كيفية حساب الثمن في الميراث

كيفية حساب الثمن في الميراث من المسائل التي تختلف حسب اختلاف ما يوزع، فتوزيع الميراث المالي يختلف عن توزيع الأطيان والإبل والغنم والبقر وما إلى ذلك، ولكننا لن نكتفي بذكر مستحقي الثمن وكيفية توزيعه فحسب، إذ أن غرضنا هو تقديم معلومةٍ شاملةٍ موثوقةٍ لكل من يقرأ هذا الموضوع أو غيره من المواضيع.

لذلك فسوف نتعرف أيضًا على تعريف علم الميراث وموضوعه وحكمةُ مشروعيته، وما هي شروط الإرث وموانعه؟ فهيا بنا نغوص في أعماق هذا الموضوع وننهل من فوائده الجمَّة.

كيفية حساب الثمن في الميراث

يقول الله -تعالى- في كتابه العزيز: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، فمقدار الثمن في الميراث لا يكون في حالٍ من الأحوال حقًا إلا للزوجة، وذلك في حالة وجود الفرع الوارث مطلقًا؛ والفرع الوارث هو من كان فرعًا عن الميت موجودًا بسببه، فالابن وابن الابن هما فرعٌ وارثٌ وإن سفلا، والبنت أيضًا من الفروع الوارثة وإن سفلت، فهؤلاء هم الفرع الوارث في علم الميراث.

اقرأ أيضًا:اعلام الوراثة بالرقم القومى ومن هم الورثة الشرعيين؟ والشهود المطلوبة

كيفية حساب الثمن في الميراث بالخطوات

  1. نبدأ أولًا بإعطاء كل صاحب حقٍ في التركة نصيبه منها، فإن كان له السدس فيوضع له السدس أمام اسمه في ورقة حساب أسهم التركة، وإن كان له الثمن فيوضع أمام اسمه ثُمنًا وهكذا.
  2. بعد ذلك نوجد المضاعف البسيط للمقامات، وهو أصغر يمكن ضربه في بسط نصيب المستحق للتركة ومن ثم قسمة الناتج على المقام.
  3. يكون المضاعف البسيط للمقامات أصلًا للمسألة.
  4. يكون الناتج من عملية ضرب البسط في أصل المسألة ومن ثم قسمة الناتج على المقام هو عدد الأسهم المستحقة لكل وارث.
  5. تُعرف قيمة السهم الواحد عن طريق قسمة المجموع الكلي للتركة على أصل المسألة.
  6. تضرب قيمة السهم الواحد في عدد أسهم كل فردٍ من مستحقي التركة لينتج لنا نصيبه الكلي من التركة كما حدده الشرع.

ولكي نسهل عليك عزيزي القارئ فإن أصول المسائل (أو المضاعف البسيط للمقامات) تنحصر في سبعة أرقام وهي: (2 – 3 – 4 – 6 – 8 – 12 – 24).

وهذه الخطوات ليست في حساب الثمن فقط، بل هي المتبعة في مسائل المواريث كافةً، فيما عدا بعض المسائل الخاصة التي يعرفها أهل هذا العلم مثل مسائل التخارج والرد والعول، وهي مما لا يتسع المقام لذكرها.

مثال توضيحي على كيفية حساب الثمن في الميراث

بعد أن أوضحنا كيفية حساب الثمن في الميراث بالطريقة النظرية، فقد حان الوقت لكي نبدأ بشرح كيفية توزيع الثمن على مستحقيه في التركة من خلال المثال التالي:

مات الزوج وترك أبوه وزوجته وبنتًا وولدًا له، وترك 48 فدانًا، فحل تلك المسألة يكون كالتالي:

الزوجة       الأب              البنت                 الابن

الثمن       السدس      الباقي تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين

فالمسألة ليس فيها ردٌ ولا عولٌ فيكون أصل تلك المسألة هو 24، وهذا لأنه أصغر عدد يقبل القسمة على مقامات أنصبة مستحقي التركة ويكون الناتج رقمًا صحيحًا.

نبدأ بعد ذلك في حساب عدد أسهم كل مستحقٍ للتركة عن طريق العملية الآتية:

عدد الأسهم المستحقة للزوجة = (أصل المسألة * البسط) ÷ المقام

= (24 * 1) ÷ 8

= 3 أسهم

عدد الأسهم المستحقة للأب = (أصل المسألة * البسط) ÷ المقام

= (24 * 1) ÷ 6

= 4 أسهم

عدد الأسهم المشتركة بين البنت والابن = الباقي بعد توزيع التركة.

ثم نبدأ بعد ذلك في حساب أسهم كل واحدٍ من مستحقي التركة، فيكون الحساب هو ناتج العملية الآتية:

قيمة السهم الواحد = مجموع التركة ÷ أصل المسألة = (48 ÷ 24)

= 2 فدان

بعد معرفة قيمة الأسهم فإننا نحتسب الآن نصيب كل واحدٍ في هذه المسألة كالآتي:

نصيب الزوجة = قيمة السهم الواحد * عدد الأسهم المستحقة لها

= 2 * 3 = 6 فدان

نصيب الأب = قيمة السهم الواحد * عدد الأسهم المستحقة له

= 2 * 4 = 8 فدان

نصيب البنت والابن = مجموع التركة – نصيب مستحقي التركة السابق ذكرهم

= 48 – (6 + 8) = 48 – 14

= 34 فدانًا تقسم بينهم بنسبة 1:2

اقرأ أيضًا:جدول تقسيم الإرث في الإسلام وكيف يتم توزيع الميراث على من لهم الحق فيه؟

