ثم يبين الشاعر مدى خوف العدو من الجيش فيقول إن بعضهم قُتل والبعض الآخر قد أُسر ومجموعة من الجنود المقاتلين لديهم لاذوا بالفرار إلى البحر من شدة الخوف، ولكنهم ليس لهم مصير سوى أنهم سيغرقون في لجج البحر.

وَأَرعَنَ يَغشى الشَمسَ لَونُ حَديدِهِ * * وَتَخلِسُ أَبصارَ الكُماةِ كَتائِبُه

تَغَصُّ بِهِ الأَرضُ الفَضاءُ إِذا غَدا * * تُزاحِمُ أَركانَ الجِبالِ مَناكِبُه

في تحليل قصيدة بشار بن برد يبدأ الشاعر برسم صورة بيانية جديدة للجيش المنتصر، ويفخر الشاعر بجيشه وعدتهم وأنهم حملوا الأسلحة القوية لينالوا من العدو وأن هذه العدة التي يحملونها أصبحت تغطي ضوء الشمس من كثرتها.

يصف الشاعر ضوء الأسلحة اللامعة الذي صار يغطي الأرض من كثرته وكثرة الجنود الذي ازداد عددهم في المعركة فأصبحوا يتزاحمون بين الجبال.

اقرأ أيضًا: نموذج تحليل قصيدة شعرية

التصوير الفني في قصيدة بشار بن برد

في تحليل قصيدة بشار بن برد نجح الشاعر بشار بن برد في قصيدته بالموازنة بين العناصر التقليدية والتجديدية لذلك هو يعد زعيم المجددين في الشعراء، وقصيدته تعد مثالُا على ذلك فهو افتتحها بالنسيب ووصف سرى الليل في الفيافي، وقام بعدها بالفخر ومدح قوم قيس عيلان ووصف جيشهم القوي وقوتهم في الحرب.

سوف نعرض لكم بعض الأبيات التي استخدم فيها الشاعر الصور البلاغية حتى يعبر لنا عن شدة المعركة.

  • وَجَيشٍ كَجُنحِ اللَيلِ يَرجُفُ بِالحَصى
  • إِذا المَلِكُ الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ
  • كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
  • بَعَثنا لَهُم مَوتَ الفُجاءَةِ

احتوت قصيدة بشار بن برد على العديد من الصور البلاغية التي تشعل روح الحماسة للمقاتلين وتمكن الشاعر من خلال توظيف عباراته أن يصف لنا شدة واحتدام المعركة بين الجيوش.

قد يعجبك أيضًا