كيفية صلاة الشفع والوتر

كيفية صلاة الشفع والوتر ووقتها وعدد ركعاتها، وما السور التي يُستحب القراءة بها في صلاتي الشفع والوتر؟

لصلاتي الشفع والوتر ثواب عظيم عند رب العالمين جل جلاله، فقد أقسم الله –تعالى- بهما في مطلع سورة الفجر إذ قال: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)، وفي هذا دليل على أهميتهما، فالله –سبحانه وتعالى- عظيم لا يقسم إلا بما هو عظيم.

في هذا المقال سنتعرف على مقدار عظمة وثواب صلاتي الشفع والوتر وكيفية صلاتهما إن شاء الله.

كيفية صلاة الشفع والوتر

تؤدَّى صلاة الشفع والوتر على النحو الذي تؤدَّى به جميع الفرائض الأخرى كالآتي:

  • يستقبل المصلّي القبلة واقفًا ثم يرفع يده إلى جانب أذنيه ويقول بصوت مسموع “الله أكبر” ويسمى العلماء هذه التكبيرة تكبيرة الإحرام، وسميت بذلك لأنه بمجرد قولها فقد حُرِّمَ على المصلي جميع ما كان حلالًا قبل قولها من طعام وشراب أو كلام مع غيره.
  • يذكر المصلّي دعاء استفتاح الصلاة بعد تكبيرة الإحرام مباشرة فيقول: “اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ”.
  • بعد ذلك يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ سورة الفاتحة، ويستحبُّ في الركعة الأولى من صلاة الشفع أن يقرأ بعد سورة الفاتحة سورة الأعلى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) إلى آخرها، وأما الركعة الثانية فيقرأ فيها بعد الفاتحة سورة الكافرون (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) إلى آخرها، وأما ركعة الوتر الأخيرة فيقرأ فيها بعد الفاتحة سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلى آخرها.

ودليل ذلك ما رواه عبدالله بن عبّاس بسند صحيح أن رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُوتِرُ بثلاثٍ بـ (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و(قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٍ).

وليس بواجبٍ قراءة هذه السور على وجه التحديد، فإذا قرأ المصلي غيرها جاز ذلك، ولكن القراءة بها هنا على وجه الاستحباب.

  • ثم يركع المصلِّي واضعًا يده على ركبتيه وظهره مستقيم تمام الاستقامة ويقول “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات، ثم يرفع من الركوع ويقول: “سمِعَ الله لمن حمده” ومن ثمّ يقول: “ربّنا ولك الحمد”.
  • ثم يسجد لله واضعًا جبهته وأنفه على الأرض ويقول: “سُبْحان ربِّي الأَعلَى” ثلاث مرات أيضًا، ويدعو بما شاء أن يتحقق له إن أراد ذلك، ثم يرفع من السجود ويجلس جلسة خفيفة يقول فيها:” ربِّ اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني”
  • ثم يسجد مرة أخرى ويفعل مثلما فعل في السجدة الأولى.
  • ثم يقوم للركعة الثانية ويفعل مثلما فعل في الركعة الأولى.
  • ثم يجلس للتشهد ويقول: ” التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”.
  • يسلم بعدها من ركعتي الشفع ويقوم لصلاة الوتر فيفعل مثلما فعل في الشفع غير أنه يصليها ركعة واحدة فقط كما ذكرنا.

ويجوز أن يصلي الشفع والوتر متصلين ببعضهم البعض، بمعنى أنه يصلي ثلاث ركعات الواحدة تلو الأخرى، ولكنه لا يجلس للتشهد الأوسط لئلا تكون كصلاة المغرب.

إقرأ أيضًا: كيفية صلاة سنة الفجر وفوائد صلاة الفجر بالتفصيل

معنى الشفع والوتر والمقصود بهما في الإسلام

من المفترض أن نعرف ما معنى كلمة الشفع والوتر في اللغة العربية، فالشفع في اللغة هو ما يطلق على كل ما هو في صيغة المثنّى أو كان مقصودًا به عددًا زوجيًا، كأن تقول: صليت اليوم شفعًا (أي: صليت ركعتين ركعتين).

