شروط بيت الطاعة

شروط بيت الطاعة -الواجب توافها في منزل الزوجية- التي يعدها الزوج، وهي ليست فقط المقتنيات المادية من أثاث وأجهزة، لكن أيضًا يندرج تحت هذه الشروط أهل السكن مع الزوجة في البيت، بل وجيران هذا البيت.
كما أنه في بعض الحالات يكون خيار بيت الطاعة فكرةً حسنةً، إذا كان الزوج مثلًا أصلح من نفسه ويريد أن ترى زوجته هذا التحسن في شخصيته، ولا يَتأتّى له ذلك دون أن تكون الزوجة معه في نفس البيت لتحكم بأم عينها أن ذاك الرجل تغير وندم على ما اقترفه فيما مضى وسيكون زوجًا صالحًا بإذن الله.

شروط بيت الطاعة

الأمانة العلمية تمنع أي مسلم من التحدث عن شروط بيت الطاعة  قبل توضيح طبيعة العلاقة النفسية  المقدسة بين الزوجين في الإسلام.

إن حيلة بيت الطاعة من الكروت الواهية التي يستخدمها الزوج للتعنت مع زوجته التي تركت منزله بمساعدة قانون الأحوال الشخصية، فرغم ما له من مساوئ له أيضًا مميزات، لكن نعود ونقول أن العلاقة الزوجية في الإسلام لا تُبنى على أمر قضائي ولا بالإجبار، بل هي تكون بالود والتفاهم، قال الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الروم 21)

يقول علماء اللغة أن معنى الجزر اللغوي (س ك ن) يجمع بين معاني الهدوء بعد الاضطراب والطمأنينة والتهدئة والتخفيف والراحة، فمعنى سكن إليه: استأنس به واستراح إليه واطمأنّ، بجانب معنى البيت والمنزل في الجانب الشعوري، فقولك سكن الدار يعني أقام فيها، وسكن البلاد يعني اِسْتَوْطَنَهَا، وفي لسان العرب ورد أن معنى السُّكْنُ هو القُوت.

اقرأ أيضًا: لماذا سمي بيت الله الحرام وما هي أشهر حوادث الاعتداء على الكعبة في التاريخ

تفسير آية مودة ورحمة عند القرطبي

على ذلك  فكل هذه المعاني تتجمع في أن العلاقة بين الزوجين لا تكون إلا بالتفاهم والهدوء، لا بالإجبار، ويقول القرطبي في كتابه “الجامع لأحكام القرآن” عن تفسير قوله تعالى: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”: “ورد تفسيرها عند عبد الله بن عباس أنه قال: المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء”، ونكرر أنه لا يكون ذلك إلا بالتفاهم والود بين الطرفين، وإلا ستكون العلاقة بينهم كمثل الاختطاف والاغتصاب المُشَرع، وقد قال الله تعالى: “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (البقرة 229)

قال القرطبي في تفسير هذه الآية : “فإمساك بمعروف ابتداء، والخبر أمثل أو أحسن، ويصح أن يرتفع على خبر ابتداء محذوف، أي فعليكم إمساكٌ بمعروف، أو فالواجب عليكم إمساك بما يعرف أنه الحق، ويجوز في غير القرآن “فإمساكًا” على المصدر، ومعنى “بإحسان” أي لا يظلمها شيئًا من حقها، ولا يتعدى في قول، والإمساك: خلاف الإطلاق، والتسريح: إرسال الشيء، ومنه تسريح الشعر، ليخلص البعض من البعض، وسرح الماشية: أرسلها”

اقرأ أيضًل: متى تسقط نفقة الزوجة المطلقة وما يجب مراعاته في النفقة

شروط بيت الطاعة المعتدلة

على افتراض أن بيت الطاعة هو بيت الزوجية العادي وأن الزوج ذو أصل طيب فقط يريد الإصلاح واستمالة قلب وعقل زوجته وألا ينهدم بيته، فإن شروط بيت الطاعة التي قد حددها الفقهاء بدقة -نفسرها من الموسوعة الفقهية الكويتية- هي ما سنفصله في العناصر القادمة.

الشرط الأول

أن يكون بيت الزوجية خاصًا بالزوجة وحدها خاليًا من أهل الزوج، عدا أن يكون الموجود طفلة صغيرة غير مميزة حتى لا تتضرر الزوجة بمشاركتها أحد في بيتها، وذلك أقرب لأن تأمن الزوجة على معلقاتها الشخصية، وأدعى أن تعاشر زوجها بأريحية دون قلقٍ أو حرج.
ذلك الشرط متفق عليه بين جمهور الفقهاء، أما أن تكون في دارٍ كبيرةٍ يسكن فيه أخو الزوج أو زوجات أخريات، فهذا قد اختلف الفقهاء في تفسيره:

  • الحنفية والشافعية: قالوا لو كان لها بيتٌ خاصٌ بها في الدار الكبيرة له باب يُغلق عليها، فلا حق للزوجة حينئذ في الاعتراض، ومن المسموح أن يسكن أقاربه وأهله في باقي الدار، ما إن لم يكن أحد من أهل الزوج يؤذي الزوجة.

أما إذا كانت ضرتها (زوجة أخرى للزوج) فليس لها حق الاعتراض إلا أن تكون المرافق مشتركة بينهن؛ فهذا باب كبير للخصومة بين النساء.
وهناك قول عن فقهاء المالكية رضى به محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي (فقيه القطر الدمشقي حنيفي المذهب)، وهذا القول مثبت في كتابه مجموع رسائل ابن عابدين، وهو أن يفرق بين متطلبات المرأة ذات الأصل الشريف ذات يسار الحال، فيجب إفراد دار لها خاصةٍ بها، وذات الحال المتوسط المعتادة في السكن على بيت في دار، يكفيها أن يفرد لها زوجها بيتًا مستقلًا في دارٍ كبيرة.

  • الحنابلة: اتفقوا في قول الأخير لفقهاء المذهب الحنفي، وفي ذلك قال الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (حنبلي المذهب) في كتابه ” الشرح الكبير على المقنع” لِلزَّوْجَةِ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِ الزَّوْجِ كَأَبَوَيْهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى حَالِهَا، إلَّا الْوَضِيعَةَ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُمْ، وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِهَا”
  • المالكية: قالوا أن للزوج أن يسكن مع زوجته ولده الصغير من غيرها؛ بشرط أن تكون عالمة بذلك وقت الزواج عند كتابة العقد.

الشرط الثاني

أن يكون خاليًا من مواطن المشاجرات والقلق، كأن تكون مع ضرتها في نفس السكن.

الشرط الثالث

أن يكون جيران البيت أهل صلاح، ممكن يُقبل شهاداتهم لدى القاضي الشرعي، وأن تأمن الزوجة على نفسها ومالها في هذا البيت، أي أن البيت الذي دون جيران ولا أمان فيه لا يُعتد به كمسكن شرعي.

الشرط الرابع

أن يشتمل بيت الزوجية كافة ما يلزم للعيش، مثل ما يتوفر لدي مثيلات الزوجة.

الشرط الخامس

أن يتوفر لدى البيت كافة المرافق اللازمة للعيش، فبالقياس تكون هذه هي شروط بيت الطاعة

سند بيت الطاعة في السنة

يعتد في الحكم بأن بيت الطاعة من الإسلام، وأن حكم شروط بيت الطاعة من الإسلام، أيضًا هناك حديث وحيد هو عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أيُّما امرأةٍ خرجتْ مِنْ بيتِ زوجِها بغيرِ إذنِه، لعنها كلُّ شيءٍ طلعتْ عليه الشمسُ والقمرُ، إلا أنْ يرضَى عنها زوجُها”

هذا الحديث أورده المحدث محمد ناصر الدين الألباني في كتابه “سلسلة الأحاديث الضعيفة” برقم 1550 وحكم عليه بأنه موضوع، ولا يصح نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: 21 دعاء لحفظ الزوج المسافر مستجاب إن شاء الله

على من تجب نفقة تجهيز البيت

قد بين الإمام محمد أبو زهرة  في كتابه “الأحوال الشخصية” على من يجب تجهيز البيت فقال:

شروط بيت الطاعة

شروط بيت الطاعة

أي أن تجهيز بيت الزوجية يجب على الزوج تحمل تكاليفه، وحق على المرأة في حدود ما قبضته من المهر، حسب ما تجري العادة بين أهل البلد، لكن لا يلزمها الشرع بتجهيز أكثر من قدرتها، ورأي الحنفية أن التجهيز بيت الزوجة لا يجب على المرأة، وإن قامت به فهي متبرعة به لزوجها.

اقرأ أيضًا: حق المرأة على زوجها في الإسلام وعند الشيعة

بذلك نكون قد تحدثنا عن شروط بيت الطاعة في الشريعة الإسلامية وعلى من تجب نفقة تجهيز بيت الزوجية، نرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا