هل الميت يحس باولاده

هل الميت يحس باولاده؟ وبم يشعر في قبره؟ تراود تلك الأمور خاصة من فارقوا إحدى والديهم لأنهما رمز الدفء والعطاء، وأحيانًا ما يشعر الأولاد أن الميت حولهم ويشعر بهم فتتوارد العديد من الأفكار حول طبيعة حياته بعد الوفاة وهل يشعر بآلام أولاده بسبب فراقه، لذا من خلال موقع زيادة يمكن التعرف إلى كافة التفاصيل عن حياة الميت بعد الوفاة وإن كان يشعر بأولاده أم لا.

هل الميت يحس باولاده

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: العبد إذا وضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم”، ربما تتساءل لم كانت الضرورة في تواجد أبناء الميت وذويه بالدعاء له عند موته.

يؤكد العديد من العلماء وفقًا للأدلة من السنة والقرآن الكريم أن الميت لا يشعر بالأشياء التي تحدث من حوله، لكن عندما ينزل إلى القبر تعود له روحه مرة أخرى ويشعر بلحظة السؤال وما يليها، لذا يمكن الإجابة عن سؤال هل الميت يحس باولاده؟ بأن الميت يشعر بما حوله بعدها ويشعر بأولاده وبأحوالهم.

حيث ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ألقى خطاب لقتلى غزوة بدر من المشركين:

(أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ترك قتلى بدرٍ ثلاثًا، ثمّ أتاهم فقام عليهم فناداهم، فقال: يا أبا جهلِ بنَ هشامٍ! يا أميّةَ بنَ خلفٍ! يا عتبةَ بنَ ربيعةَ! يا شيبةَ بنَ ربيعةَ! أليس قد وجدتم ما وعد ربُّكم حقًّا؟ فإنّي قد وجدتُ ما وعدني ربي حقّاً، فسَمِع عُمَرُ قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ: كيف يسمعوا وأنّى يُجيبوا وقد جِيفوا؟ قال: والذي نفسي بيدِه ما أنتم بأسمعَ لِما أقول منهم، ولكنّهم لا يقدرون أن يُجيبوا، ثمّ أمر بهم فسُحِبوا، فأُلقوا في قليبِ بدرٍ).

حين التأمل في ذلك الحديث الصحيح يمكن التأكد من إجابة سؤال هل الميت يحس باولاده؟ حيث أكد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث على ذلك من خلال قوله لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-:

(ما أنتم بأسمعَ لِما أقول منهم).

كما أكد العديد من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- جميعًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر قومه بإلقاء السلام على القبور عند المرور بها وذلك يشير إلى أن الأموات يسمعون كلام الأحياء، وإن لم يكن كذلك ما كان -صلى الله عليه وسلم- أمر قومه بذلك.

لكن للإلمام بالإجابة الوافية نذكر رأي فئة مختلفة من العلماء يجيبون بالنفي عن سؤال هل الميت يحس باولاده؟ وذلك لأن السيدة عائشة -رضي الله عنها- كانت تؤمن بذلك وكانت تظن أن سماع موتى قريش في غزوة بدر كان معجزة إلهية خاصة بسيدنا محمد فقط، وذلك بسبب ما ورد في القرآن الكريم لقول الله تعالى:

(وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ).

كما جاء في قول الله تعالى:

(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)

أما بالنسبة لقول -صلى الله عليه وسلم-:

(يسمع خَفق نِعالهم حين يولّون عنه)

هو خاص بأول لحظة في القبر عندما تعود الروح إلى الميت ليسأله الملكين وذلك لا يستمر إلا قليلًا.

اقرأ أيضًا: هل الميت يحس بزوجته

شعور الميت في القبر

ثبت في عدة مواطن من السنة النبوية والقرآن الكريم أن الميت يتنقل بين مراحل مختلفة يشعر فيها بالعذاب والنعيم وذلك يعتمد على الأعمال الصالحة التي كان يقدمها على مدار حياته، فإن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرى النعيم الذي يعيش فيه في الحياة الآخرة ويكون مكانه ومستقره.