الوتر في اللغة هو ما يرمز للشيء الفردي

وكيفيتهما مشتقّة من معناهما، فصلاة الشفع تؤدَّي بأن يصلي الشخص ركعتين ينوي بهما صلاة الشفع ثم يسلِّم ثم يصلِّي ركعتين بعدهما وهكذا كلٌ حسب طاقته، فإذا انتهي من صلاة الشفع ختمها بركعة واحدة فقط تسمى “ركعة الوتر” ثم يسلم وتنتهي عند ذلك صلاته كلها.

وهنا يجب أن نعرف سويًا أن صلاة الشفع والوتر لا تطلق على آخر ثلاث ركعات فقط من قيام الليل، بل تطلق على جميع القيام، بمعنى أنه إذا جاء شهر رمضان على سبيل المثال وقام المسلمون لصلاة التراويح أو التهجّد (وهي أسماء لقيام الليل) فإذا صلوا عشر ركعات على سبيل المثال فتسمى صلاتهم هذه شفعًا، لأنهم صلوا عدد ركعات زوجيًا وكانت صلاتهم ركعتين تلو ركعتين.

أما إذا صلوا إحدى عشر ركعة فتسمى الصلاة وترًا لأنهم بإضافتهم للركعة الأخيرة تلك فقد أصبح عدد ما صلوه عددًا فرديًا، وهذا هو مفهوم الشفع والوتر في الإسلام.

وقت صلاتي الشفع والوتر

يبدأ وقت صلاتي الشفع والوتر من بعد صلاة العشاء إلى أن يؤذَّن لصلاة الفجر، والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، ومنها:

  • ما رواه الصحابي خارجة بن حذافة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ”، قلنا: “وما هي يا رسول الله؟” قال: “الوِتْرُ، جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ”.
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن أدرك الصبحَ ولم يُوتِر فلا وترَ له”.
  • ما رواه مسلم بن الحجاج في كتابه المشهور “صحيح مسلم” عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا”.

وكلها أحاديث تدل على معنى واحد فقط، وهو أن وقت صلاتي الشفع والوتر يكون من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وهو ما ذكرناه آنفًا.

إقرأ أيضًا: مواقيت الصلاة في الطائف وأشهر المساجد الأثرية والتاريخية في الطائف

فضل صلاتي الشفع والوتر

قد ذكرنا مسبقًا أن صلاتي الشفع والوتر يعتبران ضمن قيام الليل، وفي فضل صلاتي الشفع والوتر وقيام الليل أحاديث عظيمة نذكر بعضها هنا إن شاء الله.

  • عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها وباطنُها من ظاهرِها أعدَّها اللهُ لمَنْ أطعم الطَّعامَ وأفشى السَّلامَ وصلَّى بالليلِ والنَّاسُ نيامٌ”

فالصلاة بالليل سبب في دخول الجنة لا محالة، وليس هذا فقط، بل إنهم يدخلون غرفًا خاصة بهم هم تكريمًا لهم وتشريفًا عن غيرهم.

  • عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عليكم بقيامِ الليلِ فإنه دأْبُ الصالحينَ قبلكُم وقُرْبَةٌ لكم إلى ربكم ومكفرةٌ للسيئاتِ ومَنْهاةُ عن الإثمِ”

فالصلاة بالليل علامة على صلاح العبد وقربه لطريق ربه، وهي أيضًا تمحو الذنوب والخطايا وتمنع العبد من القيام بها.

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم: “رحِمَ اللَّهُ رجلًا قامَ منَ اللَّيلِ فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ فصلَّت فإن أبَت نضحَ في وجهِها الماءَ رحِمَ اللَّهُ امرأةً قامَت منَ اللَّيلِ فَصلَّت وأيقَظَت زَوجَها فإن أبَى نضَحَت في وجهِهِ الماءَ”

إلى هنا نكون قد ذكرنا كيفية صلاة الشفع والوتر وفضلهما وعدد ركعاتهما، على أمل أن نكون قد شجعنا قارئ هذا الموضوع للمواظبة على قيام الليل وعدم تركه حتى الممات.

قد يعجبك أيضًا