كيف تتقرب المرأة إلى الله

كيف تتقرب المرأة إلى الله؟ وكيف لها ذلك أثناء العذر الشهري؟ ذكر الله تعالى كافة العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، في حضور القلب واللسان والجوارح، حتى يكون العبد صادقًا مع الله يؤدي تلك العبادات بإخلاص لوجه الله، فما الجزاء إلا من جنس العمل، على أن المرأة الصالحة هي التي تقر عين الرجل فيأملها من الله لتكون له عونًا، والصلاح لا يتحقق إلا بتقوى الله، ومن خلال موقع زيادة سنشير إلى أبواب التقرب إلى الله.

كيف تتقرب المرأة إلى الله

إن التقرب إلى الله يتجلى في اتباع أوامره وتجنب نواهيه، هذا ما يتجلى لنا في القرآن والسنة، فقد قال أشرف الخلق –صلى الله عليه وسلم-:

الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ” (صحيح البخاري).

عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: “يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” (صحيح البخاري).

فمن حرص على أن يكون مخلصًا لله سبحانه وتعالى، كان بذلك في طريقه إلى الله، والمرأة التي تتبع حدود الله وما بالشريعة من أحكام فقهية، تكون بذلك مؤمنة مسلمة بحق، قريبة من ربها.

إن كل يوم هو فرصة جديدة أمام المرأة حتى تجدد إيمانها وتتقرب إلى ربها، فلا عليها الانشغال بالزوج والأولاد والمنزل وكل ما يستنزف طاقتها.. عليها أن تترك بصيصًا من النور في قلبها يجعلها تخشع وتستغفر وتنال لذة القرب إلى الله.

أما عن أبواب التقرب إلى الله -عز وجل- فبوسعنا أن نذكر كيف تتقرب المرأة إلى الله تفصيلًا من خلال الفقرات التالية:

1- المداومة على الصلاة

إن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، فلا يجب أن يسأل العبد قربًا من خالقه وهو غير ملتزم بالصلاة في ميقاتها المحدد، على أن المرأة قد يسر عليها الإسلام أمر الصلاة، فكان عليها تأديتها في منزلها، إكرامًا لها، ولها عظيم الجزاء في ذلك.

لذا إن أرادت المرأة أن تخطو أولى خطوات التقرب إلى الله.. عليها أن تحافظ على صلاتها، فهي الركن الركين في إيمانها وعباداتها، على أن تؤدي الفرائض في أوقاتها ولا تتكاسل ولا تتغافل، ولا تستغل الرخص التي منحها الله إيّاها.

اقرأ أيضًا: هل كره الناس لي دليل على غضب الله

2- الإكثار من النوافل

في إطار ذكر “كيف تتقرب المرأة إلى الله” للمرأة أن تزيد من عبادتها في صلاة النوافل والتهجد وقيام الليل، وما إلى ذلك من السنن اقتداءً بأشرف الخلق وأمهات المؤمنين، فذلك من شأنه أن يرفع قدرها ويزيد من إيمانها وتعلقها بالخالق.

في الحديث القدسي، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ” (صحيح البخاري).

كذلك روي عن عائشة –رضي الله عنها-: من ثابرَ على ثنتي عشرةَ رَكعةً منَ السُّنَّةِ بنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ أربعِ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ ورَكعتينِ بعدَها ورَكعتينِ بعدَ المغربِ ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ” (صحيح الترمذي).. فتكون المرأة أكثر قربًا من الله إن اغتنمت وقتها في السنن والنوافل، قدر استطاعتها.

3- لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها

عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: “المرأةُ عورةٌ، وإنها إذا خرجت من بيتِها استشرفها الشيطانُ، وإنها لا تكون أقربَ إلى اللهِ منها في قَعْرِ بيتِها (صحيح).

ما يعني أن خروجها من المنزل لسبب واهي دون داع قوي، على أن تخرج دون الالتزام بالهيئة الشرعية التي وجب أن تخرج عليها، من حيث الستر وعدم إظهار الزينة، فهذا من شأنه أن يجعلها الشيطان فتنة في أعين الرجال، وهذا ما يجعلها آثمة.

