شعر عن الموت بالعامية

قصائد الشعر عن الموت بالعامية تصف بشكلٍ سهلٍ وسلس الحقيقة الأبرز على وجه الأرض، وكثيرًا ما يتم اللجوء إلى هذه القصائد، ذلك لأن أهل المُتوفى وأحبته كثيرًا ما يجدون في الشعر سلوتهم عن فاجعة الفقد والرحيل، وقد يعيش البعض فلسفة الموت ويتأمل الحياة، وعبر موقع زيادة سنُعرفكم على أبرز هذه القصائد.

شعر عن الموت بالعامية

يوجد الكثير من الشعراء الذين كتبوا بالعامية عن الموت والفقدان، ومن أشهر هؤلاء الشعراء الشاعر صلاح جاهين، واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين، ولد عام 1930م وتوفي في عام 1986م، واشتهر بأشعار السخرية من الواقع، المجتمع والنفس البشرية، وكتب شعر عن الموت بالعامية في رباعياته يقول فيها:

خرج ابن آدم من العدم قلت: ياه..

رجع ابن آدم للعدم قلت: ياه..

تراب بيحيا…وحي بيصير تراب..

الأصل هو الموت ولا الحياة؟

وعجبي!!!

 فيتعجب جاهين في هذه الرباعية من سُنة الدنيا، وتبدل حال الإنسان ما بين موت وحياة ويتسأل في فلسفة من فيهما الأصل ومن النتيجة.

فهو دائم الطرح للتساؤلات التي يختمها غالبًا بكلمته الشهيرة (وعجبي!)، وكعادة أشعاره التي اتسمت بالفلسفة وتأمل حال الدنيا، كما يقول أيضًا صلاح جاهين في رباعية أخرى من رباعياته الشهيرة:

ضريح رخام فيه السعيد اندفن..

وحفرة فيها الشريد من غير كفن..

مريت عليهم قولت يا للعجب!

الاتنين ريحتهم لها نفس العفن…

حيث يتعجب جاهين مما تؤول له الأمور، وأنه رغم فرق الطبقات الاجتماعية في الدنيا والمظاهر والتقلب بين الفقر والغنى، إلا أن كلاهما مصيرهما إلى القبر وتحلل أجسادهم بنفس الكيفية.

أما فؤاد حجاج، الشاعر الذي اختلط ذكره دائمًا بالراحل صلاح جاهين قد اختلف عنه كثيرًا، ولكنهما اتفقا في حديثهما عن فلسفة الحياة والعيش، فكتب في شعر عن الموت بالعامية قائلًا:

ياللىّ انت عايش حياة بص لها تلقاها..

سبحة هنا وتنفرط بالعمر مانشوفهاش.

ولا شيء يعطّر حياتنا يمد في مداها..

غير سيرة عاشت هنا اكتر صاحبها ما عاش.

حيث يظهر في شعره أيضًا مسحة الحزن وميله لعيش فلسفة الموت، فيصف الحياة بالسبحة التي ينفرط عقدها حتى يمضي العمر، ويقول إن ما يجعل الحياة تستحق العيش، هي سيرة الطيبين التي عاشت أكثر مما عاشوا، وكان من أحسن من كتبوا شعر عن الموت بالعامية.

اقرأ أيضًا: شعر حزين عن الموت

عبد الرحمن الأبنودي والموت

عبد الرحمن الأبنودي، أو كما كان أسمه في شهادة ميلاده أحمد عبد المعين عبد العزيز، من أشهر الشعراء المصريين، وكان يُلقب بالـ (الخال)، وقد كتب أكثر من بيت شعر عن الموت بالعامية، نذكر منهم مثلًا أبياته في قصيدة (يامنه) التي يقول فيها:

إذا جاك الموت يا وليدي، موت على طول..

اللي اتخطفوا فضلوا أحباب..صاحيين في القلب.

كإن ماحدش غاب..

واللي ماتوا حتة حتة، ونشفوا وهم حيين..

حتى سلام عليكم مش بتعدي..

من بره الأعتاب..

أول مايجيك الموت.. افتح..

أو ماينادي عليك.. إجلح..

إنت الكسبان..

إوعى تحسبها حساب…!!

بلا واد.. بلا بت..

ده زمن يوم ما يصدق.. كداب…!!

سيبها لهم بالحال والمال وانفد.

إوعى تبص وراك..

الورث تراب.. وحيطان الأيام طين.

وعيالك بيك مش بيك عايشين…!!

كما يمكننا القول إن الأبنودي من الشعراء القلائل الذين تسنى لهم رثاء أنفسهم بأنفسهم، فقد كان يشعر – رحمه الله – باقتراب حمام الموت منه، فكتب في قصيدته الأخيرة التي أوصى بنشرها فقط بعد وفاته قائلًا:

ولا اطلع من عمر مكرم،

ولا أتلف بالأعلام

حاموت في قرية..

عريانة من الإعلام..

مواطن زى جيرانى،

وحامشيها على كتافهم..

فدول أطيب ودول أكرم،

وروح الحب في قلوبهم..

لا مهرجانات ولا أفلام.

فكانت من أغرب الحوادث الشعرية في مصر، وكانت من أصدق الكلمات التي قيلت في الموت وأغرب شعر عن الموت بالعامية.

أشعار غنائية عن الفقدان

كتب الكثير من الشعراء في العصر الحديث عن الموت وألم الفقدان ويمكن القول إنهم شعر عن الموت بالعامية، وتغنى الكثير من المطربين بأغنياتهم، فمثلًا كتب محمد إبراهيم قصيدة (هحكي عنك)، التي يحكي فيها آلام فقد الحبيبة والعيش من دونها فيقول فيها:

سايبة صوتك بيحاوطني، سايبة صورتك في المراية

سايبة حاجة فكل حاجة..

رغم أنك مش معايا!

هحكي عنك للي فاضل من صحابي ومن جيراني..

للي فاضل من سنين واللي عدى من زماني،

للي فاضل ليا بعدك بعد ما نسينا اللي كان..

هحكي عنك للأماكن كل ما همشي في مكان،

خدنا فيه في الماضي صورة أو مشينا هناك سوا..

واحكي عنك لما هتعب للأطبا وللدوا.

هي الأغنية التي غناها المطرب هاني عادل، وتم إطلاقها عام 2015 ولاقت نجاحًا كبيرًا، وكانت ترويجًا لرواية معروفة تحمل نفس الاسم بالفصحى (سوف أحكي عنك).

كما غنى علاء عبد الخالق أغنية (ايدي بتدور على ايدك) من كلمات الشاعر عماد حسن، والتي يتحدث فيها عن آلام فقده لأبيه فيقول فيها:

ايدى بتدور على ايدك.. وأنا وسط الزحام.

محتاج اشوفك المسك.. على كتفك الطيب انام.

مش قادر اوصلك.. انت هاتوصلي،

محتاج اشوف ضلك.. مايل على ضلي،

على صدري شبك ايدك … قلبي الضعيف بردان..

ليه سبتنى وحدي … قبل الاوان بزمان.

كتبت هذه القصيدة في عام 1989م، ولاقت رواجًا كبيرًا بين جيل الثمانينات، ورغم قلة معرفة الكثير بها الآن، إلا أنها من أجمل القصائد التي وصفت مشاعر الابن نحو أبيه، وتخبطه في الحياة بعد رحيله، ويمكن وصفها بأجمل ما كتب من شعر عن الموت بالعامية.

اقرأ أيضًا: شعر حزين عن موت الأخت

شعر عن الموت والفقد بالفصحى

بعد أن ذكرنا أشهر ما كُتِب من شعر في الموت بالعامية، ننتقل إلى أشعار لغتنا الأم، حيث كتب كتير من الشعراء القدامى عن الفقد وآلامه، ورثى الكثير منهم أحبته فمنهم مثلًا رثاء الخنساء في موت أخيها صخر في أحد المعارك، حيث نعته قائلة:

أعينيَّ جودا ولا تجمدا،

ألا تبكيان لصخر الندى؟

ألا تبكيان الجواد الجميل؟

ألا تبكيان الفتى السيدا؟

كانت أبيات الرثاء هي سبب شهرة الخنساء، والخنساء هو لقبها بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها، واسمها الحقيقي تماضر بنت عمرو، استشهد أبناؤها الأربعة في إحدى المعارك فصبرت واحتسبت، وكتبت من الرثاء في أخويها صخر ومعاوية.

كما كان من أشهر أبيات الرثاء وأشدها قسوة، شعر ابن الرومي في ابنه محمد، حيث قال في أبيات متفرقة منه:

بكاؤكُما يشْفي وإن كان لا يُجْدي..

فجُودا فقد أوْدَى نَظيركُمُا عندي.

بُنَيَّ الذي أهْدَتْهُ كَفَّايَ للثَّرَى..

فَيَا عِزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرة المُهدِي.

تَوَخَّى حِمَامُ الموتِ أوْسَطَ صبْيَتي..

فلله كيفَ اخْتار وَاسطَةَ العِقْدِ!!

طَوَاهُ الرَّدَى عنِّي فأضحَى مَزَارُهُ..

بعيداً على قُرْب قريباً على بُعْدِ.

ألامُ لما أُبْدي عليك من الأسى..

وإني لأخفي منه أضعاف ما أُبْدي!!

وأنتَ وإن أُفْردْتَ في دار وَحْشَةٍ..

فإني بدار الأنْسِ في وحْشة الفَرْدِ.

فأجاد ابن الرومي في وصف مشاعر الفقد والموت كما لم يجدها من قبله أحد، وأبدع في وصف آلام الوحدة والوجيعة التي لا يستطيع أن يتفهمها أحد، وتبقى عالقة في القلب مهما مرت السنون.

كما ذكر أنه مهما أبدى المرء من مشاعر، ولامه الناس عليها وعلى كثرة شكوته من الوجع، فإنه يحمل بداخله أطنانًا منه لا يدريها أحد.

بعيداً عن كلامنا عن شعر عن الموت بالعامية، فالشاعر العراقي بدر شاكر السياب، الذي توفى في عمر 38 في أول أيام سنة 1964م، فقد قال في رثاء زوجته في قصيدة (إلى زوجتي الوفية) باللغة العربية الفصحى الأبيات التالية:

أوصدي الباب فدنيا لست فيها..

ليس تستأهل من عيني نظرة،

سوف تمضين وأبقى..

أي حسرة!!

أتمنى لك ألا تعرفيها..

كانت هذه القصيدة واحدة من عدة قصائد كتبها في زوجته (إقبال) اعترافًا منه بجميلها ورعايتها له طوال سنوات زواجهما، فقد كان دائم الذكر لها في قصائده.

اقرأ أيضًا: شعر عن الموت

الموت هو الحقيقة المؤكدة

بعدما كتبنا عن القليل من قصائد الشعر عن الموت بالعامية، نتطرق إلى مفهوم الموت، فلا شك أن شعور الفقد من أبشع ما قد يمر به المرء في حياته، إذ إن الموت ينتزع من أرواحنا أجزاء فنغدو كشجرة خريفها لا ينتهي.

كلما رحل عنَا من نحب يتساقط عنا أوراقنا، ومن تطرق إلى فكرة احتمالية العيش كما كنا بشكلٍ طبيعي بعد فراق الأحباب بكل تأكيد لم يقاسي شعور الفقد أبدًا، إن الإنسان ليأمن وجود إنسان آخر في أيامه ويطمئن به، ويطيب له العيش معه حتى يفاجئه الموت ويأخذه بعيدًا عنه.

فيحاول أن يعتاد الحياة مجددًا، كطفل يخطو خطواته الأولى في خوف وذعر، ذلك أن اعتياد الألم أقسى من الألم نفسه، فمن منَا تمالك نفسه أمام فاجعة الموت؟

حتى الحبيب المصطفى بكى أحبابه، ومنهم ابنه إبراهيم، أم المؤمنين زوجته خديجة وجده عبد المطلب، فقال – صلى الله عليه وسلم – عن البكاء أنه رحمه، يمن بها الله على عباده.

مع العلم أنه لا علاقة أبدًا لوجع الموت والفقد بسخط القدر، فلا نقول إلا ما يرضي الله، ولا عاقل يقول إن الموت شر، بل هو سنة الكون وبداية للحياة الحقيقية ودار الحق.

فلا يسعنا عند فقد أحبابنا إلا الدعاء لهم بالرحمة والدعاء لأنفسنا بالسلوان، والتضرع لله وسؤاله أن يجعل لنا نصيبًا في لقياهم ويرزقنا الجنة في رحابهم، ونضيف لما سبق، أن الله خلق كل شيء بقدر.

حتى الحزن والوجع بقدر، وسبحانه من جعل الألم وإن كان مقدار شوكة، يثاب عليه الإنسان المؤمن، فلا ننظر للبلاء بأنه شر، بل هو خير ورحمة ومغفرة من لدن عزيز رحيم.

قد يجد الإنسان في الشعر سلوانه، وقد يجدها في كلام من هم حوله، وبلا شك الإنسان يجد في إيمانه الصبر على ما ناله من مصائب، ومهما كانت الطريقة أو الوسيلة، ما دامت مشروعة فعليه أن يسلك طريقها، فالحياة تمضي ولا تنتظرنا وأعمارنا سنسأل يومًا ما عنها

قد يعجبك أيضًا