هل يجوز الصيام عن الميت

هل يجوز الصيام عن الميت سؤال يسأله كثيرون، وذلك إذا كان لهم شخص قد أفطر في شهر رمضان أو عليه صيام كفارة أو صيام نذر ومات وهو لم يقضي ما عليه من دين الصيام، باعتبار أن الصيام ركن أساسي من أركان الإسلام، وهنا تعددت الأحكام فيما يخص إفطار الميت في حياته بتعدد حالات إفطاره، دعونا نتعرف على حكم الإسلام في ذلك من خلال السطور القليلة القادمة.

تعريف الصوم وهل يجوز الصيام عن الميت

يعد الصوم ركنا أساسيا وعمودا من أعمدة الدين الإسلامي الحنيف، حيث جاء ترتيبه في المرتبة الرابعة من أركان الإسلام بعد الزكاة والصلاة والشهادة، وقد فرض الصوم في السنة الثانية من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم تحقيقا لتقوى الله عز وجل، وقد تدرج فرض الصيام على مراحل، فما هو تعريف الصوم لغة واصطلاحا؟

الصيام لغة: يعرف الصيام لغة على أنه الامتناع عن فعل شيء معين، فعلا كان أم قولا، وجاءت كلمة الصيام من فعل صام أي أمسك عن فعل الشيء، سواء صام عن القول والكلام أو صام عن الأكل والشرب، ويقال الصوم أو الصيام فكلاهما صحيح في اللغة العربية سواء كان بالياء أو بالواو فالمعنى واحد.

الصيام اصطلاحا: تعددت تعريفات الصيام اصطلاحا باختلاف المذاهب الأربعة، وكان لكل مذهب رأيه في الصوم كما يلي:

المالكية: يرى المذهب المالكي أن الصوم هو الامتناع عن شهوة الفرج وشهوة الفم، أو ما يقوم مقامهما، بغية تقوى الله تعالى وطاعته، ويصحبه عزم النية قبل وقت الفجر أو وقته، وعليه فأن الامتناع يشمل النهار بأكمله.

الحنفية: فإنهم يرون أن الصيام هو الامتناع عن 3 أشياء وهي الأكل و الشرب والجماع، من طرف شخص معين في وقت معين، ويشترط النية في ذلك.

الشافعية: أما المذهب الشافعي فإنه يعرف الصيام على أنه امتناع وإمساك عن فعل شيء معين من طرف شخص معين في وقت مخصوص لذلك

الحنبلية: يرون أن الصيام هو قيام شخص معين بالامتناع عن شيء معين في وقت مخصوص ويصحب ذلك النية.

أما ابن عثيمين الذي كان من المعاصرين فقد عرف الصيام على أنه عبادة لله تعالى وتعبد له، وهو امتناع عن جميع المفطرات، وذلك من أول طلوع الفجر لغاية غروب الشمس أي طول النهار.

اقرأ أيضًا : مبطلات الصيام في غير رمضان

هل يجوز الصيام عن الميت

إن من بر الأبناء لوالديهم أن ينضروا إلى ما عليهم من حقوق وفروض بعد مماتهم والتي لم يأتوا بها في حياتهم والسعي في إبراء ذمتهم منها، كإفطارهم لشهر رمضان أو عدم صيامهم لكفارة معينة أو نذر كانوا قد نذروه.

وفي ما يلي تفصيل لحكم الصيام عن الميت:

  • إذا مات المريض الذي استمر به المرض إلى أن توفي وكان هذا المرض مما يرجى برؤه فعليه القضاء، أما إذا مات ولم يقضيه مع قدرته على ذلك فعلى وليه القضاء عنه، أما إذا استمر به المرض ولم يشفى منه إلى أن مات، فهذا لا قضاء عليه ولا على وليه القضاء من بعده، أما إذا كان المرض لا يرجى برؤه ومات ولم يقضي ولم يطعم ففي هذه الحالة فعلى وليه إذا كان قادرا أن يخرج من تركة الميت فداء للأيام التي عليه فليفعل.
  • أما إذا كان هذا الميت أفطر مفرطا وبدون عذر فلا يصام عنه ولا يطعم عنه
  • أما إذا كان عليه صيام من رمضان فعلى وليه الصيام عنه

والله أعلى وأعلم

مراحل فرض الصيام

لقد قامت الشريعة الإسلامية بتدرج مراحل فرض الصيام على المسلمين مراعاة لظروف الناس وطبيعة النفوس وللعادات والمبادئ، كما كان الحال بالنسبة لجميع الأحكام الشرعية حتى تتناسب مع نفوس الناس ومبادئهم مع مراعاة رفع الحرج أو إلحاق أي ضرر، ثم إقرار الأحكام التي لن تتغير ولا تتحول إلى أبد الزمان في كل مكان.

