حب العزلة والصمت في علم النفس

حب العزلة والصمت في علم النفس يوضح لنا أحساس الإنسان في الأوقات التي يكون فيها راغب في عدم رؤية أي شخص أو التواجد وسط البشر، بل يحتاج المريض في هذا الوقت إلى أنه يظل بمفرده دون أن يقترب منه أي شيء بشكل عام، وسنتناول الحديث عنه باستفاضة عبر موقع زيادة.

حب العزلة والصمت في علم النفس

تُعد العزلة اضطراب نفسي في حد ذاتها، فقد تم تعريفها في المجال الطبي على أنها باضطراب الشخصية الفصامية Schizoid Personality Disorder أو اضطراب الشخصية شبه الفصامي على وجه التحديد، فبالتالي هي في الأساس من الأمراض النفسية الشائعة التي تُصيب بعض الأفراد.

يُعاني المريض في هذه الحالة من وجوده وسط مجموعة من الناس، حتى وإن كانوا أقرب الناس إليه أو إلى قلبه بشكل عام، فهو يستمتع بالجلوس بمفرده، وخلو حياته من البشر، أما بالنسبة لتعريفها في علم النفس، فهي عبارة عن الوقت الذي يقوم الشخص بخلق عالم خاص به، فللعزلة منافع وأضرار في الوقت ذاته.

من الجدير بالذكر أن أغلب علماء النفس يقولون إن الإنسان الذي يعزل نفسه عن البشر ويظل صامت في أغلب الحالات يكون مُبدع في حد ذاته، فبالتالي يتمكن من خلق عالم خاص به يحتوي على كل شيء يحبه ويرغب فيه دون أن يستاء أي شخص آخر من الأشياء التي يضعها في حياته.

بالإضافة إلى أنه يتمكن من إبعاد ما لا يُفضله من أشياء عن عالمه بنفسه، أي لا يتقبل وجود هذه الأشياء لمجرد تفضيلها للشخص الذي يُشاركه الحياة، أما بالنسبة للأضرار العامة التي تلحق بالمريض فهي في الغالب تتخلص في الدائرة المحدودة التي يعيش فيها.

فهذا الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب لن يتمكن من التواصل بشكل صحيح مع الأشخاص المُحيطين به، وذلك لأنه غير مُعتاد على هذا الشيء بأي شكل من الأشكال.

بالإضافة إلى أنه في الغالب ما يُصاب هذا المريض بالمراهقة سواء المُتأخرة أو المُبكرة، وهذا الشيء طبيعي، ولكن يكمن الغير طبيعي في طول المدة التي يظل فيها في المراهقة.

اقرأ أيضًا: ما هو الفرق بين الوحدة والعزلة

أعراض العزلة

في إطار حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس علينا القول إن هُناك الكثير من الأعراض التي تظهر على الشخص المُصاب بهذه الحالة المرضية النفسية، لذلك وجب علينا عرضها لكم من خلال النقاط التالية:

  • فقدان الرغبة في التواصل مع البشر.
  • حب الانفراد بالنفس، وعدم الاعتماد على أي شخص.
  • عدم وجود علاقات تجمع بينه وبين العائلة، أي لا يوجد لديه أي علاقات اجتماعية باختلاف أنواعها وأشكالها بشكل عام.
  • برود الأعصاب، خاصةً في الرد على من حوله، إذا قام بالرد من الأساس.
  • عدم توضيح المشاعر التي يشعر بها تجاه أي شخص، حتى وإن كان أقرب شخص بالنسبة له.
  • الانشغال بالنفس في أغلب الأوقات، وعدم التفكير في أي شيء آخر.
  • الرغبة في التأمل لأوقات طويلة على مدار اليوم.
  • يشعر دائمًا بعدم المبالاة، ولا يرد على النقد أو الاعتراض، أو حتى الثناء والشكر فيه، بل يسمع هذا الشيء دون إعطاء أي ردة فعل.
  • الامتناع عن المشاركة في الأنشطة المختلفة، حتى وإن كانت من هواياته الشخصية.

أسباب العزلة والصمت

من خلال حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس، فمن المتعارف عليه أن أغلب الأمراض النفسية يكون السبب وراء الإصابة بها هو حدوث اضطراب في شخصية المريض، مما يجعله لا يتمكن من التصرف على النحو الذي يجب اتباعه.

فمن الجدير بالذكر أن الشخص الذي يرغب في الانعزال عمن حوله، يكون قد مر بحالة نفسية صعبة للغاية، أدت للسيطرة على شخصيته بالسلب، بالإضافة إلى وجود الكثير من الأسباب الأخرى أبرزه البيئة المُحيطة بالمُصاب، خاصةً في بداية حياته.

حيث يؤثر هذا الشيء على حالته النفسية بالطبع، فإذا كانت العائلة يحدث بينها الكثير من المشاجرات طوال الوقت.

فهذا الشيء سيتسبب في جعل الطفل لا يرغب في التواجد معهم كثيرًا، بل يُفضل العزلة، وهذا بالطبع ينعكس على شخصيته مع مرور الوقت.

كما أن التاريخ العائلي الذي كون أحد أفراد العائلة عانى من الفصام Schizophrenia، أو اضطراب الشخصية الفصامية، أو اضطراب الشخصية الفصامي النوع Schizotypal Personality Disorder..

هذه الأمراض تُعد من الأسباب الرئيسية التي تجعل الإنسان يرغب في الانعزال والصمت على الدوام، كما أن الإساءة والإهمال والتنمر على شيء في الشخصية، فالتنمر يُعد من أخطر وأسوأ التصرفات التي يوجهها الإنسان لغيره بشكل عام، وذلك لأنه يتمكن من القضاء على ثقة الشخص في ذاته.

فبالتالي يؤدي هذا الشيء إلى وصوله إلى مرحلة صعبة من الرغبة في العزلة والامتناع عن التواصل مع البشر، حتى لا يتلقى الإساءة منهم مرة أخرى.

ناهيك عن عدم الثقة بالنفس، بالإضافة إلى الإصابة بالقلق والتوتر الدائم، وفي بعض الأحيان ينتج حُب العزلة عن طلاق الوالدين.

لهذا الأمر بلا أدنى شك القُدرة على جعل الإنسان يشعر بأن أقرب الأشخاص بالنسبة له لا يحبونه ولا يخافون على مشاعره، مما يؤدي إلى رغبته في العزلة.

اقرأ أيضًا: انواع الشخصيات في علم النفس

علاقة العزلة والوفاة في وقت مُبكر

في إطار حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس وكما سبق القول إن العزلة على الرغم من أنها تُعد من مُسببات الأضرار، والأمراض النفسية الخطيرة التي يكون لها عواقب وخيمة على الإنسان يُمكن أن تصل إلى الموت.

إلا أن لها بعض الفوائد التي تكمن في الإبداع والوصول إلى النضج والحياة التي يأمل فيها الإنسان بشكل عام، لكن يجب علينا العلم أن العزلة تجعل الإنسان بارد المشاعر، لا يشعر بأي شيء تجاه نفسه، ولا تجاه من حوله.

فمن المتعارف عليه أن الإنسان عبارة عن لحم ودم ومشاعر، فإن سقط شيئًا منهم لن يتمكن من العيش بالطريقة التي يجب التعايش بها، فالمشاعر هي التي تُخبر الإنسان بالشيء التي يتوجب عليه القيام به.

علاج العزلة والصمت طبقًا لعلم النفس

أوضح الكثير من علماء النفس والأطباء النفسيين، أن العزلة ليست من الأمراض النفسية التي تتطلب العلاج الدوائي، بل هي تحتاج إلى العلاج الاجتماعي والنفسي على الأحرى، فمن الجدير بالذكر أن العائق الكبير هنا يقع على عائلة المريض، لذا عليهم اتباع ما يلي في إطار علاجهم:

1- مُحاولة التواصل مع المريض بأكثر من طريقة

على الرغم من أن هذا الشيء صعب للغاية، إلا أن له عوائد جيدة للغاية، وذلك لأنه في حالة التواصل مع المريض ومُحاولة فهم ما يشعر به ويرغب فيه، سيجعله يشعر أن هناك شخص في الحياة يهتم لأمره، لذا سيعود تدريجيًا لوضعه الطبيعي، وذلك عندما يبدأ في الثقة مرة أخرى فيما حوله.

لذا سيكون على العائلة، التحدث مع أصدقائه السابقين، ومحاولة جعلهم يتواصلون معه بأي شكل من الأشكال، فمن المتعارف عليه أن الإنسان اجتماعي بطبعه، ويحب التحدث إلى الأصدقاء، فبالتالي سيُساعد هذا الشيء في العلاج.

اقرأ أيضًا: أعراض المرض النفسي عند المراهقين

2- التغلب على الأسباب المؤدية للعزلة

من خلال حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس، وكما سبق وأوضحنا إن للعزلة والصمت الكثير من العوامل الاجتماعية التي تتسبب في هذا الشيء.

بالإضافة إلى أنها تختلف من مريض للآخر، على حسب البيئة التي يعيش فيها بشكل عام، لذلك فمن المُفصل، ومن أسهل طرق العلاج، هي محاولة حل المشكلات التي أدت إلى إصابته من الأساس بهذه الحالة المرضية.

حيث إنه في حال ما تم الوصول إلى الأسباب الأساسية المُتسببة في رغبة المريض في العزلة، ستجعله يشعر بأن هناك شخص مُهتم لأمره، ويرغب في الوصول إلى حل حتى يعود لما كان عليه في السابق، لذا سيبدأ المُصاب في الاستجابة تدريجيًا حتى يصل إلى الشفاء بأمر الله.

3- تحقيق أهدافه وطلباته قدر المستطاع

من خلال حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس، فنرى أن المُصاب بالعزلة وعدم التحدث يُعاني من حالة عصيبة تجعله لا يتمكن من الصبر على تحقيق الطلبات الخاصة به.

فبالتالي سيتسبب هذا الشيء في التأثير بالسلب على حالته النفسية، لذا إذا تمكن من حوله في تحقيق هذه الأشياء له، ستتحسن حالته بالتأكيد.

أقوال علماء النفس والفلاسفة عن العزلة والصمت

من خلال حديثنا حول حب العزلة والصمت في علم النفس، وجب علينا التطرق إلى استعراض أقوال خُبراء وعُلماء علم النفس ذاتهم، ذلك لأنهم قاموا بدراسة هذه الأشياء إن لم يكونوا قد عاشوها بالفعل في وقت من الأوقات، لذا سنعرض لكم الآن بعض من أقوالهم عنها فيما يلي:

  • لا يكون الأمر مزعجاً عندما أكون لوحدي، ولكن عندما تعيش بعزلة عن الأخرين. “شارلوت برونتي”.
  • عندما تشعر بالعزلة، تعلم الأمور التي تتعلق الوحدة، أصنع طريقك بنفسك، ولمرة واحدة في حياتك قم بالاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين للهرب من أشياء لم تحققها.” إليزابيث جيلبرت”.
  • أكثر شيء في حياة الشخص والتي تشعره بالعزلة هي عندما يشاهد انهيار العالم أجمع، ويقف مكتوف الأيدي بلا حراك.” سكوت فيتزجيرالد”.
  • لماذا يشعر الأشخاص بهذا القدر من الوحدة؟ ما المغزى من كل هذا؟ ملايين الأشخاص في هذا العالم، يتوقون عزل أنفسهم عن العالم الخارجي، لماذا؟ هل خُلق هذا الكون شعرنا بالوحدة؟ “هاروكي كوراكامي”.

اقرأ أيضًا: أقوال الحكماء عن الصمت معبرة.. وأمثال بلغات متنوعة

أقوال الأُدباء وعُلماء النفس العرب عن العُزلة

كما سبق القول إنه من أفضل المفاهيم التي يُمكننا العثور عليها قاطبةً بخصوص حب العزلة والصمت في علم النفس، هي العبارات والدراسات والأقاويل التي وضعها علماء النفس بشكل عام.

ففي الفقرة السابقة عرضنا لكم بعض الأقوال الخاصة بالعلماء والفلاسفة الأجانب، لذا وجب علينا أن نعرض لكم عبارات قالها العرب بخصوص هذا الأمر من خلال النقاط التالية:

  • ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.” أحمد بن عطاء الله السكندري”.
  • ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس جبل.” ابن الوردي”.
  • الوحدة لا تعني العزلة والابتعاد عن البشر! الوحدة هي أن تصبح عاجزاً عن امتلاك ذكرياتِ جديدة.” عبد الله العتيبي”.
  • العزلة مصفاةٌ لا مرآة.” محمود درويش”.
  • إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد فتهجر الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت.” جبران خليل جبران”.
  • الحزن كالوباء يوجب العزلة! ” نجيب محفوظ”.
  • العزلة حاجة في نفسي مثلما الخبز والماء والهواء حاجة في جسدي ولا بد لي من ساعات أعتزل فيها الناس لأهضم ساعات صرفتها في مخالطتهم.” توفيق الحكيم”.

يتضمن مفهوم حب العزلة والصمت في علم النفس الكثير من المعاني السامية التي نتمكن من خلالها معرفة المقصود وأعراض هذه الحالة النفسية الصعبة، وهذا الشيء يعود لأهميته التي اتخذها الكثير من العلماء والباحثين عنوان لأبحاثهم ودراساتهم.

قد يعجبك أيضًا