وما ينطق عن الهوى

وما ينطق عن الهوى من أهم وأعلى علوم الأرض مكانة، هو علم الشريعة، وبشكل خاص علم التفسير؛ فنحن بحاجة شديدة إلى تدبر معاني القرآن الكريم، وهذا ما دعانا عبر موقع زيادة إلى مناقشة تفسير قوله تعالى “وما ينطق عن الهوى”.

ما هو تفسير علماء تفسير القرآن لقوله “إن الصلاة على المؤمنين كانت كتابا موقوتا”؟، قد جمعنا لك ما تبحث عنه عبر مقال: إن الصلاة على المؤمنين كانت كتابا موقوتا.. تفسير أئمة العلماء

وما ينطق عن الهوى

  • هناك قولٌ في تفسير قوله تعالى ” وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى”، وهو أن الله سبحانه، وتعالى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يقول كلمات، وآيات القرآن تبعًا لهواه.
  • ثم يذكر الله في الآية التالية ” إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى”، وهي تعني أن هذا القرآن كله عبارة عن وحي ينزل من الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
  • وتباينت تأويلات أهل العلم في هذه الآيات في هذا النحو، ومنها ما حدثنا عنه بشر حين قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، ذلك عن قتادة، أن قوله “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى”، وذلك يعني أنه لا ينطق بناءً على هواه.

تفسير ابن كثير

  • قال الشعبي: أن الله يقسم بأي شيء من مخلوقاته، ولكن المخلوق لا يستطيع أن يقسم بأي شيء غير الله، وقد اختلف الكثير من العلماء في تأويل قوله تعالى “والنجم إذا هوى”.
  • وقد قال مجاهد في هذه الآية أن المقصود بكلمة النجم هو الثريا عند سقوطها مع الفجر، وكذلك انتقاه ابن جرير، كما قال السدي أن المقصود بها هو الزهرة، وكذلك قال الضحّاك: “والنجم إذا هوى” أي إذا تم رمي الشيطان به، وتلك الآية مثل قوله تعالى: “فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم”.
  • أما عن قوله تعالى: “ما ضل صاحبكم وما غوى” هذا هو ما أقسم الله تعالى عليه، والمقصود به أن يشهد للنبي صلى اللّه عليه وسلم بأنه غير ضال بل شخص راشد، يتبع الحق فقط للحق.
  • أما عن كلمة “غوى”، فإنه يقصد بها أنه يعلم الحق علمًا أكيدًا، ولكنه يميل عنه بكامل إرادته، وبذلك قد نزه اللّه تعالى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباع الضالين البعيدين كل البعد عن الحق البيّن، ومنهم اليهود من أصحاب الطرائق، وكذلك النصارى.
  • حيث يعلمون بحقيقة الأشياء ثم يخبئونها، ويعملون بما يخالفها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم، وما أوحى اللّه إليه من الشريعة الجليلة، هي قمة الصلاح، والفضيلة، والصواب.
  • ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: “ما ينطق عن الهوى”، والتي تعني أنها لا ينطق بأي كلام ينبع من هواه، أو ذو غرض.
  • أما عن “إن هو إلا وحي يوحى”، فالمقصود بها أنه يقوم بتبليغ الكلام الذي أمره الله به عن طريق الوحي، حيث يقوم بنشره بين الناس وافيًا، كافيًا، مفصلًا، دون أي إضافات، أو إزالة ولا نقصان.

