كيف تؤدب من ظلمك

كيف تؤدب من ظلمك؟ أتسلك سبيل الانتقام؟ أم تمضي في طريقك مثقل بالأحزان منتظرًا من يضمد جراح قلبك؟ فإن كان الظلم هين ما كان حقًا على الله بنفسه نصرة المظلوم! فهذا القلب الذي يقطر أحزانًا عزيزًا على الخالق، حتى وإن هان على المخلوق.

فكيف تؤدب من ظلمك؟ وكيف تتعامل مع نفسك آنذاك؟ هذا ما سنقوم بمناقشته عبر موقع زيادة.

كيف تؤدب من ظلمك؟

كيف تؤدب من ظلمك

الظلم سكينًا ثلمًا يطعن قلوب المظلومين، أو حيوانًا مفترسًا يفتك بهم أحياء، فيتمكن من تحويل العصفور المظلوم إلى وحش كاسر لينتج ظالم آخر بدعوة المظلومية، حيث يعد ديدان أصحاب الهشاشة النفسية.. أما القوي فله رأي آخر.

أن تسعى لأخذ حقك ممن ظلمك لهو واجب إن لم يصاحب هذا افتراء بغير حق -وللتفرقة يحتاج المرء للحيادية والحكمة والذكاء- ولكن كيف تؤدب من ظلمك دون أن تتحول أنت لظالم؟

هذا يعتمد على طبيعة الظلم، ومدى تأثيره عليك، وهوية الظالم، فإن كان الظالم أمك أو أبيك وقد أخطأ في حقك فهنا لا مجال لرد الأذى، بل محاولة إصلاح الوضع والتصالح، ولكن إن كان هذا حبيبًا أو صديقًا خائنًا فيجب أن تتناول حقك بشكل مشروع.

اقرأ أيضًا: ضعف المظلومين وذكر الظلم في القرآن

إذًا كيف تؤدب من ظلمك وتسترد حقك بشكل عام؟ سنعرض لكم عدد من النصائح التي تساعدك على ذلك، وهذا فيما يلي:

1-العفو أول طريق النجاة

نعم، ففي العفو نجاتك، ولكن تذكر أن العفو مقرون بالمقدرة، فإن كان الظلم أكبر حقًا من قدرتك على غفرانه والصفح عنه فلا تغامر؛ لأنه سينهي بك الأمر إلى ضرر أكبر.

أما إن استطعت وكان الطرف الآخر نادمًا أو شاعرًا بخطئه نحوك، فحينها يمكنك أن تؤدبه بحسن أخلاقك، وترفعك عن رد الأذى، فإن كان شخص صالح سيندم في قرارة نفسه على ما فعله معك، ويطلب صفحك وإن كان بالأفعال دون الجهر بالقول.

هذا يتم تطبيقه أكثر في حالة كان الشخص قريبًا منك، فكن ذا بصيرة فلا يخدعك العقرب بأنه دجاجة، لذا اعلم لمن تمنح عفوك حتى لا تُغدر مرتين، فكما كان يقول الفاروق “لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني” فلا تدعه يخدعك أيضًا.

2-استمر بحياتك

كما يقول الإنجليز والأمريكان (Just Going On)، أي استمر ودع الماضي للماضي.

لا تظن بهذا أنك لم تؤدب الطرف الآخر، بل أن تدع أذاه يمر هباءً منثورًا وتلتفت لمصلحتك لقادر على إشعاله غيظًا، فتذكر “النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله“.

لذا لا تأسف على شخص أوقع بك ظلمًا، ولا تتمسك به، وحول ألمك لطاقة تبدع بها، فالإبداع يولد من رحم الألم، ومع الوقت ربما لن تتذكر حتى شكل من ظلمك.

3-انعم بدفء دائرة معارفك المقربة

اطلب من أقرب الناس لك سواء كانوا والديك أو عائلتك أو أصدقائك -أي أقرب من تثق بهم وتحبهم ويبادلونك الشعور- أن يساعدوك على المرور بهذه الفترة الصعبة، كما أن تواجدك ضمن جماعة تحبك سيمدك بالقوة للاستمرار وتجاوز الصعاب.

4-واجه الظالم بظلمه

ربما أحرجك شخصًا أو قال عنك ما ليس فيك، فحينها لا تسكت منتظرًا منه الشعر بخطئه بل صارحته بشكل واضح (هل قلت ذلك لتحرجني؟) أو (الزم حدودك حين التعامل معي)، حينها وإن تظاهر بالقوة سيكون مهزوزًا، فخير سبيل للدفاع هو الهجوم.

فانقض عليه ولكن بأدب وبثبات وثقة؛ حتى لا يفقدك الصراخ والصوت العالي والألفاظ البذيئة حقك.

5-اعلم نقاط قوة عدوك وضعفه

احذر عدوك مرة، وصديقك ألف مرة؛ فإن انقلب الصديق لعدو فهو أعلم بالمضرة“، هذا المثل خير دليل أن معرفة نقاط ضعف عدوك قادرة على إلحاق الأذى به، أما عن نقاط القوة فهي تنبهك حتى لا تقع ضحية مرة أخرى.

