هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال

هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال؟ وهل يجعل ذلك الصلاة صحيحة؟ فربما توجد بعض أمور الفقه ما يجهلها المسلمون، نظرًا لعدم انتشارها أو عدم استخدامها من الكثيرين، لذا يسارع البعض في الاستعانة بالهاتف الجوال، أو الإنترنت، ومن هذه الأمور بعض الأدعية التي لا يحفظها المسلم عن ظهر قلب، مثل دعاء القنوت.

لدعاء القنوت صيغة كاملة، من الممكن أن يكون عسيرًا على المسلم حفظها وترديدها دون الاستعانة بمصدر تلقين، فيلجأ البعض للجوال عند قراءته في الصلاة، فسنعلم هنا من خلال موقع زيادة هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال أم لا.

هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال؟

هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال؟

إن الدعاء من أفضل العبادات عند الله تعالى، ومن الأدعية ما يستخدم لغرض معين، يُستحب ان يتم الدعاء بها في مواقفها المختلفة، أخذناها عمّا وُرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة، فيحرص النبيّ الكريم على الدعاء بجوامع الكلم الخالص.

إن القنوت في اللغة هو الدعاء، لكنه يشمل معاني أخرى في مضمونه كالخضوع والسكون والسكوت، بل يتضمن أيضًا القيام والصلاة والطاعة لله عز وجل وعبادته، فالفعل قنت معناه أطاع، لكن مصطلح القنوت يشير إلى الدعاء في الصلاة.

بالنسبة لترديد دعاء القنوت في الصلاة، نشير في هذا الصدد لعدة أحكام:

  • بصدد الإجابة على سؤال هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال نشير أنه يمكنك قراءة دعاء القنوت إن أردت صيغة معينة لقراءتها ولم تكن تحفظها عن ظهر قلب، فيجوز أن تقرأه من الهاتف الجوال.
  • بالتالي كما الحال في جواز قراءة دعاء القنوت من الجوال، فإنه لا يُبطل الصلاة بالضرورة، طالما أنه أمرٌ جائز.
  • إن كنت تحفظ دعاء القنوت فمن الأفضل أن تتلوه دون مصدر خارجي، سواء من ورقة أو جوال، لكن الاستماع إليه من تلفاز أو بث إذاعي أو غيرها فهو أمرٌ غير جائز، رغم أنه لا يُبطل الصلاة، لكن المُتفق عليه أنه يتم قراءته وليس فقط الاستماع إليه.

إن المسلم حينما يدعو يجب أن يدعو بكل ما تكنّ به نفسه، دعاءً صادقًا خالصًا، مُرتجلًا يُعبر عن حال صاحبه وما يطلب من الله عز وجل، لذا لا توجد صيغة واحدة يُمكن تناولها للدعاء، لكننا نشير أن ثمة أدعية متفقٌ على كونها مأخوذة من السنة النبوية الشريفة، فيرددها المسلم استحبابًا لكونها اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم إخراج زكاة الفطر؟

حكم مسك الجوال أثناء الصلاة

قمنا بتوضيح حكم قراءة دعاء القنوت من الجوال، ونشير أنه لا حرج من حمل الهاتف في الصلاة طالما كان الغرض منه فقط هو قراءة الدعاء أو القرآن، لما توفره الهواتف الآن من إمكانية فتح المصحف المرئي من خلاله، أو تطبيقات الأدعية المختلفة.

لكن أيضًا لكمال الحكم نشير أن ترك الهاتف أثناء الصلاة أولى وأجدر، تأكيدًا على دقة حضور المرء أمام الله عز وجل، حضور قلبه وعقله موقرًا لله سبحانه وتعالى، فبالتالي من الأفضل قراءة ما تيسر من سور القرآن القصيرة أو الدعوات الوجيزة المختصرة المحفوظة.

في ظل فترة الوباء الذي يعاني منه العالم، وما يشهده من إغلاق المساجد، ليضطر المرء أن يمكث في بيته عند أداء الصلاة، لذلك إذا كان لا يحفظ الأدعية التي يتم قراءتها في الصلاة كما كان إمام المسجد يحفظها ويتلوها، يُمكنه عند اقتضاء هذه الحاجة أن يستعين بالجوال في قراءة الدعاء ومنها تلاوة دعاء القنوت الذي قمنا بتوضيحه سلفًا.

الأدعية المُستحبة للقنوت

نستعين هنا بحديث عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:

“عن الحسنِ بنِ عليٍّ رضيَ الله عنْهما، قال: علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، قالَ ابنُ جوَّاسٍ: في قنوتِ الوترِ اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ” (صحيح).

عن علىّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: “اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك” (صحيح مسلم).

عن قنوت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الوتر، أنَّه كان يقولُ: “اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم”.

“اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ”.

“بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق”.

