شرح حديث الحب في الله والبغض في الله

الحب في الله والبغض في الله من أكثر الموضوعات التي يبحث الجميع عنها ويود معرفة معناها، فكثير منا سمعوا هذه الجملة من أناس كثيرون فنسمعهم يقولون يا فلان إني أحبك في الله، وفي الأغلب يقولها الكثير دون علم بمعناها، وكذلك جملة البغض في الله، لكن لا يقولها الكثيرون، وتعد غير مفهومة أكثر من سابقتها..

عزيزي القارئ، إن أسمى أنواع الحب هو الحب في الله، وفي هذا المقال موقع زيادة سيعرض لكم معني الحب في الله والبغض في الله، وكيفية التعامل في هذا الحب، وما الأسس التي يقوم عليها.

الحب في الله والبغض في الله ومعني الحب

الحب هو خليط من مشاعر عدة مثل الثقة، والانتماء، والسعادة، والرضا، والفرح، والعطاء.. إلخ.

الحب هو شعور روحاني يرشدك إلي طريق السعادة، لكنه شعور مثير وغامض، والحب هو الشعور بالارتياح لشخص ما، أو الرغبة في حماية شيء أو شخص، فيمكن أن يكون صديق ما أو عملا مميز، ويمكن أيضا أن يكون شريك الحياة.

من أشهر النظريات التي تخبرنا معني الحب هي النظرية الهرمية للحب، تلك النظرية التي ابتكرها عالم النفس الأمريكي روبرت سترنبرغ، والتي توضح أن الحب يقوم علي ثلاثة مكونات وهم المودة، والعاطفة، والإخلاص، وتؤكد هذه النظرية أن تفاعل كل مكونين في هذه المكونات يؤدي إلي نوع حب معين، أما تفاعلها جميعها يبني الحب الأبدي والأمتن.

الحب من أسمي العواطف الإنسانية، فما بالك إذا توجهت تلك العاطفة النبيلة لله الواحد الأحد.

اقرأ أيضًا : حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأهميته

الحب في الله

الحب في الله هو الحب الأرقى والأسمى بدون منازع، وهو من أشد أنواع الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي”)، رواه مسلم.. وهذا الأمر من مكملات حب الله تعال ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، ومعني الحب في الله هو حب الإنسان لأخيه الإنسان دون سبب ودون أيه مصلحة، فقط يحبه لأنه من وجود الله عز وجل، ويكون هذا الحب طاعة لله وابتغاء مرضاته، ويقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)، وهذا سبب كافي للحب دون أدني شك، وللمحبة في الله ثمرات كثيرة أولها وأفضلها أن الله يظل المتحابين فيه يوم القيامة بظله، فيقيهم ويحفظهم من الشمس وحرارتها يوم يقوم الحساب، ولن يوجد هذا الحب الا برضا من الله عز وجل، حيث قال الله تعالي في كتابه العزيز: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وقال عنها ابن مسعود إنها نزلت في المتحابين في الله، وعن ابن أنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ).. ومعنى ذلك أن المحبة في الله تشعر المرء بحلاوة الإيمان، فما أجمل المحبة في الله.

وقال ابن القيم رحمه الله: من أحبّ شيئا سوى الله، ولم تكن محبته له لله، ولا لكونه معينا له على طاعة الله، عذب به في الدنيا قبل اللقاء.

الحب في الله عند الصحابة

من أروع الأمثلة على الحب في الله هو حب في الله عند الصاحبة رضوان الله عليهم جميعًا، فكان مملوء بالمشاعر الجياشة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينشر المحبة والألفة بين الناس، ويصرح لهم بكل أحاسيس الحب والعاطفة اتجاه أصحابه.

تخيل لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لك أنه يحبك.. يا الله على جمال وروعة هذا الشعور الذى تقشعر له الأبدان من جماله وعظمته، وحدث ذلك مع معاذ بن جبل رضي الله عنه، حيث صرح رسول الله بحبه له، فروي أن النبي الكريم أخد بيد معاذ وقال له: “يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال معاذٌ: بأبي أنتَ وأُمِّي واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: ” يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك.”.

كيف كان شعور أبو بكر الصديق حين صحبه النبي للهجرة معه، حتى يشاركه السير، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللهَ أذِنَ لي بالخروجِ والهجرةِ، فقال أبو بكرٍ: الصحبةُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الصحبَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فواللهِ ما شعَرْتُ قطُّ قبلَ ذلِكَ اليومِ أنَّ أحدًا يبكي من الفرحِ حتى رأيتُ أبا بكر يومئذ يبكي.

ما أجمل حب الصحابة في الله، فقد خيم الحب في الله على قلوبهم، وزاد من إيمانهم، فأصبحوا خير الناس، وقدوة يقتدى بها.

اقرأ أيضًا : ما هي علامات حب الله للعبد العاصي ؟

فضائل الحب في الله عز وجل

للحب في الله ثمرات كثيرة يجنيها المرء عن طريق حبه لأخيه الإنسان دون سبب أو مصلحة فقط يحبه لأنه من صنع الله سبحانه وتعالى، وفضائلها تكون في الدنيا والأخرة ومنها:

أولًا: محبة الله الواحد الأحد

من أعظم الفضائل للحب في الله هي حب الله للإنسان، وعن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، فالمتزاروين فيّ، والمتباذلين فيّ” (رواه مالك وآخرون).

ثانيًا: الكرامة من الله

يكرم الله جل وعلا المتحابين فيه، فيزيدهم إيمانًا، وينعم عليهم من نعمه، ويرشدهم إلى الطريق الصحيح والعمل الصالح في شتى الأمور، فعن أبي أمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (“ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل”).

ثالثًا: قربهم من الله عز وجل ومجليهم منه يوم القيامة

وجاء ذلك في رواية عن أبي مالك الأشعري حيث قال: (كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه هذه الآية: “يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم” (المائدة 101) قال: فنحن نسأله إذ قال: إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم النبيون، والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة، قال: وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه، ثم قال: حدثنا يا رسول الله عنهم من هم؟، قال: فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم البِشر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :”هم عباد من عباد الله من بلدان شتى، وقبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نورا ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس، ولا ينزعون، ويخاف الناس ولا يخافون).

دخول الجنة

الدليل على ذلك جاء في رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”. (رواه مسلم).

الكثير والكثير من الفضائل والثمرات التي لا حصر لها التي يجنيها المرء من حبه لأخيه الإنسان في الله.

اقرأ أيضًا : اللهم اني احببت عبدا من عبادك الدعاء كامل

البغض في الله

البغض في الله هو كرهك وبغضك لأحدهم لكفره ومعصيته وعدم طاعته لله عز وجل أو إيمانه به، أو لكثرة معاصيه أن كان مسلمًا، فالمسلم المؤمن يبغض في الله أهل الشر والأعمال السيئة والكفر، فيمكن أن يحب المرء شخصًا ويبغضه في ذات اللحظة، حيث يمكن أن تحب شخص لإسلامه وتبغضه لمعاصيه، أو تحبه لأنه لا يترك صلاة وتبغضه لأنه لا يصل رحمه وهكذا، وبالحب في الله والبغض في الله يستكمل الإنسان إيمانه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحق في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان”.

إلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا، حيث عرض لكم موقع زيادة معني شعور الحب، ومعني الحب في الله والبغض في الله وفضائل الحب في الله، وعرض لكم الحب في الله عند الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.. نحن دائمًا في انتظار استفساراتكم.

قد يعجبك أيضًا