هل زيارة القبور حرام

هل زيارة القبور حرام؟ وهل يشعر بنا الأموات حين ندعو خارج القبور؟ كل تلك الأفكار تجول بخاطرنا بمجرد الشعور بالحنين إلى أهلنا المتوفين، فنبدأ بالسؤال عن القبور ومتى تستحب زيارتها وما حكم زيارتها في أوقاتٍ معينة، فإن كانت تلك الأفكار خطرت ببالك فأنت في المكان الأنسب للإجابة وهو موقع زيادة.

هل زيارة القبور حرام

يبدأ السؤال بالتبادر إلى خاطرك حين تسرح ذات يوم محاولًا تذكر تلك الأيام التي أمضيتها مع أحد أقاربك أو أصحابك وتبدأ بالحنين إليها، وتموج بك المشاعر وأنت في أمس الحاجة لرؤيتهم مرة أخرى والتمتع بمشاركتهم الحياة بأفراحها وآلامها، ولكن هيهات، فها هم قد فارقونا وفارقوا الحياة وما أصبح للقاء بد.

حينها تبدأ مشاعرك بالانجراف نحو محاولة زيارتهم بالمقابر، في محاولة منك للشعور بوجودهم حولك وتجديد العهد معهم من خلال محادثتهم فيما آلت إليه الأحداث بعد مفارقتهم الحياة، تود إبلاغهم بمدى افتقادك لهم وشعورك بالوحدة، وأخيرًا تبدأ بالدعاء لهم لعل الله يتجاوز عن سيئاتهم ويرزقهم الجنة.

لكن ما لم تحط به علمًا وما لم يكن بالحسبان هو أن زيارة القبور قد لاقت جدلًا لحين الثبات على حكم معين لزيارتها، فزيارة القبور قد تحدث عنها النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عدة مرات منهم من كانت بالنفي والتحريم ومنهم جاءت بالإجازة.

حدث أيام الرسول في بادئ الأمر أن الرسول نهى عن زيارة القبور لما وجده فيها من إلهاء عن الأمور الدنيوية وانشغال بالأموات، ولكن بعد مرور فترة معينة أتى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ليعلن إجازة زيارة القبور لما وجده فيها من منفعة سيتم ذكرها فيما بعد.

فأيهم من يتم اتباعه حاليًا، فهل زيارة القبور حرام؟ وما هي حقيقة استحباب أن تكون زيارة القبور في أوقات معينة بالسنة دونًا عن الأخرى؟ كل تلك الأسئلة التي تشرع بالبحث عن إجابتها تكون في بعض الأحيان صعبة المنال بسبب التضارب الحادث بين العلماء.

لذا ومن باب شعورنا بالمسؤولية تجاهك فقد جمعنا لك كل تلك الآراء لنضعها بين يديك لتكون على إطلاع تام على إجابة سؤالك هل زيارة القبور حرام.

اقرأ أيضًا: هل البكاء على الميت حرام

لماذا أجاز الرسول زيارة القبور؟

في إطار الحديث عن إجابة السؤال هل زيارة القبور حرام، وبعد أن عرضنا أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قد أجاز زيارة القبور فها نحن نستطرق لنعلم ما العلل الشرعية التي استوجبت تحليل الذهاب للقبور بعد أن كان منهي عنها.

روي في الحديث الشريف الصحيح عن بريدة بن الحصيب الإسلامي أن رسول الله قال: (إنِّي كُنتُ نُهيتُكم عن ثلاثٍ: عن زيارةِ القُبورِ، …..) وتابع في بقية الحديث معللًا سبب إجازتها مرة أخرى قائلًا، (ونَهيتُكم عن زيارةِ القُبورِ، وإنَّ مُحمَّدًا قد أُذِنَ له في زيارةِ قَبرِ أُمِّه) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.  

في ذلك الحديث الشريف إشارة إلى إجازة النبي بزيارة القبور، حيث أنه وجد فيها عدة منافع قد قام بذكرها في عدة أحاديث أخرى، ولكن أولى الأسباب ان الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قد شعر بحنين ورغبة تجاه زيارة قبر أمه آمنة بنت وهب.

فلما سمح الله له بزيارة قبر أمه أبى أن يكون في ذلك تضارب بين قوله وما ينصح به المسلمون وبين قيامه بزيارة قبر أمه، كما تابع الرسول في عدة أحاديث أخرى متفرقة بأنه وعلى الرغم من نهيه مسبقًا عن زيارة القبور إلا أنه وجد فيها ترقيقًا للقلب وتليينًا له.

إلى جانب أنها تدمع العين وتحثها على إخراج ما فيها من مشاعر دفينة تجاه المتوفى وفي ذلك كياسة وفطنة من رسول الله حيث علم وقبل أن يصبح الطب النفسي علم يحتذى به بأن في البكاء ترويحًا لما داخل الإنسان من هموم وكروب ويصبح بعدها الإنسان صافي المشاعر مرتاح البال.

أما عن الثالثة ففي زيارة القبور تذكرة للآخرة واتعاظ بأن الدنيا فانية وأن الآخرة هي الدار الحق، ويعد ذلك بمثابة دفعة لنا حتى نكون أكثر تدينًا واهتمامًا بالآخرة.

فتوى الأزهر الشريف حول زيارة القبور

بطبيعة الحال ونظرًا لتتابع العصور فمن الطبيعي أن تتبادر تلك النوعية من الأسئلة إلى علماء الدين والتي منها هل زيارة القبور حرام أم لا، وذلك بسبب رغبة الناس في زيارة ذويهم من المتوفين، وعن عدم إلمام وعلم منهم عما يحيط بتلك المسألة من جوانب شرعية عديدة.

الأن وفي زمننا هذا يعد الأزهر الشريف هو المصدر الرئيسي للفتاوي في جمهورية مصر العربية، لما له من موثوقية دينية فيما يفتي، وذلك نظرًا لأن أعظم العلماء الأجلاء في عصرنا هذا هم من خريجين الأزهر الشريف، ومن هنا أعلن الأزهر فتوته بناءً على ما جاء من أثر رسول الله بجواز زيارة القبور.

معللين سبب تلك الفتوى بجواز زيارة القبور بأن فيها عظة واعتبار لما ستؤول إليه عاقبة كل بن آدم، ففيها تذكير بالموت وأهواله وما في الأخرة من أشياء تستوجب على الإنسان أن يتقي الله ويجعل من العمل الصالح درع له ليرافقه بعد مماته.

كذلك ففيها انتفاع للموتى، حيث أن في زيارة القبور دعاء لهم، فما ينفع ابن آدم بعد أن يموت سوى العمل الصالح والدعاء والصدقة الجارية، كما استشهد الأزهر الشريف بحديث النبي بأن في زيارة القبور ترقيق للقلوب ودمع للعين أيضًا.

استشهادات قديمة على جواز زيارة القبور

بالطبع إن في نبي الله وأهله وصحبه قدوة وأسوة حسنة لنا، نسير عليها ونسترشد بخطاها ونستدل منها على صحيح ديننا وسنن رسولنا الكريم.

فلم يكن كل ما وصل إلينا عن الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص الإجابة عن السؤال هل زيارة القبور حرام، هو إجازتها لنا حيث أنه أتيح له زيارة قبر أمه، ولكن عرف عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أنه كان يزور قبور شهداء أحد كل سنة مرة.

حيث كانت تلك الزيارة بمثابة السند على جواز زيارة القبور، فكان يزور الرسول شهداء أحد مرة كل عام، بالإضافة إلى أنه كان يزور قبور أهل البقيع بالمدينة مرارًا كلما أتته الفرصة.

كان رسول الله دائم السلام عليهم كما روى أبى هريرة قائلًا (السَّلامُ عليكم أهلَ الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ والمؤمِناتِ والمسلِمينَ والمسلِماتِ والصَّالِحينَ والصَّالحِاتِ، وإنَّا بكم إن شاء اللهُ لاحِقونَ).

