من اول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم

من اول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم وهل هو من العرب أم قد ظهر قبل مجئيهم أصلًا؟ وما هي قصة كتابة هذا الرجل لجملة بسم الله الرحمن الرحيم وهل وردت قصته في القرآن؟

هذا ما سنجيب عليه في موضوعنا اليوم.

من اول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم

يتسائل كثيرٌ من الناس عن الأوائل في كل شيء، من أول من عبدَ الأصنام في جزيرة العرب؟ ومن أول من خطَّ بالقلم؟ ومن أول من اكتشف النار؟ ومن ومن ومن …؟

أسئلة كثيرةٌ عن الأوائل في عصورهم ممن اكتشفوا أشياءً قد لا نشعر بوجودها اليوم، لكنها كانت طفرة حديثة في أزمانهم، حتى إن هناك مُؤَلَّفًا كبيرًا يُدعى أسماه صاحبه بكتاب “الأوائل”، فجمع فيه أول من عمل كل شيءٍ في كل شيء، فذكر فيه أول من رمى بسهم في الإسلام، وأول من كسى كعبة بيت الله الحرام، وأول من أسلم من الرجال والنساء والصبيان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم لما فرضت الصلاة، والكثير من الأوائل الآخرين ممن كانوا أوائل في زمانهم.

يُدعى مؤلف هذا الكتاب بأبي بكر بن أبي عاصم الشيباني، والطريف أنه كان أول من ألَّف كتابًا عن هذا الموضوع كذلك.

حكى أبي بكر بن أبي عاصم الشيباني في كتابه هذا عن عبدالله بن عبَّاسٍ –رضي الله عنه- أن أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مطلقًا كان نبي الله سليمان –عليه السلام-، وكان أول من كتبها من العرب هو الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص –رضي الله عنه-، وقد حُكي ذلك أيضًا في كتاب أخبار مكة  لمؤلفه أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الغساني المكي.

وروى الأزرقي في كتابه أيضًا عن إبراهيم بن عقبة قال: “سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول: “كان أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم”.

وليس هناك أي تناقضٍ بين الأمرين، فأول من كتبها في تاريخ البشرية جمعاء هو سليمان –عليه السلام-، وأول من كتبها من العرب هو خالد بن سعيد بن العاص –رضي الله عنه.

إقرأ أيضًا: اعراب بسم الله الرحمن الرحيم ومعناها لغويًا

متى قال نبي الله سليمان بسم الله الرحمن الرحيم لأول مرة في التاريخ؟

وردت قصة سيدنا سليمان –عليه السلام- مع بلقيس بنت سراحيل ملكة سبأ في سورة النمل، وهي ذات القصة التي جاء فيها قول بسم الله الرحمن الرحيم في رسالة كتبها سليمان –عليه السلام إلى بلقيس يدعوها إلى الإسلام.

عَلَّم الله –تعالى- نبيه سليمان –عليه السلام- لغة الطيور، فكان يتحدث بها إليهم ويفهم ما يقولونه له، ففي سورة النمل يقول الله –تعالى-: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)، والمنطق في لغة العرب هو الكلام المنطوق الصادر عن اللسان.

وذات يومٍ ذهب سليمان –عليه السلام- يتفقد جيشه فلم يجد طائر الهدهد بين أفراد الجيش، فلما عاد الهدهد وقف بين يدي سليمان –عليه السلام- مبينًا له سبب غيابه وتخلفه عن الوقوف في صفوف الجيش، وكانت حجته أنه قال

بعد مجئ الهدهد، سأله سليمانُ عن سبب غيابه فأجابه الهدهد قائلًا: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)، فقد طار الهدهد من مملكة نبي الله سليمان –عليه السلام- في بيت المقدس إلى مملكة سبأ التي كانت بلقيس ملكةً عليها، ثم تابع الهدهد قائلًا: (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ  وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ).

لما علم سليمان من الهدهد بأمر ملكة سبأ وأن قومها كانوا يعبدون الشمس من دون الله –تعالى- أراد أن يدعوهم إلى دين الله –عز وجل-، فأمر الهدهد بالتحليق حتى يصل إلى مملكة سبأٍ فقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ).

إقرأ أيضًا: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم تفسير الآية

ماذا حدث بعد وصول الهدهد لمملكة سبأ؟

لما وصل الهدهد إلى أرض سبأ وأرسل كتاب نبي الله سليمان -عليه السلام-، فتحت بلقيس الرسالة وقرأت ما فيها، ثم جمعت أهل الرأي والمشورة في مملكتها وكانوا 312 رجلًا من أولي الباس والقوة الشديدين وأخبرتهم بما قرأته في تلك الرسالة، ويصف الله –تعالى هذا المشهد بقوله: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).

فكانت تلك أول مرة يُسطر فيها شخص في التاريخ كله كلمة بسم الله الرحمن الرحيم في الرسائل والكتب.

إقرأ أيضًا: ماهي السورة التي لا تبدا بالبسملة

تعريف البسملة وأحكامها في تلاوة القرآن الكريم

يعَرَّف لفظ البسملة عند علماء التجويد وأحكامه بأنه هو اللفظ المشتق من قولك بسم الله الرحمن الرحيم.

وحكمها في قراءة القرآن واجبة عند أول كل سورة من سور القرآن الكريم، فيما عدا سورة التوبة فقط، فهي السورة الوحيدة التي تفتتح بالاستعاذة فقط ثم تبدأ في أول آية منها وهي قوله –تعالى-: (بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ)

وللبسملة أحكام كثيرةٌ في علم التجويد إذا وقعت بين سورتين وهذه الأحكام هي:

  • وصل الجميع: وهو أن يقرأ القارئ آخر السورة الأولى ثم يقول لفظ البسملة ثم يقرأ أول السورة الثانية دون توقف بينهم، مثل:( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ بِسْمِ الله الرَحْمَنِ الرَحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)
  • قطع الجميع: وهو أن يقرأ القارئ آخر السورة الأولى ثم يقف، ثم يقرأ لفظ البسملة ثم يقف، ثم يبدأ بقراءة أول السورة الثانية، مثل:( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ثم يقف، ثم يقول:( بِسْمِ الله الرَحْمَنِ الرَحِيمِ) ثم يقف، ثم يقول:(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)
  • قطع الأول ووصل الثاني بالثالث: وهو أن يقرأ القارئ آخر السورة الأولى ثم يفق بعد ذلك، ثم يقول لفظ البسملة ويصله بأول السورة الثانية دون الوقف بينهما، مثل:( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)ثم يتوقف عن القراءة، ثم يقول:( بِسْمِ الله الرَحْمَنِ الرَحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحِ)
  • وصل الأول بالثاني وقطع الثالث: وهو أن يقرأ القارئ آخر السورة الأولى ثم يتلفظ بلفظ البسملة موصولًا بآخر السورة ثم يقف عند ذلكن ثم يقرأ أول السورة الثانية، وهذا الوجه ممتنع عند علماء التجويد، فلا يجوز للقارئ القراءة به، والسبب هنا يرجع لئلا يلتبس على المستمع فيظن أن البسملة هي جزء من السورة الأولى وآخر آياتها، وذلك مثل أن يقول: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ بِسْمِ الله الرَحْمَنِ الرَحِيمِ)، ثم يقف عند ذلك ثم يقرأ: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحِ).

إلى هنا نكون قد انتهينا من موضوعنا اليوم وأجبنا سؤالكم عن من اول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم وعرفنا أنه كان نبي الله سليمان -عليه السلام-، ونأمل أن نكون قد ساهمنا في استفادتكم وزيادة معرفتكم.

قد يعجبك أيضًا