هل يجوز المسح على الحذاء

هل يجوز المسح على الحذاء؟ وما قول الفقهاء في ذلك الأمر؟ حيث قد تستدعي بعض الأحداث المسح على الحذاء، مثلًا قبل الدخول إلى المسجد بالنسبة للمسافرين لمسافة بعيدة عن منازلهم، لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم إجابة سؤال هل يجوز المسح على الحذاء؟ كما سنعرض لكم متى يكون المسح على الحذاء أو الجوارب.

هل يجوز المسح على الحذاء

الدين الإسلامي هو دينُ يسر لا عُسر، أرسل الله -عز وجل- به رسوله المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم- ليهدي به الناس من الظلمات إلى النور، والشواهد على أن الإسلام ما كان إلا ميسرًا لنا كثيرة نقتبس منها الآية الخامسة والثمانين بعد المائة من سورة البقرة.

يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ“، والآية السابعة والتسعين من سورة مريم: “فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا“، فيسر الله علينا في الصيام، وفي الزكاة، وفي الصلاة أن جعلها خمس صلوات، ولطريح الفراش وللقعيد.

كما من سور التيسير في الإسلام وبالأخص في الصلاة التيمم، فمنه يتيمم الإنسان بالتراب إن لم يوجد ماء له للوضوء، وإن كان يرتدي في قدمه خُف “حذاء” فإن الإسلام يسر له الوضوء وهو مرتدي الحذاء.

أوضحت اللجنة العلمية للأزهر عبر موقع الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية حين أجابت على سؤال هل يجوز المسح على الحذاء، فقالت إن المسح على الحذاء يكون بعد شرطين الشرط الأول أن يكون تحت هذا الحذاء جورب.

على أن يكون هذا الجورب بمواصفات، وهي ألا يشف القدمين، وألا يجعل الماء تصل إلى القدم وإلا فلا حاجة للمسح على الحذاء، أما الشرط الثاني فهو أن يكون الجورب والحذاء قد تم لبسهما على طهارة.

أما المسح فتكون مدته يومًا للمقيم في بلده، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر خارج بلده، والجروح في قدمه أو من به أذىً من الماء فعليه اتباع ما جاء صاحب “حاشية الروض”، وهو المسح على الجبيرة أو على الجرج، وذلك لأن المسح نصف الغُسل.

اقرأ أيضًا: شروط المسح على الجوارب في الإسلام

المسح على الخُفين في السُنة النبوية الشريفة

السُنة النبوية جاءت تأكيدًا على كلام الله -سبحانه وتعالى- الذي ورد في القرآن الكريم، وفيها من تيسير العبادات على بني الإسلام، ومن ضمن ما ورد بها ما جاء بشأن هل يجوز المسح على الحذاء، وفي هذه الفقرة سنوضح لكم ما جاء في السنة من إجابة لهذا السؤال.

جاء في الحديث الذي رواه سهل بن سعد الساعدي، والحديث صحيح لرواية بلال بن رباح، وذكره الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح ابن ماجه صحيحًا “أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وأمرنا بالمسحِ على الخفين“.

في الحديث الصحيح توضيحًا للتيسير في العبادات، ففيها الشاهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمسح على ظهر خُفيه، بل ورد أيضًا عن رسول الله أنه كان يمسح على عمامته للتيسير على الأُمة من بعده.

كما أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يمسحون على الخُف، وهو ما أورده شعيب بن أرناؤوط حسنًا في تخريج المسند عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه شاهد بأن رسول الله كان يمسح على خُفيه.

رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ يَمسَحُ على خُفَّيْهِ بالعِراقِ حينَ يَتوضَّأُ، فأنكَرتُ ذلك عليه، قال: فلمَّا اجتمَعْنا عِندَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، قال لي: سَلْ أباكَ عمَّا أنكَرتَ عليَّ مِن مسحِ الخُفَّينِ، قال: فذكَرتُ ذلك له، فقال: إذا حدَّثَك سعدٌ بشيءٍ فلا ترُدَّ عليه؛ فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَمسَحُ على الخُفَّينِ“.

هذا الحديث من الشواهد التي تدل أن المسح على الخفين كان من سُنة رسول الله، فكان الصحابة ومنهم سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة يمسح على خُفيه.

المسح على الخُفين في الفقه الإسلامي

الفقهاء الأربعة لم يذكر منهم الشافعية، ولا المالكية مسألة المسح على الخُف في الوضوء، لكن الحنفية والحنابلة تعرضوا لمسألة هل يجوز المسح على الحذاء، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم القول الذي جاء في أبرز حواشي المذهبين.

كتاب البناية شرح النهاية في الفقه الحنفي

ألف هذا الكتاب بدر الجين العيني أحمد بن حسن الغيتابي، وذكر في الصفحة 710 من الجزء الأول من البناية أن المسح على الخفين يكون على ظهر الخف فقط لا نعاله، لأن النعال تلامس التراب، والتراب طهور.