كما كانت فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها دائمة الزيارة لقبر عملها حمزة بن عبد المطلب، كذلك بن عمر رضي الله عنه كان دائم الزيارة لقبور أصحابه داعيًا لهم كما أمرنا الرسول في المقولة السابقة.

هل يشعر الميت بزائره في القبر؟

في حين أنك بصدد معرفة إجابتك على سؤالك هل زيارة القبور حرام، فأنت تسعى لمعرفة الإجابة حتى تذهب لذويك ممن فارقوا الحياة وتدعو له وتخبره بما فعلت معك الدنيا بعد وفاته، بالإضافة إلى أنك تود أن تخبره بكل الأحداث السعيدة التي جرت لك، ولكن هل يشعر بك الميت حقًا أم أنك أنت المتحدث والمتلقي في آن واحد؟

اجتمع العلماء أن الروح أثناء الحياة تسكن البدن، فتشعر وتدرك وتعلم وتهدأ وتحب وتكره، وذلك كونها متمثلة في جسد تملكه، أما بعد الموت يسكن الجسد التراب، وتخور العظام ويتحلل الجسد بأكمله فما مصير الروح.

بعد البحث الشديد والاسترشاد بما أتى في القرآن الكريم والسنة النبوية استرشد العلماء أن الروح بعض الممات تسكن ما يسمى بالبرزخ، وهو مكان انتقالي بين الحياة والموت، تسكنه الروح لحين قضاء ربنا وقيام القيامة، فتكن الروح في البرزخ شاعرة واعية مدركة لما يحدث لدينا.

كما أنه وفي بعض الأحيان تتصل بالأرواح الأخرى سواء أن كانت حية أو ميته، فتشعر بالنعيم أو العذاب أو اللذة إلى أخرها من مشاعر تشعر بها جراء معرفتها مصيرها في الآخرة، فإن كانت من أهل الجنة كانت من أشد أهل البرزخ فرحة وتوجهًا، وعلى العكس والعياذ بالله إن كانت من أهل النار.

اقرأ أيضًا: هل يجوز زيارة القبور للنساء

أفضل الأوقات المستحبة لزيارة الموتى

اجتهد الأئمة على مر العصور لتحديد أفضل أوقات زيارة القبور طبقًا لاجتهاداتهم وبحثهم في القرآن والسنة، وتأتي نتائج تلك الاجتهادات فيما يلي:

  • الأحناف وجدوا أن أفضل أوقات الزيارة هي يوم الجمعة ويومًا قبله ويومًا بعده.
  • الشافعية أفتوا بأن أفضل أوقات الزيارة تكون من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت.
  • أما عن الحنابلة فقد استقروا على أن أفضل أوقات زيارة القبور هي يوم الجمعة بعد الفجر وقبل طلوع الشمس.
  • أخيرًا أتمها المالكية بأن أفضل الأوقات يكون يوم الجمعة ويومًا قبها ويومًا بعدها والأفضل أن تكون من عصر الخميس إلى بزوغ شمس يوم السبت.

اتفق جميع الأئمة على أن أرواح الموتى تدنو من قبورهم يوم الجمعة، فتشعر بزوارها وتعرف من الذين مروا وسلموا عليها، فهو كما قيل على ألسنة الأئمة أن يوم الجمعة هو يوم تلاقي الأحياء والأموات، وجاءت تلك الأقاويل بناءً على بعض سندات الأحاديث وآثار الأقدمين.

حكم زيارة المقابر للنساء

بعد التأكد من إجابة السؤال هل زيارة القبور حرام، بأن زيارة القبور ليست بالحرام، فقد ظهرت بعض الأقاويل مجهولة المصدر، والتي أشاعت أن النساء ممنوعين من زيارة القبور، كما أضاف من هم غير مؤهلين للفتوى بأن المرأة الحائض لا يجوز لها زيارة المقابر فما صحة تلك الأقاويل.

عزيزي القارئ قد ذكرت لك فيما سبق أن السيدة فاطمة بنت النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كانت تذهب دائمًا لزيارة قبر حمزة عمها، فمن أين أتى ذلك التحريم وبنت رسول الله قد كانت مداومة على زيارة موتاها؟

لا صحة تمامًا لتلك الفتوى مجهولة المصدر، فالمرأة شأنها شأن الرجل تشعر وتحن لذويها ممن تركوها وذهبوا للعالم الأخر، ومن أبسط حقوقها على الأطلاق أن يسمح لها بزيارة قبورهم والدعاء والاستئناس بهم.

كذلك تلك الفتوى القائلة إن المرأة الحائض ممنوعة من زيارة المقابر، أين الشاهد؟ أين الدليل أو السند الذي دفعك للتصديق والإدلاء بتلك الفتوى، لن يجد شيئًا، تلك هي الحقيقة لا يوجد سند ديني يحرم على المرأة الحائض زيارة ذويها المتوفين بالقبور على الإطلاق.

غير أنه قد وجد حديث ضعيف السند عن النبي أنه قد أشار فيه بعدم تحبيذ أن تكون المرأة كثيرة الزيارات للقبور، فإنه يعد بالشيء المكروه أو الغير محبذ لما فيه من تشاؤم ودعوة للحزن الدائم وعدم تجاوز تجربة الفقد.

فبالرغم من كون أمواتها قد يكونوا الأعز على قلوبنا إلا أننا يجب أن نتعامل مع حقيقة كونهم فارقونا وستستمر الحياة دونهم حتى لقاء قريب يوم الجمع العظيم.

حكم زيارة القبور أول يوم العيد

أجمعت الآراء بأن زيارة المتوفى أول يوم العيد ليست بالشيء الحرام شرعًا، تلك هي الإجابة القاطعة حال السؤال عن حكم زيارة القبور أول يوم العيد، ولكن من أين أتت تلك الإفتاءات التي جعلت تلك الزيارة غير مستحبة.

لنكن أكثر دقة وحيادية، زيارة المقابر أول يوم عيد ليس بالشيء الحرام، ولكن وبحسب كلام العلماء، لا جناح عليك إن أجلت الزيارة لليوم الثاني أو الثالث، فأول يوم عيد عادةً ما يكون يوم للفرحة العارمة والاستبشار، فلا داعي بأن تحزن في ذلك اليوم السعيد.

لكن في حال ما كان الذهاب لزيارة ذويك ممن فارقوك أول يوم عيد ستعود عليك بالسرور وهو مشكوك فيه فاذهب فلا جناح عليك.

اقرأ أيضًا: زيارة القبور وهل يشعر بها الميت وأحكام زيارة القبور

هل يشترط الطهارة عند زيارة المقابر

في إطار معرفة هل زيارة القبور حرام أم لا، فقد أعلن الدكتور على جمعة مفتي جمهورية مصر العربية السابق بأن الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر ليست من شروط زيارة القبور، هكذا كانت صريحة تلك الفتوى التي تزيح في طريقها أي شك أو قلق حال إن كنت قد زرت ذويك ممن رحلوا وانت على جنابة أو غير طاهر.

لكن ما لا يجب إغفاله أنه وفي حال ما كان القبر المراد زيارته داخل مسجد مثل الأضرحة الخاصة بأولياء الله، فشرط عليك الطهارة والوضوء قبل أن تطأ قدميك أرض المسجد، وذلك ليس لكون زيارة القبر تستوجب الطهارة ولكن لكون دخولك المسجد هو الذي يستوجب الطهارة.

بهذا أنت على دراية كاملة بكل ما يخص زيارة أحبائك من ذويك الذين رحلوا للعالم الآخر، داعين الله أن يتجاوز عنهم ويسكنهم جناته.

قد يعجبك أيضًا