وهنا نذكر مراحل فرض الصيام على المسلمين:

المرحلة الأولى

لقد تم فرض صيام اليوم العاشر من شهر محرم (عاشوراء) في أول مرحلة من مراحل الصيام، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصومه لما كان في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية كما كان الحال بالنسبة لقريش التي كانت تصومه أيضا، وصامه النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أيضا في أول سنة بعد الهجرة بأمر منه، وبعد فرض صيام شهر رمضان قام الرسول الكريم بتخيير الناس ما بين صيام عاشوراء أو تركها، حيث قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من شاء صامه، ومن شاء تركه”، ويقصد به هنا اليوم العاشر من محرم.

المرحلة الثانية

جاء نسخ فرض صيام عاشوراء من الله تعالى، بموجب فرض صوم شهر رمضان إما صوما أو أداء الفدية، فقال عز وجل في محكم تنزيله: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” – سورة البقرة الآية 183-184-

المرحلة الثالثة

هنا فرض الله تعالى على المسلمين جميعا صيام شهر رمضان ولا مجال لهم للتخيير وجاء محكم تنزيله حيث يقول الله تعالى: ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” سورة البقرة الآية 185- 186

إذن فإن رحمة الله تعالى بعباده سبقت كل شيء حتى في الأحكام الشرعية وفيما يتعلق بالصيام الذي يعتبر عمودا أساسيا من أعمدة الدين الإسلامي، فقام تعالى بتدرج الصيام على مراحل حتى يتعود عليه المسلمين ويألفوه ولا يشعروا فيه بمشقة على أنفسهم.

أهمية الصيام وفوائده

للصوم فوائد كثيرة ومتعددة في مختلف نواحي الحياة، وسنذكر في ما يلي أهم هذه النقاط:

الجانب الديني

  • إن امتناع المؤمن عن شهواته التي أعتادها في الأيام العادية قبل شهر الصيام كالجماع والطعام والشراب امتثالا لطاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره، هذا ما يقوي إرادته وعزيمته ويقوي نفسه.
  • الصيام حصن للمسلم في الآخرة من عذاب النار ووقاية له في الدنيا من الوقوع في المعاصي كما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”، ويقول أيضا: ” الصيام جُنًة فلا يُرفت ولا يُجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين “، ومعنى جُنًة أي أنه حاجز وحماية للمسلم من الوقوع في المعاصي
  • شفاعة الصوم لصاحبه يوم القيامة: لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: ” الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان”
  • الصيام حاجز للعبد من مجاراة السفهاء ومخاصمة الجهلاء ووجوب العفو ومكارم الأخلاق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الصيام جُنًة فلا يُرفت ولا يُجهل”
  • الصوم عاصم للعبد وحصن له حيث أنه يقوًم سلوكه وينقي قلبه ويزكي نفسه ويهذب خلقه ويقوي إيمانه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الصيام جُنًة وهو حصن من حصون المؤمن وكل عمل لصاحبه إلا الصيام. يقول الله: ” الصيام لي وأنا أجزي به “

اقرأ أيضًا : كم ساعة صيام قبل تحليل الدم الشامل

الجانب الصحي

  • التقليل من مستوى الكولسترول في الدم مما يعمل على حماية القلب والمخ من الجلطات
  •  الحد من آلام المفاصل
  • الصوم فرصة لراحة أجهزة الجسم الحيوية مثل البنكرياس المسئول على إفراز الأنسولين، الذي يعمل على تحويل السكر إلى مواد نشوية وذهنية، فالصيام يعطي فرصة للبنكرياس للراحة وحمايته من الإرهاق
  • المساهمة في إنقاص الوزن إلى جانب إفطار صحي مليء بالعناصر الغذائية الضرورية لصحة الجسم
  • الوقاية من خطر الإصابة بمرض النقرس
  • معالجة الأمراض الجلدية المختلفة وذلك لنقص الماء في الدم مما يؤدي إلى تقوية مناعة الجلد وبالتالي التقليل من السموم التي تتحول إلى بثور ودمامل

وفي نهاية هذا المقال الذي أبرزنا من خلاله ركن الصيام وأجبنا على السؤال الذي يراود العديد من الناس هل يجوز الصيام عن الميت؟، لا يسعنا إلا أن ندعو الله عز وجل أن يديم علينا نعمة الإسلام.

قد يعجبك أيضًا