قد ورد في السنة المطهرة أن هناك أسباب وراء نزول سور القرآن الكريم وآياته، وللتعرف على سبب نزول سورة المدثر ومضامين سورة المدثر يمكنك زيارة مقال: سبب نزول سورة المدثر ومضامين سورة المدثر

الإمام أحمد

  • وقد قال الإمام أحمد، أنه عن عبد اللّه بن عمرو قال: كنت أقوم بكتابة كل ما أسمعه، وأرغب في حفظه عن نبي اللّه محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولكن قريش منعتني من ذلك.
  • وقالوا: ما لك تدوّن كل ما تسمعه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولكنه إنسان من بني البشر يتحدث في أثناء غضبه، فأوقفني ذلك عن التدوين.
  • وقد أبلغت هذا الكلام لنبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: “اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق”، وقد أخرجه أحمد وأبو داود وفي بعض الروايات قيل إن قريش قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بشرٌ يتحدث أثناء الرضى والغضب.
  • وقد قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: “ما أخبرتكم أنه من عند اللّه فهو الذي لا شك فيه” “أخرجه الحافظ البزار”.
  • وعن أبي هريرة، عن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: “لا أقول إلا حقاً”، وقال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول اللّه؟ قال: “إني لا أقول إلا حقاً”، وقد أخرجه الإمام أحمد.

هناك بعض الصفات التي قد أطلقت على بعض السور القرآنية، فما هي السورة التي يطلق عليها سنام القرآن وسبب تسميتها بهذا الاسم؟، كل هذا وأكثر يمكنك التعرف عليه عبر مقال: ما هي السورة التي تسمى سنام القرآن؟

تفسير الجلالين

“وما ينطق”، أي لا يتحدث بما يأتي إليكم به، “عن الهوى”، والمقصود به اتباع هوى نفسه في الحديث معكم.

تفسير الطبري

  • قال فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى “وَمَا يَنْطِق عَنِ الْهَوَى” يَقُول الله تَعَالَى أن نبيه محمدّا صلى الله عليه وسلم لا يَنْطِق بِآيات الْقُرْآن الكريم عَنْ هَوَاهُ.
  • “إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” يَقُول الطبري أن هذا القرآن الكريم، وآياته العظيمة، ما هي إلا وحي يوحيه الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه، وسلم.
  • وقد قال قتادة في ذلك أيضًا أن الله سبحانه، وتعالى يُوحِي كلمات القرآن الكريم إِلَى جبريل، وَيقوم بعد ذلك جِبْرِيل بنقل هذا الوحي إلى نبي الله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

سورة الطارق أحد السور التي قد وردت في جزء عم، والتي يحفظها الأطفال منذ نعومة أظافرهم، ولكن ما هو تفسير سورة الطارق للأطفال؟، إذا كنت ترغب في التعرف عليه يمكنك وخاصة تفسير ابن كثير والسعدي يمكنك زيارة مقال: تفسير سورة الطارق للأطفال لابن كثير والسعدي

تفسير القرطبي

  • قوله تعالى “وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى” فيه قولان؛ القول الأول هو أن قول الله تعالى “وما ينطق عن الهوى” أي لا ينطق بكلمات القرآن عن هواه الشخصي، أما “إن هو إلا وحي يوحى” أي كلام منزل عليه.
  • وكذلك قيل “عن الهوى” أي بالهوى؛ كما قال أبو عبيدة؛ إنه مثل قوله تعالى “فاسأل به خبيرا” [الفرقان: 59]، والمقصود به اسأل عنه.
  • وقد قال النحاس أن قول قتادة الذي ذكرناه سابقًا هو الأفضل، والأقرب، وبذلك تكون كلمة “عن” على بابها، والمقصود هنا أن نطقه لا يخرج عن رأيه، ولكنه وحي منزل من عند الله سبحانه وتعالى؛ حيث ذكر بعدها “إن هو إلا وحي يوحى”.
  • أما القول الثاني أنه قد يقصد بتلك الآيات أنه لا يجوز لنبي الله صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في أي حوادث، فيما يصدر عنه من كلام عن الوحي.
  • وكذلك فإن في نفس الآيات دليل على أن السنة تمثل جزء من الوحي الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، كما تحدث عن ذلك المقدام بن معد يكرب في مقدمة الكتاب.
  • كما قال السجستاني أنه إذا أردت استبدال “إن هو إلا وحي يوحى” بالآية “ما ضل صاحبكم”، ولكن قال ابن الأنباري أن هذا خطأ.
  • والسبب هو “إن” الخفيفة التي لا يمكن استبدالها بالأداة “ما”، ويدل على ذلك أنه لا يمكن القول “والله ما وقفت، إن أنا لجالس.
  • وكذلك قوله تعالى “علمه شديد القوى” يقصد به جبريل عليه السلام في حديث كل العلماء المفسرين؛ ما عدا الحسن، والذي قال إن المقصود به هو الله سبحانه وتعالى.

