الأدب في العصر العباسي

الأدب في العصر العباسي كان قد وصل لذروته بفضل عدة عوامل مجتمعية وسياسية صبت جميعها في مصلحة الأدب العربي وتاريخه، فمن خلال موقع زيادة سوف نتعرف أكثر على الأدب في العصر العباسي وأسباب ازدهاره، علاوةً على عرض عوامل التجديد التي حدثت في الشعر في عهد الدولة العباسية.

الأدب في العصر العباسي

في العام الـ 132 بعد هجرة الرسول من مكة للمدينة المنورة كانت نشأة الدولة العباسية لتقوم على أنقاض دولة قد سقطت لتوها لعدم قدرتها على التماسك أمام ضربات الثورات المتكررة.

فقد كان الخوارج والشيعة والزبيريين قد اجتمع رباطهم على شيء واحد، وهو إسقاط الدولة الأموية، فلم يكن بينهم رابطًا أو ميثاق، فقط كل ما كان بينهم هو هدف إنهاء الدولة الأموية.

مع تنازع حكام الدولة الأموية على الحكم، فكانت الدولة الأموية قد آلت للسقوط، فجاءت الثورة العباسية لتقطع روح الدولة الأموية وتوقف تاريخها، لتنتقل الخلافة من دمشق لبغداد ويبدأ عصر تاريخي جديد على العرب والمسلمين وهو العصر العباسي.

بالرغم من كل ما تحمله الدولة العباسية من تفكيك ونزاع على الحكم وانقسامات وانتشار الفسق والفجور واتساع الفجوة الطبقية بين مواطنين الدولة العباسية فازداد الأغنياء للصعود على القمم بينما استمر الفقراء في الاضمحلال، والاهتمام بالعمران الحجري على حساب العمران البشري.

إلا أن العصر العباسي له الكثير مما قدمه في مجالات العلوم والثقافة والأدب والتعليم، فكان الاهتمام الأول للدولة العباسية ترسيخ اللغة العربية فانتشر العلماء وتوسعت مجالات اللغة وكل ما تشمله من أدب.

فكانت الدولة العباسية هي مولد الكثير من المدارس الشعرية والأدبية واللغوية، فازدهر الأدب في العصر العباسي ليصل لذروته، فشمل تطور الأدب في العصر العباسي:

  • التطور الشعري في العصر العباسي.
  • ظهور اتجاهات شعرية جديدة.
  • تجدد القصيدة في العصر العباسي.
  • اقتران العصر العباسي بتطور فنون النثر.
  • ظهور مجالات حديثة في الأدب.
  • صعود أعلام ثقافية وأدبية مع العصر العباسي.

فكانت من مظاهر تطور الأدب في العصر العباسي التطورات على كل مجالات واختصاصات اللغة العربية التي سنذكرها في الفقرات القادمة.

اقرأ أيضًا: مظاهر التجديد في العصر العباسي

التطور الشعري في العصر العباسي

كان الشعر في العصر العباسي قد وصل إلى أشده، فكان الأدب يتميز بالقوة الشعرية التي وصل لها شعراء ذلك العصر، فكانت من أسباب ازدهار الأدب في العصر العباسي:

  • اهتمام الخلفاء العباسيون بالشعر: كان خلفاء الدولة العباسية دومًا ما يحفزون شعراء هذه الحقبة على التطوير اللغوي وتشجيعهم على التطوير الشعري.
  • الانفتاح على الثقافات المختلفة: قد ذكرنا من مساوئ الدولة العباسية هو الانفتاح المبالغ فيه على الثقافات الأعجمية، مما طبع على الحياة العربية بالانحلال الأخلاقي.
    لكن كما كان للانفتاح المبالغ مساوئ فإن الانفتاح الرزين كان يحمل الكثير من المزايا على العرب والثقافة العربية، فعمل الانفتاح الثقافي على التفتح الذهني والثقافي للعلماء والشعراء العرب، فعمل هذا على تطور المدارس الشعرية العربية.
  • ترف حياة الشعراء: كان شعراء الدولة العباسية يعيشون في كنف الخلفاء والحكام، مما انعكس على حياتهم المادية التي اتسمت بالرفاهية والترف الشديد.

تلك العوامل السابقة عملت على ارتفاع قامة الشعر العربي في هذه الحقبة، مما عمل على تعدد الاتجاهات الشعرية وتنوعها لتكون كالآتي:

  • الاتجاه الشعري القديم في العصر العباسي: هذا هو الاتجاه الشعري الذي التزم به فئة من شعراء العصر العباسي، فتمسكوا بالتراث الشعري القديم وكل ما في ضمنه من (معاني، ألفاظ، بحور، عمود القصيدة).
  • الاتجاه الشعري الجديد في العصر العباسي: في حين تسمك فئة من شعراء العصر العباسي بالتراث الشعري القديم، جاء اتجاه شعري من شعراء العصر العباسي يطالب بالتجديد الشعري فعمل على ابتداع مناهج شعرية جديدة وصور شعرية وأغراض وأوزان.

فشمل التجديد الشعري عدة مظاهر وعوامل سوف نذكرها تفصيلًا في الفقرة القادمة لنتدارس مظاهر التجديد الشعري بالأدب في عصر الدولة العباسية.

