الاشتقاق في اللغة العربية

الاشتقاق في اللغة العربية هو من القواعد الغنية في اللغة العربية، حيث يوجد العديد من الكلمات التي يمكن اشتقاقها من أصل لغوي واحد، فقاعدة الاشتقاق من أهم الأسباب التي ساعدت في ثراء اللغة العربية، وسوف نعرض لكم عبر موقع زيادة كل ما يخص الاشتقاق في اللغة العربية.

الاشتقاق في اللغة العربية

يجب علينا في البداية تعريف الاشتقاق لغة واصطلاحًا في اللغة العربية، حيث يوجد العديد من التعريفات للاشتقاق في اللغة العربية، وهي كالآتي:

  • الاشتقاق في اللغة: من المصدر اشتق، فالشق هو الجزء، وبالتالي فالاشتقاق هو أخذ جزء من الشيء.
  • الاشتقاق في الاصطلاح: هو أخذ كلمة أو أكثر من كلمة أخرى، بشرط أن تتناسب الكلمة أو الكلمات المأخوذة والكلمة المأخوذ منها تركيبًا ومعنىً مع اختلاف الطرفين في الصيغة.
  • كما أنه يوجد تعريف جامع مانع اتفق عليه علماء النحو ألا وهو: أن الاشتقاق هو توليد بعض الكلمات من كلمات أخرى، أو الحصول على أكثر من كلمة من أصل واحد يشترك معها في بعض الخصائص: وهي المعنى والتركيب.

اقرأ أيضًا: النحت في اللغة العربية

أصل الاشتقاق في اللغة العربية

ضمن إطار عرض الاشتقاق في لغتنا العربية يجب علينا تسليط الضوء على أصل الاشتقاق في لغتنا العربية، حيث اختلف مذهبا الكوفة والبصرة في تحديد أصل الاشتقاق لغويًا، من ناحية هل الاشتقاق أصله الفعل أم المصدر؟

كما ناقشت المدرستان تلك القضية مع استناد كلتيهما للدلائل والبراهين، وهذا ما سنوضحه لكم على النحو التالي:

حجة مدرسة البصرة في الاشتقاق

بالنسبة لأصل الاشتقاق في اللغة العربية لدى مذهب البصرة في دراسة النحو، ترى مدرسة البصرة أن الأصل في الاشتقاق ليس الفعل وإنما هو المصدر، واستندت مدرسة البصرة لعدة دلائل في ذلك الرأي، وهي:

  • أن المصدر يدل على شيء معين، وبالتحديد يدل على الحدث بشكلٍ عام، فعلى سبيل المثال: كلمة (كتابة) هي مصدر من الممكن أن نشتق منه العديد من المشتقات نحو: اُكْتُبْ – كَتَبَ – يّكْتُبُ – كِتَابٌ – مَكْتُوبٌ، أما بالنسبة للفعل فهو لا يشير إلى حدث فحسب بل يشير إلى زمن أيضًا.
  • كما استند علماء مدرسة البصرة في قولهم بأن الأصل في الاشتقاق هو المصدر إلى أن العرب كانوا يشتقون الفعل من اسم العين، نحو: الفعل (تَأَبَّلَ) بمعنى استخدم الإبل، وهي مشتقة من المصدر(إبل)، كذلك الامر في فعل (تَبَنَّى) فهو مشتق من المصدر (ابن).

حجة مدرسة الكوفة في الاشتقاق

بعد عرض رأي مدرسة البصرة في مسألة أصل الاشتقاق، يجدر بنا عرض أصل الاشتقاق في اللغة العربية لدى مذهب الكوفة في دراسة النحو، حيث ترى مدرسة الكوفة أن الأصل في الاشتقاق ليس المصدر وإنما هو الفعل، واستندت مدرسة الكوفة لعدة دلائل في ذلك الرأي، وهي:

  • أن المصدر تابع للفعل في الصحة أو الإعلال، بمعنى أنه إذا كان الفعل معتلًا كان المصدر معتلًا، نحو: (صام صيامًا)، ويصح المصدر إذا كان الفعل صحيحًا، نحو: (ضرب ضربًا).
  • كما استندوا أيضًا إلى هو تأكيد للفعل، ففي المثال: (ضرب ضربًا) المصدر يؤكد الفعل وبالتالي فالفعل أقوى من المصدر.
  • أن العامل (الفعل) أقوى من المعمول (المصدر)، قائلين إن الفعل يعمل في المصدر، نحو: (فهمت فهمًا)، فالفعل هنا أقوى من المصدر لأنه قام بنصبه.
  • بالإضافة لاستنادهم إلى أنه يوجد بعض الأفعال التي لا مصدر لها وهي الأفعال الجامدة، نحو: ليس – حبذا – نعم – بئس.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع تخصص اللغة العربية

رأي ابن جني في مسألة الاشتقاق

ضمن إطار عرض الاشتقاق في اللغة العربية وجب عرض رأي عالم النحو واللغة الكبير ابن جني في تلك المسألة النحوية، حيث إنه لم يختلف مع المدرستين السابقتين، بل إنه أضاف بعض الأمور وهي كالآتي:

  • أنه يوجد بعض المشتقات التي يتم اشتقاقها من الفعل، نحو: (صائم) من الفعل (صام).
  • كما قال إن المصدر يتم اشتقاقه من اسم العين أو الجوهر، نحو: كلمة (الاستحجار) فهي مشتقة من الجوهر وهو: (الحجر)، أو كلمة (التأرض) مشتقة من (الأرض)
  • بالإضافة إلى وجود بعض المصادر التي يتم اشتقاقها من الحرف، مثل: (سألتك في أمر فلوليت لي) بمعنى قُلت (لولا).

كذلك قوله (سألتك حاجة فلاليت لي) بمعنى قُلت: لا، لا، لا..

أنواع الاشتقاق في اللغة العربية

بعد معرفة الآراء المختلفة حول أصل الاشتقاق في لغتنا العربية، يجدر بنا عرض أنواع الاشتقاق، والتي تم تقسيمها من قبل علماء النحو لعدة أقسام، وهي أربعة أقسام سنعرضها لكم فيما يلي:

1- الاشتقاق الصغير

هو النوع الأول من الاشتقاق ويتم فيه صيغة من صيغة أخرى بشرط أن تتشابه الصيغتان في المعنى والتركيب، بحيث تشير الصيغة المأخوذة إلى معنى الصيغة المأخوذ منها وتقوي المعنى، نحو: (حَذِرٌ مَنْ حَذِرَ).

كما أشار علماء النحو بأنه يتم التعرف إلى هذا النوع من الاشتقاق بواسطة تقليب التصريفات المختلفة للكلمة حتى نصل إلى أصل الصيغة، نحو: كلمة (شرب) تشير إلى مطلق الشرب.

بينما المشتقات (اِشْرَبْ – يشرب – مشروب – شارب) فهي أكثر حروفًا وأوسع دلالة من الأصل، كما أن كل تلك الكلمات تشترك مع الأصل (شرب) معنى وتركيبًا ولكنها تضيف معنى إلى الأصل.

كما أنه بصورة عامة يعد الاشتقاق الصغير هو أن يتم أخذ كلمة من كلمة أخرى شرط أن تتفق معها معنى وتركيبًا وترتيبًا.

صور الاشتقاق الصغير في اللغة

يوجد بعض التغييرات التي تدخل على اللفظ في إطار الاشتقاق الصغير، وتتمثل تلك التغيرات في الآتي:

  • زيادة حركة: نحو: (عِلْمٌ وعَلَمٌ)
  • زيادة مادة: نحو (طَلَبُ وطَالِبٌ)
  • زيادة حركة ومادة: نحو: (ضَرَبٌ وضَارِبٌ)
  • إنقاص في الحركة: نحو: (الفَرَسُ والفُرْسُ)
  • إنقاص في المادة: نحو: (ثَبَاتٌ وثَبَتَ)
  • إنقاص في الحركة وزيادة في المادة: نحو: (غَضَبَ وغَضْبَى).
  • زيادة في الحركة وإنقاص في المادة: نحو: (حِرْمَان وحَرَمَ).
  • النقص والزيادة في الحركة والمادة: نحو: (اِسْتَنْوَقْ والنَّاقَةُ).
  • تغاير الحركات: نحو: (بَطَرًا وبَطِرَ).
  • إنقاص حركة وزيادة حركة أخرى مع حرف: نحو: (اِضْرِبْ والضَّرْبُ)
  • إنقاص مادة وزيادة مادة أخرى: نحو: (سَابِح وسِبَاحَةٌ).
  • إنقاص في الحرف والحركة وزيادة في الحركة: نحو: (عِدْ من الوَعْدُ) حيث تم إنقاص الواو والفتحة عليها مع زيادة كسرة على العين.
  • كما يدخل ضمن الاشتقاق الصغير الآتي:
  • الأفعال المجردة والمزيدة.
  • اسم الفاعل.
  • اسم المفعول.
  • اسم التفضيل.
  • الصفة المشبهة.
  • اسم الزمان.
  • اسم المكان.
  • اسم الآلة.

اقرأ أيضًا: هل هناك فرق بين العطف والتعاطف

2- الاشتقاق الكبير

هو أحد أنواع الاشتقاق في اللغة العربية، والذي يُطبق عليه أيضًا القلب المكاني أو اللغوي، ويتمثل هذا النوع في أن تكون الكلمتان متفقتان في الحروف الأصلية ومختلفتان في الترتيب.

نحو مادة (مَلَكَ) فيمكن أن نشتق منها العديد من الكلمات الأخرى المتفقة في الحروف الأصلية والمختلفة في المعنى والتركيب، فيمكن أن نخرج منها الآتي:

  • كَمَلَ: من الكمال والتمام.
  • كَلَمَ: بمعنى (جَرَحَ) وذلك نحو قوله – تعالى -: (دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُم) [سورة النمل: الآية 89] بمعنى تجرحهم.
  • لَكَمَ: من اللَكْم
  • مَكَلَ: بمعنى قلة الماء أو الجفاف، فيُقال: (بئر مكول)

3- الاشتقاق الأكبر

هو النوع الثالث من أنواع الاشتقاق في لغتنا العربية ويُطلق عليه الإبدال اللغوي، كما أنه يتمثل في تماثل الكلمتين معنى وترتيب الأحرف الأصلية، سواء في حالة تناسب الحروف المتغايرة في المخارج الصوتية أو عدم تناسبها، نحو:

  • (هَدَلَ وهَدَرَ).
  • (قَشَطَ وكَشَطَ)
  • (نهيق ونعيق)
  • (خَرَبَ وخَرَقَ)
  • (صَرِير وصَرِيف)
  • (يَجْذو ويَجْثُو)

فكل تلك الكلمات كانت متفقة أو متناسبة في المخرج ولكنها تختلف في الصفات.

4- الاشتقاق الكُبَّار

هو النوع الرابع من أنواع الاشتقاق في اللغة العربية، ويُطلق عليه النحت ويتمثل هذا النوع في اشتقاق فعل من جملة أو كلمة من كلمتين، أو الجمع بينهما في المعنى لإنتاج علم منسوب إلى علمين، كما قد يكون بأخذ حرف من حرفين أو بغرض التخفيف، وسوف نعرض لكم كل نوع على حدة في الآتي:

  • أخذ فعل من جملة: نحو: (بسمل) من الجملة (بسم الله الرحمن الرحيم) أو الفعل (حوقل) من الجملة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، و(حمدل) من الجملة (الحمد لله).
  • اشتقاق كلمة من كلمتين، نحو: كلمة (جلمود) تم اشتقاقها من كلمتين، وهما: (جَلْد) وكلمة (جَمْد)
  • علم منسوب إلى علمين: نحو: كلمة (عبشمي) تم اشتقاقها من العلم المركب مزجيًا وهو: (عبد شمس)، وكذلك العلم (عبدري) تم اشتقاقه من العلم المركب مزجيًا (عبد الدار).
  • الكبار الحرفي: وهو الذي يتمثل في كلمة (لكنّ) فأصل تلك الكلمة (لكنْ أنَّ).
  • النحت للتخفيف: نحو: كلمة (بلعنبر) فهي تم اشتقاقها من (بني عنبر) تخفيفًا، كذلك الأمر في (بلحارث) اُشْتُقَّت من (بني الحارث)

هل الاشتقاق سماعي أم قياسي؟

ضمن إطار عرض الاشتقاق في اللغة العربية، يجدر بنا الإجابة عن هذا السؤال وهو هل الاشتقاق سماعي أم قياسي؟ فيجدر الذكر بأن هذه المسألة النحوية اختلف حولها العديد من علماء النحو، فالأغلبية منهم رأوا أن الاشتقاق قياسي.

حيث اعتمد العرب على اشتقاق الكلام من بعضه البعض، أما الأقلية فقالت إنه سماعي، وأن اللغة العربية توقيفية وليست قياسية، بمعنى أن الكلام جاءنا هكذا من العرب ويجب أن نلتزم به دون أن نجتهد في اشتقاق ألفاظ جديدة.

اقرأ أيضًا: أين تقع شبه الجزيرة العربية

ما هي شروط الاشتقاق في اللغة

يوجد بعض الشروط الواجب توافرها لصحة الاشتقاق، وهي ثلاثة شروط نعرضها في التالي:

  • أن يتم اشتقاق الكلمة من كلمة أخرى أو فرع آخر، وتكون تلك الكلمة هي الأصل للمشتق، وبالتالي فإن تم اشتقاق الكلمة من كلمة ليست الأصل فهو ليس اشتقاقًا.
  • أن يكون هناك تناسب في حروف كلٍ من اللفظ المشتق واللفظ المشتق منه، مثل: (الاستعجال) والتي تم اشتقاقها من (العَجَل) فنلاحظ تناسب الحروف بين الكلمة المشتقة وبين الأصل المشتق منه.
  • أن يتناسب اللفظان المشتق والمشتق منه في المعنى سواء في حالة الاتفاق أو عدم الاتفاق، فالاتفاق يتمثل في مطابقة اللفظ المشتق للفظ الأصلي من ناحية المعنى.

قاعدة الاشتقاق في اللغة العربية من أكثر القواعد تعبيرًا عن ثراء اللغة العربية، فيمكننا الحصول على أكثر من كلمة من أصل لغوي واحد.

قد يعجبك أيضًا