هل الإحساس بالموت صحيح

هل الإحساس بالموت صحيح؟ وما هي الأدلة الشرعية والطبية على وجود هذا الإحساس؟ فقد يشعر الإنسان بقرب أجله قبل وفاته بأيام قليلة، كما قد يكون الإحساس بالموت هو شعور فقط لدى المرضى النفسيين.

لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم إجابة سؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ وإن كان صحيحًا فهل هناك علامات على موت الإنسان، وكيف يُستعد للموت؟

هل الإحساس بالموت صحيح؟

الموت هو الحقيقة الوحيدة في حياة الإنسان التي لا يمكن الفرار منها، فقال الله تعالى في الآية الخامسة والثمانين بعد المائة من سورة آل عمران:

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ“.

أما عن إجابة سؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ فقد اختلف فيها علماء الطب النفسي وعلماء الدين الإسلامي، فإن موعد دنو الأجل لا يمكن أن يحدده إنسان في أي وقت على وجه التحديد أو الدقة.

الشاهد على هذا القول هو قوله سبحانه وتعالى في سورة لقمان الآية الرابعة والثلاثين “إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ“.

المراد من هذه الآية أن الإنسان لا يدرك موعد موته، فهو من الغيبيات التي جعلها الله مبهمة عن الإنسان ليجتهد في عمل الخير في حياته مبتعدًا عن المعاصي، وما اتفق عليه علماء النفس والدين في هذه الحالة هو الإحساس بالموت لظروف طرأت على الإنسان.

مثل موت شخص عزيز عليه، هذا الموت جعله متأثرًا برؤية كل شيء حوله في صورة ظلامية بعض الشيء، والشعور بالاكتئاب فيشعر ببعض الأعراض الغريبة التي تؤدي إلى الشعور بقرب الأجل.

هذا الموضوع قد تم عرضه على أحد استشاري الصحة النفسية في مصر، بأن الإنسان يكون مهيأ من الله عز وجل نفسيًا باقتراب أجله، لكن أيضًا هذا ليس بالتأكيد بصورة كاملة على وفاته.

فالاقتناع بحدوث شيء، ثم حدوثه فهذه صدفة نادرة، وحالة لا تتعدى نسبة 1 بالمئة من البشر.

اقرأ أيضًا: الاحساس بالموت من علامات العين

الشعور بالموت حسب قول العلماء المحدثين

سؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ تتطرق إليه عديد العلماء المحدثين المعاصرين في هذا الوقت، مثل الشيخ عمر عبد الكافي، والشيخ محمود المصري، والشيخ علي المري.

لذلك سنعرض لكم في هذه الفقرة آراء العلماء الثلاثة في توضيحهم صحة إجابة هل الشعور بالموت صحيح؟

أولاً: الدكتور عمر عبد الكافي

قال إن الناس تنقسم عند ذكر الموت إلى ثلاثة أصناف، أحدهم المذهب الصحابي الذي يذكر الموت عند كل صلاة، وهذا يعني اليقين في أمر الموت، أو مؤمن صادق المستعد للقاء الله.

أو الذي يتذكر الموت عند خبر الوفاة، أما الشعور بقرب الموت، قد يقارب اليقين في بعض الأوقات، بالنسبة للإنسان الصالح، كأنما يلهم الخير، فيموت على خير حال، فالاستعداد للقاء الله يكون للمسلم الصالح.

ثانيًا: الشيخ محمود المصري أبو عمار

الشيخ محمود المصري أيضًا ذكر أن الإنسان قد يشعر بوفاته، أو بقرب أجله، يكون للإنسان الصالح الذي يرشده الله عز وجل إلى الطريق الصحيح قبل وفاته، واستشهد بقصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن حرم، والد جابر بن عبد الله.

قال لابنه في ليلة أحد، “يا بني ما أراني إلى أول مقتول في يوم أحد“، قد تكون هذه العلامات للحث على الأعمال الصالحة، مثل التوبة، أو المظالم بين العباد، وقد تظهر بعض الإشارات التي تظهر لأهله أنه سيرحل قريبًا.

ثالثًا: الشيخ علي المري

الشيخ علي بن صالح المري، فأجاب أن الإنسان لا يعرف ما يتبقى من عمره، لكن قد يرى شيئًا تستدل على وفاته، وهي لا يبنى عليها حكم، أو يجزم بها حتى الرؤى، وهذا لا يدل على وفاته فهو من الغيب، فمما أجزم عليه المشايخ الثلاثة أن الشعور بالموت أمر غيبي.

وسواس الموت ولماذا لا نعرف موعد الموت؟

إن إجابة السؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ ترتبط ببعض الأدلة الدينية الأخرى، فقد أوضحنا في السطور السابقة أن الإنسان يجهل معنى موته، لذلك في هذه الفقرة سنوضح سبب هذا الجهل، ولماذا نشعر بوسواس الموت؟

الموت لا يستطيع الإنسان أن يعرف موعده، ولا حتى الجن، أو الشياطين، فهو أمر غيبي من الله، وقد ذكرنا أن الإنسان الصالح قد يشعر بقرب أجله، وفي حالات لا تتعدى نسبتها 1% من الناس، لكن لماذا يشعر البعض بالوسواس والإحساس الدائم تجاه الموت.

