هل فوائد البنوك حلال أم حرام (حسب دار الإفتاء)

هل فوائد البنوك حلال أم حرام في التعامل بين المودع (العميل) وإدارة البنك؟ وهل تختلف الإجابة باختلاف الفائدة أكانت بالزيادة أو بالنقصان؟ وهل البنوك الإسلامية بنوك ربوية في التعامل مع المودعين أم لا؟

في موقع زيادة سنعرض عليكم إجابة سؤال هل فوائد البنوك حلال أم حرام؟ من ضوء كتاب الله العزيز وسنة نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وآراء علماء الفقه المحدثين وآراء علماء الشريعة الإسلامية في إجابة هذا السؤال ووضع الحد الفاصل في تلك المسألة الشائكة.

هل فوائد البنوك حلال أم حرام.. رأي دار الإفتاء

هل فوائد البنوك حلال أم حرام.. رأي دار الإفتاء

لطالما حير هذا السؤال عامة البشر بسبب انتشار البنوك وكثرة المعاملات البنكية في زمننا الحالي مما أدى إلى انشغال البال أكثر وأكثر بإجاب هذا السؤال بل وجعل الناس يعودون إلى أصل من أصول الدين وهو تعريف الربا أو المعاملات الربوية.

لإن المعاملات الربوية أو الربا في تعريفها هي إعطاء الدائن للمدين أموال مع طلب زيادة في تلك الأموال بنسبة مثلًا قام شخص بإقراض شخص آخر مبلغ قدره مائتي جنيه ثم يريد مطالبته بمبلغ مائتي وواحد جنيه أي فائدة أقل من 0.5 بالمائة فهذا هو الربا.

أما بالنسبة للتعاملات البنكية فهي محرمة على المسلم كونها ربا بالنسبة للفائدة التي تعطيها تلك البنوك وتضيفها في حالة الإيداع أو في حالة الاقتراض من البنك، فتلك البنوك التي تتعامل بالفائدة حتى وإن كانت تلك الفائدة هي نسبة لا تتجاوز واحد في المائة أو أقل (كما ذكرنا في المثال السابق) فهي محرمة؛ لأنها مشوبة بالتعامل الربوي.

أما البنوك الإسلامية التي تتعامل بالفائدة فتلك البنوك لا يجوز التعامل معها؛ لأن تلك الفائدة هي الربا بعينه لكن إن كانت تلك البنوك الإسلامية تتعامل دون فائدة فلا حرج في التعامل معها، كما سنعرض لكم في السطور الآتية من الموضوع من آراء العلماء في تلك المسألة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل حساب التوفير حرام والادخار في البنوك؟

هل فوائد البنوك محرمة في كتاب الله؟

نحن أهل الإسلام والمسلمين لا نذهب لمصدر تشريعي في المقام الأول إلا القرآن الكريم ففيه نزلت أحكام ديننا الحنيف، ومنه يمكننا الدلالة على إجابة السؤال بالجواز أو بالمنع من ضوء آيات الله -عز وجل-.

فكما تم الذكر في سابق السطور والكلمات أن الفوائد البنكية ما هي إلا ربا والربا في الإسلام حرام وموضوع والشاهد على هذا الآيات القرآنية العديدة التي جاءت في كتاب الله عز وجل ومن تلك الآيات..

سورة البقرة الآيتين 275:

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الآية 276 (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).

جاء أيضًا في سورة البقرة في الآية 278 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

كما جاء أيضًا في سورة آل عِمران الآية 130 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

بالإضافة لما جاء في سورة النساء في الآية 161 (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) كل تلك الآيات التي ذكرها الله لنا بمثابة النهي عن الربا والابتعاد عنه.

فمثلًا في قوله تعالى (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ) للذين يشبهون البيع بالربا فجاء التحريم من الله -سبحانه وتعالى – في الآية نفسها بتحريم الربا والتعامل الربوي المشابه للبيع والشراء.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم القرض بضمان الوديعة دار الإفتاء المصرية

فوائد البنوك الربوية في سُنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-

المذهب التشريعي الثاني لنا هو سُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد جاء فيها تفصيل التشريعات التي شرعها الله لنا في آيات القرآن الكريم ومن ضمن تلك التفصيلات تفسير وشرح تلك المسألة الفقهية مسألة هل فوائد البنوك حلال أم حرام؟

لم توجد البنوك أو المصارف في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن علماء الفقه قد أخذوا تحريم الفوائد من تحريم الله ورسوله للربا كون الفوائد ربوية فقد جاء في أكثر من حديث عن رسول الله هذا التحريم مثل..

قال ابن عباس فيما ذكره السيوطي في صحيحه (آكلُ الرِّبا يبعثُ يومَ القيامةِ مجنونًا يُخنَقُ) وفي هذا الحديث تنفير من الربا ببيان هيئة المرتبي والرابي كلاهما يوم القيامة كأنه مختنق.

كما ذكر سهل بن حثمة أيضًا في الحديث الصحيح عن رسول الله (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ، وَقالَ: ذلكَ الرِّبَا، تِلكَ المُزَابَنَةُ، إلَّا أنَّهُ رَخَّصَ في بَيْعِ العَرِيَّةِ، النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ البَيْتِ بخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا. [وفي رواية]: مَكانَ الرِّبَا الزَّبْنَ، وقالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: الرِّبَا).

كما جاء في حديث آخر عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ. [وفي رواية]: الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، فَذَكَرَ بمِثْلِهِ) الحديث صحيح ذكره مسلم في صحيحه، به نهي لما قد يشابه التعاملات بالربا في البنوك في يومنا هذا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: شروط المرابحة الاسلامية والفرق بين المرابحة الإسلامية والربا

آراء المحدثين من العلماء في فوائد البنوك

في تلك الفقرة سنعرض عليكم آراء العلماء المحدثين في الفقه بسبب عدم وجود كبار العلماء ومؤسسي المذاهب الفقهية الأربعة في زمن البنوك أو المصارف؛ لذلك سنعرض عليكم آراء الشيخ ابن جبرين رحمه الله والشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين

أفتى سماحة الشيخ الجليل عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -رحمه الله- في مسألة فوائد البنوك أكانت جائزة أم لا فأجاب بأن التعاملات البنكية ذات الفوائد هي تعاملات ربوية حتى وإن تم الاتفاق على نسبة ثابتة في التعاملات البنكية أو نسبة فائدة في الفائدة لا تتغير وأرشد الشيخ إلى التوبة مما كُسب من الربا.

رأي الشيخ ابن باز

رأى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- في إجابته عن سؤال هل فوائد البنوك حلال أم حرام؟ فأجاب الشيخ أن فوائد البنوك محرمة كونها تدخل في نطاق الربا والربا حرمه الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على المسلم بل وقد أفتى الشيخ بعد وضع الأموال في البنوك الربوية.

سواء أكان القائم على هذا البنك من أهل الإسلام أو من غيره فهو يعاون على اكتساب المسلم إثم كبير حتى وإن كان البنوك إسلامية بالاسم فقط لا بالمسمى.

قول الشيخ ابن عثيمين

قال الشيخ محمد بن صالح آل عثيمين -رحمه الله- بأن التعامل مع البنوك هو تعامل ربوي محرم على المسلم بسبب وجود زيادة في أخذ المال من المدين أو زيادة في إعطاء المال بالنسبة للمودع وهو ما حرمه الله وسوله.

الأزهر الشريف يقول كلمته في فوائد البنوك

في ضوء تلك الفقرة سنستعرض رأي الشيخ الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر للجامع الأزهر الشريف فكانت إجابته بأن فوائد البنوك هي فوائد ربوية محرمة في حالة إن كنت مودعًا لتلك النقود بحجة الانتفاع من الفائدة أما إن كنت تضعها كمستثمر في تجارات البنك فهذا مباح ويجوز.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز إخراج زكاة المال من فوائد البنوك؟

بذلك نكون قد عرضنا لكم إجابة سؤال هل فوائد البنوك حلال أم حرام؟ من ضوء كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما أوضحنا أيضًا آراء الشيوخ ابن جبرين وابن عثيمين وابن باز ورأي شيخ الأزهر الشريف في تلك المسألة، ونرجو أن تكونوا قد انتفعتم من خلال قراءتكم لسطور هذا الموضوع.

قد يعجبك أيضًا