شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي

شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي مبسط، القصيدة للشاعر أبو القاسم الشابي وهو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي، ولد في قرية الشابية في إحدى ضواحي تونس، قبل وفاته بعام قام بكتابة قصيدته إرادة الحياة التي أصبحت جزء من النشيد الوطني التونسي، ومن خلال موقع زيادة سنتعرف على شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي.

شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي

تعد قصيدة إرادة الحياة من أهم قصائد أبي القاسم الشابي فهي تظل خالدة حتى يومنا هذا وسميت أيضًا بقصيدة إذا الشعب يومًا أراد الحياة نسبة إلى مطلع القصيدة، ويوجه أبو القاسم الشابي في قصيدته رسالة إلى الشعب التونسي خصيصًا وإلى الشعوب عامة.

يأتي محتوى قصيدته بالحديث عن إرادة الشعوب في تغيير العالم وتحقيق المستحيل والمعجزات وتتحدث عن إرادة الحياة النابعة من القلب هي أساس التغيير وسوف نعرض لكم فيما يلي نص القصيدة ثم نقوم بشرح أبرز وأشهر أبياتها وذلك في إطار موضوع شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي.

اقرأ أيضًا: اجمل قصيدة غزل من العصر الجاهلي

نص قصيدة إرادة الحياة لأبي القاسم الشابي

استكمالًا لموضوع شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي سنعرض نص القصيدة كاملًا ثم نقوم بشرحها.

إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ * * فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي * * ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ * * تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ * * من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ * * وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ

ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ * * وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ * * رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ * * ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ * * يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ * * وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ

وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ * * وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ * * أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ * * ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ

وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ * * ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ * * ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ

فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ * * ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ

ولولا أُمومَةُ قلبي الرَّؤومُ لمَا * * ضمَّتِ الميْتَ تِلْكَ الحُفَرْ

فويلٌ لمنْ لم تَشُقْهُ الحَيَاةُ * * منْ لعنةِ العَدَمِ المنتصرْ

وفي ليلةٍ مِنْ ليالي الخريفِ * * متقَّلةٍ بالأَسى والضَّجَرْ

سَكرتُ بها مِنْ ضياءِ النُّجومِ * * وغنَّيْتُ للحُزْنِ حتَّى سَكِرْ

سألتُ الدُّجى هل تُعيدُ الحَيَاةُ * * لما أذبلته ربيعَ العُمُرْ

فلم تَتَكَلَّمْ شِفاهُ الظَّلامِ ولمْ * * تترنَّمْ عَذارَى السَّحَرْ

وقال ليَ الغابُ في رقَّةٍ * * محبَّبَةٍ مثلَ خفْقِ الوترْ

يجيءُ الشِّتاءُ شتاءُ الضَّبابِ * * شتاءُ الثّلوجِ شتاءُ المطرْ

فينطفئُ السِّحْرُ سحرُ الغُصونِ * * وسحرُ الزُّهورِ وسحرُ الثَّمَرْ

وسحْرُ السَّماءِ الشَّجيّ الوديعُ * * وسحْرُ المروجِ الشهيّ العَطِرْ

وتهوي الغُصونُ وأوراقُها * * وأَزهارُ عهدٍ حبيبٍ نَضِرْ

وتلهو بها الرِّيحُ في كلِّ وادٍ * * ويدفنها السَّيلُ أَنَّى عَبَرْ

ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ * * تأَلَّقَ في مهجةٍ واندَثَرْ

