هل الكلام الجنسي يبطل الصيام

هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟ وما هي أقوال الفقهاء والعلماء في ذلك؟ هو سؤال ذوي النفوس الضعيفة، فالإنسان الذي لا يستطيع أن يتحكم في شهوته حتى في نهار يوم الصيام الذي يكون فيه الطعام والشراب اللذان هم من أساسيات الحياة ممنوعين.

لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم إجابة سؤال هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟ وما هي كفارة من قام بهذا الفعل في نهار رمضان؟ وما حد الإسلام.

هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟

الكلام في اللغة العربية هو ما ينطق به اللسان من عبارات مترابطة ببعضها البعض في سياق محدد، إن كان دون سياق محدد أو كان بكلام غير مفهوم فهو هذي، والهذي لا يكون إلا ممن خف عقله بالمرض أو بالمسكرات.

الكلام قد يكون هو المسبب لدخول أحدهم الجنة، أو قد يكون هو الملقي للإنسان في قرار جهنم كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي ورد في صحيح الترمذي، وحدثه الشيخ ناصر الدين الألباني.

لحديث رواه الصحابي الجليل معاذ بن جبل “إنَّما يكبُّ النَّاسَ على مناخِرِهم في جَهَنَّمَ حصائدُ ألسنَتِهم” وفي رواية “هَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم“.

الشاهد من الحديث هو اختيار مواضع الكلام ومواقيتها، ومن ضمن الأوقات التي يجب الحذر بصورة أكبر من الأيام العادية، وتعرض بعض الفقهاء إلى سؤال هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟ وكانت الإجابة على وجهين.

  • الوجه الأول هو الكلام دون أن يحدث إنزال في هذه الحالة الصيام صحيح ولا يعاد اليوم، لكن أجر الصائم منتقص، فمن مكروهات الصيام الكلام في الجنس، مثله مثل الكذب والافتراء وقول الزور.
  • أما الوجه الثاني إن تسبب الكلام في حدوث إنزال، وفيها أيضًا وجهين، فإن كان ما نزل مذيًا فالصيام مكتمل ولا تعويض لهذا اليوم فيه.

أما إن كان ما نزل هو المني فصيام اليوم يعاد، فالمني مما يخرج من إحدى سبيلي الإنسان ويتسبب في دنسه.

لم يرد في السنة النبوية الشريفة إجابة عن مسألة الكلام الجنسي والصيام بسورة صريحة لكنها وردت في بعض أقوال الفقهاء الأربعة بالصورة الصريحة.

اقرأ أيضًا: هل الكلام الجنسي دليل على الحب

إجابة هل الكلام الغير لائق يبطل الصيام من السُنة

كما ذكرنا في السطور السابقة فإن السُنة لم تورد إجابة سؤال “هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟” بصورة صحيحة، لكن جاءت في بعض الأحاديث التي دلت بصورة غير مباشرة على إجابة هذا السؤال، وهو ما سنورده في سطور هذه الفقرة.

الحديث رواه الصحابي الجليل أبو هريرة “إنَّ الصِّيامَ ليس مِن الأكلِ والشُّربِ فقطْ إنَّما الصِّيامُ مِن اللَّغوِ والرَّفثِ فإنْ سابَّك أحدٌ أو جهِل عليك فقُلْ إنِّي صائمٌ“، وذكره المحدث شعيب بن محرم الأرناؤوطي ضعيفًا في مسند الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان.

الشاهد من هذا الحديث أن الصيام ليس عن الطعام أو الشراب فقط أو عما يدخل الجسد، بل الصيام يكون أيضًا عن الأشياء التي توقع الإنسان في الموبقات أو الكبائر، ومنها الكذب، الحديث بالكلام الجنسي حتى إن كان بين الزوج وزوجته، فإن كان الجماع محرم في نهار الصيام، فإن الكلام على الشكل ذاته.

كما ورد حديثٌ آخر من أحاديث رسول الله يوضح أن الصيام يقي الإنسان من المحظورات ولا يجب على الإنسان أن يطأ بقدمه هذه الأفعال.

الشاهد هو ما رواه عثمان بن أبي العاص الثقفي عن رسول الله “الصَّومُ جُنَّةٌ من عذابِ اللَّهِ“، الحديث صحيح في الجامع الصغير للسيوطي.

قول من أقوال الفقهاء الأربعة في هذه المسألة

تعرض علماء المذاهب الحنفية، والحنابلة، والشافعية إلى إجابة سؤال هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟ ولم يلجأ إليه علماء المذهب المالكي، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم إجابة سؤال الكلام في الجنس أثناء الصيام، حسب حواشي المذاهب الفقهية السابقة.

فقه العبادات على المذهب الحنفي

ألف هذا الكتاب الحاجة الفقيرة إلى الله نجاح الحلبي، الحاصلة على الإجازة في الفقه الحنفي، وتعرضت إلى هذه المسألة إلى حالتين الجماع بصورة مباشرة، وإن لم ينزل فالصيام باطل، وعليه بالكفارة التي حددتها الشريعة الإسلامية في القرآن الكريم والسُنة.

أما من تحدث دون أن ينزل فصيامه منتقص الأجر، وإن أنزل فعلى وجهين إن كان منيًا فعليه بإعادة صيام اليوم في غير رمضان، وإن كان مذيًا فالصيام منتقص الأجر واليوم مكتمل.

اقرأ أيضًا” هل خروج المذي يبطل الصيام

الحاوي الكبير في الفقه الشافعي

من أشهر كتب الفقه الشافعي، ألفه أبو الحسن علي بن محمد البغدادي، وشهرته الماوردي، وذكر في حاشيته أن الصائم يجب أنم يكون لسانه مصانًا عن كل الموبقات ومنها الكذب والحديث الذي لا حياء فيه، حتى وإن كان بين المرء وزوجه.

ففي هذه الحالة يكون الصيام منتقصًا منه الأجر على الرغم من أن الصيام في الشكل العيني كامل، وهو الوقت لكن الأجر منتقص.

كشاف القناع عن متن الإقناع في الفقه الحنبلي

ألف هذا الكتاب العلامة الفقيه الشيخ ابن إدريس البهوتي، وقال إن تكرار النظر والاستنماء يتسبب في الإفطار، لكن إن لم يتكرر النظر فإنه لا يفطر لكنه ينتقص من أجر الصيام.

قول علماء أهل السلف في هذه المسألة

السلف الصالح هم المشايخ الذي تتلمذوا في مدارس التابعين، أو من عاصر منهم أحد الأئمة الفقهاء الأربعة، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم قول علماء أهل السلف في الكلام الفاحش وعلاقته بالصائم.

قال شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي إن نظر الرجل إلى فرْج زوجته فأنزل من سبيله فإن صيامه تامٌ ظاهري، أي تام من حيث تمام يوم الصيام ولا عليه إثم أو ذنب في العودة إلى تعويض اليوم في غير رمضان.

لكن صيامه قد انتقص أجره فإنه لم يمسها، وحكم الإسلام في إبطال الصيام هو أن يُجامع الرجل زوجته، أما الشيخ يحيى بن شرف النووي فذكر أن النظر إلى المرأة والتلذذ بها في الصيام لا يفسد الصيام بالشكل الظاهري، إنما يجعل الصيام بأجر منتقص.

أما بعض العلم قد قالوا إن تكرار النظر إلى المحرمات من النساء في وقت الصيام فإنه يفطر الصائم إن أنزل، وإن كان الحديث بين زوج وزوجته وأحدهما في الغربة، وبعيد عن الآخر وحدث بينهما مكالمة فيها من الكلام الفاحش فإنه يكون على شكلين:

  • الإنزال، فإن حدث فالصيام باطل ولا يختلف فيها المني من المذي.
  • أما إن لم يحدث إنزال فالصيام منتقص الأجر، وعليه بالاستغفار على فعلته.

اقرأ أيضًا: هل الكذب يبطل الصيام

قول العلماء المعاصرين عن هذه الإشكالية

في السطور السابقة من هذا الموضوع عرضنا عليكم إجابة سؤال هل الكلام الجنسي يبطل الصيام من وجهة نظر علماء السلف الصالح، وفي هذه الفقرة سنوضح لكم من آراء العلماء المعاصرين في هذه المسألة.

يقول بعض المشايخ إن الإنسان يبتعد عما يتعلق بالمثيرات في وقت صومه، فينبغي عليه الابتعاد عن أسباب المثيرات، وممن تتطرقوا إلى هذه المسألة الشيخ خالد المصلح، وتحدث عن تهاون الناس بإطلاق السمع وإطلاق البصر وإطلاق اللسان.

فقال إن هذا من عمل الشيطان سواء أكان من شياطين الإنس أو الجن، وهذا الأمر لا يبطل الصيام، وصيامه منتقص الأجر، وإن كان هذا الأمر خارج عن إرادة المسلم مثل الرؤية في الشوارع ومحاولته لغض بصره وسمعه، والتقليل من الكلام في هذه المسائل فلا حرج، لكن إن طلب فإن أجره منتقص.

أما تفكير الصائم بالجماع أثناء الصيام وانتقاله من التفكير إلى الحديث فإن عليه الإثم، والذي ربط بين هذه المسألة الشيخ عبد الله بن ناصر السلمي وهي من مكروهات الصائم لأن هذه الأمور تحتاج إلى الصدق بينه وبين الله سبحانه وتعالى.

كما تطرق الشيخ إلى أن الصيام أساسيه التقوى، والتقوى هي خوف من الله سبحانه وتعالى كما جاء في الآية مائة وثالثة وثمانين من سورة البقرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

سبب وكفارة إبطال الكلام الفاحش للصيام

قد عرضنا لكم كل الإجابات عن سؤال هل الكلام الجنسي يبطل الصيام؟ لكن لماذا الكلام الفاحش من مكروهات الصيام وإن كان حتى بين المرء وزوجه، ولماذا ينتقص من أجر الصائم؟ وما هي كفارة هذه الفعلة.

إن هذا النوع من الكلام بين الرجل وزوجته في الأوقات التي حددها الله عز وجل لهما لا شيء فيه، إلا في أوقات الصيام فكما ذكرنا حديث رسول الله فيما معناه أن الصوم جُنة، فبعض العلماء عدوا هذه الفعلة من الجماع.

فالجماع محرم في وقت الصيام وفق ما جاء في قول الله تعالى بالآية السابعة والثمانين بعد المائة من سورة البقرة (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ).

أما عن انتقاصها من أجر الصيام فهو لأن الله عز وجل وحده من يجازي الصائم في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري في صحيحه (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).

كفارة هذه الفعلة حسب أغلب أقوال العلماء لا كفارة لها إلا في حالة الإنزال، فإن كان فعليه بقضاء اليوم في غير رمضان، أو إطعام ستين مسكينًا، أو صيام شهرين متتابعين.

وطء الرجل لزوجته في نهار الصيام من المحظورات عليه، سواء أكان حقيقيًا أو كان بالحديث والحوار، وعلى المسلم أن يراعي حُرمة الوقت الذي شرعه الله للعبادة.

قد يعجبك أيضًا