هل يجوز الدعاء وأنا على جنابة؟

هل يجوز الدعاء وأنا على جنابة؟ أم أن للمسلم أن يدعو ربه ويتوجه إليه في كل وقت وحين وفي جميع الهيئات التي يكون عليه وفي جميع الحالات؟

في السطور التالية على موقع زيادة نعرض لكم الإجابة على هذا السؤال.

هل يجوز الدعاء وأنا على جنابة؟

هل يجوز الدعاء وأنا على جنابة؟

إن الدعاء من العبادات التي يلجأ فيه العبد لربه ويتقرب فيها إلى الله لإيمانه أنه سبحانه وتعالى قريب مجيب سميع لعباده،

قال تعالى في سورة البقرة: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)”.

الله سبحانه وتعالى يحب أن يسمع عباده يتوجهون بقلوبهم قبل ألسنتهم إليه داعين متضرعين منيبين موقنين بالإجابة من رب كريم رحيم حليم قال تعالى في سور النمل: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ إله مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62)”.

لكن المسلم حين يدعو الله يتمنى أن يستجيب الله له ويخشى أن يحول أي شيء دون ذلك ويسأل نفسه عن جواز الدعاء في حالة الجنابة وهل يكون عليه حرج أو إثم إن فعل؟

كان لفقهاء الدين آراء كثيرة حول هذا السؤال، والتي سنستعرضها لكم في السطور التالية:

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الصلاة على جنابة وكيفة الاغتسال من الجنابة

آراء الفقهاء عن دعاء المسلم وهو على جنابة

من فضل الله على هذه الأمة أن جعل فيها الفقهاء والعلماء الذين اجتهدوا في بيان وتعليم وتوضيح كل شيء للمسلمين ليقربوا لهم ما بعد عن علمهم.

رأي لجنة الفتوى التابعة للأزهر الشريف في مصر

رأت لجنة الفتوى التابعة للأزهر الشريف الآتي:

– أنه لا حرج من الذكر في أي حال يكون عليه الإنسان لأن الأمر بذكر الله تعالى جاء مطلقًا دون قيد أو شرط.

– إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذاكرًا لله في كل حالاته وسكناته وحركاته، وروى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه”.

– أكملت اللجنة فتواها أن الإمام النووي أكد على إجماع العلماء وجواز ذكر الله باللسان وبالقلب للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في الدعاء والتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الاستغفار بدون وضوء؟ وما الدليل من الكتاب والسنة؟ وفوائد الاستغفار

رأي السلف في دعاء المسلم وهو على جنابة

هناك من أهل السلف من كان رأيهم استحباب الوضوء عند ذكر الله سواء في الدعاء أو الاستغفار مع جواز فعل ما سبق على الجنابة ذلك على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب.

الأدلة الشرعية التي استند عليها السلف

–  في “صحيح مسلم”: “فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وَقُلْتُ لَهُ: قَالَ: قُلْ لَهُ: يَسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ” إن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عندما أراد أن يستغفر لعبيد توضأ قبل استغفاره.

–  من حديث الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ: “سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ”.

شرح الأدلة الشرعية

استدل أصحاب رأي استحباب الوضوء عند ذكر الله بهذا الحديث مع عدم الالزام بالوجوب وهذا ما عليه جمهور علماء السلف.

ورأي ابن الملك في (شرح المصابيح) أن هذا الحديث فيه دليل على استحباب ذكر الله على الوضوء والتيمم؛ لأن السلام فيه ذكر الله.

– في الحديثين النبويين الشريفين السابقين أمرين هامين يجب الانتباه لهما للسائل:

الأول: إن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لفعل التيمم قبل رد السلام والوضوء بالدعاء للاستغفار لا يدل على وجوب الطهارة من الجنابة لأنه لا يتضمن أمر ملزم أو نهي مانع.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز قراءة القران بدون حجاب أو بملابس خفيفة ؟

الثاني: فعل الرسول للتيمم والوضوء دون أمر به أو نهي عنه يدل على استحباب الفعل وأنه أفضل في الأجر والله أعلم.

قد يسأل سائل لماذا لا نلزم أنفسنا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وحسب؟

من المؤكد الذي لا شك فيه أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأقرب لطاعة الله ونيل قربته ورضاه، ولكن فرق علماء السلف بين الأحكام على حسب الأدلة وبيانها.

هذا من باب التيسير للعباد في أداء العبادات فقسمها الفقهاء إلى الفرض ومنه فرض عين وفرض كفاية وواجب

المندوب ومنه مستحب وسنة مؤكدة وسنة كفاية وسنة عين.

المكروه ومنه كراهة التحريم او التنزيه وخلاف الأولى.

والحرام والمباح.

لكل حكم مما سبق بين ووضح العلماء كل ما يخصه واجتهدوا ودللوا وشرحوا حتى لا يكون في قلوب المؤمنين حرج.

كل تلك الجهود التي بذلها الفقهاء والعلماء ليفيدوا المؤمنين والسائلين والحائرين حتى تستريح القلوب عند أداء العبادات ويتقربوا إلى الله بما يرضيه.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز قيام الليل بركعتين ؟ وما هو دعاء صلاة قيام الليل ؟

فيما سبق أجبت على السؤال (هل يجوز الدعاء وأنا على جنابة؟) بعرض أراء علماء لجنة الفتوى من الأزهر الشريف، كذلك عرضت لآراء علماء السلف حول الرد عن هذا الموضوع بالأدلة الواضحة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، هذا والله أعلم.

قد يعجبك أيضًا