هل يصلى على الشهيد

هل يصلى على الشهيد الذي قتل في المعركة؟ أو الذي مات متأثرًا بأحد الأوبئة؟ إن الشهادة أمر يتمناه أي شخص من أجل أن ينعم بنعيم الآخرة، حيث إن الشهيد يكون في مكانة خاصة عن باقي الموتى عند الله عز وجل.

لذا من خلال هذا الموضوع الذي سيعرضه لكم موقع زيادة سنتعرف سويًا على إجابة سؤال “هل يصلى على الشهيد؟”، بالإضافة إلى رأي علماء الفقه في ذلك الأمر.

هل يصلى على الشهيد؟

هل يصلى على الشهيد؟

تعد الشهادة من الأمور العظيمة لدى المسلمين والتي يريد كل مسلم أن يموت على الشهادة؛ فهي كما حددها أهل العلم أنها الموت في سبيل الله.

جاءت في الحديث الحسن الصحيح الذي رواه سعيد بن زيد “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ” ذكره الترمذي حسن صحيح.

كما أن للشهداء منزلة كبيرة في القرآن الكريم مثلما جاء في الآية التاسعة عشر من سورة الحديد “وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْۖ“، وللشهيد في المعارك معاملة خاصة في مراسم دفنه وجنازته تختلف عن معاملة من لم يرزقهم الله الشهادة.

فمن توفي في معركة متأثرًا بجراحه مدافعًا عن بلاده فإنه لا يغسل ولا يحنط (أي يعطر) ولا يصلى عليه فقط يجرد من دروعه فدمه هذا يبعثه الله به يوم القيامة لون الدم، لكن رائحته يفوح منها المسك، مثلما جاء في الأثر عن سيد الشهداء الحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله أنه لم يكفن بعد استشهاده.

أما في الصلاة عليه فذهب بعض العلماء أنه لا يصلى على شهيد المعركة ولا يغسل، بينما ذهب الآخرون إلى الصلاة عليه مستندين إلى الحديث الذي رواه أبو مالك غزوان الغفاري

أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلَّى على قتلَى أحدٍ عشرةً عشرةً، في كلِّ عشرةٍ حمزةٌ حتَّى صلَّى عليهِ سبعِينَ صلاةً” الحديث ضعَّفه النووي وأنكره ابن العربي.

كما أجمع العلماء على أن شهيد الدنيا والآخرة وهو شهيد المعركة لا يصلى عليه ولا يغسل ويكفن في ثيابه مجردًا من الدروع والأسلحة بينما شهيد الآخرة فإنه يغسل غسل الميت العادي ثم يصلى عليه ويدفن.

اقرأ أيضًا: حديث شريف عن الشهيد

شهيد الدنيا والآخرة وشهيد الآخرة والصلاة على كلٍ منهما

في أثناء عرضنا لجزء من إجابة سؤال هل يصلى على الشهيد؟ ذكرنا نوعين من الشهداء شهيد الدنيا والآخرة وشهيد الآخرة؛ فما الفارق بينهما؟

إن علماء المذهب الحنفي على وجه الخصوص قد أوضحوا الفرق بين شهيد الدنيا والآخرة، وهو الشهيد الذي تحققت في الشروط الستة للشهادة وهي:

  • العقل.
  • الطهارة من الحدث الأكبر.
  • الإسلام.
  • الموت عقب الإصابة مباشرة بحيث لا يأكل ولا يشرب ويموت في مكان إصابته.
  • لا يمر على موته وقت الصلاة.
  • القصاص له.

في هذه الحالة لا يصلى على هذا الشهيد ولا يغسل ولا يكفن في أكفان دون ثيابه التي مات فيها، أما شهيد الآخرة؛ فهو الذي فقد أحد الأركان الستة إما لعلة في عقله (أصابه جنون).

أو لعدم طهارته (كان جنب أو لو كانت امرأة كانت حائضًا أو نفاسًا)؛ فهذا يصلى عليه صلاة الجنازة بعد أن يكفن في الكفن الشرعي الأبيض ومن ثم يدفن.

رأي ابن باز وابن عثيمين

على الرغم من وفاة العالمين الجليلين منذ أكثر من خمسة وعشرين سنة، إلا أن الأسئلة العديدة التي تعرضا لهما في رحلتهما الدعوية ما زال المسلمون يسألون عنها حتى هذه اللحظة، مثل هل يصلى على الشهيد؟ بسبب كثرة شهداء الجنود العرب في هذه الفترة في تلك السطور سنعرض عليكم رأي الشيخين في الصلاة على الشهيد.

رأي ابن عثيمين

أجاب الشيخ صالح العثيمين في على هذا السؤال في سلسلته الشهيرة فتاوى نور على الدرب أن الشهيد الذي قتل في معركة في سبيل الله؛ فإن الله يغفر له من ذنوبه عظيمها أو هينها إلا الدين.

كما أنه شهيد المعركة لا يكفن ولا يغسل كما جاء في في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة وهو متفق عليه من مسلم والبخاري.

