هل تارك الصلاة كافر

هل تارك الصلاة كافر؟ وما حكم الدين فيمن تركها عامدًا؟ الصلاة عماد الدين، وهي ثاني أركان الإسلام الخمسة، فتلك هي مسلمات من الكتاب والسنة، على مر الزمان لم يحدث اتفاق حول ذلك السؤال هل تارك الصلاة كافر؟ وعليه فاليوم ومن خلال موقع زيادة سنقوم بعرض جميع الآراء حول تلك المسألة.

هل تارك الصلاة كافر؟

قيل قديمًا بأن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، فإن أردت الحفاظ على تلك الصلة فحافظ على صلاتك، على الرغم من كون الصلاة هي أهم ركن في الدين الإسلامي بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله والإيمان بها، إلا أنها وحتى يومنا هذا تظل محل اختلاف في الآراء حول حكم تاركها.

على مر العصور ظل السؤال هل تارك الصلاة كافر؟ مسيطرًا على الأذهان مسببًا حالة من الاختلاف في الرأي بين العلماء، فيتشدد البعض بغرض التأكيد على أهميتها في الإسلام وتخويف الناس من تركها، ويلين البعض بهدف الترغيب فيها لمن تركها، وبين المتشدد واللين في الرأي تدور المناقشات وتحتد أحيانًا.

طبقًا للمقولة: “إن في اختلاف العلماء رحمة للمؤمنين”، فها نحن نعرض أمامك أقوال الأئمة حول سؤال هل تارك الصلاة كافر، ونترك للقارئ حرية الاستناد على أيهم.

في الحقيقة بعد زيادة سؤال هل تارك الصلاة كافر مؤخرًا، فلم يحدث وأن اتفق العلماء حول ذلك الشأن برأي واضح وصريح، ولكن جاءت الاجتهادات حاملةً معها خلاف في الرأي بين العلماء، فقد أفتى أهل السلف في ذلك الرأي متخذين من آراء بعض الأئمة الأربعة.

كذلك فقد أتى الأزهر الشريف بفتوته مستندًا كذلك لآراء بعض الأئمة والاجتهادات القائمة على تفسيرات الحديث والسنه المختلفة، وعليه فسنقوم بعرض جميع الآراء دون إبداء أي تحيز لأحداها دون الآخر.

اقرأ أيضًا: كيف نحافظ على الصلاة؟

أراء السلفيين حول تارك الصلاة

أتخذ السلفيون من آراء جمهور الأئمة فتواهم بأن في ترك الصلاة عمدًا كفر بين، ومن يفعل ذلك يعد خارجًا عن الملة وفي أقوال أخرى يعتبر مرتد، كما أضافوا بأن من تركها كسلًا فقد ارتكب إثمًا كبيرًا، حتى أنهم قد أشاروا إلى أن في ترك الصلاة تكاسلًا شر أشد من الزنا والسرقة وشرب الخمر والقتل كذلك.

كما أتبع أهل السلف مستشهدين برأي الإمام أحمد حينما قال إن كل مستخف أو مستهين بالصلاة فهو مستخف ومستهين بدين الإسلام، كذلك فإن حظهم من دين الإسلام كحظهم من الصلاة ورغبتهم في دين الإسلام كرغبتهم في الصلاة.

من هنا يتبين لنا ما أبداه أهل السلف من آراء حول السؤال هل تارك الصلاة كافر بأن تارك الصلاة كافر وتركه لها تكاسلًا أشد من الزنا والسرقة وقتل النفس حتى أنهم قد ألحقوا به تهمة الخروج عن الملة ويتم اعتباره كافر.

إجابة دار الإفتاء على سؤال هل تارك الصلاة كافر

إن دار الإفتاء المصرية في إجابتها عن سؤال هل تارك الصلاة كافر، قد أشارت إلى أن تارك الصلاة تكاسلًا هو ليس بكافر، ويمكنه معالجة الأمر عن طريق التوبة أولًا ومن ثم الاغتسال والوضوء والمواظبة على الصلاة.

كما أتبع الداعية أحمد البهي في حديثة مع جريدة اليوم السابع وهو بصدد رده على ما أبداه العلماء السلفيون أثناء ردهم على سؤال هل تارك الصلاة كافر، بأن التيار السلفي عادة ما يأخذ بأكثر الآراء تشددًا، مع عدم قبوله لغيره من الآراء أو المذاهب والتي قامت بالتفريق بين حكم من ترك الصلاة جاحد بها وبين من تركها تكاسلًا.

كما أكمل فضيلة الداعية مستفيضًا بأن أغلب تاركي الصلاة اليوم لا يتركونها عمدًا إنما تكاسلًا ليس إلا، وأن في الآراء السلفية والتي تتوسع في التكفير نفورًا وابتعادًا للناس عن الدين وعدم ترغيبهم فيه، وعليه فستحدث حالة من حالات الإحباط لكون الشخص يعتبر نفسه كافر نهائيًا ويفقد الأمل في إمكانية العودة.

اقرأ أيضًا: ما هو حكم الصوم مع ترك الصلاة في رمضان؟

رأي مفتي الجمهورية حول أحكام ترك الصلاة

بدء الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية حديثه حول الإجابة عن سؤال هل تارك الصلاة كافر بحديثه عن فضل الصلاة وعن كونها ركن أساسي من أركان الإسلام، مستشهدة بعدة آيات قرآنية وأحاديث شريفة من شأنها التأكيد على مكانة الصلاة في الإسلام.

ثم أتبع فضيلة مفتي الجمهورية محذرًا وبشدة من التورط في إبداء أي أحكام تكفيرية من غير بينة صريحة ولا سند من القرآن والسنة، وذلك لأن تكفير الناس من البغي والعدوان والظلم في حال عدم ما تم إصداره دون دلائل شرعية، وإلا أصبح مجاوزة للحد.

كما استأنف فضيلة المفتي بضرورة تصحيح الفهم الخاطئ للحديث الشريف القائل ” العهدُ الَّذي بيْننا وبيْنهُمْ تَرْكُ الصَّلاةِ، فمَن تَرَكَها فقد كَفَرَ”، وقد روى ذلك الحديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، وخلاصة حكم ذلك الحديث أنه سقط من رجل.

وذلك الحديث لم يذكر نصًا بأن من يترك الصلاة هو (كافر)، فلو أراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك المعنى لذكره، إنما هو فقط وصفه وصف ثابت بالفعل (كفر) والذي يفيد الحدوث والاستمرار.

بناءً عليه فيمكن الرجوع والاستغفار والتوبة ولا يعتبر المسلم قد كفر حينها.

استشهاديات مفسرة أحكام تأخير أو ترك الصلاة

كذلك وفي ظل إجابة فضيلته عن السؤال هل تارك الصلاة كافر، فقد أشار المفتي إلى أن أحكام تأخير الصلاة محددة ومعروفة، أولها أنه في حالة النسيان أو النوم فهذا عذر شرعي لتأخير الصلاة ولا يجوز تكفير الشخص بسببه.

أتى ذلك الحكم استنادًا إلى الحديث الشريف عن أبي بكرة نفيع بن الحارث أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ” مَن نسي صلاةً أو نام عنها فليُصلِّها إذا ذكَرها” صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

كذلك وفي حديث آخر عن النبي أنه قال إنَّ اللَّهَ تجاوزَ عن أمَّتيَ الخطأَ والنِّسيانَ ومَا استُكرِهُوا عليه” صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

أما عن ثاني حالات حكم ترك الصلاة وهي التي تحدث عند ترك المسلم الصلاة كسلًا ليس إلا، فقد أكد فضيلته بأن ترك الصلاة كسلًا ليس عذرًا شرعيًا على الإطلاق.

ثم أتبع قائلًا بأنه في حال إيمان المسلم بفريضة الصلاة وكان صادقًا بداخله على مدى أهميتها ولكن يتركها كسلًا لا يجوز تكفيره نهائيًا بناءً على أقوال العلماء منذ قديم الزمان، وبناءً عليه فوق القول المعتمد به في دار الإفتاء المصرية.

كما أكد فضيلة المفتي على ضرورة توعية وتذكير ذلك المتكاسل عن الصلاة بواسطة الأهل والمقربين تشجيعًا له وحثًا على الالتزام بها وعدم تفويتها.

استدل فضيلة المفتي على ذلك بما أشار إليه النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن أمر ذلك الإنسان المتكاسل عن الصلاة مؤمنًا بمدى فرضيتها معلقًا على مشيئة الله، فإن شاء غفر له وإن شاء عذبه.

بناءً عليه قد استنتج بأن في ذلك التعليق مزامنة مع وجود الإسلام والإيمان بالصلاة عدم خروج من دائرة الإسلام بناءً على قول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا” [سورة النساء: الآية 48] صدق الله العظيم.

اقرأ أيضًا: ما حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة؟

رأي فضلة المفتي والحكم الثالث لترك الصلاة

استفاض فضيلة الدكتور شوقي علام أثناء إجابته عن السؤال هل تارك الصلاة كافر، حتى وصل إلى الحكم الثالث في حالات ترك الصلاة، والتي أشار فيها إلى أنه في حال ما ترك أحد المسلمين الصلاة إيمانًا منه بعدم فرضيتها وإنكارًا وجحودًا بمدى أهميتها في الإسلام وأنها لا قيمة لها فهنا تحدث المشكلة.

هنا يكون ذلك المسلم قد أنكر أحد أهم ثوابت الإسلام وما هو معلوم بالضرورة، وبذلك فإنه قد خالف النصوص الشرعية المؤسسة للدين الإسلامي، وعليه فالحكم بالكفر عليه هنا لن يكون بسبب فعل الترك ولكن بسبب فعل الإنكار من الأصل بكونها ركيزة أساسية بالإسلام.

كما أتبع فضيلته بمعلومة قد تكون غاية في الأهمية، وأنه وحتى وإن وصل لتلك الحالة فالحكم بالكفر عليه ليس لعامة الناس ولكن لعلماء ومتخصصين في الدين.

بمعني أنه مثل تلك الأمور الحساسة المتعلقة بالعقيدة لا يجدر البت فيها على لسان كل من صال وجال، ولكن على يد علماء فقهاء مختصين ودارسين لما يشرعونه وما يحكون به من أحكام دينية.

كذلك فقد أكد فضيلة المفتي بأن العلماء المعتبرين لم يبد أي منهم أحكام حول تارك الصلاة كسلًا مثل ما يشاع أنه يجب التفرقة بينه وبين زوجته وأنه لا يجب أن يدفن في مقابر المسلمين أو لا ينطبق عليه ما ينطبق على المسلمين من أمور خاصة بالإرث، فكل ذلك افتراءات خالية من الصحة تتصف بالتطرف.

كذلك فقد عرضنا أمامك كل الحقائق الخاصة بالإجابة عن السؤال هل تارك الصلاة كافر، وبذلك فقد أنهينا دورنا والأمر عائد إليك، فإن كنت منقطع أو غير مداوم على الصلاة معترف بفضلها فحري بك العودة إلى ربك تائبًا قبل فوات الأوان.

قد يعجبك أيضًا