حديث من صام رمضان والصيغ المختلفة له وتفسير كل متن

حديث من صام رمضان من أحاديث النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-التي تبين فضل شهر رمضان وفضل صيامه ومتممات الصيام، لكن هناك أكثر من حديث شريف صحيح عن النبي يبدأ بقوله: “حديث من صام رمضان…”، في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول تلك الأحاديث بالنقل من كتب الصحاح والشرح من أقوال الفقهاء.

حديث من صام رمضان

حديث من صام رمضان

كما ذكرنا آنفًا أن هناك أكثر من حديث شريف عن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-يبدأ بقوله: “حديث من صام رمضان” وهم:

اقرأ ايضًا: حديث عن فضل شهر رمضان وفصله بالتفصيل

الحديث الأول

عن أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-أنه قال: “مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” (صحيح البخاري 2014).

في الحديث الشريف السابق ذكره يبشرنا النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ببشرى عظيمة الأسر على قلب المؤمن ونفسه؛ أن مَنْ وفقه الله تعالى لصيام شهر رمضان كل أيامه إيمانًا واحْتِسابًا أي مصدقًا بالأمر به وأن المراد به هو وجه الله وحده دون مُراءات الناس، على الوجه المنصوص عليه في الشرع الصحيح/ وبصيامه محتسب الأجر على الله تعالى.

فإن المرجو من الله تعالى أن يغفر له المتقدم من ذنوبه.

بعد ذلك يردف الرسول بتوضيع فضل ليلة القدر، وأن من يقوم تلك الليلة بالصلاة وتلاوة القرآن الكريم لوجه الله وحده، فإن المرجو من الله تعالى أن يغفر له المتقدم من ذنبه.

يبين الفقهاء أن تلك الذنوب التي قال عنها الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إنها سوف تُغفر هي الذنوب الغير متعلقة بحقوق العباد، لأنها لا تسقط إلا بردها، أو أن يعف أصحابها.

بينما ورد الفعل (غفر) بصيغة الماضي بينما المغفرة تكون في المستقبل وهذا دليل على أن هذا الفضل من الله تعالى على عباده متيقن الثبوت حاصل بالثبوت.

من القضايا المتضمنة في الحديث:

  • الحث على الإخلاص لله تعالى في الأعمال.
  • الحث على صيام رمضان.
  • الحث على قيام ليلة القدر وتحريها.
  • احتساب الأعمال عند عملها.

حديث من صام رمضان الثاني

ورد حديث من صام رمضان بصيغة أخرى نفس السابقة لكنه زيادة عليه في فضل قيام ليلة القدر: “وفي روايةٍ صحيحةٍ وما تأخَّرَ” وذلك أرده الهيثمي المكي في كتابه (الزواجر 1/197) وفي هذا زيادة لفضل ليلة القدر، وأن قيامها يرجى له أن يغفر المتأخر والمتقدم من الذنوب.

بينما في لفظ آخر لنفس الحديث قال: “مَن قامَ شَهْرَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا …” (صحيح النسائي 2201).

في هذا اللفظ يؤكد الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- على قيام ليل رمضان بجنب الصيام وأن هذا يرجى له أن يغفر المتقدم من الذنوب.

اقرأ ايضًا: حكم قراءة القرآن للحائض في رمضان وما هو حكم لمس المصحف

حديث من صام رمضان الثالث

عن أبو أيوب الأنصاري أن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: “مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ” (صحيح مسلم 1164).

صيام شهر رمضان فرض عين على كل مسلم ومسلمة بالغ عاقل مكلف قادر (والنساء خالية من الحيض والنفاس).

لكن الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يضيف عليهم أيام نافلة من كل شهر، وفي هذا الحديث الشريف رشدنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إلى صيام ستة أيام من شهر شوال؛ فذلك يعادل صيام الدهر كله.

في تحديد تلك الأيام الست قال الفقهاء أنها لا تفترق بين صيام المتتالي للستة أيام أو الصيام متفرق في كل شهر شوال.

تفسير ذلك الحديث ير في القرآن الكريم في قوله تعالى: ” مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا” (الأنعام 160)، فشهر رمضان بجانب الستة أيام يتممان السنة، شهر مضان = عشرة أشهر والستة تتم الشهران التاليان.

