هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية

هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية؟ وما هي الحالات التي يجب فيها دفع وإخراج الكفارة؟ في الواقع إن هناك العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة التي جاءت في بخصوص كفارة اليمين، وعبر موقع زيادة سنعرض لكم كافة المعلومات الخاصة بكفارة اليمين، فمتى تجوز؟ وما هي كيفية القيام بها وأنواع الكفارة؟ كل هذا وأكثر فيما يلي من سطور.

هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية؟

اليمين بشكل عام هو لفظ يُطلق على الحلفان، فالعرب في السابق كانوا يقومون بمصافحة اليد اليمنى عند الاتفاق على أمرٍ ما، كما أن البعض منهم كان يقوم بالقسم وهو يضع يُمناه على القرآن الكريم، واليمين في هذه الأيام هو ذكر لاسم الله أو إحدى صفاته وإلحاقها بأمرٍ مثل شيءٍ حدث أو شيءٍ تُريده أن يحدث.

تجوز كفارة اليمين على الشخص الذي حلف عندما يحنث بحلفانه، فالحانث هو الشخص الذي خالف ما قاله وحلف عليه، كما أنه لقب يُطلق على من يُخالف الاتفاقات والعهود، وهناك كفارة نص عليها الدين الإسلامي للشخص الذي يحنث باليمين.

لكن قبل التعرف إلى طرق التكفير عن اليمين، نجيبكم في البداية عن سؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية أم لا، وفي الواقع لا يجوز دفع كفارة اليمين بشكل مالي نقدي، ولكن إخراج النقود للجمعيات الخيرية بنية إطعام المساكين المسجلين لديهم يعد أمرًا لا كراهية فيه.

كما تُلاحظ أعلاه فإطعام المسكين من طرق تكفير اليمين، فما هي الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها تكفير اليمين، تشتمل هذه الطرق بالترتيب على إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشر مساكين، كما أن تحرير الرقبة يعد من طرق تكفير اليمين.

وإن لم تستطع القيام بأيٍ من ذلك عليك الصيام لمدة ثلاثة أيام كتكفير عن اليمين الذي قمت بحنثه حتى يغفره الله لك، ويمكن لشخص موكل عنك أن يقوم بإطعام المساكين أو كسوتهم بأموالك وتوصيتك له، ولكن الصيام لا يمكن إلا أن تقوم به أنت، ومن الممكن أن يكون المساكين من بيتٍ واحد أو بيوتٍ متفرقة.

فيما يلي عبر هذا المقال سنُطلعكم على النصوص الدينية التي جاءت فيما يخص كفارة اليمين وشروطها، كما أننا سنتناول الحالات التي يجب على حانث اليمين فيها إخراج كفارة، بالإضافة إلى الحالات التي لا يستوجب فيها القيام بذلك.

اقرأ أيضًا: متى تجب كفارة اليمين

كفارة اليمين في القرآن الكريم

بعد أن تعرفنا إلى إجابة سؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية، ننوه إلى أن المصدر الأول الذي جاء في صور التفكير عن اليمين هو القرآن الكريم والآيات والسور التي جاءت في كتاب الله العزيز، وجاء الحديث عن كفارة حنث الحلفان بشكل تفصيلي في الآية رقم 89 من سورة المائدة، وقال الله تبارك وتعالى في هذه الآية:

{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].

يقول الله تبارك وتعالى في هذه الآية من سورة المائدة أن كفارة حنث الحلفان والإخلال بالقسم بالله هي إطعام 10 من المساكين من أوسط ما يأكله أسرة الشخص الذي حنث، كما أن كسوتهم تعتبر من صور وأبواب تكفير اليمين، ويعد تحرير الرقبة من وسائل التكفير عن هذا الفعل الذي يعد كبيرًا عند الله تبارك وتعالى، والكفارة الأخيرة هي صيام ثلاثة أيام بنية التكفير عن حنث اليمين والإخلال بذكر الله على شيء تريد فعله أو قوله.

هناك اعتقاد سائد أن الكفارات تنوب عن بعضها، فالناس في غالب الأحيان تتجه لصيام الأيام الثلاثة مباشرة دون المرور بباقي الشروط، وهذا غير صحيح ولا يجوز، فالصيام يعد الكفارة الأخيرة من صور التكفير الخاصة باليمين، ولا يلجأ لها المرء إلا إذا لم يستطع القيام بباقي صور وأشكال تكفير الإخلال باليمين.

نجد قول الله في بداية الآية الذي جاء فيه: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ}، نفهم من هذا أن الله لا يحاسب عباده على اليمين إلا في حال ما كانوا عاقدين على الحلفان، وهذا يأخذنا إلى أنواع الحلفان واليمين التي يجب عليها الكفارة، والأنواع التي لا تجب عليها الكفارة.