استكمالًا لذكر كيف تتقرب المرأة إلى الله نرى أن في الحديث حثٌ للمرأة أن تلتزم بيتها، ولا تخرج إلى لضرورة وأن تلتزم بالزي الشرعي الذي أمرها الله به، حتى تنال الأجر والثواب، ويجازيها الله على التزامها في ظل انتشار الفتن.

هذا لا يتنافى مع ضرورة عمل المرأة في بعض الأحيان خاصة التي تعول، وما إلى ذلك من ضرورات تجعلها تخرج من المنزل، فالمقصد هو ألا تظهر أمام جمع من الناس لغرض التزين والتجمل.

4- اكتساب العلم النافع

لا على المرأة الخضوع إلى الأفكار الجامدة التي تجعلها لا تفقه الكثير من أمور الدنيا والدين، فلا تدرك خلاف كونها أنثى، هذا لا يتناسب مع الفطرة التي خلقنا الله عليها، فبني البشر سواء في نصحهم بتعلم العلم النافع، والأمر لا يقتصر على الرجال فحسب، فلتعلم المرأة أن هذا العلم هو وسيلة من خير وسائل تقربها إلى الله تعالى.

فالمرأة التي تُلقن بالعلوم النافعة، لا تكون عرضة للفتن والشرور بأكملها، على أن تخلص فيما تتعلم وتفيد به غيرها، فالعلم النافع فيه تقويم للسلوك وترويض للنفس، لذا يُمكننا إدراج اكتساب العلم النافع في إجابة سؤال “كيف تتقرب المرأة إلى الله؟”.

5- بر الوالدين

ألم تعلم المرأة أن في بر والديها كل الخير والإحسان؟ فالله تعالى ذكر في كتابه الكريم:

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) سورة لقمان.

فبر الوالدين مقرون بالتوحيد، وله من الفضل والجزاء العظيم ما يجعل البار بوالديه في أعظم منزلة عند الله، وقد فضله الرسول –صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد في سبيل الله، فالمرأة التي ترغب في معرفة “كيف تتقرب المرأة إلى الله” عليها أن تهتدي ببر والديها سبيلًا لذلك.

فمن رزقها الله بوالديها وهما على قيد الحياة عليها أن تبذل ما بسوعها لإرضائها والعمل على توفير سبل الراحة إليهما، ولا تنهرهما قولًا أو فعلًا، ولا تتسبب في قلق أو حزن أحدهما، ولها بذلك كل الخير والجزاء العظيم، أما المرأة التي توفى عنها والديها أو أحدهما عليها أن تبرهما بعد الممات، فلا تنساهما في الدعاء أو الصدقات، وما إلى ذلك من سبل البر والإحسان.

اقرأ أيضًا: سورة تقرب من الله

6- صحبة الأخيار

من أكثر ما يجعل المرأة بعيدة عن ربها أن تنتقي من أقرانها ورفاقها أناسًا يبعدونها عن الصواب والرشد ويجعلونها تنغمس في المعاصي والذنوب، دون دراية منها أنها تغوص في طريق يبعدها تمام البعد عن الرحمن.

لذا على السائلة “كيف تتقرب المرأة إلى الله” أن تعي أن المرء مرآة لخليله، فيجب أن تحرص على انتقاء الأخيار من الفتيات، ليكنّ لها العون على نوائب الدنيا، فيساعدنها على الخير، ويشجعنها على الطاعات، وبذلك تتقرب إلى الله بصحبة الأخيار.

من الجدير بالذكر عدم الإذعان إلى اعتقادها بأنها إن كانت صالحة لا عليها أن تأبه بهنّ وهنّ غير صالحات، حيث إن طريق الفساد يزينه الشيطان في الأعين في غير صورة، فمن الممكن أن يغلبها هواها ويغلبنها أصدقاء السوء، فتستبيح المعصية وهي تراها دومًا، ومن ثم تفعلها هي دون إحساس بالذنب، بعدما كانت تراها ذنبًا لا يُغتفر، وما ذلك إلا نتاجًا لصحبة السوء.

7- التحلي بصفات أمهات المؤمنين

قال الله تعالى: فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) سورة الواقعة، وكذلك في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)”

.. وكلها دلائل على أهمية التقرب إلى الله، والجزاء العظيم العائد على ذلك.

إن التحلي بمكارم الأخلاق، من مقومات الإيمان الصادق، فتجعل المرء متمسكًا بدينه، فينال بذلك المنزلة الكبيرة عند الله تعالى، من هنا بوسعنا الجواب على سؤال “كيف تتقرب المرأة إلى الله” بأن اكتساب الأخلاق الحسنة هو خير طريق للتقرب إلى الله.

فالمرأة الصالحة هي من تبحث عن الصلاح أينما كانت، ولا يشغلها ما يُقال، فلا تلتفت إلى الموضة والأزياء بقدر ما تنشغل بعلاقتها مع الله، اقتداءً بأمهات المؤمنين، اللاتي كنّ خير مثال للتقوى والصلاح.

8- الإكثار من ذكر الله

كثيرٌ ما نجد اللغو في حديث النساء، فيكون مدعاة للقيل والقال، الغيبة والنميمة.. وربما ينطوي على الحسد وقذف المحصنات وما إلى ذلك من ذنوب وكبائر شتى تكون أساسها الكلمة، تلك الكلمة التي تخرج دون تمحيص أو تفنيد فتجعل المرأة آثمة، وعند الانغراس في تلك الأمور تجد نفسها منشغلة بأمور الخلق، وتنسى علاقتها بالخالق.

لذا نذكر في إجابة سؤال كيف تتقرب المرأة إلى الله، بأن عليها الإكثار من ذكر الله طالما وجدت، فيكون لسانها رطبًا بالذكر لا اللغو، كذلك فذكر لها من شأنه أن يهدئ من روعها ويطمئن قلبها، فلا يخرج من فمها إلا طيب القول، ولا يكون حديثها إلا لينًا.

فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)” سورة طه.

علاوةً على ضرورة حرص المرأة على قراءة القرآن، وتطبيق ما تقرأه لتنتفع به في دنياها وآخرتها، فمن آيات الله سبحانه وتعالى ما يتسبب في صلاحها وتفقهها في الدين.

9- الصبر على البلاء

ارتباطًا بمعرفة كيف تتقرب المرأة إلى الله نشير إلى أن الصبر يعد من أكثر ما يجعل المرء قريبًا من الله، لأن الله هو مقدر الابتلاءات ويحب أن يرى من عبده الصبر، فيرزقه ويمن عليه من فضله جراء صبره ورضاه بقضاء الله، أما عن المرأة التي تتحلى بالصبر عند مواجهتها أي تحدي في حياتها، فهي امرأة صالحة لا تسخط ولا تقنط من رحمة الله.

اقرأ أيضًا: اللهم احفظ عائلتي وأولادي.. دعاء لحفظ العائلة من كل شر

10- ارتداء الحجاب الشرعي

كثرت الفتن خاصة مع تطور المجتمعات وانفتاحها، فبالتدريج تجد المرأة تفقد حيائها، ومن ثم تتخلى عما تتبعه من ثوابت قد أمرها الله بها، ومن تلك الثوابت نجد التزامها بالحجاب، فالبعض يرى الآن أنه عادة مجتمعية لا يرتبط بالشرع، إلا أن الأمر برمته محض الانجراف وراء ادعاءات باطلة دون وعي أو تفقه في الدين.

فالحجاب الذي أمرت به المرأة يجب أن يكون مستوفيًا شروط بعينها حتى لا تتسبب في افتتان الرجال، فقد قال الله تعالى في سورة الأحزاب:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)”.

كما قال –جل وعلا- في سورة النور: “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)“.