لا يُكْلَمُ أحَدٌ في سَبيلِ اللهِ، واللَّهُ أعْلَمُ بمَن يُكْلَمُ في سَبيلِهِ، إلَّا جاءَ يَومَ القِيامَةِ وجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، والرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ“، كما أضاف الشيخ ابن عثيمين أن شهيد المعركة لا يصلى عليه، ولا يأتيه الملكان في قبره يفتناه، لكن إن مات شهيدًا دون معركة فيعامل كسائر موتى المسلمين.

رأي عبد العزيز بن باز

اتفق الشيخ عبد العزيز بن باز مع الشيخ محمد صالح العثيمين في مسألة عدم غسل شهيد المعركة، أو الصلاة عليه مستندًا إلى الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله “ادْفِنُوهُمْ في دِمَائِهِمْ – يَعْنِي يَومَ أُحُدٍ – ولَمْ يُغَسِّلْهُمْ“، والحديث صحيح حدَّثه البخاري في صحيحه.

اقرأ أيضًا: الصلاة على الميت

أقوال الأئمة الأربعة في الصلاة على الشهيد

عرض علماء المذاهب الفقهية الأربعة الشافعية والمالكية والحنبلية والحنفية رأيهم في مسألة غسل شهيد المعركة، وشهيد الآخرة، والصلاة على كلٍ منهما، وهو ما سنوضحه لكم في سطور هذه الفقرة:

  • قول المالكية: ذهب علماء المذهب المالكي إلى أن شهيد المعركة لا غسل ولا يحنط ولا يصلى عليه، إنما يكفن في ثيابه التي قتل فيها ولا يُغسل جرحه أما شهيد الآخرة فإنه يعامل مثل باقي الموتى فثواب الشهادة في الآخرة.
  • رأي الشافعية: يرى الشافعية أن الصلاة على شهيد المعركة محرمة لإنهم أحياء عند ربهم مستندين إلى الآية القرآنية 169 من سورة آل عمران “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ“.
  • رأي الحنابلة: الصحيح عندهم هو حرمة الصلاة على شهيد المعركة متفقين في هذا جمهور أئمة الشافعية، بينما يرى بعض من علماء الحنابلة أن الصلاة على شهيد المعركة واجبة.
  • قول علماء مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان: إن القول الغالب لدى جمهور علماء الحنفية هو مات ذهب إليه القلة من جمهور الحنابلة هو وجوب صلاة الجنازة على شهيد المعركة كغيره من سائر موتى المسلمين.

صلاة الجنازة على الشهيد من قول العلماء المعاصرين

عرض العلماء المعاصرين أمثال الشيخ مصطفى العدوي، والشيخ صالح المغامسي، بالإضافة للشيخ محمد صالح المنجد إجابة سؤال هل يصلى على الشهيد؟ وهو ما سنوضحه لكم في سطور تلك الفقرة:

  • قول الشيخ مصطفى العدوي: قال الشيخ أن شهيد المعركة لا يغسل، ولا يصلى عليه مستند إلى دفن أهل بدر دون صلاة عليهم، وكذلك أهل أحد لكن المبطون والمطعون (من مات بالوباء)، وصاحب الهدم يغسلون ويصلى عليهم.
  • قول الشيخ صالح المغامسي: أجاب الشيخ على السؤال في برنامجه الباقيات الصالحات الذي عرض على فضائية دبي، أنه يؤيد الرأي الذي يقول أن رسول الله صلى على أهل أحد عشرة عشرة وفيهم حمزة (وهذا القول ضعيف)، وأفتى الشيخ أن الشهيد يسلم إلى أهله إن شاؤوا الصلاة عليه أو لا.
  • قول الشيخ محمد صالح المنجد: قال الشيخ أن الشهيد هو الوحيد الذي يستثنى من صلاة الجنازة عليه، كما أفاد الشيخ أن هذه المسألة بها خلاف؛ فقال الشيخ أن شهيد المعركة يصلى عليه وجوبًا دون غُسل، كما أنه وافق الشيخ صالح المغامسي في تسلم الدولة الشهيد لأهله.

هل تصلى الميت بكورونا شهيد؟ وهل تجوز عليه صلاة الجنازة؟

في ظل فترة الجائحة التي مرت بالكوكب في سنة 2020، وموت العديد من البشر سواء أكانوا على ملة الإسلام أم غيرها متأثرين بالفيروس؛ فإن الناس أصبحت تسأل “هل الميت بكورونا شهيد أم لا؟”، والإجابة بإجماع أهل العلم أن المطعون (الميت بالطاعون أي الوباء) شهيد.

لكنه شهيد آخرة لا شهيد معركة؛ أي تجب عليه صلاة الجنازة بعد أن يُغسَّل ثم يُحنط، من ثم يوضع في قبره، وهذه الشروط تنطبق على من مات محروقًا، أو غريقًا، أو مات ظلمًا، أو مات مدافعًا عن أهله، أو من ماتت متأثرةً بنفاسها؛ فكل هؤلاء من شهداء الآخرة ويغسلوا ثم يكفنوا ويصلى عليهم صلاة الجنازة قبل أن يدفنوا.

اقرأ أيضًا: كيفية الصلاة على الميت

بذلك نكون قد أوضحنا لكم إجابة سؤال “هل يصلى على الشهيد؟”، وذلك من خلال الاستناد لآراء عدد من كبار الفقهاء، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة المرجوة.

قد يعجبك أيضًا