من أعان ظالمًا سلطه الله عليه

من أعان ظالما سلطه الله عليه تلك الجملة الشهيرة على لسان الناس يتم تناقلها على إنها حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن هذا الأمر فيه بحث دار بين علماء الحديث، وإن لم تكن جملة من أعان ظالمًا سلطه الله عليه ليست حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهناك حديث آخر بنفس المعنى، كما أنه هناك آيات في القرآن الكريم تحذرنا من عون الظالم أيضًا.

هذا ما سنتناوله في هذا الموضوع على موقع زيادة بجانب البحث في تخريج حديث: “من أعان ظالما سلطه الله عليه”

من أعان ظالما سلطه الله عليه

من يتناقل جملة “من أعان ظالما سلطه الله عليه” ليس مبتدعها في عقله فقد وجِد في التراث الفقهي الإسلامي في عدة آثار، على أنها حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه عبد الله بن مسعود.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء اللهم اني اسالك خير هذا اليوم

تخريج حديث من أعان ظالمًا سلطه الله عليه

ورد الحديث في عدة كتب فقهية مثل:

  • تفسير القرآن لابن كثير في (332/3) إلا أن علماء الحديث قالوا عن السند الذي اتبعه أنه حديث غريب.
  • في كتاب الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (الموضوعات الكبرى) برقم 316 وهو موضوع بذلك السند إلا أنه ورد في الرقم التالي له 317 قال عنه أنه لا غبار عليه في السند.
  • أورده (محمد بن محمد الغزي) في كتابه (إتقان ما يحسن 559/2) وقال عنه أنه في سنده شخص متهم.
  • أورده الباقي الزرقاني في (كتاب مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) برقم 977 وأنه حديث ضعيف.
  • ذكره الشوكاني في كتابه (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) برقم 211 وقال أنه في سنده شخص متهم بالوضع (أي يؤلف أحاديث وينسبها إلى رواة)
  • ذكره الإمام الألباني في:
  • ضعيف الجامع برقم 5445 وقال أنه موضوع
  • السلسلة الضعيفة برقم 1937 وقال أنه موضوع.

هذا ما وجدناه في تخريج حديث “من أعان ظالما سلطه الله عليه” والغالب على قول علماء الحديث الذين جمعوا الحديث بعد أن ثبت الأمر أمثال الإمام الألباني أنه حديث موضوع ولذلك لا يجوز نقله على أنه حديث لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه عبد الله بن عباس أنه قال:

“اتَّقوا الحديثَ عنِّي إلا ما علمتُم ؛ فإنَّهُ مَن كذبَ عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعدَه منَ النَّارِ” (أخرجه الترمذي 2951).

هذا لا يعني أن معنى الجملة خطأ فقد نجد في الشريعة الإسلامية ما يوافقها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت

حديث بمعنى من أعان ظالمًا سلطه الله عليه

ورد حديث صحيح يحمل معنى مقارب لجملة من أعان ظالم … أورده السيوطي في الجامع الصغير برقم 8455 و نقله الألباني في صحيح الجامع برقم 6048،ونقله آخرون بأسانيد صحيحة

عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“منْ أعانَ ظالمًا ليدحضَ بباطلهِ حقًّا، فقدْ برئتْ منهُ ذمةُ اللهِ و رسولِهِ”

في هذا الحديث يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة ثابتة في الإسلام وهي أن المسلم أخو المسلم وعليه له حقوق كما له من واجبات، من تلك الواجبات التي تقع على عاتق المسلم تجاه أخيه هو نصرته إذا كان مظلوم عدم إعانة ظالمه وجعله يتمادى في فعله هذا

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم “ليدحض بباطله حقه” أي أنه يساعد الظالم في إذالة حق أخيه المظلوم ويبطل حجته في طلب حقه.

قوله: “فقد برئت كمنه ذمة الله ورسوله” أي تحلل من عهد الله وأمانه بسبب الظلم الذي ارتكبه.

لنا في التاريخ عبرة يجب أن نتعلم منها فنجد هؤلاء الذين كانوا معول في يد الظالمين يهدم في أساس أمته، وكما قال المتنبي:

” وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازاً لِصَيدِهِ *** تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا”

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار

التاريخ يعلمنا تجنب عون الظالم

لعل الصورة الأشهر عن الحرب في فيتنام هي صورة الأمريكيين وهم يرمون الجواسيس الفيتناميين الذي أعانون على ظلمهم.

بعدما أنسحب الجيش الأمريكي في فيتنام في عام 1975 حاول الجواسيس الهروب معهم، إلا أنهم تم رميهم من على سلم الطائرة كأنهم مهملات قذرة، بل إنهم أقل منزلة منها ونجد تلك الصور الشهيرة

فالظالم عندما ينتهي من ظلمه لن يبقى على ذلك الذي ساعده أبدًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين

قول القرآن في معاونة الظالمين

قد حذرنا القرآن الكريم في أكثر من موضع من معاونة الظالمين في أكثر من موضع

فقال الله تعالى في سورة الانعام:

وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)”

في تفسير تلك الآية قال الطبري:

  • أن المؤمن ولي المؤمن والكافر ولي الكافر، وأن الأوليان سيكونون مع بعض فغن الناس يولون بأعمالهم.
  • أن التولية للظالمين بعض سيكون ذلك في النار.
  • ذكر الحديث: “من أعان ظالما سلطه الله عليه” وقال عنه حديث غريب.
  • ذكر بيت لشاعر يقول فيه: ” وما مِن يدٍ إلَّا يدُ اللهِ فوقها *** وما ظالمٌ إلا سيبلَى بأظلمِ”
  • أن معنى الآية الكريمة أن الله يسلط الظالمين على بعض ويجعلهم هم من يهلكون بعض ذلك جزاء على ظلمهم.

كما قال الله تعالى في سورة هود:

وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (113)”

في تفسيره لتلك الآية قال الطبري:

  • أن الله يقول لنا ألا نميل إلى قول الذين كفروا بالله، ومن ثم نقبل بهم ونقبل أعمالهم الشركية؛ فتمسنا النار بهذا الفعل.
  • أن الذين يفعلون ذلك لا ينصرون في الحياة الدنيا وما لهم من دون الله ناصر.
  • قال بالنص “… يخلِّيكم من نصرته ويسلط عليكم عدوّكم …” وهذا معنى الحديث الذي نحن بصدد مناقشته في هذا الموضوع.

نقل البغوي في تفسيره لنفس الآية السابقة أن ابن عباس رضي الله عنه فسر الركون هنا بأنه الميل والمحبة بالقلب وأن عكرمة قال إن الأمر هنا هو عدم طاعة الظالمين.

بذلك نكون قد نقلنا لكم أقوال علماء الحديث في إذا كانت جملة “من أعان ظالما سلطه الله عليه” من الأحاديث الصحية عن الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا، كما تناولنا حديث آخر يحمل نفس المعنى، وآيات من القرآن الكريم تحذرنا من معاونة الظالمين، ندع الله الله أن يكون قد وفقنا لما يحبه ويرضاه والصلاة والسلام على شفعينا يوم الدين.

قد يعجبك أيضًا