لطف الله الخفي يأتيك في وقته

لطف الله الخفي يأتيك في وقته، وللطف الله سبحانه وتعالى بعباده صور كثيرة، كما أنه عز وجل يقوم بتيسير أمور العبد إلى طريق الخير ليصبح أمره كله خير، فيلهم الله عبده الحمد والشكر، وهناك ملايين القصص التي تبرز لطف الله في شتى أمور الحياة، وللأنبياء نصيب كبير منها، ومن خلال موقع زيادة نستعرض لكم مجموعة من القصص التي تدل على ذلك.

لطف الله الخفي يأتيك في وقته

نستعرض معكم بعض القصص التي تؤكد على أن لطف الله يحيط بنا في كل وقت، وهذه القصص هي:

1-  غرق السفينة

يحكى أنه في قديم الزمان كانت الناس تقوم برحلات بحرية من أجل التجارة أو الصيد وكانوا من خلالها يستكشفون الأماكن الجديدة على سطح الأرض، وفي إحدى الليالي العاصفة أمالت الأعاصير إحدى السفن فأغرقتها، ولكن نجى منها أحد الركاب لتضعه أمواج البحر على الشاطئ الأقرب ويكتب له الله النجاة من ظلمات البحر.

وعندما استيقظ الرجل سقط على ركبتيه شكرًا لله عز وجل على نجاته من تلك العاصفة، وطلب منه سبحانه وتعالى المساعدة وسأله أن ينقذه، فألهمه كيف يمكن أن يصنع منزل يبيت فيه ليله محتميًا من الحيوانات المفترسة، ومرت عدة أسابيع والرجل اعتاد الحياة على تلك الجزيرة.

ذات ليلة قام الرجل بتجهيز غذائه وقرر أن يتجول حول المنزل يلتقط بعض أعواد الخشب حتى يتدفأ بها من برد الليل القارس، وريثما ينضج طعامه بدل من جلوسه أمام النار، وخرج بالفعل وظل يتجول لقرابة العشر دقائق.

وعند عودته وجد أن منزله تحول إلى رماد وكل جهده ضاع في هباء منثور كما اعتقد فجلس أمام المنزل المحترق يبكي ويسأل بإيمان ضعيف لماذا يحدث هذا لي؟ لماذا يا رب؟ أين سأنام بعد احتراق المنزل؟

من كثرة البكاء والسخط نام الرجل في مكانه وهو جائع، ومع إشراقة شمس جديدة استيقظ الرجل على صوت جرس إحدى السفن وكان الصوت عالي، وعندما رست السفينة نزل قبطانها وقال له اركب معنا، وفي طريق العودة سأل الرجل القبطان كيف استدليتم على مكاني؟ فأجابه أنهم رأوا دخانًا رماديًا فتوجهوا صوبه أملًا أن يكون نداء استغاثة، وهنا ادمعت عينا الرجل وقال وكم لله من لطف خفي يأتي في وقت.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع اسم الله الاعظم

2- الجوهرة المكسورة

يشاع أنه في إحدى الممالك القديمة أهدى أحد الملوك ملكًا آخر جوهرة ثمينة وكان الملك تعجبه تلك الجوهرة جدًا لدرجة الخوف عليها من وجودها مع أحد أو في خزانته الخاصة، فظل ليل نهار يضعها تحت عينيه ويتأملها، حتى تعب من مراقبتها وفكر في البحث عن أأمن وزائره وأن يستأمنه عليها.

وبعد بحث وتدقيق ومراقبة لجميع الوزراء، وقع اختيار الملك على أحد وزائره الذين يثق بهم وأتاه وأخبره أن هذه الجوهرة ثمينة جدًا ولا يوجد منها إلى هذه القطعة وأنه تعب من مراقبتها وتأملها خوفًا عليها، فوافق وزيره وأنه سيحافظ عليها كما يحافظ على عرضه وولده.

ومرت الأيام وحفظ الوزير الجوهرة حتى في أحد الأيام سقطت الجوهرة من الوزير لتنكسر إلى قطع، فأصبح الرجل يرتجف أمام القطع المتناثرة عاجز عن التفكير ماذا سيفعل في هذه الورطة؟ وتأتيه صور ذهنية عن شنقه في مكان عام أو نفيه بعيدًا عن البلاد، حتى سقط الرجل مغشيًا عليه من الرعب.

بعد هذه الليلة حلم الوزير بأحد الصالحين يقترب منه وفي يده ورقة وأخبره أن أقرأ ما في الورقة حتى تحل العقدة، فاستيقظ الرجل فزعًا ولكن سبحان من جعله يتذكر ما كتب في الورقة وظل الرجل يردد ما يتذكره منها في كل وقت، وكانت أسرته تدعو الله ليلًا ونهارًا ألا يسأل الملك عن الجوهرة.

ولكن هيهات في إحدى الليالي علمت المدينة أن الملك قد مرض بأحد الأمراض النادرة في ذلك الوقت والخطيرة آنذاك، وبدأ الوزير وأسرته يرتعبون من أن يسأل عليها، وفي يوم أتى أحد وزراء الملك بطبيب متفقة في ذلك النوع من الأمراض التي أُصيب بها الملك، وأخبر الطبيب الملك أن دوائه في شيء غير موجود، فطلب الملك منه إخباره عله يمكنه فعلها.

عندما بدأ الطبيب بشرح العلاج، بدأت الابتسامة ترتسم على وجه الملك، وبعد ذهاب الطبيب نادى الملك لحرسه وطلب منه أن يأخذوا رسالة منه إلى أحد وزرائه في منزله، وسمع الحراس الأوامر وذهبوا إلى بيت الوزير وعندما وصلوا في الليل طرق الباب.

فتح الوزير الباب وعندما رائم تيقن من نهايته أنها اليوم، وبصوت مبحوح سألهم عن سبب الزيارة في هذا الوقت فأخبره قائد الحرس أن معه رسالة من الملك، فرد الآخر عليه وما فحوى هذه الرسالة؟ فأجابه يخبرك الملك أن تأتي بأماناته لكن بعد أن تقوم بتكسيرها كسرًا ناعمًا حيث إن فيها شفاء من المرض، هنا سقط الرجل على ركبتيه جهرًا بالمقولة التي أوصاه بها الرجل الصالح في المنام وكانت الكلمات وكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي.

قصص من القرآن عن لطف الله الخفي

في إطار استعراضنا لموضوع لطف الله الخفي يأتيك في وقته، فإن هناك مجموعة من القصص التي تؤكد على لطف الله الخفي على رسله وعباده أجمعين يمكن أن نتذكر منها ما يلي:

1-  لطف الله مع سيدنا موسى – عليه الصلاة والسلام- في سورة القصص

قال تعالى:
{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 12-13]

يتجلى لطف الله بعباده أنه بعد أن أمر أم موسى أن تلقي ابنها في اليم وترسل إلى فرعون بعد ولاته، ولكي تقر عينها بابنها جعل الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى لا يلثم ثدي أي من المراضع التي أتى بها فرعون.

وييسر الله أخته إلى أحد الحراس الذين يبحثون عن مرضعات لتخبره أنها يمكنها أن تدله على من قد ترعاه، فأخذها الحرس إلى القصر وأقرت عينها بوليدها وعاد إلى حضن أمه.

اقرأ أيضًا: آيات عن رحمة الله من القرآن الكريم

2- سيدنا موسى – عليه الصلاة والسلام-  مع سيدنا الخضر – عليه الصلاة والسلام –

قال تعالى:

{فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرً} [الكهف: 71].

هنا انطلق سيدنا موسى – عليه الصلاة والسلام –  مع سيدنا الخضر– عليه الصلاة والسلام –  يطلبان سفينة ليركباها، حتى وافق أحدهم على ركبوهم، وبعد ركبوهم خرق سيدنا خضر – عليه الصلاة والسلام –  السفينة أمام ذهول من سيدنا موسى – عليه الصلاة والسلام – وسأله على الفور أهذا جزاء الناس أنهم وافقوا على حملنا معهم؟

فأجابه سيدنا الخضر – عليه الصلاة والسلام – أنك حكمت سريعًا ولم تصبر، ولكن لطف الله الخفي أن السفينة كانت لمجموعة يعملون بالبحر فأراد ربك أن يجعل هذه السفينة معيبة لأن في المدينة ملك طاغي يغتصب كل ما في المدينة لنفسه تاركًا أهلها يتضورون جوعًا وما كان يوقفه عن هذا الفعل هو رؤيته لعيب في ذلك الشيء لذلك لطف الله بهؤلاء المساكين عندما أمر سيدنا الخضر – عليه الصلاة والسلام – أن يقوم بخرقها.

3- صلح الحديبية

تتجلى أحد صور لطف الله الخفي يأتيك في وقته، عندما رأى الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم ـ في المنام أنه يدخل مكة محرمًا ومعتمرًا وكان ذلك في العام السادس بعد الهجرة، وبعدما قص عليه الصلاة والسلام الرؤيا أيده الصحابة في التجهز والتوجه صوب مكة.

لكن عندما علمت قريش اجتمعوا على ألا يجعلونهم يدخلوها، وعندما عاد الخبر إلى الرسول وأن قريش يريدون الصلح أوحى الله سبحانه وتعالى لرسول الكريم بآية {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [الفتح: 1] فوافق الرسول – صلى الله عليه وسلم على هذا الصلح على الرغم من اعتراض الجميع، حينها سأل عمر بن الخطاب يا رسول الله أوفتح هو؟ فأجابه الرسول الكريم بنعم.

وهنا عاد المسلمين واعتقد المشركين أنهم انتصروا وأن لا عودة لمحمد – صلى الله عليه وسلم – وجماعته إلى مكة، ولكن كرم الله ولطف تبين في نقض الكفار للصلح بعد عام وعشرة أشهر ليأذن الرسول للمسلمين بالتجهز لفتح مكة ورفع راية الإسلام فيها.

حديث يدل على لطف الله الخفي

ترك لنا الرسول الكريم مجموعة من الأحاديث التي تؤكد على أن الله لطيف بعباده، وأشهر هذه الأحاديث:

(عَجِبْتُ لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابَهُ ما يحبُّ حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ ، وإن أصابَهُ ما يَكْرَهُ فصبرَ كانَ لَهُ خيرٌ ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلَّا المؤمنُ) [الراوي : صهيب بن سنان الرومي] [المحدث : الألباني].

اقرأ أيضًا: الفرق بين اسماء الله وصفاته

معنى اسم الله اللطيف

بعد أن استعرضنا كيف يمكن أن يكون لطف الله الخفي يأتيك في وقته، اللطيف من أسماء الله الحسنى والتي تحمل معنيين، يمكننا استعراضهم بالشكل التالي:

  • الأول: هو الخبير العالم بكل شيء دقيق ولطيف لدرجة إدراك السرائر والخفايا وتوجيه المؤمن للأفضل فيها.
  • الثاني: يوصل عباده المؤمنين إلى بر الأمان ويغدق عليهم بكرمه وخيراته لينجيهم من شر كادوا ليقعوا فيه، وهذا حبًا لهم وكرمًا منه عز وجل.

دومًا علينا أن نتوكل على الله ونرضى بقضائه وقدره إيمانًا ويقينًا منا أنه سبحانه وتعالى لا يفعل إلا خير ولا يهدي الإنسان إلا لخير، لذلك علينا دومًا حسن الظن بالله والله سبحانه وتعالى كريم فقد يرزق بأضعاف الخير لمجرد الظن فما الحال إذا ما امتثل المؤمن لقضاء الله وقدره.

قد يعجبك أيضًا