هل يجوز الحلف بالمصحف

هل يجوز الحلف بالمصحف ربما يشغل هذا السؤال أذهان الكثير من المسلمين، فكثيراً ما يحلف الناس في حياتهم اليومية بالمصحف للتأكيد على حدث ما ، ثم تدور حولهم مجموعة من النقاشات ويعم الجدل فتجد أحد المتواجدين يقول لمن حلف بالمصحف استغفر ربك يا عزيزي فقد أشركت بالله، فيتعجب الحالف وينتابه شكٌ ويقول هل يحلف بكتاب الله مشركٌ به، فتابعونا اليوم عبر موقع زيادة لتعرفوا هل يجوز الحلف بالمصحف والدليل الشرعي على ذلك.

اقرأ أيضًا: ما هي كفارة الحلف بغير الله

هل يجوز الحلف بالمصحف

هل يجوز الحلف بالمصحف

هو أهم الأسئلة الشائعة بين عامة المسلمين، والتي ينبغي أن يكون كل مسلم على علم بإجابة هذا السؤال، وإن كنت واحداً من هؤلاء الذين يرغبون في معرفة الرد الصحيح على هذا السؤال مدعوماً بالأدلة الشرعية فتابعنا وإليكَ إجابة السؤال:

  • أجازت دار الإفتاء المصرية الحلف بالمصحف، واعتبرته يميناً منعقدة يحاسبنا الله عليه، ويجب على الإنسان الكفارة في حالة الرجوع فيه، والمقصود باليمين المنعقدة هنا أنه يمين انعقد في نفس الإنسان، فيحلف الإنسان اليمين وهو قاصد ومدرك لشيء معين في نفسه، على أمر يمكنه فعله في المستقبل.
  • واتفق جمهور الفقهاء أنه يمكن الحلف بالله أو بكتابه أو بآية من آياته أو بكلامه، ويعتبر هذا يمين ويلزم على صاحبه آداء كفارة اليمين إذا حنث فيه، حيث اتفق في ذلك كلاً من الشافعي ومالك وقتادة وابن مسعود والحسن وأحمد وأبو عبيدة وعامة أهل العلم.
  • وهناك دليل آخر يدل على جواز الحلف بالمصحف حيث يقول الإمام ابن قدامة رضى الله عنه

«بأن الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله، منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها».

  • والمقصود بجواز الحلف بالمصحف هنا، أن ينوي الحالف ويقصد الحلف بكلام الله نفسه وليس بغلاف المصحف وأوراقه، فلا يجوز مطلقا الحلف بالأوراق، بل ويعد شرك بالله، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه الترمذي (1535) وأبو داود (3251) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

  • والدليل على ذلك ما جاء به شيخ الإسلام ذكريا الأنصاري في كتابه (أسنى المطالب) ” (4/ 244، ط. دار الكتاب الإسلامي):

[(وَقَوْلُهُ: وَكَلَامِ اللهِ وَكِتَابِهِ وَقُرْآنِهِ يَمِينٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، (وَكَذَا) قَوْلُهُ: (وَالْمُصْحَفِ، وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ حُرْمَتَهُ أَوْ حُرْمَةَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَوْ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فَكَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، (لَا إنْ أَرَادَ) بِهِ (الرَّقَّ وَالْجِلْدَ) أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا].

  • أما فكرة وضع اليد على المصحف أو بين صفحاته للحلف بالمصحف، فهذا أمرٌ محدث ولا أساس له، المقصود بالحلف بالمصحف هو الحلف بكلام الله المعظم وليس الغلاف والصفحات، فلا داعي إذاً لمسك المصحف من الأساس، وإنما يفعل الناس هذا بغرض إدخال الهيبة إلى قلب الحالف ليمتنع عن الحلف كذباً.
  • والدليل على ذلك إجابة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن جواز الحلف بالمصحف فأجاب بأن:

الحلف والقسم لا يجوز إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته، فإذا حلف الإنسان بالله سبحانه وتعالى فإنه لا حاجة إلى أن يأتي بالمصحف ليحلف عليه، فالحلف على المصحف لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة، حتى بعد تدوين المصحف؛ لم يكونوا يحلفون على المصحف، بل يحلف الإنسان بالله سبحانه وتعالى بدون أن يكون ذلك على المصحف” انتهى بتصرف من “فتاوى نور على الدرب”.

  • أما وضع اليد على التوراة أو الإنجيل فلا يجوز مطلقاً فالنسخ الموجود محرقة وليست بتوراة أو إنجيل.

اقرأ أيضًا: ما حكم الحلف بالله ثم التراجع

كفارة الحنث في يمين الحلفان بالمصحف

هل يجوز الحلف بالمصحف

كثيراً ما يحلف الإنسان بالمصحف، ثم يرجع في يمينه، ولا يدري ماذا يفعل هل ارتكب اثماً وعليه كفارة، أم أن الحلفان بالمصحف لا يعتبر يمين من الأساس؟ إن كنت عزيزي القارئ قد مر بك مثل هذا الموقف وتريد معرفة الإجابة وما هي كفارة ذلك في حالة وجوب الكفارة فتابعنا وسنوافيك بكل التفاصيل:

  • أفادت دار الإفتاء المصرية أن من يحلف بالمصحف كذباً أو يضع يده على كتاب الله عز وجل ويحلف بالكذب فإنه قد أغضب الله عز وجل في الدنيا والآخرة.
  • ومن لم يستطيع الوفاء بيمينه واضطر إلى الرجوع فيه، أو من رأى أن هناك خياراً أفضل، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يفضل في هذه الحالة الرجوع في اليمين وفعل الأفضل، ويلزمه كفارة حنث اليمين.
  • والحلفان بالمصحف أثناء الغضب، كالحلفان في كل الأوقات يوجب على الحالف الوفاء بيمينه أو الكفارة عنه.
  • أما في حالة تقديم المشيئة أثناء الحلفان بالمصحف وعدم استطاعته الوفاء بيمينه فلا يأثم الحالف، وليس عليه كفارة ما دام قد قدم المشيئة.
  • أما من حلف مكرها فلا إثم عليه إن رجع في يمينه ولا كفارة، لأن اليمين لا ينعقد في حالة الإكراه.
  • وقالت بعض المذاهب الفقهية أن من يحلف بالمصحف كذباً وجب عليه التوبة إلى الله تعالى وكثرة الاستغفار، ورأت مذاهب فقهية أخرى أن من يرجع في يمينه وجب عليه كفارة الحنث في اليمين وهي عتق رقبة مسلمة فإن لم يستطع ذلك فليطعم عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يستطع فليصوم ثلاثة أيام.
  • والدليل على ذلك قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[١١].

اقرأ أيضًا: حكم الحلف بالطلاق المعلق بشرط عند أئمة الإسلام

وختاماً فإن الحلف بالمصحف جائز، ما دام الحالف يقصد كلام الله الذي هو جزء من صفاته، فلا يجوز الحلف بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته، فهذا هو ملخص الإجابة عن السؤال القائل هل يجوز الحلف بالمصحف ؟.

قد يعجبك أيضًا