اللهم اهدنا فيمن هديت

اللهم اهدنا فيمن هديت، ورد في مسند الإمام أحمد عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلمات أقولهن في قنوت الوتر «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تبارك ربنا وتعاليت» رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.

اللهم اهدنا فيمن هديت

دعاء القنوت، هذا الدعاء الجليل العظيم، يتضمن:

  • أهداف ومطالب عظيمة في الدين والدنيا والآخرة، وله معاني مجيدة في أمور الإيمان والتوحيد.
  • أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله ودعاء بآياته وبركاته وإثبات صفاته وإدراكها. 
  • النفي والإيمان بالقدر والقدر والوصية في أرقى الأبنية وأوسع المعاني.

وقد ثبت هذا الدعاء المبارك في حالتين: 

  • في دعاء الوتر في القنوت أن النبي صلى الله عليه وسلم، علمه للحسن بن علي رضي الله عنهم، وقد ثبت ذلك على يد أنس رضي الله عنه بقوله: (كان يعلّمنا هذا الدعاء». 
  • أهمية هذا الدعاء المبارك تدلّ على شيئين: تعليمه لابن ابنته الحسن كما سبق، وكذلك لأصحابه كما قال أنس (علمنا).
  • وأن فعل المضارع بعد كان يدل على المثابرة في الفعل والاستمرار فيه.

ومن هنا يمكنكم قراءة موضوع دعاء التحصين من السحر والآيات المستحب قراءتها: دعاء التحصين من السحر والآيات المستحب قراءتها

شرح الحديث

اللهم اهدنا

  • بدأ الدعاء بالرجاء الأولى والأكثر احتراماً، أن يهتدي فلاح العالمين. 
  • سأل الله تبارك وتعالى توجيهًا كاملاً ومفيدًا، يتضمن معرفة العبد في الحقيقة واتباعها. 
  • التوفيق والصمود والثبات، وهذا الاتجاه لا يملكه إلا الله تعالى، فلما طلب العبد الهداية من الله تعالى أن يستدعي هذين المعنيين اللذين يجمعان: العلم والعمل، كما في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6} منها العطايا في اتجاه العلم والعمل حتى يتذكر القارئ أنه يسأل عن اتجاه المعرفة واتجاه العمل.

“فيمن هديت”

  • يسأل الله أن يضمه إلى المهديين وأتباعهم، وهم كما قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} النساء 69
  • ويسال الله أن يستجديه برحمته ونعمته، وهذه من النداءات الجليلة التي تتطلب إجابة، كما سبق في طلب زكريا عليه السلام {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (مريم 7) أي: يا رب كما أهديت بشرًا كثيرين، فأحمني كما أعطيت لهم الرحمة.
  • النصيحة التي نطلبها لا تأتي كثيرًا على هذا النحو، بل يجب أن تكون لها أسباب نجتهد من أجلها، وأهم هذه الأسباب، تأخير الدعاء، والإخلاص في الاقتراب منك والسعي لتحقيقه. .
  • لذلك نريد أن نطلب منك النصيحة، لأنها تفوق رحمتك وحكمتك، ومنذ البداية قمت بتوجيه الآخرين.

وللتعرف علي موضوع كم اجعل لك من صلاتي وما صحة هذا الحديث: كم اجعل لك من صلاتي وما صحة هذا الحديث

“وعافنا فيمن عافيت”

  • لقد تعافينا من أمراض القلب وأمراض الجسم، فأمراض الجسم معروفة، ولكن أمراض القلب سببها شيئين:
  • الأول: أمراض الشهوات التي تنشأ في الشغف، أن يعرف الإنسان الحقيقة ولا يريدها؛ لأن لديه شغفًا يختلف عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • والثاني: أمراض الشبهات التي تنشأ عن الجهل والتي تنشأ عن الجهل؛ لأن الجاهل يكذب فيعتقد أنه صحيح وهو مرض خطير جدا، نسأل الله أن يشفي أمراض الجسم وأمراض القلب، وأمراض الشبهات وأمراض الشهوة.

 “وتولنا فيمن توليت “

  • وبعبارة أخرى، كن وصيا لنا بالولاية الخاصة التي تقتضي رعاية كل من تولى الله سبحانه وتعالى وينجح فيما يحبه ويرضاه، حيث أنزل الله تعالى عليه فعل الولاية، وهي مشتقة من اسمين لله تعالى من أجمل الأسماء: (الولي والرب).
  • وقد تدل على معنى الولاية العامة: وهي لجميع المخلوقات مثل في قوله تعالى: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَق} (الأنعام 62).
  • وولاية خاصة: وهي وصية الله تعالى على المؤمنين. تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} وهذا هو التفويض المنصوص عليه في هذا الدعاء المبارك الذي يتطلب التوفيق والنصر والعناية والصبر في كل ما يغضب الله تبارك وتعالى، وهذا تحذير لمن ذل في الناس نقص ما فاته الله تعالى.

ونرشح لكم قراءة موضوع حديث شريف عن الصحة وتفسيره: حديث شريف عن الصحة وتفسيره

“وبارك لنا فيما أعطيت”

  • أي البركات في العطاء، والنمو المستمر والكثير من الخير، وهي حسية أو غير ملموسة. 
  • وفي هذا فإن سؤال الله تعالى هو نعمة كل ما رزقه الله تعالى: علم أو مال، عمر، أسرة، ذرية، سكن، وغير ذلك، في تطويره وإصلاحه والمحافظة عليه وحمايته من جميع الآفات.
  • لأنك إن لم يرزقك الله بما أعطاك، فأنت محروم من الكثير من الخير. 
  • كم من الناس لديهم الكثير من المال ولكنهم من بين الفقراء لأنهم لا يستفيدون من أموالهم، وذلك لأنهم يسلبون النعمة، فالكثير من الناس لديهم أطفال، لكن أطفاله لا يستفيدون منه بسبب العصيان الذي لديهم، وهؤلاء لم يباركوا لهم في أولادهم. 
  • ربما كان شخصًا ما قدّم له الكثير من المعرفة، لكنه في نفس وضع الأمي لا يظهر أثر العلم عليه في عبادته ولا في أخلاقه ولا في سلوكه ولا في علاقته بالناس. 
  • على العكس من ذلك، يمكن للمعرفة أن تكسبه الغطرسة على عباد الله وفوقهم، وتجد أن علمه لم يستفد منه الناس لا في التعليم، ولا في التوجيه، ولا في الكتابة، بل يقتصر على نفسه، وهذا بلا شك حرمان كبير، حتى لو كانت المعرفة هي أن يبارك الله تعالى في العطاء
  • وقنا شر ما قضيت” أي: قنا ِمَا قَدْرَتَ، لأن الله القدير يقضي الشر بحكمة عظيمة وهي خير، وما) هنا ليس منبع أي شر، بل هو اسم متعلق بمعنى ماذا، لأن حكم الله لا يحتوي على شر خالص.
  • لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما مدح ربه: والخير بيديك والشر ليس إليك»، لهذا السبب لا ينسب الشر إلى الله القدير. 
  • عادة ما تكون مصادفة سيئة، ولكن الأفضل تذكير الناس بربهم والاستعانة به، كما يقول تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم 47)

ومن هنا سنتعرف علي موضوع دعاء قوي على الزوج الظالم مُستجاب: دعاء قوي على الزوج الظالم مُستجاب

“إنك تقضي ولا يقضى عليك”

  • إن الله تعالى يقرر إصدار أحكام شرعية ونظام قضائي شامل، لأن الله تعالى يقضي على كل شيء لأن لديه قرار كامل.
  • “ولا يقضى عليك”: أي لن يدينه أحد، لأن العباد لا يدينون الله، والله يدينهم. يُسأل الخدم عما فعلوا، فلا يُسأل: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 32].
  • ” إنه لا يذل من واليت، ولا يعزّ من عاديت”: إذا كان الله له الغلبة على الإنسان، فإنه لا يذل، وإذا عادى الله الإنسان فإنه لا يعز
  • وهذا يعني أننا نطلب مجد الله سبحانه، وأن نخاف الذل في الله القدير، فلا يذل أحد بالله العظيم ووليه فالمهم هو تحقيق هذه الولاية.
  • “ولا يعزّ من عاديت”: أي أن من كان عدواً لله لا يفتخر بل حالته الذل والضياع والفشل، ولهذا إذا للمسلمين عزة الإسلام، وفخر الدين، وفخر الولاية؛ هؤلاء الكفار لم يكونوا في الوضع الذي نجد أنفسنا فيه الآن. 
  • لأن معظم مسلمي اليوم، للأسف، لا يعتزون بدينهم، ولا يتبعون تعاليم الدين، ويعتمدون على مواد وزينة العالم. ولهذا أصابهم الذل، وصار الكفار أعزاء عليهم منهم.
  • “تباركت ربنا وتعاليت”: هذا حمد لله تعالى على شيئين: أحدهما التبارك، والتاء للمبالغة. 
  • لأن الله القدير عندما قال “تباركت”، أي أن حسناتكم قد تضاعفت وتغلغلت وتطورت، لأن البركة كما قلنا هي احتمال الصلاح.
  • “ربنا” أي: يا ربنا، منادى قد حذفت منه ياء النداء.
  • “تعاليت”: أي أن لديك سموًا مطلقًا في جميع جوانب الكمال وسمو الذات العليا.

ولا يفوتكم قراءة موضوع حديث شريف عن الشهيد ومن هو الشهيد: حديث شريف عن الشهيد ومن هو الشهيد

وفي نهاية المقال نكون قد تعرفنا على دعاء اللهم اهدنا فيمن هديت، وهو دعاء القنوت، وقد قمنا بشرح هذا الدعاء، ومعاني المفردات الخاصة بكل جزء في الدعاء، وكل ما يدور حول هذا الموضوع بشكل عام.

قد يعجبك أيضًا