اختلفت إجابة العلماء في هذه المسألة فعلماء النفس ارجعوا هذه الظاهرة إلى فقدان الشخص إلى أحدٍ ما عزيز عليه، ولا يستطيع أن يكمل الحياة بدونه، مثل وفاة الأب، أو الأم، أو الأخ، أو الصديق.. إلخ.

لأن وسواس الموت يشعر الإنسان ببعض أعراض المرض العُضال فتجده تارة يشكو من آلام في صدره، وضيق في التنفس، وتارة أخرى يشكو من صداع مزمن لديه، وأخرى من هذه الأعراض، فإن السبب ليس بسبب عضوي بل نفسي.

أما بعض من علماء الدين، فقالوا إن النفس لا تألف إلا طاعة الله وحسن عبادته، فإن أكثر الإنسان من الذنوب ضاقت عليه الأرض بما رحبت، فيشعر الإنسان ببعض أعراض الاكتئاب، وأنه يريد الموت بل هو مقبل عليه.

فيجب عليه في هذه الحالة أن يكثر من الأعمال الصالحة، في الدنيا، والعودة إلى الله، والتوبة النصوحة، والذهاب إلى بعض المتخصصين في المرض النفسي كي يتلقى العلاج اللازم.

أما عن سبب غيبية الموت بالنسبة لنا، لا لرفاهية، بل للسعي في عمل الخير، وحصد الحسنات، لا السيئات.

اقرأ أيضًا: هل وسواس الموت ابتلاء من الله

هل يعلم الأنبياء يعلم موعد وفاتهم

الأنبياء هم رسل الله جل في علاه في الأرض من أجل هداية البشر إلى عبادته وحده سبحانه وتعالى، ومن أجل جعل الإجابة عن سؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ إجابة وافية، سنوضح لكم هل شعر الأنبياء بالموت أم لا؟

الأنبياء هم بشر مثلنا، لا يعلمون الغيب، فعلى سبيل المثال ورد في كتاب البداية والنهاية للإمام الحافظ بن كثير، أن ملك الموت جاء لموسى عليه السلام، وكان لا يعرف موعد موته، فضربه ففقأ عينه، فاشتكى ملك الموت إلى الله عز وجل، فرد الله إليه عينه.

فقال الله عز وجل لملك الموت أن يخبر موسى بأن يضع يده على ظهر ثور، ولكل شعرة في جسد الثور يلمسها موسى له بذلك عام ثم يموت بعدها، فوافق موسى على الموت، ولم يكن سبب رفض موسى عليه السلام حبًا في الحياة، بل خوفًا على بني إسرائيل من الفتنة من بعده.

الشاهد أيضًا على أن معرفة موعد الموت من الغيبيات، هو وفاة نبي الله إدريس، فأراد أن يصعد إلى لقاء الله عز وجل، فأرسل الله عز وجل إليه ملك فحمل إدريس وصعد به.

كان الله قد أمر ملك الموت بقبض روح إدريس بالسماء الرابعة، وكان متعجبًا، إدريس لا يعلم أيضًا أنه سيموت في السماء الرابعة، وحتى ملك الموت لا يعلم متى سيموت، فبعد وفاة كل البشر في يوم القيامة سيأمر الله عز وجل ملك الموت بأن يقبض روحه بنفسه.

يوم القيامة علمه عند الله عز وجل، فلا يعلم ملك الموت موعده، أما آدم فقد عرض الله عليه البشر كلهم إلى قيام الساعة وعمره وأعمارهم، لذلك فإن الشاهد بأن الشعور بالموت قد يصيب وقد يخطأ فهو من الغيبيات.

الاستعداد إلى الموت

قد أتممنا إيضاح إجابة السؤال هل الإحساس بالموت صحيح؟ بأنه من الغيبيات، لكن ماذا على الإنسان أن يفعل في حياته، وهو جاهل ليوم موته، وهذا ما سنعرضه لكم في هذه الفقرة.

الإجابة جاءت في أثر لا يصح منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذر، أحكم السفينة فإنّ البحر عميق، واستكثر الزاد فإنّ السفر طويل، وخفف ظهرك فإنّ العقبة كؤود، وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير“.

على الرغم من أنه لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره الإمام المقدسي، إلا أنه من أقوال الوعظ التي تنفع الإنسان، وتلخص له حياته والخير الواجب عليه قبل موته، وهو الإخلاص في العمل إلى الله عز وجل.

كما أشار الشيخ أسامة الأزهري المستشار الديني لرئيس الجمهورية، أن الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي لهو من الأمور التي يجب على المسلم أن يفعلها في كل أوقات حياته، فلا يدرك المسلم في أي أرض، أو أي ساعة يلقى الله عز وجل.

اقرأ أيضًا: الفرق بين وسواس الموت وقرب الأجل ورأي علماء الدين والنفس

الموت والحياة من الخفايا التي لا يدركها الإنسان فالموت غيبي، لذا عليك عدم الانشغال بموعد موتك فإنه حق لا محال، لكن اسأل الله بأن ترزق حسن الخاتمة.

قد يعجبك أيضًا