وتبقَى البُذورُ التي حُمِّلَتْ * * ذخيرَةَ عُمْرٍ جميلٍ غَبَرْ

وذكرى فصولٍ ورؤيا حَياةٍ * * وأَشباحَ دنيا تلاشتْ زُمَرْ

معانِقَةً وهي تحتَ الضَّبابِ * * وتحتَ الثُّلوجِ وتحتَ المَدَرْ

لِطَيْفِ الحَيَاة الَّذي لا يُملُّ * * وقلبُ الرَّبيعِ الشذيِّ الخضِرْ

وحالِمةً بأغاني الطُّيورِ * * وعِطْرِ الزُّهورِ وطَعْمِ الثَّمَرْ

ويمشي الزَّمانُ فتنمو صروفٌ * * وتذوي صروفٌ وتحيا أُخَرْ

وتَصبِحُ أَحلامَها يقْظةً * * موَشَّحةً بغموضِ السَّحَرْ

تُسائِلُ أَيْنَ ضَبابُ الصَّباحِ * * وسِحْرُ المساءِ وضوءُ القَمَرْ

وأَسرابُ ذاكَ الفَراشِ الأَنيقِ * * ونَحْلٌ يُغنِّي وغيمٌ يَمُرْ

وأَينَ الأَشعَّةُ والكائناتُ * * وأَينَ الحَيَاةُ التي أَنْتَظِرْ

ظمِئْتُ إلى النُّورِ فوقَ الغصونِ * * ظمِئْتُ إلى الظِّلِّ تحتَ الشَّجَرْ

ظمِئْتُ إلى النَّبْعِ بَيْنَ المروج * * يغنِّي ويرقصُ فوقَ الزَّهَرْ

ظمِئْتُ إلى نَغَماتِ الطُّيورِ * * وهَمْسِ النَّسيمِ ولحنِ المَطَرْ

ظمِئْتُ إلى الكونِ أَيْنَ الوجودُ * * وأَنَّى أَرى العالَمَ المنتظَرْ

هُو الكونُ خلف سُبَاتِ الجُمودِ * * وفي أُفقِ اليَقظاتِ الكُبَرْ

وما هو إلاَّ كَخَفْقِ الجناحِ * * حتَّى نما شوقُها وانتصَرْ

فصدَّعَتِ الأَرضُ من فوقها * * وأَبْصرتِ الكونَ عذبَ الصُّوَرْ

وجاءَ الرَّبيعُ بأَنغامهِ * * وأَحلامِهِ وصِباهُ العَطِرْ

وقبَّلها قُبَلاً في الشِّفاهِ * * تُعيدُ الشَّبابَ الَّذي قدْ غَبَرْ

وقال لها قدْ مُنِحْتِ الحَيَاةَ * * وخُلِّدْتِ في نَسْلِكِ المدَّخَرْ

وباركَكِ النُّورُ فاستقبلي * * شَبابَ الحَيَاةِ وخصْبَ العُمُرْ

ومن تَعْبُدُ النُّورَ أَحلامهُ * * يُبارِكُهُ النُّورُ أَنَّى ظَهَرْ

إليكِ الفضاءَ إليكِ الضِّياءَ * * إليكِ الثَّرى الحالمَ المزدهر

إليكِ الجمالُ الَّذي لا يَبيدُ * * إليكِ الوُجُودَ الرَّحيبَ النَّضِرْ

فميدي كما شئتِ فوقَ الحقولِ * * بحُلْوِ الثِّمارِ وغضِّ الزَّهَرْ

وناجي النَّسيمَ وناجي الغيومَ * * وناجي النُّجومَ وناجي القَمَرْ

وناجي الحياة وأشواقها * * وضنة هذا الوجود الأغر

وشفَّ الدُّجى عن جمالٍ عميقٍ * * يُشِبُّ الخيالَ ويُذكي الفِكَرْ

ومُدَّ على الكونِ سحرٌ غريبٌ * * يصرّفُهُ ساحرٌ مقتدِرْ

وضاءَتْ شموعُ النُّجُومِ الوِضَاءِ * * وضاعَ البَخُورُ بَخُورُ الزَّهَرْ

ورَفْرَفَ روحٌ غريبُ الجمال * * بأَجنحةٍ من ضياءِ القَمَرْ

وَرَنَّ نشيدُ الحَيَاةِ المقدَّس * * في هيكلٍ حالِمٍ قدْ سُحِرْ

وأُعْلِنَ في الكونِ أنَّ الطّموحَ * * لهيبُ الحَيَاةِ ورُوحُ الظَّفَرْ

إِذا طَمَحَتْ للحَياةِ النُّفوسُ * * فلا بُدَّ أنْ يستجيبَ القَدَرْ

شرح أبيات قصيدة إرادة الحياة

سوف نعرض لكم فيما يلي شرحًا لبعض أبيات قصيدة إذا الشعب يومًا أراد الحياة لأبي القاسم الشابي في إطار موضوع شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي، وهذه الأبيات جزء من النشيد الوطني التونسي في عصرنا الحالي.

