هل خروج الريح يبطل الوضوء

هل خروج الريح يبطل الوضوء؟ وهل ينقض الريح طهارة المصلي؟ فتلك من الضوابط الدينية الحاكمة لأداء الفرائض، ولا يجب أن تكون هينة عند البعض، لذلك في السطور القادمة من خلال موقع زيادة سنعرض لكم إجابة سؤال هل خروج الريح يبطل الوضوء، وفق ما جاء في أقوال العلماء، وشرح الحكمة من القاعدة الفقهية وراء هذا السؤال.

هل خروج الريح يبطل الوضوء

إن الدين الإسلامي يحث على الطهارة والنظافة، وشتان الفارق بينهما، فالنظافة هي نظافة البدن، وإزالة ما فيه من الأوساخ، مثل غسل اليدين بعد الطعام، والاستحمام، أما الطهارة فهي أشمل حيث إنها نظافة الروح، وتهيئته للعبادات.

بشكل أكثر بساطة، الطهارة هي إزالة كل ما يمنع الصلاة من الجسد من حدث مثل البول أو الغائط أو نجس مثل الجنابة، ومن أمثلة الطهارة الاغتسال والوضوء، وقيام المسلم لصلاته يلزم أمرين الأول أن يكون المسلم نظيفًا متطيبًا لأنه سيقف بين يدي الله.

الأمر الثاني أن يكون طاهرًا من كل حدث أو نجس، والشاهد هو قول الله تعالى في الآية السادسة من سورة المائدة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا”.

فمن ضمن الأسئلة التي يتعرض لها المسلم ليتأكد بها من صحة طهارته وصلاته هو سؤال هل خروج الريح يبطل الوضوء، وأجابت العديد من الجهات عن هذا السؤال منها دار الإفتاء المصرية.

جاء الرد من دار الإفتاء المصرية على لسان أمين الفتوى الشيخ محمود شلبي قال إن كثرة خروج الريح أثناء الصلاة لسبب مرضي لا تفسد الوضوء والصلاة إن توضأ مرة واحدة.

فإن فعلها كفته ولا يضره بعد ذلك ما خرج منه، وقال إن هذا في حالة من يخرج الريح لسبب مرضي مثل مريض سلس البول، لكن إن لم يكن إخراج الريح بسبب مرضي فالصلاة باطلة وعليه إعادتها.

حتى وإن كان في الركعة الأخير من الصلاة وهذا قول الشيخ عبد الحميد الأطرش أمين الفتوى السابق بالأزهر الشريف.

اقرأ أيضًا: هل خروج الريح يبطل الوضوء

نواقض الوضوء عند المالكية والشافعية والحنفية

شرح الأئمة الأربعة نواقض الوضوء في مذاهبهم، وجاء سؤال هل خروج الريح يبطل الوضوء في إجابات بعض شروحات كتب الفقه، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم هذه الأقوال.

الريح ينقض الوضوء عند الشافعية

جاء في كتاب “فقه العبادات على المذهب الشافعي” للحاجة درية العيطة -رحمها الله- أن من نواقض الوضوء ما يخرج من السبيلين يكون معتادًا أو غير معتاد، ريحًا أو مرئيًا رؤي العين، أو جرحٍ أو دم باسور.

كلها مما ينقض الوضوء، والريح تنقض الوضوء مما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله وأخرجه البخاري صحيحًا برقم 135 “لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ قالَ رَجُلٌ مِن حَضْرَمَوْتَ: ما الحَدَثُ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قالَ: فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ“.

اقرأ أيضًا: ما حكم مسك الريح في الصلاة

الريح ينقض الوضوء عند الملكية

جاء في إجماع من جمهور علماء المذهب المالكي أن خروج الريح ونقضه للوضوء يكون متعلقًا بسبب، فإن كان خروج الريح بسبب عذر مرضي أو ما شابه، فعلى صاحب العذر أن يتوضأ مرة واحدة ويصلي به أكثر من فرض دون أن يأتيه عذر آخر.

الحنفية وقولهم في نواقض الوضوء

عُرض في كتاب “فقه العبادات على المذهب الحنفي” نواقض الوضوء، وقال إنه كل دمٍ أو قيح سائل يقتضي أن الوضوء واجب لأن الدم مما ينجس الإنسان، كما أن كل ما يخرج من السبيلين في نقض للوضوء، مهما اختلفت ماهيته، فالعلة بما يخرج من الإنسان.

أقوال السلف في خروج الريح عند الصلاة

علماء السلف الصالح تعرضوا لسؤال هل خروج الريح يبطل الوضوء، وعرضوا إجابته في كتب إفتائهم، وفي تلك السطور سنوضح لكم ما جاء في هذه الكتب.

قال الإمام النووي في هذه المسألة إن المسلم إن سمع في صلاته صوتًا أو أخرج ريحًا، وهو متيقنٌ منها وغض النظر عن السماع أو الشم فعليه إعادة الوضوء، وإن كان في الصلاة فليعد صلاته.

أما شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قال في الصفحة رقم 221 في المجلد الحادي والعشرين من كتابه “مجموع الفتاوى”، إن المسلم إن لم يستطع حفظ طهارته مقدار الصلاة، فإنه يتوضأ ويصلي ولا يشغله ما حدث في الصلاة.

كما قال في الصفحة ذاتها إن كان خروج الريح متعلق بعلة، فإن حكمه في الصلاة حكم الأعذار، وما يخرج منه في الصلاة لا ينقض الوضوء.

ابن القيم الجوزي عرض في الصفحتين 107،108 من المجلد الثاني من كتابه “إعلام الموقعين” إجابة هذه المسألة فقال إن الريح الخارجة من دُبر الإنسان واجب الوضوء بعدها وإعادته، فهي من نواقض الوضوء.

كما أضاف ابن القيم أن هذا من عظمة الإسلام وحرصه أن يكون المسلم دائم الطهارة والنظافة، فالفرق في محل خروج الريح، فالسبيلين ليسا بمكان طهارة، فعلى الرغم من أن التجشوء يكون ريحًا إلا أنه يخرج من أعلى البطن، ومن مكان لا نجس فيه.

اقرأ أيضًا: ما هي مبطلات الوضوء

جواب علماء العصر الحديث في نواقض الوضوء

في هذه الفقرة سنعرض لكم إجابة العديد من القامات العلمية في العالم الإسلامي لسؤال هل خروج الريح يبطل الوضوء؟ مثل ابن عثيمين وابن باز، وبعض من الأئمة المعاصرين.

قال ابن باز في خروج الريح أثناء الصلاة أنه يلزم إعادة الصلاة، بل يلزمه الخروج من الصلاة ليعد وضوءه ثم يعيد صلاته، لكن إن كان الحدث دائم فيجب الوضوء وصلاة الفرض دون النظر إلى ما يخرج في الصلاة.

ابن عثيمين قال أيضًا في الريح التي تخرج من الدبر إنها من نواقض الوضوء، واستدل بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة وأخرج مسلم في صحيحه برقم 362.

إذا وجَدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِهِ شيئًا، فأشْكَلَ عليه أخَرَجَ منه شيءٌ أمْ لا، فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حتَّى يَسْمع صَوْتًا، أوْ يَجِدَ رِيحًا“.

الشيخ مصطفى العدوي في إحدى حلقات برنامجه فتاوى الخليجية يقول إن خروج الريح يوجب الوضوء الصحيح، الذي يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، وأن القول الذي يحث على الاستنجاء من الريح لا أصل له.

أما الشيخ عبد العزيز الفوزان قال إن هذه المسألة فيها أمرين، أما الأمر الأول هو الوسواس أو الشك، فإن كان كذلك فلا يترك صلاته إلا إذا سمع صوتًا أو وجد ريحًا واستشهد الشيخ بالحديث الذي رواه أبو هريرة في صحيح مسلم برقم 362.

أما الأمر الثاني هو كون هذا الريح حقيقة، وأمره متيقن منه، وخرج منه رغم أنفه، وحكمه مثل سلس البول، أو استطلاق الريح، قال إن المشقة تجب التيسير، فعليه بالوضوء حتى إن أحدث عند الوضوء ولا ينصرف عن الوضوء وإن أحدث في صلاته فلا يعيد صلاته.

إن الإسلام دين يسر لا عسر، فجاءت القواعد الشرعية مراعية لكل مبتلٍ ابتلاه الله بعلة أو بالوسواس، لذلك على المسلم أن يتيقن من نفسه إن أحدث.

قد يعجبك أيضًا