اتقوا فراسة المؤمن تفسير هذا الحديث

يتداول الآن على ألسن العديد من الناس حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم الذي يقول: “اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله” ويسألون عن تفسير هذا الحديث، ولكن! هل هذا حديث صحيح أم لا؟ وما هو تفسيره إذا كان صحيحًا؟ وما هي الفراسة؟ والفرق بينها وبين سوء الظن؟ وهذا ما سنقدمه لكم في هذا المقال، حيث سنجيب على معظم الأسئلة التي تدور في أذهانكم عبر موقع زيادة.

صحة حديث “اتقوا فراسة المؤمن”

يجب علينا أن نعلم أولًا مدى صحة حديث “اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله” فقد قال الترمذي عنه أنه حديث ضعيف، وأخرجه ابن الجوزي ٣\١٤٨ في “الموضوعات”، والعقيلي ٤\١٢٩ في “الضعفاء الكبير”، والبخاري ٧\٣٥٤ في “التاريخ الكبير”، وابن عدي ٤\٢٠٧ في “الكامل في الضعفاء”، والطبراني ٨\١٢١، وأبو نعيم ٤\٩٤ في “حلية الأولياء”، والطبري ١٧\١٢١ في تفسيره.

معنى الفراسة لغةً واصطلاحًا

  • الفراسة مصدر من كلمة ” تَفَرَّسَ” ومعناها لغةً أي: النظر والتثبت، ونقول: تفرست في هذا الرجل خيرًا، أي: تعرفت هذا الرجل بالظن الصائب.
  • بينما معناها اصطلاحًا أي: استدلال الإنسان بالأمر الظاهر على الأمر الخفي، وهو علم نتعرف على أخلاق الإنسان منه.

يرشح لك موقع زيادة قراءة: اليوم أكملت لكم دينكم تفسير الآية ومكان الوحي بها

أقسام الفراسة

تنقسم الفراسة إلى ثلاثة أقسام حسب ابن القيم، وهم كما يلي:

  • فراسة إيمانية: تجعل الإنسان يفرق بين الكاذب والصادق، والباطل والحق، وهي نور يهبه الله في قلب عبده.
  • فراسة السهر والجوع: تشترك هذه الفراسة بين الكافر والمؤمن، ولا يحتاج وجودها إلى إيمان.
  • فراسة خلقية: استدل الأطباء عن طريق هذه الفراسة بالخَلْق على الخُلُق، مثلما استدلوا بسعة الصدر، وصغر الرأس.

سبب الفراسة

هناك سببان لوجود الفراسة لدى الإنسان، وهذان السببان هما:

  • حدّة قلب المفترس، وجودة ذهنه، وحسن فطنته.
  • ظهور الأدلة والعلامات على المفترس فيه، ولا بد من وجود السببان لفراسة المؤمن، فإذا ضعف سبب واحد وقوي الآخر كانت فراسة هذا الإنسان متوسطة قد تنجح حينًا وقد تفشل حينًا آخر.

أنواع الفراسة

هناك نوعان لوجود الفراسة على المؤمن، وهما ما يلي:

  • فراسة أوقعها الله (سبحانه وتعالى على قلب عباده الصالحين، فيعلم هؤلاء الأشخاص أحوال بعض الناس بإصابة الظن، ونوع من الكرامات، والحدس.
  • النوع الثاني من الفراسة هو ما يتعلمه الناس بالدلائل، والخلق، والتجارب، والأخلاق، فيستطيع الإنسان المفترس أن يعرف به أحوال الناس الآخرين.

كيفية الحصول على فراسة المؤمن

يجب على الإنسان لكي يحصل على فراسة المؤمن أن يفعل ما يلي:

  • يكثر قراءة القرآن عامة، وقراءة القرآن خاصة، فالعلم بالتعلم.
  • يجلس مع أهل العلماء والحكمة.
  • يكثر تعبد الله (سبحانه وتعالى فللمؤمن فراسة ويرى بنور الله.

اقرأ أيضًا من هنا: ايات قرانية عن الاخلاق وأدلة من السنة عن الاخلاق

الفرق بين الفراسة وسوء الظن

  • الفراسة: هي ما توسمته من صديقك بعلامة تشهد هل فيه، أو شاهد بدى منه، أو دليل يظهر لك، ولا تنطق به، ولا تظهره، ولا تقطع به، ولا تحكم عليه فتأثم.
  • سوء الظن: هو ما تظنه في أخيك من سوء رأيك، أو بسبب سوء نيتك، أو بسبب حقدك عليه، أو بسبب خبث فيك، وتعرفها من نفسك وتحكم عليه، وتقطع به، وفي العديد من الأحيان تنطق به.

لمزيد من الإفادة يمكنك معرفة: سبب نزول سورة التحريم وما هي الدروس المستفادة من سورة التحريم

الفرق بين الكهانة والفراسة

  • الكهانة: تعتمد على مقدمات غير مشروعة في العديد من الأحيان، ويدّعي صاحبها الغيب، كما يفتخر أيضًا بادّعائه.
  • الفراسة: لا يدعي صاحب الفراسة الغيب في العديد من الأحيان، وولا يفتخر بادعائه، وتعتمد الفراسة على مقدمات مشروعة.

الفرق بين الإلهام والفراسة

  • الإلهام: هو كشف الأمر الغيبي بدون واسطة.
  • الفراسة: هي كشف الأمر الغيبي عن طريق تفرس آثار الصور.

الفرق بين الفسيوجنومي والفراسة

  • الفسيوجنومي: هو علم أقل شمولًا من الفراسة، ويقتصر هذا العلم على الجسد فقط، فيكفي للإنسان حفظ أشكال جميع أعضاء جسده.
  • الفراسة: هي أكثر شمولًا من الفسيوجنومي، ويستطيع الإنسان من خلالها أن يستدل على الأمر من مظهره؛ فهو علم يتصل بالدهاء.

اتقوا فراسة المؤمن في الإسلام

  • اعتقد العلماء أن سبب الفراسة هو وضع الله سبحانه وتعالى نورًا في قلب عبده المؤمن، ويهبها لمن يشاء، فيستطيع الإنسان بها أن يفرق بين الباطل والحق، فالآية الكريمة “أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ “تبين بث النور في قلب المؤمن فيستطيع أن يهتدي به، ويعرف طريقه، ويستطيع أن يكشف النفاق.

الفراسة في القرآن الكريم

  • قال الله سبحانه وتعالى في سورة الحجر ” إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِيْن” أي: المعتبرون، والمفترسون، والمتأملون، والمتفكرون، وهم أشخاص يعلمون الشيء وباطنه بسمة ظاهرة.

الفراسة في سنة النبي

  • تطورت الفراسة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشكل ملحوظ، فللإيمان علاقة بينه وبين الفراسة، فكلما طهر العقل ونقي القلب لدى الإنسان كلمة أصبحت لديه فراسة أكثر، فقد قال علي رضوان الله عليه “ما أضمر أحد شيئًا إلا ظهرت في صفحات وجهه وفلتات لسانه”، واللسان مغرفة القلب فكل ما في قلبك ستقوله للناس.

الفراسة ولغة الجسد

يعد فهم لغة الجسد واحدًا من أهم الأشياء التي يجب معرفتها لفهم أي إنسان، وتساعد الفراسة على ذلك، ومن أهم التعابير التي تظهر على الإنسان لمعرفته حالته ما يلي:

  • تحديق الإنسان على شيء ما يدل على رغبته بالاستيضاح، وحالة الاستغراب الذي بها.
  • رفع حاجبي الإنسان يدل على حدوث مفاجأة له.
  • تقريب حاجبي الإنسان من بعضهما وخفضهما يدل على حدوث تعكر للمزاج له، والغضب الشديد.
  • يدل انكماش أنف الإنسان على عدم رضاه على موقف ما أو فكرة معينة.
  • شكل الشفاه خلال التحدث يدل على كشف مشاعر الرفض أو القبول لدى الإنسان.
  • يدل تحرك أنف الإنسان باتساع على حدوث حالة استياء من نوع آخر.

أبقراط أبو الطب وعلم الفراسة

قام بوضع أربعة أمزجة للإنسان توضع نوع السائل الموجود، وتكون هذه الأمزجة كالتالي:

  • المزاج السوداوي: يعبر عن الشخص الذي يوجد في طحاله دم متخثر، وإذا كان هذا المزاج غالب في جسد الإنسان، فإن الشخص يكون مكتئبًا وانطوائيًا.
  • المزاج البلغمي: يعبر عن الشخص الذي يزداد البلغم في حلقه، وإذا كثر هذا المزاج في جسم الإنسان فإنه يكون انطوائيًا وهادئًا ويحب الهدوء.
  • المزاج الدموي: يعبر عن الشخص الذي يزداد الجانب الدموي في جسده، وإذا كثر هذا المزاج في جسم الإنسان فإنه يكون منفعلًا ومتسرعًا.
  • المزاج الصفراوي: يعبر عن الشخص الذي يزداد الصفار في كبده، وإذا كثر هذا المزاج في جسم الإنسان فإنه يغضب بسرعة، ويميل إلى الحزن، ويكون شديد الانفعال.

كما ندعوك للتعرف على مزيد من المعلومات من خلال: يا ايتها النفس المطمئنة سبب نزولها وتفسير القرطبي لها

وفي نهاية هذا المقال لقد علمنا صحة حديث “اتقوا فراسة المؤمن” وكم هو ضعيف حسب أقوال علماء الحديث، وما معنى الفراسة لغة واصطلاحًا، وأقسام الفراسة، وسببها وأنواعها، والفرق بين الفراسة وسوء الظن، وبينها وبين الإلهام، والعلاقة بين الفراسة ولغة الجسد، كما علمنا الفراسة في الإسلام، وفي القرآن الكريم، وفي سنة النبي (صلى الله عليه وسلم فإذا أراد المؤمن أن تكون لديه فراسة فعليه أن يقوي دينه ويصاحب الحكماء.

قد يعجبك أيضًا