جواز كفارة اليمين والامتناع عنها

كفارة اليمين ليست جائزة على كل حالات القسم والحلفان، فهناك ثلاثة أنواع للقسم، ولا تجب الكفارة عليها جميعها، فبعد أن أجبنا عن سؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية، نُعرفكم فيما يلي الأنواع الثلاثة للقسم واليمين، وتشتمل هذه الأنواع الخاصة بالقسم على ما يلي:

1- اليمين اللغو والقسم عن غير عمد

يمين اللغو هو يمين يحلف فيه صاحبه بغير قصده وعن غير تعمد أو نية للحلفان، كما أنه قد يعبر عن الحلفان والقسم على شيء كنت تظن أنه صحيحًا وهو غير ذلك، وهذا اليمين يمين اللغو من أنواع القسم التي لا يحاسب الله بها العبد، فلا كفارة على فاعلها ولا إثمٌ عليه.

اقرأ أيضًا: ما هي كفارة اليمين

2- القسم واليمين بانعقاد النية

النية على فعل شيء والإقسام عليه يعتبر من أنواع اليمين التي يؤثم فاعلها في حال ما خالفها، فإذا قام المرء بإطلاق اليمين والقسم بأسماء الله الحسنى أو إحدى صفاته، ومن ثم حنث هذا القسم ولم يقم به، وجب عليه تكفير هذا القسم الذي حنثه حتى يغفر له الله إخلافه لما حلف به.

3- الإقسام على الله باليمين الغموس

معنى اليمين الغموس هو اليمين الكاذب، واليمين الذي يقوم صاحبه بالحلفان به وهو يعلم أنه يكذب، وهذا اليمين من أسوأ أنواع الحنث في اليمين، فهو في الغالب يُستخدم للغش والخداع بالإضافة إلى إضاعة حقوق الناس، وعلى حانث هذا اليمين قبل الإقدام على تكفير الذنب، أن يقوم برد الحقوق إلى أصحابها.

بعد أن يقوم صاحب اليمين الغموس برد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحة، فالحلفان الغموس يغمس صاحبه في النار في حال ما لم يتب ولم يغفر الله سبحانه وتعالى له ما فعل، وهذا اليمين يجب التكفير عنه من خلال إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، بالإضافة إلى تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام كحل أخير للتكفير عن حنث القسم واليمين.

اقرأ أيضًا: عقوبة حلف اليمين الكاذب على القرآن

الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت في تكفير اليمين

جاء على لسان رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث التي تطرق فيها إلى الكلام عن كفارة اليمين، فلم يترك الحبيب المصطفى أمرًا من أمور الدنيا إلا وتحدث فيها وتطرق لها، وفيما يلي سنتعرف إلى مواضع ذكر كفارة اليمين في السنة النبوية الشريفة.

جاء على لسان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه ما يلي: “أَعْتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصِّبْيَةَ قدْ نَامُوا، فأتَاهُ أَهْلُهُ بطَعَامِهِ، فَحَلَفَ لا يَأْكُلُ مِن أَجْلِ صِبْيَتِهِ، ثُمَّ بَدَا له فأكَلَ، فأتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ”.

في هذا الحديث يقول سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه أن هناك رجلًا جلس عمد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حتى أعتم عنده أي جلس عند النبي إلى عتمة الليل، فما عاد إلى زوجته وأسرته وجد أبناءه نيام، فعندما أتته أهله أي زوجته بالطعام أقسم ألّا يأكل وصبيته نيام.

بعد فترة من الزمن شعر الرجل بالجوع الشديد فحنث ما حلف به وتناول الطعام، فذهب بعدها إلى الرسول الكريم يبلغه بما حدث، فقال له سيدنا محمد أنه في حال ما أقسم المرء ومن ثم وجد ما هو أفضل من قسمه، فعليه حنث يمينه ومن ثم التكفير عما فعل من خلال أبواب التكفير عن اليمين التي تم ذكرها أعلاه في الإجابة عن سؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية.

بعد أن تناولنا كافة الأمور الخاصة بكفارة اليمين، بالإضافة إلى الإجابة الخاصة بسؤال هل يجوز دفع كفارة اليمين للجمعيات الخيرية، فوجب التنويه إلى أن قدر الإطعام للمساكين العشر يكون صاع لكل مسكين من غالب قوت أهل البلد كالأرز والشعير والحنطة وغيرها، والصاع يبلغ 3.25 كيلوجرام.

قد يعجبك أيضًا