إذا الشعب يومًا أرادَ الحياةَ * * فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ

ولا بدَّ لليلِ أن ينجلي * * ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسِرْ

سنبدأ بشرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي بداية من الأبيات الأولى حيث كان اهتمام الشاعر في القصيدة بالثورة على الاستعمار والعيش حياة كريمة وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف، ولم يكن يحرض على الثورة ضد المستعمرين فقط، ولكن الثورة أيضًا ضد التخلف والجهل، وبعد ذلك يبين الشاعر أن الاستعمار زائل لا محالة وأن الاحتلال ستتقلب عليه الأيام ويمحى من الأرض.

كلمة الليل والقيد في البيت الثاني استعارة تصريحية حيث قصد بها دولة الاستعمار وشبه القيد بالزجاج الذي يجب أن ينكسر وقام بحذف المشبه وهو الاستعمار وصرح بالمشبه به وهو الليل.

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ * * تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ * * من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

يؤكد أبو القاسم الشابي ضرورة التعلق بالحياة والتمسك بها إلى النهاية لأن هذا التعلق يحمي الإنسان من الوقوع في عثرات الحياة، بعد ذلك يوجه خطابه إلى الطبيعة فيقول إنها تصيب الإنسان بمشاق وصعوبات ولكن هذه الصعوبات والمشاق توصله في النهاية إلى الانتصار.

(ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ) صور الشاعر في البيت الشوق بالإنسان الذي يعانق وقام بتشبيه الإنسان الذي لا يعانق بالماء الذي يتبخر ويختفي في النهاية، ونوع الصورة البيانية استعارة مكنية حيث قام بحذف المشبه به وصرح بالمشبه.

شرح الأبيات الشعرية من البيت الخامس إلى السابع

في إطار الشرح البلاغي للقصيدة نعرض شرح مفصل للأبيات الثلاثة من الخامس إلى السابع.

كذلكَ قالت لي الكائناتُ * * وحدَّثني روحها المستترْ

ودمدمَت الريحُ بين الفجاجِ * * وفوق الجبال وتحتَ الشجر

إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ * * لبستُ المنى ونسيتُ الحذَر

من خلال موضوع شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي قام الشاعر في هذه الأبيات بتشبيه الحالة التي تعيشها بلاده الآن بحال فصل الخريف من تساقط الأوراق وهبوب الغيوم والرياح.

بعد ذلك يأتي فصل الربيع محملًا بالأزهار والتفاؤل، وهو حال خروج الاستعمار من دولته فتشرق أنوار الحرية والسلام.

يصف الشاعر حال بلدته بعد خروج الاستعمار أنه سيأتي جيل جديد سيقوم بتطوير وبناء الأمة ويستعيد حريتها بالعزم والإرادة والإخلاص، ويرينا الشاعرُ أمنياتهِ التي حالَ بينها وبين تحقيقه إياها وجود المستعمر في أرضه والتي يمكنُ أن يحققها بعد خروج الاستعمار، وحاول أن يرسم هذه الصورة بكلماته عن حياة تملؤها السعادة والراحة والأمان.

(كذلكَ قالت لي الكائناتُ) في البيت استعارة مكنية حيث صور الشاعر الكائنات بإنسان يتحدث ويحمل روحًا وصرح بالمشبه وهي الكائنات وقام بحذف المشبه به وهو الإنسان.

(ودمدمَت الريحُ بين الفجاجِ) صور الشاعر الإنسان برياح تدمدم وتغني وهي استعارة مكنية حيث قام بحذف المشبه به وصرح بالمشبه، وفي الشطر الثاني طباق بين كلمة فوق وتحت.

في إطار شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي، نجد أنه في البيت الأخير شبه الشاعر الرياح بالإنسان الذي يطمح إلى غاية من حياته، وشبه الأماني بالسفينة التي يركب فوقها ليصل إلى وجهته، وشبه الحذر بالمعلومات التي تنسى وهذه الصورة البيانية استعارة مكنية حيث قام بحذف المشبه به وصرح بالمشبه.

اقرأ أيضًا: شرح قصيدة المساء لخليل مطران

شرح بلاغي للأبيات من البيت الثامن إلى العاشر

في السطور التالية سنقدم شرح للأبيات الشعرية من الثامن إلى العاشر من قصيدة إرادة الحياة.

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ * * ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ * * يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ * * وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ

يتحدث أبو القاسم الشابي في البيت الأول عن نفسه، أنه أصبح بعد عيشه هذه المدة لا يهاب الأودية ومنحدراتها ولا يخاف من نيران الاستعمار فأصبح بروح المتمرد لا يتخلى عن حياته ولكن يستجيب للثورة، ثم يكمل الشاعر حديثه عن الحياة فيقول لا بد لكل شخص يعيش على هذه الحياة أن يواصل السعي إلى المعالي وإن لم يفعل ذلك سيعيش حياته حقيرًا ذليلًا.

يعود ليصف نفسه فيقول إن روحه قد أصبح يجري فيها دماء الشباب وقلبه قد امتلأ بدم الشباب وروحهم وشبه الآمال التي يتمنّاها بالرياح، وذلك دليل على حبه للبذل والعطاء.

احتوت الأبيات على حكمة وهو من يخاف صعود الجبال أي الوصول إلى المعالي سيعيش دائمًا بين الحفر في الأسفل ولم ينعم بالحرية والسلام.

(يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ) شبه الشاعر الإنسان الذي يرضى بالذل والهوان بالذي يعيش بين الحفر، وهذه استعارة تصريحية حيث قام بحذف المشبه وهي الحياة بالذل والمهانة وصرح بالمشبه به في كلمة بين الحفر.

سنرى من خلال شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي أن الشاعر في الأبيات الأخيرة أحدث نوع من أنواع الجناس في كلمتي (عجّت وضجّت)، وشبه الشاعر قلبه بالكأس المملوء بالكثير من الشباب، وصور الرياح بالإنسان الغاضب الذي يصدر ضجيجًا بصوته، وصور الصدر بالمكان الذي يخرج منه الصوت، وهذا التشبيهات في البيت هي إحدى أنواع الكناية، فهي كناية عن النشاط فيمن يجتهد في حياته.

شرح للأبيات بدْءً من الحادي عشر إلى السادس عشر من القصيدة

سنتطرق في السطور التالية إلى شرح بلاغي للأبيات بدءً من البيت الحادي عشر وصولًا إلى السادس عشر.

وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ * * وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ * * أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ * * ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ

وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ * * ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ * * ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ

فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ * * ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ

يستمر الشاعر في وصف الكون من حوله فيصف صوت الرعد بصوت تكسر أغصان الأشجار، وشبه صوت الريح بصوت العود الذي يعزف به وشبه صوت المطر بصوت الرقص، يصف الشاعر.

بعد ذلك كوكب الأرض بأنه أم ويسألها هل تكره البشر، وبعدها ينتقل في مدح الأشخاص الطموحين الذين يسعون لنيل أهدافهم، وهم الذين يصعدون الجبال ولا يخافون المخاطر والدفاع عن أرضهم بأرواحهم، وشبه الخطر بالدابة التي يركبها الناس.

(وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ) شبه الشاعر في البيت صوت الرياح كأنه صوت العزف على آلة العود، وصور المطر بالأشياء التي تقع وهذه الصور كناية عن المشاكل التي يواجهها الإنسان في حياته.

(وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ) شبه الشاعر الكرة الأرضية بالأم التي تسأل وتخبره أنها تكره البشر، وهذه صورة بيانية وهي استعارة مكنية حيث قام بحذف المشبه به وهو الإنسان، وصرح بالمشبه وهي الأرض.

يكمل الشاعر أبياته بالحديث عن إرادة الحياة وعن أهمية العيش بكرامة والسعي إلى الوصول إلى الأهداف، وشبه الحياة البائسة بالعيش تحت الحجر وحث على محاربة تلك الحياة.
يقوم أبو القاسم الشابي بوصف الإنسان الخامل بأنه الإنسان المحب للموت، ويشبّه رفض الحياة للإنسان الميت برفض الأفق من تحليق الطيور الميتة، كما شبهه برفض النحل الاقتراب من الزهر.

شرح بلاغي بيات بدءً من الحادي والعشرين إلى السادس والعشرين

فيما يلي شرح للأبيات الشعرية بدءً من البيت الادي والعشرين وصولًا إلى البيت السادس والعشرين.

سألتُ الدُّجى هل تُعيدُ الحَيَاةُ * * لما أذبلته ربيعَ العُمُرْ

فلم تَتَكَلَّمْ شِفاهُ الظَّلامِ * * ولمْ تترنَّمْ عَذارَى السَّحَرْ

وقال ليَ الغابُ في رقَّةٍ * * محبَّبَةٍ مثلَ خفْقِ الوترْ

يصف الشاعر أبو القاسم الشابي حياته بينما يسأل الليل عن الحياة وهل ستعيد له ما ضاع من عمره وشبابه، إذ يصف هذا الليل بالإنسان الذي لا يتكلم، ويصف النساء العذارى وهم نور هذا الظلام بالصامتات اللاتي لا تتحدثن، كما صوّر الغابة بشخص يتحدث برقة وبصوت عذب ويتكلم معه عن الحياة.

يجيءُ الشِّتاءُ شتاءُ الضَّبابِ * * شتاءُ الثّلوجِ شتاءُ المطرْ

فينطفئُ السِّحْرُ سحرُ الغُصونِ * * وسحرُ الزُّهورِ وسحرُ الثَّمَرْ

وسحْرُ السَّماءِ الشَّجيّ الوديعُ * * وسحْرُ المروجِ الشهيّ العَطِرْ

في سياق شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي سنلاحظ أن أبو القاسم الشابي يأتي بمقارنة بين فصلي الشتاء والربيع ويذكر صفات كل منهما وأبدع في استخدام الصور البلاغية، ففصل الشتاء حيث توجد الغيوم والأمطار والضباب، وتختفي زهور الربيع وتفتُّح الورد والسماء الصافية والأراضي الخضراء الواسعة.

يعقد لنا الشاعر في الأبيات مقارنة خفية بين الشخص الذي يحمل إرادة في الحياة والشخص الكسول الذي يبقى بين الضباب والثلوج تتراكم فوقه.

شرح القصيدة بدءً من البيت الثلاثون

فيما يلي شرع لأبيات القصيدة بدءً من البيت الثلاثون وصولًا نهايتها، ويتمثل الشرح البلاغي فيما يلي.

وتبقَى البُذورُ التي حُمِّلَتْ * * ذخيرَةَ عُمْرٍ جميلٍ غَبَرْ

وذكرى فصولٍ ورؤيا حَياةٍ * * وأَشباحَ دنيا تلاشتْ زُمَرْ

معانِقَةً وهي تحتَ الضَّبابِ * * وتحتَ الثُّلوجِ وتحتَ المَدَرْ

ظمِئْتُ إلى النُّورِ فوقَ الغصونِ * * ظمِئْتُ إلى الظِّلِّ تحتَ الشَّجَرْ

ظمِئْتُ إلى النَّبْعِ بَيْنَ المروج * * يغنِّي ويرقصُ فوقَ الزَّهَرْ

ظمِئْتُ إلى نَغَماتِ الطُّيورِ * * وهَمْسِ النَّسيمِ ولحنِ المَطَرْ

ظمِئْتُ إلى الكونِ أَيْنَ الوجودُ * * وأَنَّى أَرى العالَمَ المنتظَرْ

شبه الشاعر في الابيات البذور بالإنسان الذي يحمل إرادة في الحياة ولا يهمل هذه الإرادة فهو يحمل ذكرى الحياة وما مضى فيها من أحداث، والبذور تبقى متمسكة بإرادة الحياة حتى لو غطتها الثلوج.

يكمل الشاعر أبو القاسم الشابي بوصف معاناة تلك البذور حيث قام بتشبيه البذور بالإنسان العاطش الذي يحتاج إلى الماء حتى يروي ظمأه فشبه هذا الماء بالنور الذي تسعى للوصول إليه، ولم يكتفِ بذلك بل وضع الظمأ في أشكال مختلفة، وكل هذه الأشكال ترجع إلى الطبيعة والحياة، وفي نهاية هذه الصورة يجعل الظمأ إلى الأرض كلها وكأنه فقد الوجود به، وبهذا شبه فاقد الإرادة في الحياة وجوده في هذا العالم.

وما هو إلاَّ كَخَفْقِ الجناحِ * * حتَّى نما شوقُها وانتصَرْ

فصدَّعَتِ الأَرضُ من فوقها * * وأَبْصرتِ الكونَ عذبَ الصُّوَرْ

في الأبيات تشبيهين التشبيه الأول هو تشبيه الشاعر للبذور بالإنسان الذي يتشوق ليرى النور والتشبيه الثاني هو تشبيه النور بأجنحة الطيور المحلقة، ويكمل الشاعر الصورة في البيتين الآخرين فيشبه البذور بالإنسان الذي يشق التراب ويرى في النهاية هدفه في هذه الحياة.

ومَن تعْبـدُ النـُّورَ أحلامُـه * * يبارِكهُ النـورُ أنَّـى ظَهرْ

إليكِ الفضاء، إليكِ الضيـاءُ * * إليكِ الثَّرى الحالمِ المُزدَهِر

إليكِ الجَمالُ الذي لا يَبيـد * * إليكِ الوجودُ الرحيبُ النضِر

فميدِي كما شئتِ فوقَ الحقولِ * * بِحلو الثِّمار وغـضِّ الزهـرْ

يبدأ الشاعر أبو القاسم الشابي بالحنين إلى الماضي والحنين إلى وطنه وحياته القديمة التي عاشها بحب وسعادة، ولكن رغم هذا يظل متيقنًا بأن التغيير سوف يقع وأن الاستعمار سينتهي لأن سنة الله في الأرض هي انتصار الحق وهزيمة الباطل وفي ختام الأبيات يذكرنا الشاعر بأن إرادة الشعب هي التي تدفع إلى التقدم وتحقيق المجد والرفعة.

ورَفْرَفَ روحٌ غريبُ الجمال * * بأَجنحةٍ من ضياءِ القَمَرْ

وَرَنَّ نشيدُ الحَيَاةِ المقدَّس * * في هيكلٍ حالِمٍ قدْ سُحِرْ

وأُعْلِنَ في الكونِ أنَّ الطّموحَ * * لهيبُ الحَيَاةِ ورُوحُ الظَّفَرْ

إِذا طمَحتْ للحَيَاةِ النُّفوسُ * * فلا بدَّ أنْ يستَجِيبَ القدر

في نهاية شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي، يكمل الشاعر في أبياته الأخيرة بتحدثه عن الإرادة وعن الطموح وشبهها بالطير الذي يحمل أجنحة صنعت من نور القمر، فكلّما طمح المرء في حياته أصبح عمره أكثر جمالًا وسحرًا، ويقول الشاعر إنّ النشيد المقدس قد أصبح يرن في الحياة وقد أصبح أكثر سحرًا، ويتحقق ذلك الجمال عندما تسعى في الحياة وتُثبت إرادتها بك.

يختم الشاعر قصيدته بحكمة صاغها صياغة جذابة حيث يقول لنا إن الطموح هو أساس عيشك في الحياة وكلما تمسكت بطموحك وإرادتك فسوف يستجيب القدر لأهدافك ونكون بهذا أتممنا شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي.

اقرأ أيضًا: شعر عن الاصحاب

معاني الكلمات في قصيدة إرادة الحياة

سنعرض لكم بعض معاني المفردات في القصيدة حتى يتمكن القارئ من فهم القصيدة بشكل صحيح وتصل إليه عواطف الشاعر، سنتعرف على المعاني فيما يلي في إطار موضوع شرح قصيدة إرادة الحياة شرح بلاغي.

  1. أراد: طلب.
  2. القدر: ما يقدره الله ويحكم به.
  3. ينجلي: ينكشف ويزول.
  4. يعانق: يحضن.
  5. اندثر: زال وامّحى.
  6. مستتر: خفيّ وغير ظاهر.
  7. دمدم: زمجر وأحدث صوتًا مُدويًا.
  8. الحذر: الحرص الشديد.
  9. وعور الشعاب: الطريق الصعب من أجل السير فيه.
  10. كبة اللهب: معظم النار.
  11. غاية: هدف.
  12. فِجاج: الطريق الواسع.
  13. دهر: مدة الحياة الطويلة.
  14. عجّت: اشتدت فأثارت الغبار.
  15. ضجّت: ثارت وصاحت.
  16. أطرق: مال برأسه وسكت.
  17. أصغى: استمع بدقة.
  18. وقع: أثَر.
  19. يستلذ: يستمتع.
  20. يحتقر: يستصغر الشخص ويستهين به.
  21. يلثم: يُقبِّل.
  22. تترنم: تتغنى في طرب.
  23. المروج: الأرض الواسعة ذات نبات ومرعى للدواب.
  24. تلاشت زمر: خارت وانحطت من التعب.
  25. المدر: الطين اللزج والمتماسك.
  26. ظمئت: اشتقت.

قصيدة إرادة الحياة من القصائد التي تشعل لهيب الحماسة والطموح والأمل، فهذا هو الهدف الأساسي الذي سعى إليه أبو القاسم الشابي، وقام بإيصاله لنا باستخدام الأساليب الفنية والأدبية الرائعة.

قد يعجبك أيضًا