زوجتي تكذب وتحلف كذب

زوجتي تكذب وتحلف كذب فماذا عليّ أن أفعل؟ فهي لا تترك موقف كبيرًا كان أو صغيرًا إلا وتثير في حفيظتي الشكوك حيال صدقها، وقد اتضحت لي أن ثمة مواقف كانت كاذبة فيها، فلم أتمكن من منحها الثقة والأمان.. من خلال موقع زيادة يُمكننا أن نجيب على السائل بشيء من التوضيح حول ما ينطوي عليه كذب الزوجة، من أسباب وأحكام.

زوجتي تكذب وتحلف كذب

لا شك أن الكذب من الأخلاق المذمومة.. لا يُقبل بأي حال من رجل أو امرأة، إلا أنه يجب معالجته بحكمة إن صدر من الزوجة، لا تهوينًا لفداحته وإنما إعمالًا للنصح والتهذيب.

هذا كان الجواب الأرجح للقائل: “زوجتي تكذب وتحلف كذب”.. فلما سرد مشكلته مع زوجته وكان متذمرًا غاضبًا من فعلتها، وكاد أن يُطلقها، أشرنا إلى حديث عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-:

لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًاً رضي منها آخر“.

فإن لم يرَ منها إلا صفاتها المشينة يستحيل عشرتها، ومن الممكن أن يطغى ذلك الجانب على جوانب أخرى مُرضية فيها، فالإنسان عرضة أن يقع في الخطأ، وما أقرب إليك من زوجتك حتى تمد لها يد العون لتنتشلها من براثن الكذب والتضليل، فتتوب إلى الله وتكون صالحة في القول والفعل.. وهنا يجازيك الله خير الجزاء عن مساعدتك لها مما كادت أن تقع فيه.

هذا النصح يكون استرشادًا بما ذكر في كتاب الله وسُنة نبيه عن عاقبة الكاذبين، على أن يكون النصح برويّة ولين، فلا تخوفها حتى لا تضطر إلى الكذب، واعمل على تشجيعها على قول الحق، فلتتجاوز عن زلاتها وتعفو عنها وتدعو الله أن يغفر لها.

حيث إن الكذب له وسائل تربوية لعلاجه ليست من بينها الطلاق، فلربما كان ناجمًا عن انعدام أمان وخلل في الثقة، لذا يُمكن حسب طبيعة الزوجة الكاذبة إجراء إصلاح لشخصيتها.

اقرأ أيضًا: كيف اتعامل مع زوجي الكذاب

ماذا تفعل حيال كذب الزوجة؟

عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- قال:

كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا” (صحيح البخاري).

في الرد على القائل ” زوجتي تكذب وتحلف كذب” أشرنا إلى أنه عليه الصبر والتمهل، مع قليل من النصح والإرشاد لها.. نعلم أن الكذب قد يدمر العلاقات ويخربها، لأنه يسبب انعدامًا في الثقة إلى الدرجة التي لا يُمكن بنائها ثانيةً.. لكن من يتقِ الله في زوجته، ولا يريد هدم ما بينهما، عليه اتباع ما يلي:

1- الهدوء والثبات الانفعالي

هل فكرت أن زوجتك تكذب عليك وتحلف كذبًا لكونها خائفة؟ فقادتها نفسها إلى الكذب كبديل مثالي في نظرها عن المصارحة التي ربما تثير غضبك تجاهها، وهو ما تهابه، لذا عليك أن تهدأ، ولا تقابل أي من المواقف منها بحدة وغضب جامح، حتى لا تعتاد على الكذب عند التهرب من الأخطاء، والزلات التي لا تُغتفر عندك.

2- الحديث مع الزوجة

مصداقًا إلى قول الله تعالى في سورة الروم:

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)“.

ربما تكون زوجتك بحاجة إلى قليل من التفاهم، والمواجهة.. ومن ثم العتاب، وفي محادثتك معها عليك أن تلتزم الصبر والهدوء، وتعاملها برويّة ولين، وتسألها عن سبب اللجوء إلى الكذب.. فقط عليك أن تقود المحادثة بينكما بالشكل الذي يصل بكما إلى معرفة السبب وراء اضطرارها للكذب، حتى تتمكن من معالجته.

بالطبع لا يوجد مبرر وافيًا للكذب، إنما هو وسيلة سهلة للهروب، أما عن معرفة السبب الذي قادها إليه ما هو إلا لمنحك مزيدًا من التنوير في التعامل معها، فلربما يعزو الأمر إلى طباعك الحادة، فتتجاوز بقليل من الحكمة أن تُلحق بها في الكذب.

3- التواصل الآمن

اعتمادًا على ما سبق، يُمكنك أن تبني مساحة آمنة بينك وبين زوجتك، حتى لا تلجأ إلى الكذب مرة أخرى، وتعرف أسرارها وما تخفيه ولم، وتجعلها تدرك أن الأكاذيب بصغيرها وكبيرها ليست مقبولة، هنا نشير إلى أنه في بعض الأحيان قد يكون الكذب مرضًا.

نتاجًا لتربية ما أو سلوكيات خاطئة قد اعتادت عليها الزوجة، لذا يجب ترويض شخصيتها وتهذيبها بالصبر والحلم، هذا علاوةً على استزادتها بالمعرفة والتفقه في الدين، فتكون نافرة من الكذب لا لرضاك فحسب إنما لرضا الخالق، وهذا ما يجعلها لا تعود إلى الكذب ثانية.

اقرأ أيضًا: كيف تعرف الكذاب من صوته

حكم كذب الزوجة على زوجها

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:

ما سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرخصُ في شيءٍ من الكذبِ إلا في ثلاثٍ كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ في الحربِ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه، والمرأةُ تحدثُ زوجَها” (صحيح).

هنا لا يكون الحكم مطلقًا على الحالات كافة، كما تبين من الحديث الشريف، فإن الكذب بين الزوجين فيما ينفعهما ولا يضر أحد على أن يكون بتورية لا صريح، فهو لا حرج فيه ولا إثم.. أما الكذب الذي يكون باطلًا بشيء آخر فهو حرام.

فهناك الكثير من الضوابط التي تحدد الكذب المباح بين الزوجين، وإلا كان الكذب ما هو إلا معصية ومن فعله آثمًا، امتثالًا لقول رسول الله:

إنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا” (صحيح البخاري).

فإن كانت زوجة القائل: “زوجتي تكذب وتحلف كذب” تعتاد على الكذب في كل شؤون حياتهما فهو غير مباح، كما أن الكذب الذي يترتب عليه أمر محرم فهو حرام.

حكم الحلف كذبًا

ارتباطًا بما أخبرنا به أحدهم أن زوجته تكذب عليه وتحلف كذبًا.. نشير إلى أن الحلف بالكذب حرام، ويعتد به من الكبائر لأن فيه من الجرأة على الله التي لا تغتفر.. فلا كفارة له إلا التوبة النصوحة الصادقة، وإن استتبع الكذب إهدارًا للحقوق يجب ردها.

هل يجوز الحلف كذبًا على الزوج إن سألها عن ماضيها؟

ليس من الحكمة أن تصارح المرأة زوجها بأنه كان لها ماض عاطفي قبله، فلا يشترط أن تحكي له ما لا يسره وقد عفا عليه الزمن، وأصبح هو والعدم سواء، حتى لا تدمر حياتها الزوجية اعتقادًا أنها بذلك تكون صادقة.. ففي الحديث السالف ذكره عن الكذب وحالاته.

استثنت الشريعة السمحة الكذب المحرم من الكلام بين الزوجين، رعاية في ذلك للرباط الغليظ بينهما، فقد أباحت الشريعة الكذب بين الزوج والزوجة عند الاضطرار والحاجة، حفاظًا على المودة بينهما، طالما لم يترتب على الكذب بينهما أي إهدار أو إضاعة للحقوق، هذا عن الكذب.

ماذا عن الحلف كذبًا في الحالة ذاتها؟ هنا نشير إلى أنها ليست مضطرة إلى الحلف على ما مضى، إلا أنها إن اضطرت لذلك فلتحلف على سبيل التورية قدر الاستطاعة، وتكون نيتها حاضرة.

فنذكر قول الإمام النووي في هذا الصدد: “إن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب“.

هذا فقط إن كان الأمر محكومًا بالطلاق أو شكوك الزوج.. فما إن كانت النوايا سليمة وهي الرغبة في استمرار العلاقة فلعلّها ترجو من الله ألا يكون هناك إثمًا من هذا الحلف، والأصلح لها أن تستسمح زوجها وتُحسن إليه دون الاضطرار إلى الحلف كذبًا.

اقرأ أيضًا: عقوبة الحلف على المصحف كذبا في الدنيا

مواقف تكذب فيها الزوجة

حتى يتسنى للزوج التعامل الأكثر صوابًا مع زوجته التي ينعتها بالكاذبة، عليه أن يعرف ما هي المواقف التي يُمكن أن تكون الأكثر كذبًا فيها، وهي:

  • على سبيل اختبار مشاعرك أو التأكد من أهدافك، فتروي قصص وهمية حتى ترى ردات فعلك.
  • تشعر بانعدام الثقة والأمان فيك حتى تخبرك ببعض الأشياء التي لا تجد من المقبول أن تخبرك الحقيقة فيها.
  • من المحتمل أنها تمتلك من الأسرار التي لا يعرفها أحد عنها، وبعد زواجكما تخشى الإفصاح وتضطر إلى الكذب.
  • حتى تتجنب أي إهانة محتملة حيال خطأها الذي تدركه ولكن تخشى الاعتراف به.
  • محاولة منها إخفاء شيء في الماضي قد اقترفته دون قصد.. فيستتبع ذلك ويلات من الكذب الذي لا ينتهي إثر هذا الموقف.

إن استند الزوجان إلى أسس متينة في علاقتهما، فالله يديم الألفة بينهما، فما إن أضل أحدهما يرشده الآخر إلى الصواب ويكون له عونًا معينًا للصلاح والهداية.

قد يعجبك أيضًا