هل يجوز التراجع عن الحلف

هل يجوز التراجع عن الحلف إذا حلف المرء في حالة الغضب؟ وهل يجوز ذلك إذا حلف ولم يكن في وعيه؟ في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض عليكم جواز الرجوع عن الحلف من عدمه موضحين آراء العلماء فيه وأسباب إبطال القسم وما هي كفارة التراجع عن القسم في الشريعة الإسلامية.

هل يجوز التراجع عن الحلف؟

هل يجوز التراجع عن الحلف

الحلف أو القسم من وسائل تأكيد كلام المتحدث سواء في الكلام الشفهي أو في الكلام المكتوب في الرسائل أو غيره، ويكون الحلف بالله وحده لا شريك والقسم عظيم شأنه فقد أقسم الله عز وجل في القرآن الكريم بالشمس وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا” (سورة الشمس الآية ١).

كما أقسم سبحانه وتعالى بالليل الليل “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى” (الليل آية ١)، كما أنه عز وجل قد أقسم بالقلم ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ” (القلم الآية 1).

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلف بالمصحف

التراجع عن الحلف في السنة النبوية

على الرغم من عظم القسم إلا أن الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه “مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ” الحديث صحيح وذكره مسلم في صحيحه.

في هذا الحديث الدليل المرجعي من السُنة النبوية الشريفة الذي يفيد بجواز التراجع عن الحلف.

كما أرجعت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية حنث اليمين بسبب وجود الخير من وجهة نظر العامة لا من وجهة نظره شخصيًا، مثل رجلاً اشترى أهل بيته طعامًا فأقسم ألا يأكل منه ثم دنى من الطعام فأكل منه فهذا خير من عدم الأكل لا إن كان مسلمًا عاصيًا وأقسم على عدم المعصية ثم حنث بقسمه فهذا باطل.

أما إن حدث العكس وقام المسلم بالقسم على عدم القيام بطاعة والتوجه إلى القيام بالمعصية فهذا في الشرع يسمى بيمين الفاجرة وهو قسم أو حلف لا يجب عليه تنفيذه، بل ويجب على من أقسم بهذا القسم أن يتحلل من قسمه ويكفر عنه فالقسم لا يكون إلا بفعل الخير.

أما الدكتور عثمان عويضة أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية قام ببث فيديو مباشر على صفحته الرسمية على الفيس بوك وقامت بنقله قناة دار الإفتاء على اليوتيوب يؤكد فيه على أن الرجوع في الحلف جائز لكن بشرط التكفير عن الحلف حسب ما حدده الشرع.

شروط صحة الاستثناء في اليمين

الاستثناء عن اليمين من الأمور الفقهية التي يُعنى بها كل مسلم بسبب كثرة تداول اليمين في معظم الجمل الحوارية التي تدور بين الناس وبعضهم البعض، ولذلك يسأل الناس هل يجوز التراجع عن الحلف وما هي شروطه وهو ما سنعرضه في تلك الفقرة.

يجب على المسلم أولاً ألا يجعل القسم والحلف بالله دائمًا على لسانه فقال تعالى في الآية 224 من سورة البقرة “وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” وعليه فيجب أن يكون المسلم منصفًا للقول وحليمًا يزن الكلمة قبل أن تخرج من فمه.

فيقول المصطفى في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة “وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ” ويستثنى اليمين في شرط أهمه أن يكون متصلاً باليمين مباشرةً أو يكون منفصلاً عنه.

جاءت الشروط على أربعة أشكال أخذها أهل العلم من فتح الدردير ومختصر الخليل المالكي.

تبدأ الشروط بأن يكون المستثنى متصلاً بالاستثناء أو حال بين اليمين ونطقه عارض كالعطس أو السعال أو التثاؤب، وإن نوى المرء ألا يقسم فنسي وذل لسانه وسهى عقله فقام بنطق الحلف فيستثنى منه.

أما عن أهم الشروط وأبرزها هي نية من يحلف فإن لم يكن في نيته أن يحلف فعليه الاستثناء.

أما إن كانت في نية المرء أن يحلف ثم يحنث بقسمه فهو آثم وعليه كفارة الرجوع عن الحلف امتثالًا لقوله تعالى في الآية 89 من سورة المائدة “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ “.

قول الشيخ ابن باز فيمن رجع عن حلفه

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز –رحمه الله- المفتي الأسبق للديار السعودية أجاب عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف؟ في قسمين أو في إجابتين.

الإجابة الأولى هي الحالف في وقت الغضب أو في حالة الغضب قال سماحته أن من اشتد عليه الغضب فلم يدرك ما قال فإن حلفه وقسم لا يقع.

هذا في حالة الغضب الشديد فقط وهو ما يعرفه الأطباء بحالات الهياج لكن من غضب غضبًا عاديًا ولم يثور وقد أطلق لسانه بالطلاق أو حلف فإن حلفه وقسمه بالطلاق لا يمنعا لكن يمكن أن يرجع عنه.

ذلك عملاً بحديث رسول الله مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ”.

أما القسم الثاني من الإجابة فإنها تأتي تحت بند الرجوع عن الحلف دون شرط أو دون استثناء من الاستثناءات التي ذكرناها في السطور السابقة فيجب عليه أن يكفر عن قسمه وحلفه بأن يصوم ثلاثة أيام أو أن يعتق رقبة تعظيمًا للقسم باسم الله جل في علاه.

القسم الحرام وكفارة القسم وحكم من لا يكفر عن قسمه

بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف؟ وعرضنا من أقوال العلماء سنعرض عليكم في هذه الفقرة القسم الذي لا يجوز أن يحلف المسلم بها كما سنعرض عليكم كفارة القسم وحكم من لا يكفر عن قسمه الذي حنثه.

اقرأ أيضًا: ما هي كفارة الحلف بغير الله 

أولاً القسم المحرم الحلف به

الحلف بغير الله حرام ويؤدي إلى الشرك بالله جل في علاه في بعض المواضع كما جاء في الحديث الذي رواه ابن عمر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام “من حَلَف بغيرِ اللهِ كَفَر” الحديث صحيح كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المستدرك على الجموع.

نقصد الحلف بغير الله حتى الحلف برسول الله فلا تقل والنبي أو والكعبة وغيرها، لكن قل ورب الكعبة ورب محمد أو الذي نفس محمد بيده (قالها رسول الله) أو الذي نفسي بيده كلها دلالات على الله عز وجل فهي ليست بالحلف الحرام، كما أن الحلف بالطلاق غير مستحب حتى لا يقع في إثم تحريم زوجته عليه دون أن يدري.

ثانيًا كفارة القسم

كفارة الرجوع عن القسم جاءت من آيات كتاب الله تحديدًا في الآية 89 من سورة المائدة “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ”.

ثالثًا حكم من لا يكفر عن قسمه

من تعمَّد ألا يكفر عن حلفه فهو آثم والكفارة لا تسقط عليه مهما طال الزمن، كما أنه يمين غموس أي يغمس صاحبه في النار كما قال رسول الله في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص “الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ” والحديث صحيح حدثه البخاري ورواه صحيحًا في صحيحه.

اقرأ أيضًا: عقوبة الحلف على المصحف كذبا

بذلك نكون قد عرضنا عليكم في سطور الموضوع السابق الإجابات عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف وما هي كفارة الرجوع عن الحلف وما هي الاستثناءات كما نرجو أن يكون الموضوع قد أفادكم ونفعكم.

قد يعجبك أيضًا