اقرأ أيضًا: بحث عن الدولة العباسية

عوامل التجديد الشعري في الدولة العباسية

قد جاءت الدولة العباسية مختلفة بكل أغراضها وأنواعها، فكما حملت الحياة السياسية والاجتماعية التجدد والاختلاف جاءت الحياة الأدبية وبالأخص الشعرية متنوعة ومتجددة، فكان من مظاهر التجديد الشعري:

1– تجديد الغرض الشعري

جاء تجديد الغرض الشعري بالإكمال على الشعر الجاهلي وبإدخال مظاهر أخرى على المدارس الشعرية مثل:

  • شعر المديح في العصر العباسي: أصبح شعر المديح غير مقتصر على الصفات الجسدية لكن قد الشمل الجوانب الشخصية الخلقية والصفات الحسية، فنجد في مديح العتاهية للخليفة هارون الرشيد قوله:
    “وراعٍ يراعي الله في حفظِ أمةٍ
    يدافع عنها الشّر غير رقود
    تجافى عن الدّنيا وأيقن أنها
    مفارقةً ليستْ بدار خلود”
  • البكاء على الأطلال: جاء تجديد الشعراء العباسيون في جزئية البكاء على الأطلال، فكانت المدرسة الرمزية هي المدرسة التي تميز بها الشعر العباسي، فنجد رحلة الصحراء في الشعر العباسي ترمز لرحلة الحياة ومشاقها، فنجد في أبيات مسلم بن الوليد يقول:
    “هلّا بكيتَ ظعائنًا وحمولا
    ترك الفؤاد فراقهم مخبولا
    فإذا زجرتُ القلبَ زادَ وجبُه
    وإذا حسبتُ الدّمع زاد همولا”

هكذا شملت الأغراض الشعرية في العصر العباسي كل أنواع التجديد فيها للمعنى والقيمة الشعرية.

2– التجديد في أسلوب الشعر العباسي

قد خرج من مهد الأدب في العصر العباسي أحد أبرز القضايا الأدبية الخاصة بمسألة المعنى واللفظ، فكان رأي أدباء العصر العباسي هو التركيز على اللفظ وتنسيقه وتجميله حتى يؤمن اللفظ معنى في حد ذاته.

في حين كان شعراء الجاهلية يركزون على المعنى الشعري فتخرج الألفاظ على قريحتها لتعبر عنه، لكن كان الرأي في العصر العباسي هو أن المعنى يشعر به الجميع لكن اللفظ هو ما يميز الشعراء، فنجد تركيز مسلم بن الوليد –وهو شعر عباسي- على اللفظ الشعري في قوله:

أجررتُ حبلَ خليعٍ في الصبا غزِلٍ      وشمرتُ همم العذالِ في العَذَلِ

هاجَ البكاءُ على العين الطموحِ هوًى     مُفرقٌ بين توديعٍ ومُحتَمَلِ

كيف السلو لقلبٍ راح مختبلًا             يهذي بصاحبِ قلب غيرَ مختَبَلِ

أعلام الأدب في العصر العباسي

قد ذكرنا في الفقرات السابقة أن شعر العصر العباسي كان له نصيب الأسد من الاهتمام، فقد خرج لنا هذا الاهتمام الكثيف بالشعر ورواده بالفحول الشعرية الذين كان تراثهم هو إثراء للأدب العربي الشعري، جهابذة العلماء في اللغات والأدب والترجمة فنجد منهم:

  • أبو الطيب المتنبي.
  • بشار بن برد.
  • أبو العتاهية.
  • أبو تمام.
  • ابن الرومي.
  • أبو العلاء المعري.
  • ابن المقفع.
  • الجاحظ.
  • أبو فرج الأصفهاني.
  • أبو حيان التوحيدي.
  • الحريري.

فكان لهؤلاء الأعلام الدور البارز في تطوير الأدب في العصر العباسي وابتداع مدارسه الشعرية والنثرية.

اقرأ أيضًا: لماذا سميت الدولة العباسية بهذا الاسم

النثر في العصر العباسي

عند الحديث عن أعلام الأدب في العصر العباسي لم يقتصر ذكرنا على الأعلام الشعرية في العصر العباسي، لكن جاء في ذكرنا ذكر (ابن المقفع، الأصفهاني، الجاحظ….) وغيرهم من أعمدة النثر.

فلم يقتصر ازدهار العصر العباسي على الشعر فقط لكن شمل الازدهار النثري، فمنت من مظاهر تطور النثر في العصر العباسي:

  • التمسك بالمواريث من (البلاغة، الخطابة) والعمل على تطويرها.
  • امتزاج الثقافات النثرية بالثقافات المختلفة بعد انفتاح العرب على العلم.
  • تطور أنواع الكلام النثري لما طرأ على الدولة العباسية من تغيرات سياسية وتباين الأوضاع.
  • العمران العباسي وطرف الحياة انعكس على الازدهار النثري ومضمونه.

فكان التطور منعكسًا على ابتداع فنون نثرية حديثة منها:

  • الخطابة.
  • الرسائل الديوانية.
  • المقامات.

إن العصر العباسي عصر سخي من حيث ما قدمه للتاريخ العربي من شعر ونثر وفنون، فامتلأت الخزائن الأدبية العربية بفضله.

قد يعجبك أيضًا