دعاء الحمد والثناء على الله

دعاء الحمد والثناء على الله أعتاد المسلمون أن يقوموا به قبل التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، والثناء على الله تعالى يكون بما هو أهل له، ثم بعد الثناء يتوجه العبد لله بالاعتراف بحق الله عله والاعتراف بالولاء والعبودية له، وبعد ذلك يتوجه بالدعاء له، وللعبد أن يطلب من الله تعالى ما يشاء، وفي موضوعنا ذا على موقع زيادة سنتناول ذكر الله تعالى المنقول ودعاء الحمد والثناء على الله.

دعاء الحمد والثناء على الله

دعاء الحمد والثناء على الله

ذكر الله تعالى على ثلاث دروب هو:

  • الثناء على الله تعالى والحمد والشكر.
  • الولاء لله تعالى.
  • الدعاء بما يشاء العبد من منافع في الدنيا والآخرة.

من حيث الأفضلية قد أقر الفقهاء المسلمون أن الأفضلية تكون على الترتيب السابق، على ذلك كانت أفضل آية في القرآن الكريم هي آية الكرسي:
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” (البقرة 255)؛ لأن تلك الآية الكريمة كلها ثناء على الله تعالى.

كما كانت سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن الكريم، ولذات السبب قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
“خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ” (صحيح الترمذي 3585).

يمكنك الاضطلاع أيضًا على: دعاء الحمد لله رب العالمين وأهمية شكر الله في حياة المسلم

أفضل دعاء الحمد والثناء على الله

أفضل الثناء على الله هو ما أثنى به على نفسه، فمهما بلغ العبد من طلاقة اللسان وحسن البيان وفصاحة البلاغة لن يكفي جزء واحد من الثناء على الله تعالى، فعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“لا أحدَ أغْيَرُ مِنَ اللهِ، ولِذلِكَ حرَّمَ الفواحِشَ، ما ظهرَ منها وما بطنَ، ولَا أحدَ أحبُ إليه المدحُ مِنَ اللهِ، ولِذلَكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، ولَا أحدَ أحبَّ إليهِ العذرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أجلِ ذلِكَ أنزلَ الكتابِ، وأرسلَ الرُّسُلَ” (صحيح الجامع 7165)

لذلك يجب على المسلم أن يدبر في القرآن الكريم والأحاديث القدسية التي ورد فيها مدح لله تعالى.

في شرح الحديث السابق قال الإمام النووي: “حقيقة هذا مصلحة للعباد لأنهم يثنون عليه سبحانه وتعالى فيثيبهم فينتفعون وهو سبحانه غني عن العالمين لا ينفعه مدحهم ولا يضره تركهم ذلك وفيه تنبيه على فضل الثناء عليه سبحانه وتعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره وسائر الأذكار”.

يمكنك الاضطلاع أيضًا على: دعاء الحمد لله حتى ترضى مكتوب

مدح الله تعالى والثناء عليه في دعاء الأنبياء

علمنا الله تعالى في محكم التنزيل في دعاء النبيين المستجاب، ففي سورة الأنبياء نجد دعائين لنبيين كانا في أشد الحاجة إلى الغوث من الله تعالى، لكنهما عندما دعا الله تعالى فقط أكتفى كلٍ منهم بالسناء على الله تعالى، نرى ذلك في:

دعاء سيدنا أيوب عليه السلام، قال الله تعالى:
“وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84)” (الأنبياء).

نجد أن الله تعالى ربط الاستجابة بحرف العطف الفاء، ويقول النحاة أن الفاء تفيد الترتيب والسرعة عكس الأداة (ثم) التي تعني الترتيب مع التراخي.

في الآية الكريم نلاحظ ما ذكرناه سابقًا أن سيدنا أيوب لم يذكر طلبه فقط قال إنه مسه الضرر، مجرد مس وهذا عظيم التأدب مع الله تعالى، وأردف سيدنا أيوب بقوله: “وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” وهذا من عظيم الثناء على الله تعالى.

كما أنه يثنى على الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا التي سمى بها نفسه، كأنه يقول يا رحمن أنت أعلم بما أريد، والكريم يعطي أكثر مما يُسأل فما بالك عندما يعطي بلا سؤال.

يمكنك الاضطلاع أيضًا على: دعاء التوفيق في العمل وما هو فضل الدعاء

دعاء سيدنا يونس عليه السلام

دعاء سيدنا يونس عليه السلام عندما خالف أوامر الله تعالى:
“وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ” (الأنبياء).

كان في الظلامات الثلاث (ظلمة عدم طاعة الله تعالى، وظلمة الليل والبحر الهائج، وظلمة الخوف في بطن الحوت)، فلم يدعُ الله تعالى بأن يطلب طلبه فقط أكتفى بقوله: “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” بقوله هذا يثني على الله تعالى في صدر الدعاء وفي العَجُز يعترف بالذنب والولاء لله تعالى وفي هذا الثناء على الله تعالى.

نلاحظ في تتمة الآيات أن الله تعالى ربط الاستجابة بحرف العطف الفاء للدلالة على سرعة الاستجابة كما شرحنا سابقًا، لكن نلاحظ أيضًا أن الله تعالى ختم الآية الكريمة بقوله: “وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”، وفي ذلك إرشاد لكافة المؤمنين على أتباع دعاء الأنبياء وأن الله تعالى لا يخيب أبدًا من بالرجاء ناداه.

التعجيل في استجابة الدعاء

يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المداومة على الدعاء والإلحاح فيه دون القنوط من الاستجابة، لعل في تأخير الاستجابة رحمة من الله تعالى به يعلمها الله وحده في على الغيب.
فعن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، فيَقولُ: قدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي” (صحيح البخاري 6340).

فالملازمة للدعاء والطلب من الله تعالى فيه عظيم الاستسلام لله تعالى والانقياد له، بينما قول العبد (لم يستجب الله تعالى لي) فيه من سوء الأدب وكأنه يمن على الله تعالى بدعائه، وأن العبد يرى في نفسه أنه أتى من حسن الدعاء ما يستحق الاستجابة.

في حديث آخر رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“لا يزالُ يُستجابُ للعبدِ ما لَمْ يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ ما لَمْ يستعجِلْ” قيل: يا رسولَ اللهِ كيفَ يستعجِلُ؟ قال: “يقولُ قد دعَوْتُ فلَمْ يُستجَبْ لي فينحسِرُ عندَ ذلكَ فيترُكُ الدُّعاءَ” (صحيح ابن حبان 881).

في هذا الحديث نفس معنى الحديث السابق، ويزيد عليه التحذير من الدعاء بالإثم (الشيء المحرم) أو الدعاء بالقطيعة (أن يطلب العبد من الله تعالى أن يبعد بينه وبين أقاربه وذوي أرحامه).

يحذرنا أيضًا من ضعف النفس والسخط؛ لأن ذلك يؤدي بالعبد إلى ترك الدعاء كليتًا وفي ذلك خسارة العبد أشد خسارة.

إجابة الدعاء تتوقف على مشيئة الله تعالى لما له من علم الغيب وهو المقدر الرحيم، قال في محكم التنزيل: “بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ” (الأنعام 41).

قد بين لنا رسول الله تعالى أن إجابة الدعاء تكون على ثلاثة دروب هي:

  • أن يعجل الله تعالى الاستجابة للعبد في الدنيا، ويجيب الله ما أراد العبد.
  • أن دخر الله تعالى للعبد الثواب في المستقبل.
  • أن يكف الله تعالى عن العبد سوء في الدنيا بمثل ما دعا، وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يردُّ القضاءَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ” (الجامع الصغير للسيوطي 9950).

حكم الثناء على الله تعالى بعبارة بيده الخير والشر

كما أوضحنا سابقًا أن أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به على نفسه في القرآن الكريم أو في الحديث القدسي أو كان قد قاله أعلم عباد الله بربه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.

كما أن الله تعالى لم يثن على نفسه بأن بيده الشر، فقال في سورة آل عمران:
“قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)”.

بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه لله والثناء عليه قد نفى أن يكون الشر لله، في حديث طويل رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي قال فيه: “… لبيكَ وسعديكَ والخير كلّه في يديكَ والشَرّ ليسَ إليكَ أنا بكَ وإليكَ تباركتْ وتعاليتَ أستغفرك وأتوبُ إليكِ…” (مسند أحمد 134/2).

بذلك تبين للفقهاء أنه من الأولى الثناء على الله تعالى مقتصرين بما أثنى به على نفسه فنقول بيك الخير كله ونقصر على ذلك القول.

يمكنك الاضطلاع أيضًا على: الدعاء في الثلث الأخير من الليل مستجاب وما هو فضل الدعاء والتضرع لله؟

صيغة دعاء الحمد والثناء على الله من الحديث الشريف

ورد في أكثر من حديث شريف صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه دعاء الحمد والثناء على الله نذكر منها:

  • عن عبد الله بن عباس أنه قال: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا قامَ منَ اللَّيلِ يتَهجَّدُ ، قالَ : اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ نورُ السَّماواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ قيَّامُ السَّماواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ ملِكُ السَّماواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ حقٌّ ووعدُكَ حقٌّ والجنَّةُ حقٌّ والنَّارُ حقٌّ والسَّاعةُ حقٌّ والنَّبيُّونَ حقٌّ ومحمَّدٌ حقٌّ لَكَ أسلمتُ وعليْكَ توَكَّلتُ وبِكَ آمنتُ ثمَّ ذَكرَ قتيبةُ كلمةً معناها وبِكَ خاصَمتُ وإليْكَ حاكمتُ اغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أعلَنتُ أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ” (صحيح النسائي 1618).
    في هذا الحديث يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء من جوامع الأدعية، فكان يدعوا به الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، ويبين لنا أن الثناء على الله مطلوب في كل وقت حين.
  • عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أتت فاطمةُ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ تسألُهُ خادمًا فقالَ لَها: ما عندي ما أعطيكِ. فرجَعت فأتاها بعدَ ذلِكَ فقالَ: الَّذي سألتِ أحبُّ إليكِ أو ما هوَ خيرٌ منهُ؟ فقالَ لَها عليٌّ: قولي لَا بل ما هوَ خيرٌ منهُ فقالَت: فقالَ: قولي: اللَّهمَّ ربَّ السَّماواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ مُنْزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ العظيمِ أنتَ الأوَّلُ فليسَ قبلَكَ شيءٌ وأنتَ الآخرُ فليسَ بعدَكَ شيءٌ وأنتَ الظَّاهرُ فليسَ فوقَكَ شيءٌ وأنتَ الباطنُ فليسَ دونَكَ شيءٌ اقضِ عنَّا الدَّينَ وأغنِنا منَ الفقرِ” ( صحيح ابن ماجة 3104).

في هذا الحديث الكريم يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم صيغة من أجمل صيغ التوسل إلى الله والثناء عليه في خشوع وتذلل، وورد في حديث آخر نفس الصيغة أنها تقال في الدعاء قبل النوم عن السيدة عائشة أم المؤمنين (إتحاف الخيرة المهرة 6/406).

صيغة أخرى من دعاء الحمد والثناء على الله من الحديث الشريف

  • عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال إذا أوى إلى فراشِه: الحمدُ لله الذي كفَاني وآواني. الحمدُ لله الذي أطعمَني وسقاني. الحمدُ لله الذي منَّ عليَّ وأفضلَ، اللهمَّ! إني أسألُك بعزَّتِك أن تُنَجِّيَني من النارِ؛ فقد حمِدَ اللهَ بجميعِ محامدِ الخَلْقِ كلِّهم” (شعب الإيمان للبيهقي 4382).
    في هذا الحديث الشريف يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم صيغة من صيغ الدعاء والثناء على الله يقولها العبد عند استعداده للنوم.

بذلك نكون قد نقلنا لكم ما قاله الفقهاء في دعاء الحمد والثناء على الله، الصيغة التي دعا بها الأنبياء، وبعض صيغ الثناء على الله تعالى التي وردت في السُنة الشريف، ولا مهما اجتهدنا لن نحصي ثناء على الله كما أثنى هو على نفسه، فالحمد والشكر كله له حشاه أن يرد قبًا باليقين ناده، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخير العالمين وشفيعنا يوم الدين.

قد يعجبك أيضًا