شرح نص يا من لقلب متيم

شرح نص يا من لقلب متيم للشاعر عمر بن أبي ربيعة، حيث تعد هذه القصيدة من القصائد القصيرة، والهدف من هذه القصيدة هو تغزل الشاعر بمحبوبته واستحضار مغامرته معها، وقد اشتهر بأن غزل هذا الشاعر بالغزل الإباحي، ومن خلال موقع زيادة سنتعرف على شرح نص يا من لقلب متيم من خلال الاطلاع على السطور التالية.

شرح نص يا من لقلب متيم

هذا النص كتبه الشاعر “عمر بن أبي ربيعة” واسمه بالكامل هو عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي ويكنى بأبي الخطاب، ويعد من أرق شعراء عصره، سمي باسم عمر لأنه ولد بالليلة التي مات بها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- واشتهر شعره في التغزل بالنساء كنوع من أنواع الهجاء.

كما أنه كان يتعرض في شعره لنساء عمر بن عبد العزيز، الذي كان واليًا على مكة المكرمة في هذا الوقت، فنفاه إلى جزيرة “دهلك”.

لم يكن عمر بن أبي ربيعة يمدح الرجال، ولكن كان يمدح النساء فقط فلما سأله سليمان بن عبد الملك ما يمنعك من مدح الرجال، قال: أنا لا أمدح الرجال/ ولكن أمدح النساء، اتصل عمر بالمرأة اتصالًا شديدًا إلى أن أصبح شاعرًا للغزل دون منازع.

كما أنه كان يجعل نفسه في قصائده هو المعشوق وليس العاشق، وقصيدة في وصف الغروب من القصائد التي تغزل فيها الشاعر بمحبوبته غزلًا إباحيًا، وفيما يلي سنعرض لكم القصيدة في إطار موضوع قبل التطرق إلى شرح نص يا من لقلب متيم.

اقرأ أيضًا: شرح نص الصديق الشافع

نص قصيدة يا من لقلب متيم

غزل الشاعر عمر بن أبي ربيعة يتميز بأنه سرد لقصص ومغامرات يعيشها الشاعر مع من عشقته وهذه القصيدة دليل على ذلك، حيث يصف لنا فيها الشاعر محبوبته وأثرها في نفسه، وهذه القصيدة تحتوي على نوعًا من الغزل، وهو الغزل الإباحي، ونظمت القصيدة على بحر المنسرح وحرف الروي، هو حرف الراء.

حيث يصنع هذا الحرف الموسيقى في الشعر، واستكمالًا لموضوع شرح نص يا من لقلب متيم سنعرض لكم نص القصيدة بالشكل التالي:

“يا مَن لِقَلبٍ مُتَيَّمٍ كَلِفٍ *** يَهذي بِخَودٍ مَريضَةِ النَظَرِ

تَمشي الهُوَينا إِذا مَشَت فُضُلاً *** وَهيَ كَمِثلِ العُسلوجِ في الشَجَرِ

ما إِن طَمِعنا بِها وَلا طَمِعَت *** حَتّى اِلتَقَينا لَيلاً عَلى قَدَرِ

ما زالَ طَرفي يَحارُ إِذ نَظَرَت *** حَتّى رَأَيتُ النُقصانَ في بَصَري

أَبصَرتُها لَيلَةً وَنِسوَتِها *** يَمشينَ بَينَ المَقامِ وَالحَجَرِ

بيضاً حِساناً خَرائِداً قُطُفاً *** يَمشينَ هَوناً كَمِشيَةِ البَقَرِ

قَد فُزنَ بِالحُسنِ وَالجَمالِ مَعاً *** وَفُزنَ رِسلاً بِالدَلِّ وَالخَفَرِ

يُنصِتنَ يَوماً لَها إِذا نَطَقَت *** كَيما يُفَضِّلنَها عَلى البَشَرِ

قالَت لِتِربٍ لَها تُحَدِّثُها *** لَتُفسِدِنَّ الطَوافَ في عُمَرِ

قومي تَصَدَّي لَهُ لِيُبصِرَنا *** ثُمَّ اِغمُزيهِ يا أُختُ في خَفَرِ

قالَت لَها قَد غَمَزتُهُ فَأَبى *** ثُمَّ اِسبَطَرَّت تَسعى عَلى أَثَري

مَن يُسقَ بَعدَ المَنامِ ريقَتَها *** يُسقَ بِمِسكٍ وَبارِدٍ خَصِرِ

حَوراءُ مَمكورَةٌ مُحَبَّبَةٌ *** عَسراءُ لِلشَكلِ عِندَ مُجتَمَرِ

شرح أبيات قصيدة يا من لقلب متيم

تنقسم القصيدة إلى مقطعين المقطع الأول يحكي فيه الشاعر عن محبوبته وعن ملامحها، أما في المقطع الثاني يحكي الشاعر عمر بن أبي ربيعة عن حوار حبيبته مع أصدقائها، وفي إطار موضوع شرح نص يا من لقلب متيم، سنقسم لكم مقاطع القصيدة كالآتي:

المقطع الأول: وصف المحبوبة

افتتحت القصيدة بالنداء ويستغيث بالمساعدة لأنه قد أصبح متيم بحب محبوبته، أي أنه صار مغرمًا ولديه شغف لحبها، ثم وصل إلى مرحلة الهذيان من كثرة عشقه، ثم بعد ذلك يرسم الشاعر في مطلع القصيدة صورة حسية، حيث أخذ يوضح ملامح حبيبته.

ثم بدأ الشاعر عمر بن أبي ربيعة بوصفها وصفًا دقيقًا، وسنتعرف على ذلك فيما يلي من ضمن موضوع شرح نص يا من لقلب متيم.

“يَهذي بِخَودٍ مَريضَةِ النَظَرِ

تَمشي الهُوَينا إِذا مَشَت فُضُلاً

وَهيَ كَمِثلِ العُسلوجِ في الشَجَرِ

يصف الشاعر هنا محبوبته بأنها مريضة النظر أي ساحرة النظر، ووصف عينها أيضًا أنها مريضة حتى يستتر على جمال عينيها، ويوضح أنها شابة ناعمة بشكل إباحي، وذلك لأن الشاعر عمر بن أبي ربيعة وصل إلى مرحلة الهذيان بحبها.

انتقل بعد ذلك الشاعر عمر بن أبي ربيعة إلى وصف الحبيبة من الجهة الجسدية من حيث مشيها وأنها تمشي ببطء، وهو ينظر إلى جسدها وهي تمشي، ووصف مشية محبوبته أنها مثل العسلوج في الشجر، أي الغصن اللين في الشجرة الذي يتمايل يمينًا ويسارًا دون أن يكسر، مما يدل على مرونة جسدها.

“ما زالَ طَرفي يَحارُ إِذ نَظَرَت

حَتّى رَأَيتُ النُقصانَ في بَصَري”

يظهر في البيت أصل الغزل الإباحي، وهو التركيز على الجانب الجسدي للمرأة وليس الجانب الأخلاقي أو الروحي، ويكمل الشاعر تغزله في محبوبته ويوضح أن نظره كلما وقع عليها يدقق فيها ويرى ملامحها وتفاصيلها ويتأملها، ويعرض صورة إباحية ويوضح أن بصره قد ضعف بسبب شدة تركيزه، وتدقيقه في محبوبته.

اقرأ أيضًا: شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد (البُردة)

المقطع الثاني: حوار مع صاحباتها

في المقطع الثاني من القصيدة يروي الشاعر عمر بن أبي ربيعة حوارًا دار بين محبوبته وأصحابها، ويدل هذا على عدم خجله من سماع النساء يتحدثن، وسنعرض لكم فيما يلي المقطع الثاني في إطار موضوع شرح نص يا من لقلب متيم.

“حَتّى رَأَيتُ النُقصانَ في بَصَري

أَبصَرتُها لَيلَةً وَنِسوَتِها

رأى الشاعر عمر بن ربيعة حبيبته، ومعها أصدقائها ليلًا بعد العشاء بين المقام والحجر أي مقام إبراهيم -عليه السلام- والحجر الأسود، ويعني هذا أنه كان في مكة المكرمة، ونرى هنا تجرء عمر بن أبي ربيعة.

حيث وصف مكان له حرمته وقدسيته في شعره الإباحية، وهذا من المآخذ عليه ويدل ذلك على تحرر الشاعر عمر بن أبي ربيعة من القيود على القصيدة.

حيث يصف الشاعر بعد ذلك صفات أصدقاء حبيبته، بأنهن بيض اللون وحسناوات المظهر وناعمات مثل: محبوبته، وهنا انتقل الشاعر الإباحي عمر بن أبي ربيعة إلى مغازلة باقي النسوة، وهذا ما يتميز به الشاعر الإباحي أنه لا يكتفي بعشق امرأة واحدة ولكن يعشق النسوة جميعًا.

“يَمشينَ بَينَ المَقامِ وَالحَجَرِ

بيضاً حِساناً خَرائِداً قُطُفاً

يَمشينَ هَوناً كَمِشيَةِ البَقَرِ

بعد ذلك انتقل عمر بن أبي ربيعة لوصف مشية النسوة ويشبهها بمشية البقر والمقصود من مشية البقر هو مشية ألمها أي أنهم يمشون يتمايلون يمينًا ويسارًا بجمال ودلال، وهذا يعد وصفًا جسديًا للنسوة.

“قَد فُزنَ بِالحُسنِ وَالجَمالِ مَعًا

وَفُزنَ رِسلًا بِالدَلِّ وَالخَفَرِ

يعرض الشاعر بعد ذلك صورة تمثيلية لوجود مسابقة للفوز بالجمال والفوز بالحسن ويوضح فوز النسوة بالجمال والحسن معًا، وإضافة إلى ذلك فوزهن بالدلال والرقة فهن جميلات وبيض ويمشون بنضارة، وكل هذه الصور تدل على إباحية الشاعر لوصفه الصفات الجسدية فقط لحبيبته، وللنسوة أيضًا، وأنها أهم عنده من الصفات المعنوية والخلقية.

“يُنصِتنَ يَوماً لَها إِذا نَطَقَت

كَيما يُفَضِّلنَها عَلى البَشَرِ

يوضح الشاعر العلاقة الجيدة بين حبيبته وصديقاتها، حيث ينصتن إلى بعضهن ويتشاورن في أمورهن وبعدها ينتقل الشاعر إلى حوار بين محبوبته، وأحد صديقاتها دون خجل أو تستر عليهن؛ لأنه كان يسمع ما يقولونه.

“قالَت لِتِربٍ لَها تُحَدِّثُها

لَتُفسِدِنَّ الطَوافَ في عُمَرِ

قومي تَصَدَّي لَهُ لِيُبصِرَنا

ثُمَّ اِغمُزيهِ يا أُختُ في خَفَر”ِ

يقول الشاعر أن حبيبته تحدثت مع ترب لها أي صديقة في مثل عمرها، وتقول لها لنفسدن الطواف في عمر وتقول لصديقتها أن توقفه عن طوافه وتغمز له بعينها، حتى يتقرب منها أو تقوم بأي حركة من حركات الدلال لجذبه.

هذا البيت يدل على مدى تحرر المرأة واستهتارها بالأماكن الدينية، وفي ذلك البيت نجد تجرؤ عمر بن أبي ربيعة، حيث بينما هم يطوفون بمكان مقدس وجب أن يكون التفكير منصب على عبادة الله تعالى، ويعد ذلك استهتارً بالجانب الديني.

“قالَت لَها قَد غَمَزتُهُ فَأَبى

ثُمَّ اِسبَطَرَّت تَسعى عَلى أَثَري”

يوضح الشاعر في هذه الأبيات رد الصديقة على محبوبته أنها قالت لها لقد تدللت له، ولكنه تجاهلها بعدها يوضح عمر بن أبي ربيعة لهفة محبوبته ولهفة النساء عليه أنهن ظللن يركض للحاق به، وهذا ما تميز به شعر عمر بن أبي ربيعة أن النساء يعشقونه ويلحقون به أينما ذهب.

اقرأ أيضًا: شرح نص المرأة اليابانية

يوجد نوعين من أنواع الغزل ومنها غزل عفيف وغزل صريح، وشعر عمر بن أبي ربيعة يعد من الغزل الصريح، لأنه كان يصف محبوبته وصفًا دقيقًا، ولكن يعاب عليه استهتاره بالدين والأماكن المقدسة.

قد يعجبك أيضًا