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتاد قراءة هذا الدعاء: “اللَّهمَّ اقسِم لَنا من خشيتِكَ ما يَحولُ بينَنا وبينَ معاصيكَ، ومن طاعتِكَ ما تبلِّغُنا بِهِ جنَّتَكَ، ومنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَينا مُصيباتِ الدُّنيا، ومتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا، واجعَلهُ الوارثَ منَّا، واجعَل ثأرَنا على من ظلمَنا، وانصُرنا علَى من عادانا، ولا تجعَل مُصيبتَنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدُّنيا أَكْبرَ همِّنا ولا مبلغَ عِلمِنا، ولا تسلِّط علَينا مَن لا يرحَمُنا” (صحيح الترمذي).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم قراءة سورة البقرة يوميًا عند ابن باز؟

حكم دعاء القُنوت في الوتر

إن حكم دعاء القنوت بشكل عام أن قراءته في صلاة الوتر مُستحبة، فنقول هنا على سبيل الاستحسان وليس الواجب، لذا من لا يقرأه لا إثم عليه، فليس من الضروري أن يداوم عليه في كل صلاة وترية، بل من الممكن أن يقرأه أحيانًا ويتركه أحيانًا.

في إطار الحديث عن إجابة هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال، أشرنا أنه جائزٌ إذًا في صلاة الوتر، وقد أقرت المذاهب الأربعة بشروع القنوت في صلاة الوتر، ولكن القنوت لا يختص بوقت معين دون الآخر، فهو دعاءٌ كمثل باقي الأدعية.

إن محل القُنوت يكون في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الركوع، لكنه يجوز قبله أيضًا، فحينما ينتهي المصلي من الركوع ليستقيم يقوم بالدعاء قبل السجود.

بعد الانتهاء من دعاء القُنوت، يتم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحمد لله رب العالمين، ثم تكملة الصلاة من سجود وتشهد.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم إخراج زكاة الفطر نقدًا؟

القنوت في صلاة الفجر

استكمالًا للحديث عن إجابة هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال، نذكر أنه لم نرى إثبات عن الرسول صلى الله عليه وسلم قيامه بدعاء القنوت في صلاة الفجر، لكنه كان يقنت عمومًا في الصلوات الخمس عمومًا وليس في صلاة الفجر فقط، وهذا هو القول الأرجح.

قيل أن دعاء القُنوت تشتد الحاجة إلى قراءته في مواقف معينة كنزول المطر، أو هجوم الأعداء، أو في أي وقت من أوقات الابتلاء بشكل عام، مع العلم أن صيغ دعاء القُنوت مختلفة، لكن المستحسن منها هو ما وُرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز للحائض زيارة المقابر؟ وما حكم الزيارة من السنة؟

من غير المستحب في دعاء القُنوت

نشير إلى قول الإمام النووي رحمة الله عليه، أن دعاء القنوت لا يتعين فيه الدعاء وفق مذهب محدد أو صيغة مختارة، فيكون الشخص قد قنت إن دعاء أي دعاء في نفسه، ولو قنت بآية من القرآن الكريم مشتملةً على الدعاء.

بعد أن قمنا بالإجابة على هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال نشير أنه إذا شرع الإمام في تأدية دعاء القنوت، فإن عليه أن يتجنب عدة أمور، منها:

  • الإطالة على الناس، فقليل يسير خيرٌ من كثير عسير، وبما أنه سُنةً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يُستحب عدم الإطالة فيه نظرًا لتشجيع المُصلين على المداومة عليه، فربما الإطالة تُسبب إرهاق البعض أو تشتتهم.
  • المبالغة في رفع الصوت بالدعاء، أو بالبكاء الشديد، فالتضرع إلى الله لا خلاف عليه، لكن الصوت الشجيّ الطيب أحبُّ إلى النفوس من الصوت المُفزع، فعندما يكون الدعاء بصوت معتدل يكون أثره أكبر على المصلين.
  • تجنب التكلف بالسجع في الدعاء، فكما أشرنا أنه من الأفضل أن يدعو المؤمن بما تكنّ به نفسه وقلبه، فبالتالي هو ليس شعرًا أو نصًا نثريًا حتى نلتزم فيه بالسجع والقافية المبالغ فيها، إن السجع يؤثر إيجابًا على المعنى لا نشكك في ذلك، لكن المبالغة في الشيء أيضًا تُفقده معناه.
  • الأدعية الخاصة التي لا تحمل العموم لجميع المؤمنين والمسلمين لا يصح الدعاء بها، سواء كان الدعاء بالضرر أو النصر، من المُستحسن أن يتم تجنبها.
  • الأدعية التي يكون فيها تفصيل غير مقبول بشكل من الممكن أن نراه متعمدًا، فبالتالي يكون غير مشروع في الصلاة ويُبطلها، لذلك يكفي أن يكون الدعاء شاملًا مُختصرًا عامًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم صيام شهر رمضان وما الحكمة من تشريعه

يسعى البعض حثيثًا إلى مرضاة الله عز وجل، والتقرب إليه بالنوافل وبالأعمال الصالحة، ومنها قراءة الأدعية التي بها من التضرع وخشية الله ما يُهذب النفوس ويهديها إلى مُراد الله، لذا قدمنا لكم الإجابة على هل يجوز قراءة دعاء القنوت من الجوال، وبيّنا الأحكام الفقهية المتعلقة بالأمر، ونسأل الله الصواب.

قد يعجبك أيضًا