من تلك الآيات القرآنية تبين لنا أن الحجاب الشرعي هو ما يستر المرأة دون كفها ووجهيها، ولا يصف أو يشف، ولا يكون أشبه بما يرتديه الرجال، فيكون واسعًا فضفاضًا، لا يكون زينة في نفسه، ولا يلفت الأنظار فتكون بذلك فتنة.

هذا من صيانة الشريعة للمرأة لا للتضييق عليها كما يعتقد البعض، فهي المصون، التي يتحدد عليها صلاح المجتمعات بأسرها، ولا عجب أن يكون ارتداء المرأة للحجاب الشرعي من إجابات سؤال “كيف تتقرب المرأة إلى الله”، فمن وسائل التقرب إلى المولى اتباع أوامره، ومن الأوامر الإلهية التي تناولتها الآيات القرآنية المذكورة سلفًا أن تلتزم المرأة اللباس الشرعي.

11- الدعوة إلى الله

كما هو الحال بالنسبة للرجال، يُمكن للمرأة كذلك أن تتقرب إلى الله من خلال تأدية واجبها في الدعوة إلى الله، والتي تتحقق من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمسارعة في الخيرات، والدليل على ذلك ما يلي:

  • قول الله تعالى في سورة التوبة: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)“.
  • قول الله تعالى في سورة لقمان: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)“.
  • قول الله تعالى في سورة آل عمران: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110)”.
  • في سورة الأحزاب قول الله تعالى: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)”.

فللمرأة أن تدعو بالآداب الشرعية إلى الله، مع الصبر واحتساب الأجر عند الله، على أن تراعي أن تكون مثالًا للعفة والصلاح، حتى تكون دعوتها مقبولة.

اقرأ أيضًا: هل يعاقب الله الزاني في أهله

12- التقرب إلى الله بالدعاء

هناك من الأدعية القرآنية والمأثورة عن السلف الصالح تبث الراحة في النفس ويتحقق بها سكون القلب وراحة البال، فكم من مشكلات قد أرقتكِ وما كان سوى الله بجوارك؟ فهو مجيب الدعاء الذي يبعث الرزق من حيث لا نحتسب، فقد قال الله تعالى:

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) سورة غافر.

من هنا كان الدعاء وسيلة لأن تتقرب المرأة إلى الله، فلتجعله وردًا لها، لا تغفل عن ترديد الدعاء دومًا بما تكن به نفسها، فلا تلجأ لغير الله، وإن كان لديها حاجة أو سؤال عليها أن تسأل الله، هو وحده قادر على إحاطتها برحمته، وإن فعلت ذلك كان لها في كل أمر معين، فهو القريب مُجيب الدعاء.

لذا في إطار توضيح “كيف تتقرب المرأة إلى الله” يُمكننا ذكر بعض الأدعية التي لها أن ترددها تقربًا إلى الله ورغبةً في رضاه، ومنها:

  • “اللهم لا تحرمني سعة رحمتك وسبوغ نعمتك وشمول عافيتك وجزيل عطائك ولا تمنع عني مواهبك لسوء ما عندي ولا تجازني بقبيح عملي وتصرف وجهك الكريم عليّ برحمتك يا أرحم الراحمين
  • “بسم الله أصبحنا وأمسينا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، الحمد لله الذي لا يرجي إلا فضله ولا رازق غيره الله أكبر ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير
  • “اللهم إني أسألك أن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام برحمتك يا أرحم الراحمين
  • “اللهمَّ حَبِب خَير خلقِك فينا، ومن حوضِ نبيك أسقينا، وفي جنتِكَ أوينا، وبرحمتِكَ احتوينا، وأمنياتنا أعطينا، وبفضلِكَ أغننا ولطاعتِكَ اهدنا، ومن عذابِ النارِ احمنا، ومن شرِ كُلِ حاسدٍ اكفنا
  • “اللهم اكفنا السوء بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير يا نعم المولي يا نعم النصير غفرانك ربنا وإليك المصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
  • “اللهم إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تُطهر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتُصلح بها امري، وتُذهب بها شري، وتكشف بها غمي وهمي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني
  • “اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك باسمك الأعظم الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استُفرجت به فرجت، أن تجعلنا في هذه الدنيا من المقبولين والى أعلى درجاتك سابقين”

فالدعاء هو الرباط الذي يربط بين العبد وربه، وهو الوسيلة التي يسأل العباد من خلالها ربهم بأن يقضي لهم حاجاتهم في الدنيا والآخرة.

طرق التقرب إلى الله للمرأة الحائض

في حال كانت السائلة “كيف تتقرب المرأة إلى الله” في فترة الحيض، فإن الإجابات التي سبق وعرضناها تعتبر شاملة تحتاج إلى مزيد من التخصيص، فالمرأة الحائض يحرم عليها بعض العبادات في تلك الفترة، وتلك هي الرخصة التي منحها الله إيّاها.

لكن فترة الحيض لا تشكل مانعًا لها بأن تتقرب إلى الله، فلها أن تُكثر من الأذكار الدينية، إن كانت تحفظها عن ظهر قلب، أو تقرأها من كتيب، أما عن الصوم والصلاة فليس بوسعها إلا بعد أن تتطهر.

أما عن مسألة قراءتها للقرآن فكانت محض خلاف، حيث قال البعض بعدم جواز قراءة الحائض للقرآن، والبعض الآخر أباحه من خلال حائل أو من خلال المصحف الإلكتروني، على سبيل التيسير، خاصة إن كان لزامًا عليها القراءة.

أما عن السبل الأخرى المتاحة أمامها للتقرب من الله، فهي مباحة، ولا يمنعها الحيض في شيء، وتحتسب نواياها بأي حال، فالله أعلم بما تكنه النفس، فبصدد الإجابة على سؤال “كيف تتقرب المرأة إلى الله في فترة الحيض” نجدها تتلخص فيما يلي:

  • أن يكون القلب مع الله على الدوام، فبإمكانها الاستماع إلى الدروس الدينية أو ما تيسر من آيات القرآن الكريم.
  • الإكثار من الأذكار والصلاة على النبي والاستغفار والدعاء.
  • حفظ الأحاديث خاصة التي تتناول الأحكام الفقهية الخاصة بها.
  • احتساب الأجر عند الله في كل عمل تقوم به.
  • الإكثار من الأعمال الخيرية، كالصدقات ومساعدة المحتاجين، ونشر العلم.

اقرأ أيضًا: كلام عن الصبر والثقة بالله

مقام القرب من الله

إن مراتب القرب من الله متعددة، تختلف حسب ما يتنافس فيه المتنافسون من العباد، فقط قال الله تعالى:

وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) سورة الواقعة.

فعباد الله الأكثر قربًا له هم من يقومون بالعبادات على أكمل وجه رغبة منهم في نيل رضا الرحمن، فيجهدون إلى أن يصلوا إلى تلك المرتبة، بصالح أعمالهم، وقد قال الله فيهم:

كلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) سورة المطففين.

فمن يتقرب إلى الله يجد الله قريبًا منه إلى أقصى درجة، أضعافًا مضاعفة، وتلك هي الغاية التي شُرعت من أجلها العبادات والطاعات، حتى يتقرب العباد من ربهم فيعرفونه حق المعرفة، فالله يتقبل من العبد أعماله حسب نواياه ومقاصده حتى وإن كان مقصرًا فيها.

في حديثنا عن إجابة سؤال “كيف تتقرب المرأة إلى الله” وبعد أن علمنا أسرار التقرب إلى الله، نرى أنها القوة الحقيقية التي من شأن المرأة امتلاكها في حياتها، لتكون في مصاف من يتنعمون من فضل الرحمن في الآخرة.

طالما يبحث المرء على فطرته السوية عن الطريق المستقيم، الذي يجعله يتقرب إلى الله، ويعمل صالحًا، حتى يفوز بما وعد به الله عباده المُخلصين.

قد يعجبك أيضًا