هذا الحديث الشريف يبين لنا أن الفريضة مقدمة عن النافلة لكنهما مع بعض يزيدان أجر المسلم ويرفعان قدره.

وردت رواية أخرى لنفس الحديث عن ثوبان مولى رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-أن النبي قال: “مَن صام رمضانَ وستًّا مِن شوَّالٍ فقد صام السَّنةَ” (صحيح ابن حبان 3635).

اقرأ أيضًا:دعاء اليوم السابع عشر من شهر رمضان ومتى نقوله وما هي أهميته

حديث من صام رمضان الرابع

عن أبو سعيد الخدري أن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: “من صام رمضانَ وعرف حدودَه وتحفَّظ ممَّا ينبغي له أن يتحفَّظَ كفَّر ما قبله” (الترغيب والترهيب 2/112).

في هذا الحديث الشريف يبن لنا الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فضل صيام شهر رمضان بجانب أن الصائم يتبع باقي الأوامر والنواهي الواردة في الشريعة الإسلامية، فذلك يكفر لما سبق من ذنوب المسلم في حق نفسه كما بينا سابقًا، فالذنوب في حق العباد لا تسقط إلا إذا تم ردها أو عفى عنها أصحابها.

اقرأ أيضًا: شرح حديث احفظ الله يحفظكوالمعنى العام له وكيف تحفظ الله؟

حديث من صام رمضان الخامس

روى الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: “مَن صام رمضانَ، وصلَّى الصلواتِ، وحجَّ البيتَ -قال: ولا أدري ذكَر الزكاةَ أم لا- كان حقًّا على اللهِ أن يغفِرَ له إن هاجَر في سبيلِ اللهِ أو مكَث بأرضِه التي وُلِد بها، قال معاذٌ: ألا أخبرُ الناسَ بهذا يا رسولَ اللهِ؟ قال: دَعِ الناسَ يعملون، فإنَّ في الجنةِ مئةَ درجةٍ، ما بين كلِّ درجتَينِ مثلُ ما بين السماءِ والأرضِ، والفردوسُ أعلى الجنةِ وأوسطُها، وفوقَها عرشُ الرحمنِ، ومنها تفجرُ أنهارَ الجنةِ، فإذا سألتُمُ اللهَ فسَلوه الفردوسَ” (أخرجه الترمذي 2530).

في الحديث السابق يبن الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فضل أداء الفروض وبيان أن الجنة فيها درجات أعلاها الفردوس.

أحاديث من صام رمضان الضعيفة

ورد عدد من الأحاديث التي تحمل في متنها لفظ: “من صام رمضان” لكنها ضعيفة مثل:

  • هناك حديث ورد فيه نفس اللفظ لكنه ضعيف السند لوجود في سلسة الرواة الناقلين له رجل لا يحتج بقوله، الحديث يقول: “إنّ في الجنةِ غرفًا إذا كان ساكنُها فيها لم يُخفْ عليه ما خلَّفها وإذا خرج منها لم يُخف عليه ما فيها قيل لمن هي يا رسولَ اللهِ قال لمن أطاب الكلامَ وواصل الصيامَ وأطعم الطعامَ وأفشى السلامَ وصلى بالليلِ والناس نيامٌ قيل وما طيبُ الكلامِ قال سبحان اللهِ والحمد للهِ ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تأتي يومَ القيامةِ مقدماتٌ ومُخبئاتٌ ومُعقِّباتٌ قيل وما واصَلُ الصيامِ قال من صام رمضانَ فمن أدرك رمضانَ فصامه قيل ما إطعامُ الطعامِ قال من قاتَ عِيالَه وأطعمَهم قيل ما إفشاءُ السلامِ قال مصافحتُكَ أخيكَ”.

ضعفه أغلب علماء الحديث مثل ابن عدي في كتابه: “الكامل في الضعفاء” وابن حبان في “المجروحين”.

  • حديث: “من صامَ رمضانَ وأتبعَهُ ستًّا من شوَّالٍ خرجَ من ذنوبِهِ كيومِ ولدتُهُ أمُّه”.

