دعاء دخول المسجد والخروج منه

دعاء دخول المسجد من الأدعية المستحبة لكل مسلمٍ لما لها من فضلٍ عظيم، كما أن السنة المشرفة تذخر بالأذكار التي تُقال في كل حالات المسلم في الصلاة سواءً كانت في المسجد أم في البيت، وبإذن الله سنتناول بعضها.

دعاء دخول المسجد

اجتمع جمهور الفقهاء على أن دعاء دخول المسجد هو: “اللهم افتح لي أبواب رحمتك” أو “رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك”.

وذلك لما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن السيدة فاطمة بنت رسول الله قالت:

“كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخل المسجدَ صَلَّى على مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ، وقال: (رَبِّ اغْفِرْ لِي ذنوبي، وافْتَحْ لِي أبوابَ رَحْمَتِكَ) وإذا خرج صَلَّى على مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ، وقال: (رَبِّ اغْفِرْ لي ذنوبي وافْتَحْ لي أبوابَ فَضْلِكَ )” (سنن الترمذي 314)

فهذا الحديث الشريف يتناول ذكرًا من آداب دخول المسجد، فتخبرنا فيه السيدة فاطمة عما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوله عندما يَرِد المسجد، أي عند الدخول من الباب يقول:

  • الصلاة على النبي والتسليم، أي قول “صَلَّى الله على مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ”.
  • الطلب من الله تعالى المغفرة، وأن يفيض الله عليه من رحمته وفضله، وأن يمحو الله ذنوبه، و طلب الرسول محو الذنوب هو شكر من الرسول لله، بجانب تعليمه لأمته، فيقول: “رَبِّ اغْفِرْ لِي ذنوبي، وافْتَحْ لِي أبوابَ رَحْمَتِكَ”.

اقرأ أيضًا: دعاء الخروج من البيت: أفضل ما يقال عند الخروج من المنزل ودخوله

دعاء الخروج من المسجد

في نفس الحديث السابق الذي روته السيدة فاطمة رضي الله عنها بعد أن قالت دعاء دخول المسجد أكملت ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوله عند الخروج من المسجد، هو:

  • الصلاة على النبي والتسليم، أي قول “صَلَّى الله على مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ”.
  • الطلب من الله غفران الذنوب، الدعاء من الله الفضل من أبواب الفضل غير المحدودة، فيقول: “رَبِّ اغْفِرْ لي ذنوبي وافْتَحْ لي أبوابَ فَضْلِكَ”

وقَدْ قِيلَ: إنَّ سِرَّ تَخصيصِ الرَّحمةِ بالدُّخولِ، والفَضْلِ بالخُروجِ: أنَّ الرَّحمةَ في كِتابِ اللهِ أُرِيدَ بها النِّعَمُ المُتَعَلِّقَةُ بالنَّفْسِ والآخرةِ، كما قال تعالى:

{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32]، ومَنْ دَخَلَ المسجِدَ فإنَّه يَطْلُبُ القُرْبَ مِنَ اللهِ، ويَشتغِلُ بما يُقرِّبُه إلى ثوابِهِ وجنَّتِهِ، فَنَاسَبَ ذلك ذِكْرَ الرَّحمةِ، والفَضْلَ يُرَادُ به النِّعَمُ الدُّنيويَّةُ، كما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]، ومَنْ خَرَجَ منه فإنَّه يَطْلُبُ الرِّزقَ، فَنَاسَبَ ذلك ذِكْرَ الفَضْلِ.

قال الفقهاء أن السر وراء تخصيص الرحمة عند دخول المسجد، وأن الفضل عند الخروج من المسجد، هو أن الداخل المسجد يطلب القرب من الله، وهو مكان طلب الفضل من الله والمغفرة، وأن الرحمة متعلقة بالنعم على الإنسان في الحياة الدنيا والآخرة، والحكمة من أن الفضل مختص بالخروج من المسجد؛ أن خارج المسجد هو مكان طلب الرزق من الله تعالى.

قال الله تعالى:

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، في سورة الجمعة قال عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [10]

اقرأ أيضًا: دعاء لمغفرة ذنب عظيم “سيد الاستغفار” وهل تقبل توبة الشخص كثير المعاصي؟

حرمة البيع في المسجد

من السنة أن المسجد فقط لأمور العبادة فلا يبيع أحدٌ أو يشتري أو يطلب من الناس البحث معه على شيءٍ ضائعٍ منه، وفي ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- :

“إذا رأيتم من يبيعُ أو يبتاعُ في المسجدِ فقولوا: لا أربحَ اللهُ تجارتَك، وإذا رأيتم من ينشُدُ ضالَّةً في المسجدِ فقولوا: لا ردَّها اللهُ عليك” (الدارمي 1401)

وذلك فيه الزجر والإرشاد للامتناع عن التشويش عن المصلين، وأن المسجد مكان للعبادة والصلاة والأمور المتعلقة بذلك.

