حكم تأخير الصلاة عن وقتها

حكم تأخير الصلاة عن وقتها ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث أوصى الصحابة رضي الله عنهم بأهمية أداء الصلاة في أوقاتها، فالصلاة فريضة عظيمة افترضها الله على عباده، لها أحكام بينها وعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين، من جملة تلك الأحكام الصلاة على أوقاتها.

في السطور التالية على موقع زيادة نبين لكم أهم ما جاء عن حكم تأخير الصلاة عن وقتها في كتب أهل العلم الشرعي.

حكم تأخير الصلاة عن وقتها

إن الصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي من أهم العبادات التي فرضها الله تعالى على عباده، كما أنها من أعظم الأركان بعد الشهادتين، وتتميز عن الأركان الأساسية بأن الله سبحانه وتعالى فرضها خمس مرات في اليوم والليلة.

الصلاة على أوقاتها من أحب الأعمال إلى الله، فقد جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود أنه قال:

سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي”.

فلا يجب على مسلم عاقل أن يضيع أحب الأعمال إلى خالقه، وليتقرب إلى ربه بأداء عبادة فرضها عليه بالطريقة التي أخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد بين الرسول وقت كل صلاة للناس، وعرفهم كل ما يخص تلك الصلوات على الوجه الذي يرضي الله تعالى.

نبين أهم ما جاء عن حكم تأخير الصلاة عن وقتها من فتاوى ذكرها أهل العلم الشرعي، ونبين كيف أوصى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بالصلاة على أوقاتها وعدم تأخيرها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم تارك الصلاة عند المالكية والشافعية

فتوى العلماء في حكم تأخير الصلاة عن وقتها

سُئل علماء وفقهاء الدين قديمًا وحديثًا عن حكم تأخير الصلاة عن وقتها، وجاء في فتوى العلماء ما يلي:

  • أفتى الشيخ أحمد تركي أستاذ القرآن الكريم في الأزهر الشريف في حكم تأخير الصلاة عن وقتها أنهى حرام شرعًا، واستدل في حكم فتواه بقول الله تعالى في سورة النساء: “فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)“.
  • كما بين الشيخ أحمد تركي أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد أوقات معينة للصلوات، ومن أخر أداء الصلاة عن هذه الأوقات أو قدمها فقد تعدى حدود الله، ثم تلى قول الله تعالى في سورة البقرة: ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)“.
  • وافقت فتوى الشيخ الجليل فتوى كثيرًا من أهل العلم الذين يرون حرمة تأخير الصلاة عن أوقاتها من غير عذر صحيح واضح مما ذكره أهل العلم.
  • جاء في مجموع فتاوى العالم الجليل ابن باز في الرد على استفسارات بعض المسلمين عن حكم تأخير الصلاة عن وقتها ما نلخصه فيما يلي:
  • أ‌- يجب على كل مسلم ومسلمة أن يصلوا الصلاة في وقتها.
  • ب‌- لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا أن يكون مسافرًا وعليه أن يلتزم بأحكام الصلاة في السفر أو أن يكون مريضًا بمرض يمنعه من أداء الصلاة في وقتها.
  • ت‌- حتى المسافر والمريض هناك أحكام يبينها أهل العلم لا يتسع المجال لذكرها عليه أن يعرفها ويلتزم بها.
  • ث‌- الواجب على كل مسلم ومسلمة في أي مكان أن يحافظوا على أداء الصلاة بالوجه الذي يرضي الله تعالى من التزام الوقت والجماعة والخشوع.
  • ج‌- التحذير من التساهل والتهاون في أداء الصلوات حتى لا تجب العقوبة على المسلم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ماذا نقول عند السجود والركوع في الصلاة

عقوبة تأخير الصلاة

بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عقوبة تأخير الصلاة عن أوقاتها، كما حذر رسوله صلى الله عليه وسلم من تلك العقوبة، وفيما يلي نذكر أهم ما جاء عن ذلك:

قال تعالى في سورة الماعون:

“فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)”، وجاء في تفسير “فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ” أي عذاب لهم.

تأخير الصلاة والكسل عن تأديتها ذكر الله سبحانه وتعالى أن ذلك صفات المنافقين، فالمنافق لا يحب الصلاة، ولكنه يقوم للصلاة وهو كسول غير راغب فيها، لما تركه النفاق من آثار سيئة في قلبه.

قال تعال في سورة النساء:

“إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)، فما حمل المنافقين على الصلاة إلا لمخادعة ومراءاة المؤمنين.

قال تعالى في سورة النساء: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)”، فليحذر المسلمون أن يتشبهوا بصفة المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار في تأديتهم للصلاة الذين لولا رؤية الناس لهم ما قاموا إلى الصلاة، وليكن المسلم حريصًا على صلاته محافظًا على أدائها في وقتها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كيفية الصلاة على النبي لقضاء الحوائج

الصلاة على وقتها في المسجد

ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قالَ:

“أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ.”

إن الذي يتأمل الحديث الشريف السابق يجد أهمية أداء الصلاة على وقتها في المسجد، فلم يعطي الرسول صلى الله عليه وسلم الرخصة للرجل الأعمى أن يصلي في بيته، فكيف بمن يؤخر الصلاة عن وقتها.

إن الصلاة فرضها الله سبحانه وتعالى في أوقات معلومة محددة، ومن الحديث النبوي الشريف السابق الذي بين أن الصلاة في جماعة فريضة لا فضيلة، ولا رخصة للمسلم في ترك الفريضة إلا بأحكام يبينها ويستدل عليها أهل العلم. كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ:

“والذي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بحَطَبٍ، فيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلاَةِ، فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ لو يَعْلَمُ أحَدُهُمْ، أنَّه يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ”.

فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يبين مدى جرم من يضيع الصلاة عن وقتها في المسجد؛ لأنه يضيع فرض عظيم وأجر كبير، وأن هؤلاء إذا كان أمر الصلاة فيه منفعة دنيوية ما ضيعوه، فهؤلاء الذين عندهم مقدرة تحصيل منافع الدنيا سيعاقبون بأشد العذاب في تضييعهم منافع الآخرة، فالمسلم يجب أن يكون حريصًا في عبادة ربه أكبر من كل أمور الدنيا الزائلة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما هي الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

وصية عبد الله بن مسعود

إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوصي الصحابة ومن ورائهم من المسلمين بكل ما فيه الخير في أمور دينهم ودنياهم، وقد علم الصحابة رضي اله عنهم ما علمهم به الرسول صلى الله عليه وسلم.

من تلك الوصايا ما ورد عن الصلاة والحرص على أدائها في أوقاتها بالمسجد ما جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود، وفيها: “مَن سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ علَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بهِنَّ، فإنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مَن سُنَنَ الهُدَى، ولو أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، ولو تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ،

وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً، وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ.”

إن المحافظة على الصلاة في أوقاتها من هدى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومما حرص عليه الصحابة من بعده، ونصحوا به المسلمين لما فيه من الخير لهم عند ربهم؛ ليرضى عنهم، ولا يغضب عليهم فيعذبهم.

يبين عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل أهمية تأدية الصلاة على

أوقاتها عند نداء المؤذن للصلاة في المسجد، وأن ذلك من شرع الله، ومما حرص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

كما بين أهمية أن يحافظ الرجال على أداء الصلوات على أوقاتها في المسجد؛ لأن التخلف عن الصلاة مع الجماعة، وفي أوقات الصلاة هو ترك متعمّد لأحكام الشريعة وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى في سورة مريم: “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)”، فسّر ابن مسعود (غيًا) أي نهر في جهنم خبيث الطعم بعيد القعر.

ذكرنا فيما سبق حكم تأخير الصلاة عن وقتها كما أفتى فقهاء وعلماء الدين، وبينّا فيه أن المحافظة على أداء الصلاة على أوقاتها في المسجد مما أمر ونصح به الرسول صلى الله عليه وسلم، نبيهم؛ لينالوا الأجر العظيم.

قد يعجبك أيضًا