أحوال مستحقة الثمن في الميراث

ذكرنا من قبل أنه لا يستحق الثمن في الميراث غير الزوجة فقط، ولكن لميراث الزوجة أحوالٌ أخرى غير ذلك منها:

  • إذا لم يكن هناك فرعٌ وارثٌ مطلقًا، فعند ذلك تأخذ الزوجة الربع كنصيبٍ لها طبقًا لقوله -تعالى-: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ)، فالولد هنا هو الفرع الوارث كما سبق وأوضحنا في بداية هذا الموضوع.
  • في حالة ما إذا كان هناك أكثر من زوجةٍ للميت، فإنهن يشتركن في أنصبتهن المقدرة لهن شرعًا بالتساوي، فإذا كان هناك فرعٌ وراثٌ مطلقًا فإنهن يشتركن في الثمن ويوزع عليهن بالتساوي، وإن لم يكن هناك فرعٌ وارثٌ مطلقًا فإنهن يشتركن في الربع ويوزع عليهن بالتساوي.

تعريف علم الميراث وموضوعه

وضع الكثير من العلماء عدة تعريفات لعلم الميراث في الإسلام أوضحها كان تعريف جمهور العلماء بأن علم الميراث هو الضوابط التي يعرف بها حق كل ذي حقٍ في التركة، أو بعبارةٍ أخرى فهو القواعد التي يعرف بها نصيب كل مستحقٍ للتركة كما ذكر في كتاب الوجيز في الميراث والذي أعدته لجنة تطوير المناهج بالأزهر الشريف.

يعرف علم الميراث أيضًا بعلم الفرائض، والفرض هو السهم المقدر والمُستَحَق شرعًا لكل وارث، فسمي علم الميراث بعلم الفرائض إذ أنه هو العلم الذي يعرف به السهام المقدرة من قِبل الشارع لكل وارثٍ مستحقٍ لجزء من التركة.

أما عن موضوع علم الميراث فهو واضحٌ من تعريفه، فموضوعه هو تركة الميت من حيث تقسميها وإعطاء كل وارثٍ نصيبه المستحق منها.

حكمة مشروعية علم الميراث

لم يترك الدين ثغرةً في حياتنا إلا وقد وضع سدًا منيعًا وحلًا قويمًا يعالج هذه الثغرة، ومن الأشياء التي قد تكون سببًا في إحداث الثغور وإيقاع الفرقة والشقاق بين أفراد البيت الواحد هو الميراث وتقسيم التركة، لذلك وضع الشرع منهجًا قويمًا في كيفية تقسيم تركة الميت تقسيمًا عادلًا، التزم به من التزم وترك العمل به من ترك.

أما عن حكم المشروعية ومظاهر العدل التي وُضع لها هذا النظام فهي كثيرةٌ نذكر منها:

  • أن الله -تعالى- جعل المال لأقرباء الميت، وخاصةً أبناءه وزوجته، وذلك لكي يطمئن الميت على مصير من يعولهم من بعده، فلو جعل مال الميت لغير ورثته لكان ذلك ظلمًا له ولمن يعول.
  • جعل الله نصيب الأنثى نصف نصيب الرجل في قوله -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ)، وليس ذلك ظلمًا للمرأة مطلقًا، ذلك لأن الأخ يكون العائل الوحيد للأسرة عند موت والده، أما في حالة عدم وجوده فللبنت النصيب الأكبر من التركة.
  • حدد الشرع نصيبًا لكل وارثٍ مستحقٍ لجزءٍ من التركة، فكان ذلك قاطعًا لأي فرصةٍ قد تتسبب في حدوث نزاعٍ بين ورثة الميت عند تقسيم تركته.
  • جعل الله للزوجة نصيبًا من التركة على الرغم من أنها ليست ذات صلةِ دمٍ بالزوج، وذلك إبرازًا لمظهر الوفاء بين الزوجين ومكافئةً لها على ما قدمته لزوجها.

شروط الإرث

لا يتم توزيع التركة على الورثة إلا بعد تحقق أمرين:

  • الأمر الأول: هو تحقق موت المورث مطلقًا، وذلك بأن يكون قد شوهد من قِبَل أفراد أسرته، أو حكم القاضي بموته بعد انقطاع أخباره لمدةٍ طويلة.
  • الأمر الثاني: هو تحقق حياة الوارث بعد ذلك.

فإن لم يتحقق أحد الأمرين وتم توزيع التركة قبل ذلك فإن هذا ليس بتوزيعٍ للتركة، بل إن لها بعض المسميات الأخرى كالهبة وغيرها.

اقرأ أيضًا:طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام

موانع الإرث

حدد الشرع مانعان يمنعان من الميراث وهما:

  • عدم اتفاق دين الوارث مع المورث: فإن كان المورث مسلمًا والوارث على غير دين الإسلام فلا يرث، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يَتوارثُ أَهْلُ ملَّتينِ شتَّى”.
  • أن يقتل الوارث مورثه لكي يرثه: ففي تلك الحالة يعامل القاتل بمبدأ “من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه”.

بذلك نكون قد تعرفنا على قطرةٍ من بحر علم الميراث الواسع العريض، وهذه القطرة تتمثل في معرفة كيفية حساب الثمن في الميراث وتعريف علم الميراث وموضوعه وحكمة مشروعيته وشروط الإرث وموانعه.

هذا وينبغي لمن يريد أن ينهل من هذا العلم أكثر وأكثر أن يقرأ في كتاب “الوجيز في الميراث” حتى يتعرف على تفاصيل حساب التركة ومستحقيها وأنصبتهم، فيتعلم منه علم الميراث علمًا ليس بعده من جهلٍ إن شاء الله -تعالى-.

قد يعجبك أيضًا