لكن يفسد المسح على الخف إن اختلط بالخمر أو البول، فهما لا يزولان بالمسح، لذلك وجب أن يُخلع الخُف في هذه الحالة وتغسل القدم في الصلاة بالطريقة العادية للمسلم في وضوئه.

كتاب شرح زاد المستقنع في الفقه الحنبلي

شرح هذا الكتاب الشيخ محمد بن محمد بن السيد الأمين الشنقيطي، وهو على المذهب الحنبلي، وجاءت إجابة الشيخ الشنقيطي على أن المرتدي للحذاء وإن كان طويلاً فهو يمسح عليه.

شرط أن يكون محل الفرض “حتى الكعبين”، وألا يكون بينه وبين الرجل حائل، أما إن كان بينه وبين الرجل حائل فالمسح أولى على الحائل “الجورب”، أما إن لم يكن الخُف ساترًا محل الفرض فلا مسح عليه، لنقص الأركان.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة بالحذاء

المسح على الخفين عن علماء العصر الحديث

من أبرز علماء العصر الحديث الشيخين محمد بن صالح آل عثيمين، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمهما الله رحمة واسعة، وفيما يلي سنعرض لكم رأي كل شيخٍ من الشيخين في مسألة هل يجوز المسح على الخف؟

الشيخ محمد بن صالح آل عثيمين

قبل أن يتعرض الشيخ إلى جواز المسح على الحذاء، بدأ بتعريف أركان الوضوء، وأن الوضوء يبدأ بالمضمضة ثم الاستنشاق، وغسل اليدين والذراعين، والرأس والرجلين، وجاء عند مسألة الرجلين وتحديدًا القدمين.

قال إن كانت دون خُفٍ فإن الأولى غسلها، فإن لم يكن فالمسح عليها، فإن لم يكن فالتيمم، أما لمن يرتدي خُف فعليه أن يمسح عليه إن كان ساترًا لموضع الفرض، وأن يكون من الخامات التي جعلها الله حلالًا للرجال، فإن كان حريرًا، فالأفضل خلعه ولا مسح عليه لأنه محرم على الرجل لبسه.

أما عن مدة المسح فهي تكون للمقيم أربع وعشرين ساعة من بداية المسح على الخُف، أما للمسافر تكون اثنتين وسبعين ساعة من بداية المسح، وتنتهي فترة المسح على القدمين بخلع الخُف.

قول بن باز في مسألة المسح على الحذاء

في إطار الحديث عن إجابة هل يجوز المسح على الحذاء، أجاب الشيخ عل سؤال تعرض له في برنامج فتاوى نور على الدرب، أن المسح يكون على وجهين، إما على الحذاء إن لم يكن تحته جورب، ويصلي بالحذاء، أو كان تحت الحذاء جورب فيخلع الحذاء ويمسح على الجورب.

كما يجب التنبيه أن المسح يكون على ظاهر القدم لا على باطن القدم، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه فقط، ولا يمسح على العقب، وقال الإمام علي عن هذه المسألة: “لو كان الدِّينُ بالرَّأي لكان مسحُ أسفلِ الخُفِّ أولَى من أعلاهُ“.

ضوابط المسح على الخفين وعدم الصلاة بالخفين

في السطور السابقة عرضنا لكم هل يجوز المسح على الحذاء ما ورد في السنة النبوية الشريفة، ومما قاله العلماء القدماء والمحدثون، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم ضوابط المسح على الحذاء، أو على الجورب.

يجب أن يصل الجورب إلى الكعبين، وهناك فرق في اللغة العربية بين العُرقوب والكعب، الإنسان له أربع كعوب اثنتين في كل قدم، وهما العظمتان البارزتان في جانبي القدم.

أما العرقوب فهو القوس الموجود في نهاية القدم من جهة الخلف، وهو أدنى من الكعب، كما يجب أن يكون الجورب أو الحذاء لا يسرب الماء، ولا يشف القدم، أما الشرط الثالث، وهي ألا يخلع المرء ما مسح عليه بالماء.

مدة المسح مرتبطة بأمرين الأول هو الضابط الشرعي المحدد بيوم للمقيم وثلاثة أيام للمسافر، والثاني هو خلع أحد الخُفين، والذي أصيب في قدمه فالمسح أولى على الجبيرة إن لم يكن الجرح مكشوفًا، أو سطحي.

أما عن عدم الصلاة بالخفين فهو لحماية بيوت الله من الأتربة، فالمساجد أصبحت الآن ممتلئة بالسجاد، والصلاة بالنعال قد تتسبب في مضايقة المصلين، غير أن صلاة الجنازة تُصلى بالخفين في معظم الأحيان.

اقرأ أيضًا: كيفية الوضوء الصحيح وأركان الوضوء وسننه والماء الصالح للوضوء

إن الإسلام جاء مقومًا للبشرية، ميسرًا على المسلمين دينهم، ومخففًا في الأحكام والضوابط، ولذلك فإنه لا حرج في المسح على الحذاء، أو في المسح على الجورب.

قد يعجبك أيضًا