أما إن كان يقوم بالمعاصي ويفعل الفواحش ولا يطيع الله -عز وجل- ويقوم بالأمور التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي فيرى أنواع العذاب المختلفة، وتوجد العديد من الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية التي تؤكد على طبيعة حياة الميت وهي تتضمن الآتي:

  • يأتي ملكان للميت أول ما يغطي التراب وجهه ويجعلونه يستعد للحساب ويسألونه عن الله وعن الدين الذي يتبعه وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبم يؤمن؟ فالمؤمن الحق يجيب بثقة وإيمان أما الكافر فلا يتمكن من الإجابة لأنه لم يستعد بالأعمال لذلك اليوم، وبناءً على إجابات العبد يُطلعه الملكين على مكانه في الآخرة.
  • المؤمن الحق عندما يموت ويدخله أهله إلى قبره، يتمسك بدينه حتى يأتيه الملائكة وتسأله عن عقيدته، فقال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
  • يبدأ عذاب القبر للكافر أو المنافق الذي يتمسك بالحياة الدنيا والذي لم يستعد إلى ذلك اليوم أبدًا، ويعد ذلك تمهيد لعقاب الله له في الآخرة، ومنهم من يتعذب بقدر ذنوبه وعندما تنفذ ذنوبه ينف عذابه، لكن المؤمن الحق يكون قبرة روضة من رياض الجنة.

اقرأ أيضًا: هل الميت يحس عند الغسل أو يسمع؟

حياة البرزخ

في إطار الإجابة على سؤال هل الميت يحس باولاده أم لا نذكر أن من الأشياء التي تبقى في علم الغيب ولا يمكن لأحد الوصول إلى طبيعتها هي حياة البرزخ، لكن يجتهد البعض في توقع أحداثها وما يجري فيها استنادًا إلى الأحاديث النبوية التي رواها الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- جميعًا وقاموا بنقلها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والآيات الكريمة في كتاب الله تعالى.

فالبرزخ هو المرحلة التي تفصل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة وهو الفاصل بين حياة الناس والأشخاص الميتين الذين لا يتمكنون من العودة إلى الحياة الدنيا أو الانتقال إلى الحياة الآخرة.. فأول ليلة في قبر الميت هي أول ليلة في البرزخ فهي التي يشهد فيها العديد من الظواهر.

فيأتي الملكين لحسابه وسؤاله عما كان يعمل من الأعمال الصالحة في الحياة الدنيا، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك:

(إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).

لكن الكافر فهو لا يعرف بماذا يجيب لكنه لم يتمكن من التفوه بالكذب وفي الحديث:

(.. وإن كانَ منافقًا قالَ سمعتُ النَّاسَ يقولونَ فقلتُ مثلَهُ لا أدري فيقولانِ قد كنَّا نعلمُ أنَّكَ تقولُ ذلِكَ فيقالُ للأرضِ التئِمي عليْهِ فتَلتَئمُ عليْهِ فتختلفُ أضلاعُهُ فلا يزالُ فيها معذَّبًا حتَّى يبعثَهُ اللَّهُ من مَضجعِهِ ذلِكَ).

كما يتعرض الميت في أول ليلة له في البرزخ إلى فتنة القبر حيث لا يصطفي الله منها إلا من مات في سبيل الله وهو يدافع عن حرماته والشهيد والأنبياء والرسل، كما اختلف العلماء في أن الملكين منكر ونكير يسألون الشخص غير المكلف وهو الطفل الصغير وغير العاقل.

حيث قال العديد من العلماء أن النعيم الذي يشعر به الميت أو العذاب الذي يتعرض له لا يشعر به الجسد، فالجسد فان لكن الروح الباقية هي التي تشعر بالعقاب أو النعيم، حيث وعد الله المؤمنين في الآية الكريمة:

(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

كذلك نستند إلى الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(أنَّهُ مَرَّ بقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا بنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ واحِدَةً، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ فَقَالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا)..

اقرأ أيضًا: كيفية الصلاة على الميت في المقبرة

شعور الميت بأولاده من الغيبيات وإن شعر أولاد الميت بالقلق حيال ما يحدث لهم فيمكنهم إخراج الصدقات والدعاء لهم فيتجاوز الله عنهم ويلهمهم الصبر والسلوان.

قد يعجبك أيضًا