هل تعلم أن هناك سورة في القرآن تسمى القتال؟، إذا كنت ترغب في التعرف عليها وعلى محاورها يمكنك زيارة مقال: ما هي السورة التي تسمى القتال وبعض محاورها

تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي

  • تلك الآيات هي تكملة للجملة الواقعة كجواب للقسم في الآية “مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ” [النجم: 2]، وفي تلك الآية يقسم الله عز وجل على شيء آخر يميز نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الترفع عن الضلال.
  • “وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ” [النجم: 3] النطق هنا معناه القول، أو الكلام، ويعني أنه لا يقول أي شيء عن هواه، ولا يتحدث بكلام من عنده عن طريق الاجتهادات الشخصية.
  • {إِنْ هُوَ} [النجم: 4] تعني ما هو، والمقصود منها كتاب الله، الذي أبلغ به نبينا محمد، “إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ” [النجم: 4] المقصود بها أنه يأتي كوحي منزل من عند الله، وهنا يعتبر أسلوب قصر، ومعناه ما القرآن الكريم إلا وحي من عند الله، وليس كلام محمّد.
  • “عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ” [النجم: 5]، يقصد به من علّم وأوحى بهذا الكلام إلى النبي صلى الله عليه، وسلم.
  • “شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ” [النجم: 5]، والمقصود به الملاك المكلف بالوحي، والأمين عليه، وهو سيدنا جبريل عليه السلام.
  • وكلمة القُوَى هي جمع لكلمة قوة، حيث يمتلك الكثير من القوُى التي تتلاءم مع المهمة المكلف بها، حيث يمتلك فطرة الذكاء في استقبال الكلمات، وكذلك القدرة الكبيرة على حفظها.
  • كما يمتلك موهبة الوحي، وإلقاء الكلام، وهو أيضًا لا يمتلك أية أهواء شخصية يمكنها أن تؤثر على ما جاء به من عند الله، وكذلك لا يتصف بأي صفات بشرية مثل الكذب، والتدليس، والخيانة.
  • وكل تلك السمات هي التي ساهمت بشكل قوي في حماية كتاب الله المكرّم من أي تحريف أو تبديل كما حدث في الكتب التي سبقته.
  • وقد أوحى الله سبحانه وتعالى عن تلك القضية في قوله “يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} [البقرة: 79].
  • كما أن كلمة “شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ” [النجم: 5] تم تفسيرها في بعض آيات القرآن الكريم الأخرى التي تتحدث عما قبل نزول الوحي، وذلك مثل قوله تعالى “إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ” [الواقعة: 77-79].
  • وقال تعالى أيضًا “نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ” [الشعراء: 193]، وكذلك قال: “ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ” [التكوير: 20-21] تلك السمات كلُّها كانت تميز سيدنا جبريل عليه السلام.
  • وقد قال في ذلك “ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ” [النجم: 6] أي يمتلك (مِرَّة) وهي القوة، والقدرة في كل ما يأخذه أو يكلّف به، وكذلك تعني الدقة التي تصيب دائمًا.
  • والمرَّة تعني مرونة الشيء، مثل الحبال عندما تفتل يصبح الفَتْل الناتج من ذلك ملائماً لمهمتها، فعلى سبيل المثال الحبل الذي يستخدم في الغسيل، يختلف كثيرًا عن ذلك الذي يُتم استخدامه في عملية شدّ أشرعة المركب.

تعطينا الآيات القرآنية الحكم والمواعظ والكثير من الأحكام الشرعية التي قد وضعها الله سبحانه لعبادة لإعمار الأرض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها ما قيل في الفاحشة والحكم الشرعي الذي يجب تطبيقه على صاحبها، وقد جمعنا لك عبر مقال: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم.. تفسير الآيات

نزول الوحي على الرسول

  • وبذلك فإن المهمة التي كُلّف بها جبريل عليه السلام تجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هي مهمة تحتاج للقوة وحدة الذكاء، والدقة في التبليغ، لكي يمتلك بذلك رسول الله وحي مقبول لا يمكن أن يُرد.
  • ولكي يصبح الوحي المنزل من الله مكتملًا من حيث جوانب التشويق لدى المتلقِّي، وكذلك عندما يستقبلها النبي محمد، لا يمكنه ردّها أبدًا؛ لكونه واحدًا من البشر، كما أن الكلام كان يمتلك شيء من الحلاوة، والاستحسان؛ فهو كلام منزل من الله، وهناك فيه دلائل على ذلك.
  • وبداية نزول الوحيُ على نبي الله تسبب له في حالة من الإجهاد، فتلك هي أول مرة تتلاقى فيها طبيعة البشر مع طبيعة الملائكة؛ وهذا ما أدى إلى تصبب العرق من جبين النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأصيب بالبرد الشديد حينها.
  • ويذكر في ذلك أنه ذهب إلى منزله قائلًا: “زملوني، زملوني، دثروني، دثروني، وهذا يدل على الأثر النفسي، والجسدي لنزول الوحي عليه، لدرجة أنه خشي أنْ يكون كل ذلك هو شيء من عمل الشيطان، أو الجان مثل المس.
  • وقد قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم، أنه بلغه أنه عندما قام النبي صلى الله عليه وسلم بإخبار السيدة خديجة رضي الله عنها بما حدث، كانت تتميز بشيء من الفطنة في تلك الأمور، والمواقف حيث قالت له: “عندما يأتيك أخبرني”.
  • فلما نزل عليه الوحي مرة أخرى، قال: يا خديجة، هذا جبريل، فقالت: اقعد على فخذي، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: نعم، قالت: فتحول إلى الفخذ اليسرى، ففعل.
  • ثم قالت: هل تراه؟ قال: نعم، فألقت خمارها، وحسرت عن صدرها، فقالت: هل تراه؟ قال: لا، فقالت: أبشر، فإنه والله ملك، وليس بشيطان.
  • وهنا نلاحظ ذكاء السيدة خديجة وما تتصف به من رجاحة العقل، والتفقّه في الدين، وكذلك الفطنة من قبل نزول الدين الإسلامي، وكأنَّ الله سبحانه وتعالى قد اختار بعض البشر رجالًا، ونساءً من أجل استقبال وتأييد الدين الجديد، والتصديق عليه.
  • وكان هؤلاء البشر يؤمنون بكل ما أنزل الله دون انتظار أي معجزات يرونها ليصدِّقوه، حيث يكفيهم شخص رسول الله والسيرة العطرة له بينهم، وما يتسم به من الصدق والأمانة، والأخلاق الكريمة.

بعض السور القرآنية قد أطلق عليها بعض الصفات نسبة إلى سبب نزولها ومكان نزولها، فما هي سورة الفرائض؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟، إذا كنت تبحث عن التفاصيل يمكنك زيارة مقال: ما هي سورة الفرائض؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟

وبذلك نكون قد تطرقنا إلى العديد من تأويلات المفسرين عن قوله تعالى “وما ينطق عن الهوى”، وعلمنا أن القرآن هو وحي الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه، وسلم، وتدبرنا في بعض الآيات المماثلة لهذا المعنى.

قد يعجبك أيضًا