6-كن واثقًا من نفسك

الظالم يتوقع أن يراك منكسرًا دامعًا حزينًا، لكن أن تواجهه بقوة وثبات فهذا سيكون مفاجئًا له، ومغيظًا، ولن يتوقعه، لذا كن هادئ من الداخل، حتى لا تترك نارك الداخلية آثرًا على ملامحك فيتشفى بك ظالمك.

احرص على النظر في عين ظالمك؛ لأن من صفات الضعف هي عدم القدرة على النظر في عين الآخرين بثبات، فإن كنت صاحب حق فأنت قوي، فأنظر له ولا تخف، سيعمل هذا على إشعاره بقوتك.

7-ضع حدودًا بينكم

إن كنت مضطر للتعامل مع هذا الشخص مجددًا فضع مساحة شخصية لك، وحدودًا لا يتخطاها؛ فهذه الفجوة الصارمة المهذبة في نفس الوقت كفيلة بتأديبه.

8-تقبل ذاتك وافهمها جيدًا

إن علمت قدر نفسك لا يضرك ما قيل فيك” ليس هذا معناه أنك لن تتألم أو تكن أكبر من أن تتأذى، بل حينها ستستطيع تخطي ألمك ومشاكلك؛ لأنك تفهم ذاتك وتعلم كيفية التعامل الصحيح معها.

9-لا تحيد عن صلب الموضوع

إن تواجهت معه وتحدثتما فيما مضى بينكما فلا تدع الطرف الآخر يجرك إلى نقطة أخرى يغير بها الحديث، أو يسلط اتجاه الكلام نحو الفروع وليس أساس الموضوع.

10-اهتم بمظهرك الخارجي

المظهر الخارجي يمنح الإنسان شجاعة ويجعله أكثر ثقة بنفسه، وليس المقصود هنا التفاخر بالملابس والممتلكات، بل يكفي أن يكون الشكل مقبولًا مهندمًا، وإن كان وزنك زائد فاعمل على تخفيفه، سيضفي هذا عليك إحساسًا بالقوة.

11-الجأ إلى قاضي الحاجات

أخيرًا والأكثر أهمية هو اللجوء إلى المولى -تبارك وتعالى- وطلب العون منه على تخطي الصعاب، وأن يساعدك على استرداد حقك.

لكن هذه الخطوة يجب أن تسير بالتوازي مع الخطوات سالفة الذكر؛ فاللجوء لمن وهبك الروح وأكرمها لواجب في كافة أمور الحياة سواء مسراتها أو أحزانها، فادع والجأ لله ولا تنسى نصيبك من الأخذ بالأسباب.

اقرأ أيضًا: دعاء لمن وقع عليه ظلم

متى ترد الأذى للمؤذي؟

أن تنتقم لنفسك، وتثأر لكرامتك، وترد الأذى يكون في حالات معينة؛ فإن تحولت لشخص دائم رد الأذى فأين ستكون من العفو والرحمة والتغافل؟ لذا إليك الحالات التي يمكنك فيها الرد بمثل ما وقع عليك:

  • ألا يكون انتقامك ظلم لطرف ثالث لا ذنب له.
  • أن تكون قادرًا وليس موهومًا.
  • دفع أذى أكبر عن نفسك.
  • في حالة تحكمك بنفسك في رد الأذى بمثله، فالطغيان والمبالغة في الرد لن يجعل هناك فرقًا بينك وبين الظالم، وستكون ظلمت مرتين مرة من عدوك، وأخرى من نفسك.
  • عند تكرار خطأ من أمامك بحقك مرارًا، وعدم استجابته لتغيير الأسلوب الذي يلحق بك الضرر.
  • إن كنت متأكدًا من أنك فعلًا ضحية، فالبعض مدفوع بالشعور بالمظلومية طوال الوقت؛ لاستدرار عطف الآخرين أو لدوافع نفسية أخرى، فكن صريحًا مع نفسك ما إن كنت مظلومًا فعلًا أم تتوهم؛ حتى لا تؤذي شخصًا لم يظلمك.

متى تؤثر العفو عن الانتقام؟

متى استطعت العفو فأعفو، ولكن في حالة لم تستطع وكان انتقامك من الطرف الآخر سيكون سببًا في ظلم أبرياء، أو إيقاع ضرر أكبر كثيرًا بمن ظلمك أكبر مما وقع عليك بالفعل، حينها فوض أمرك لله بنية كف أذاك عن الخلق آثرًا الرحمة غير متخطي لحدودك.

اقرأ أيضًا: حكم عن الظلم وأهم الأحاديث

نحن نَظلم ونُظلم يوميًا، لذا يجب أن نكف أذانا عن الآخرين، وأن ندافع عن أنفسنا من الظالمين، وعليه تناولنا معكم كيف تؤدب من ظلمك؟ أملين إفادتكم.

قد يعجبك أيضًا