أورده الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد وقال عنه إنه ضعيف.

  • حديث: “من صام رمضانَ في مكةَ كتب اللهُ له مائةَ ألفِ رمضانَ” تحدث عنه الإمام ابن باز رحمه الله وقال عنه أنه إنه لا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم
  • ورد حديث عن صيام شهر رمضان واتباعه بستة أيام من شوال لكنه بالغ في الفضل وهذا الحديث لا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، متن الحديث هو: ” مَن صامَ رمضانَ وأتبعَهُ ستًّا من شوَّالٍ فَكَأنَّما صامَ الأبدَ”
  • تكلم الإمام ابن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى عن الحديث: “أن من صام رمضانَ بمكةَ وقام ما تيسَّر منه كُتِبَ له أجرُ مئةِ ألفِ رمضانَ” (جموع فتاوى ابن عثيمين 168/20).
  • نقل الألباني في ضعيف الجامع برقم 5650 الحديث: “مَنْ صام رمضانَ، وسِتًّا مِنْ شوَّالٍ، والأربعاءَ والخميسَ، دخلَ الجنَّةَ” ولم ينسبه إلى راوي لأنه لا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأورده بن القيسراني في “ذخيرة الحفاظ الصفحة 4/2316” لكنه محذوف منه كلمة “وستًا” أي المقصود شهر شوال كله، وهذا الحديث أيضًا ضعيف.

اقرأ أيضًا: حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ورواته وشرحه وتخريجه

أحاديث بلفظ من صام رمضان لا تصح عن الرسول

هناك عدة أحاديث موضوعة لم يقولها رسول الله صلى بل وضعها بعض ضعاف النفوس، ومن هذه الأحاديث:

  • “خطَبَنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-.. فذكر الحديثَ، وفيه: مَن صام رمضانَ وكفَّ عن الغِيبةِ والنَّميمةِ والكذِبِ والخوضِ في الباطِلِ، وأمسَكَ لسانَه إلَّا عن ذِكْرِ اللهِ تعالى وكفَّ سمعَه وبصرَه وجميعَ جوارحِه عن محارمِ اللهِ تعالى وعن أذَى المسلمينَ، كان لهُ من القُربى عندَ اللهِ أن تمسَّ ركبتُه رُكبةَ إبراهيمَ الخليلَ، عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ”.

معنى الحديث جيد لكنه لم يقوله الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-وهو من قال: “إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ” (صحيح البخاري 1291).

لذلك لا ينبغي العمل بتلك الأحاديث ولا الأخذ بها.

  • أورد الذهبي في تلخيص العلل المتناهية حديث منسوب إلى أبو هريرة رضي الله عنه أنه رواه عن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-يقول: “مَن صامَ رمَضانَ في إنصاتٍ وسُكوتٍ وكفَّ حواسَّهُ اقتَربَ اللَّهُ منهُ يومَ القِيامَةِ حتَّى يمسَّ رُكبَتُهُ رُكبَةَ إبراهيمَ” رقم 175، وهذا الحديث ضعيف السند عن الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-لا يؤخذ به.
  • أورد الهيثمي في مجمع الزوائد (2/201) حديث منسوب إلى رواية الصحابي أبو هريرة عن الرسول -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنه قال: “من صامَ رمضانَ وغدا بغسلٍ إلى المصلَّى وختمَهُ بصدقةٍ رجعَ مغفورًا له”
    فهذا الحديث أيضًا لا ينبغي الأخذ به، لأنه لا يصح عن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وقد ضعفه العلماء.

بجانب العديد من الأحاديث الموضوعة والضعيفة الأخرى التي ورد فيها قول من صام رمضان، لكننا أوردنا الأشهر على السنة العامة.

 

بذلك نكون قد نقلنا من كتب الحديث كل ما يقع تحت باب حديث من صام رمضان من أحاديث صحيحة عن الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مع الشرح باختصار من أقوال الفقهاء، بجانب الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي تقع تحت نفس الباب، ندعو الله أن يكون قد وفقنا والصلاة والسلام على شفيعنا يوم الدين.

قد يعجبك أيضًا