وفي ذلك أيضًا نهى الرسول صلى عليه وسلم عن الإنشاد في المسجد، ففي حديث بريد بين الحصيب الأسلمي:

“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا صَلَّى قَامَ رَجُلٌ فَقالَ: مَن دَعَا إلى الجَمَلِ الأحْمَرِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا وجَدْتَ، إنَّما بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لَمَّا بُنِيَتْ له”. (صحيح مسلم 569)

في هذا الحديث يروي بريد بين الحصيب الأسلمي أنه دخل رجلٌ إلى المسجد يبحث عن جمل تائه منه لونه أحمر، فبين الرسول للصحابة أن المساجد بُنيت لكي يتم عبادة الله بها، لا لأن تكون مثل الأسواق.

اقرأ أيضًا: دعاء بعدم الظلم مستجاب وما هو حكم دعاء المظلوم على الظالم

صفة المسلم عند دعاء دخول المسجد

على الظاهر من متن الحديث السابق (حديث السيدة فاطمة)، أن صفة المسلم عند دعاء الخروج من المسجد ودعاء دخول المسجد أن يكون ماشيًا وهو في طريقه، لا أن يقف ويدع الله، فقد سئل الإمام مالك –رحمه الله– عن أن الناس يقفون لقول دعاء دخول المسجد فقال: “هذا من البدع”، وأنكر فعلهم ذلك.

على ذلك فدعاء دخول المسجد يقال ماشيًا، فلا يقف المسلم أمام باب المسجد ويقول دعاء دخول المسجد.

الصلاة على النبي بعد الأذان

اتفق جمهور المذاهب الأربعة على أنه يستحب للمسلم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، وذلك لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ، ثم صَلُّوا عليَّ، فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشرًا، ثم سَلُوا اللهَ لي الوسيلةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو؛ فمَن سألَ لي الوسيلةَ حَلَّتْ له الشَّفاعةُ” (صحيح مسلم 384)

الدعاء والصلاة على النبي بعد الأذان

أجمع الفقهاء على أن من المستحب للمسلم عند سماع الأذان ترديد ما يقوله، وبعده الصلاة على النبي، فصلاة العبد على النبي يبدله الله بها عشرة أضعاف من رحمته، ثم الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم بالوصول للوسيلة، والوسيلة إحدى منازل الجنة العليا لا تكون إلا لعبدٍ واحدٍ من عباد الله، ونرجو أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم.

ومن سأل للرسول صلى الله عليه وسلم منزلة الوسيلة؛ حلت له شفاعة الرسول يوم القيامة بإذن الله، قال الله تعالى:

“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” (البقرة 255)

وفي ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثٍ عن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

“إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ” (صحيح مسلم 384)

اللهم صلى عليه وسلم ولا تحرمنا شفاعته يوم القيامة إن شاء الله.

فضل الدعاء بين الأذان والإقامة

أجمع الفقهاء أن من مواطن استجابة الدعاء التي يجب على كل مسلم أن يتحرى الدعاء فيها، هي الفترة بينَ الأذانِ والإقامةِ، وفي ذلك وردت عدة أحاديثٌ صحيحةٌ منها:

  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الدعاءُ لا يُردُّ بين الأذانِ والإقامةِ” (سنن الترمذي 212).
  • عن سهل بن الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“ساعتان تُفتَّحُ فيهما أبوابُ السَّماءِ وقلَّما تُرَدُّ على داعٍ دعوتَه عند حضورِ النِّداءِ والصَّفِّ في سبيلِ اللهِ، وفي لفظٍ ثِنْتان لا تُرِدَّان، أو قال “ما تُرَدَّان”، الدُّعاءُ عند النِّداءِ وعند البأسِ حين يلحَمُ بعضٌ بعضًا”. (الترغيب والترهيب 262/2)

في هذا الحديث يرشدنا النبي إلى أن هناك دعوتان للمسلم لا ترد، أحدهما بين الأذان والإقامة، والثانية عند البأس أي عند وقت الحرب، وذلك ليرغبنا في الدعاء والتوجه لله عز وجل.

اقرأ أيضًا: الدعاء بين الصفا والمروة أثناء السعي

الترديد وراء المؤذن

اجتمع فقهاء المسلمين على أن الترديد وراء المؤذن ذو فضلٍ عظيمٍ ويعادل منزلة المؤذن ذاته، واستدلوا بقولهم هذا بحديثٍ رواه عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه: “أنَّ رجلًا، قالَ:

يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ المؤذِّنينَ يفضلونَنا، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قلْ كما يقولونَ، فإذا انتَهَيتَ فسَلْ تُعطَهْ”. (سنن أبي داود 524)

كرم الله المؤذنين وجعلهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة وأصبحوا ذو فضل عظيم، ففي هذا الحديث جاء رجلٌ إلى رسول الله عليه وسلم، وقال له: أن المؤذنين فضلهم الله علينا في الأجر والثواب يوم القيامة ويسبقوننا، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عندما يسمع الأذان يكرر ما يقوله فيأخذ أجرًا مثل أجرهم.

ثم إذا انتهى المؤذن من الأذان وفرغ الناس من ترديد الأذان، فيسأل الله ما يشاء من أمور الدنيا والآخرة، وبذلك نتعلم من الحديث الشريف فضل المؤذن العظيم، وفضل الترديد وراء المؤذن وفضل الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنه من مواطن استجابة الدعاء.

بذلك نكون قد نقلنا لكم دعاء دخول المسجد ودعاء الخروج من المسجد من الأحاديث الصحيحة وفضل الدعاء بين الأذان والإقامة والترديد بعد الأذان، ونرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا