أبيات شعر عن الفراق للمتنبي

أبيات شعر عن الفراق للمتنبي من شأنها أن ترقق القلب وتذكرنا بمن رحلوا وباق الحنين إليهم يقودنا للبكاء حال استذكارهم، فالفراق من أقسى أنواع الألم النفسي الذي يمكن أن يعيشه المرء طيلة حياته، ولا ينتهي إلا بموته، لذا نقدم لكم العديد من شطور الفراق التي قالها أبو الطيب في أمسية شعرية تصحبنا وتصحبكم إلى عالم آخر من خلال موقع زيادة.

أبيات شعر عن الفراق للمتنبي

المتنبي أو أبو الطيب هو ذلك الشاعر القوي الشجاع الذي جعل من اللغة العربية شعرًا فياضًا يصف به ما ينتابه من شعور، فتارة تضحك من خلال أبيات شعر راقية تعبر عن الفرح.

تارة أخرى تجهش عينك من البكاء حين يلامسك إحساسه من خلال قراءة أبيات شعر عن الفراق للمتنبي التي نطل عليكم بالقليل منها من خلال قصيدة فراق ومن فارقت، والتي صرخ فيها ألمًا جراء فراقه لأحبته ومنزله وكل ما كان يعشق في الماضي.

حيث كان المتنبي دائم الترحال، فوصف ما عانى من خلال أبيات شعر عن الفراق للمتنبي التالية:

فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ   ***   وَأَمٌّ وَمَن يَمَّمتُ خَيرُ مُيَمَّمِ

وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ   ***   ِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ

سَجِيَّةُ نَفسٍ ما تَزالُ مُليحَةً   ***   مِنَ الضَيمِ مَرمِيّاً بِها كُلُّ مَخرَمِ

رَحَلتُ فَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ   ***   عَلَيَّ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَمِ

وَما رَبَّةُ القُرطِ المَليحِ مَكانُهُ   ***   بِأَجزَعَ مِن رَبِّ الحُسامِ المُصَمِّمِ

فَلَو كانَ ما بي مِن حَبيبٍ مُقَنَّعٍ   ***   عَذَرتُ وَلَكِن مِن حَبيبٍ مُعَمَّمِ

رَمى وَاِتَّقى رَميِي وَمِن دونِ ما اِتَّقى   ***   هَوىً كاسِرٌ كَفّي وَقَوسي وَأَسهُمي

إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ   ***   وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ

وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ   ***   وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ

أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ   ***   وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ

وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ   ***   مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ

وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ   ***   جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ

وَأَهوى مِنَ الفِتيانِ كُلَّ سَمَيذَعٍ   ***   نَجيبٍ كَصَدرِ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ

خَطَت تَحتَهُ العيسُ الفَلاةَ وَخالَطَت   ***   بِهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخَميسِ العَرَمرَمِ

افرأ أيضًا: شعر عن العيون للعديد من الشعراء

أبيات شعر حزينة عن الفراق لأبي الطيب

كل منا لديه طريقته في التعبير عما يشعر، فمنا من يبكي في أرجاء غرفته، ومنا من تنزل الدموع مشفقة على عينيه التي صمدت كثيرًا إلى هذا الحد، إلا أن المتنبي كان لديه الطريقة الأروع في التعبير عما يعاني ويعاصر.

حيث ترك الفراق ندوبه في قلب أبي الطيب، الأمر الذي دفعه لأن يمسك بقلمه الحاني، ويكتب إلينا أجمل أبيات شعر عن الفراق للمتنبي، تناقلتها الأجيال والعصور وأصبحت تدرس في الكثير من الميادين العلمية.

لذا دعونا نستمتع ببعض أبيات شعر عن الفراق للمتنبي من قصيدة بقائي شاء ليس هم ارتحالًا، والتي تعبر عن حالة الحزن والأسى التي طالت قلبه، وجعلته يتألم، حاكيًا ما يعيش من خلال ما يلي:

بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ اِرتِحالا   ***   وَحُسنَ الصَبرِ زَمّوا لا الجِمالا

تَوَلَّوا بَغتَةً فَكَأَنَّ بَيناً   ***   تَهَيَّبَني فَفاجَأَني اِغتِيالا

فَكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً   ***   وَسَيرُ الدَمعِ إِثرَهُمُ اِنهِمالا

كَأَنَّ العيسَ كانَت فَوقَ جَفني   ***   مُناخاةٍ فَلَمّا ثُرنَ سالا

وَحَجَّبَتِ النَوى الظَبياتِ عَنّي   ***   فَساعَدَتِ البَراقِعَ وَالحِجالا

لَبِسنَ الوَشيَ لا مُتَجَمِّلاتٍ   ***   وَلَكِن كَي يَصُنَّ بِهِ الجَمالا

وَضَفَّرنَ الغَدائِرَ لا لِحُسنٍ   ***   وَلَكِن خِفنَ في الشَعَرِ الضَلالا

بِجِسمي مَن بَرَتهُ فَلَو أَصارَت   ***   وِشاحي ثَقبَ لُؤلُؤَةٍ لَجالا

وَلَولا أَنَّني في غَيرِ نَومٍ   ***   لَكُنتُ أَظُنُّني مِنّي خَيالا

بَدَت قَمَراً وَمالَت خوطَ بانٍ   ***   وَفاحَت عَنبَراً وَرَنَت غَزالا

وَجارَت في الحُكومَةِ ثُمَّ أَبدَت   ***   لَنا مِن حُسنِ قامَتِها اِعتِدالا

كَأَنَّ الحُزنَ مَشغوفٌ بِقَلبي   ***   فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا

كَذا الدُنيا عَلى مَن كانَ قَبلي   ***   صُروفٌ لَم يُدِمنَ عَلَيهِ حالا

أَشَدُّ الغَمِّ عِندي في سُرورٍ   ***   تَيَقَّنَ عَنهُ صاحِبُهُ اِنتِقالا

أَلِفتُ تَرَحُّلي وَجَعَلتُ أَرضي   ***   قُتودي وَالغُرَيرِيَّ الجُلالا

فَما حاوَلتُ في أَرضٍ مُقاماً   ***   وَلا أَزمَعتُ عَن أَرضٍ زَوالا

أبيات عن شوق المتنبي بعد الفراق

على الرغم من أن المتنبي عرف بالكبرياء والقوة، إلا أن الله قد من عليه بلين القلب، والذي يأن شوقًا من ابتعاده عن أحبته، فقد كتب سرد التاريخ لنا أجمل أبيات شعر عن الفراق للمتنبي من خلال قصيدة (عواذل ذات خال)، والتي نطل عليكم بأجمل شطورها من خلال ما يلي:

عَواذِلُ ذاتِ الخالِ فيَّ حَواسِدُ   ***   وَإِنَّ ضَجيعَ الخَودِ مِنّي لَماجِدُ

يَرُدُّ يَداً عَن ثَوبِها وَهوَ قادِرٌ   ***   وَيَعصي الهَوى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ

مَتى يَشتَفي مِن لاعِجِ الشَوقِ في الحَشى   ***   مُحِبٌّ لَها في قُربِهِ مُتَباعِدُ

إِذا كُنتَ تَخشى العارَ في كُلِّ خَلوَةٍ   ***   فَلِم تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ

أَلَحَّ عَلَيَّ السُقمُ حَتّى أَلِفتُهُ   ***   وَمَلَّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ

مَرَرتُ عَلى دارِ الحَبيبِ فَحَمحَمَت   ***   جَوادي وَهَل تَشجو الجِيادَ المَعاهِدُ

وَما تُنكِرُ الدَهماءَ مِن رَسمِ مَنزِلٍ   ***   سَقَتها ضَريبَ الشَولِ فيها الوَلائِدُ

أَهُمُّ بِشَيءٍ وَاللَيالي كَأَنَّها   ***   تُطارِدُني عَن كَونِهِ وَأُطارِدُ

وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ   ***   ِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ

وَتُسعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمرَةٍ   ***   سَبوحٌ لَها مِنها عَليها شَواهِدُ

تَثَنّى عَلى قَدرِ الطِعانِ كَأَنَّما   ***   مَفاصِلُها تَحتَ الرِماحِ مَراوِدُ

مُحَرَّمَةٌ أَكفالُ خَيلي عَلى القَنا   ***   مُحَلَّلَةٌ لَبّاتُها وَالقَلائِدُ

وَأَورِدُ نَفسي وَالمُهَنَّدُ في يَدي   ***   مَوارِدَ لا يُصدِرنَ مَن لا يُجالِدُ

وَلَكِن إِذا لَم يَحمِلِ القَلبُ كَفَّهُ   ***   عَلى حالَةٍ لَم يَحمِلِ الكَفَّ ساعِدُ

خَليلَيَّ إِنّي لا أَرى غَيرَ شاعِرٍ   ***   فَلِم مِنهُمُ الدَعوى وَمِنّي القَصائِدُ

فَلا تَعجَبا إِنَّ السُيوفَ كَثيرَةٌ   ***   وَلَكِنَّ سَيفَ الدَولَةِ اليَومَ واحِدٌ

لَهُ مِن كَريمِ الطَبعِ في الحَربِ مُنتَضٍ   ***   وَمِن عادَةِ الإِحسانِ وَالصَفحِ غامِدُ

وَلَمّا رَأَيتُ الناسَ دونَ مَحَلِّهِ   ***   تَيَقَّنتُ أَنَّ الدَهرَ لِلناسِ ناقِدُ

اقرأ أيضًا: شعر حب حزين

أجمل ما قال المتنبي عن الهجر

هجر الأحباب من أكثر ما يتسبب في ألم القلوب، حيث يشعر المرء أنه بحاجة إلى شيء ما لا يمكن أن تصفه الألسن، فحالة العشق التي يعيشها المتيم تجعله في حالة من اللاوعي عند انتهائها، فبعد أن كان كالطير الطليق، أصبح مكبل الأيدي في قفص الحزن ينتظر الموت على الوتيرة الهادئة.

كذلك الحال في أبيات شعر عن الفراق للمتنبي، حيث تشعر من خلال قراءتها أنك مجبر على التعايش مع الحالة التي تدخلها مع الشاعر، والذي يغلبه الشوق للحبيب في كتابته لأبيات قصيدة الحب ما منع الكلام الألسنا، والتي نقدم لكم بعضَا منها من خلال ما يلي:

الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا   ***   وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا

لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى   ***   مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا

بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما   ***   َلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا

وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد   ***   أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا

أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها   ***   نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا

أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً لا   ***   ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا

وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي   ***   فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا

وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أَوقَفَني النَدى   ***   وَبَلَغتُ مِن بَدرِ اِبنِ عَمّارِ المُنا

لِأَبي الحُسَينِ جَدىً يَضيقُ وِعائُهُ   ***   عَنهُ وَلَو كانَ الوِعاءُ الأَزمُنا

وَشَجاعَةٌ أَغناهُ عَنها ذِكرُها   ***   وَنَهى الجَبانَ حَديثُها أَن يَجبُنا

نيطَت حَمائِلُهُ بِعاتِقِ مِحرَبٍ   ***   ما كَرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وَما اِنثَنى

فَكَأَنَّهُ وَالطَعنُ مِن قُدّامِهِ   ***   مُتَخَوِّفٌ مِن خَلفِهِ أَن يُطعَنا

نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ   ***   فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا

يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ   ***   فَيَظَلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا

أَمضى إِرادَتَهُ فَسَوفَ لَهُ قَدٌ   ***   وَاِستَقرَبَ الأَقصى فَثَمَّ لَهُ هُنا

يَجِدُ الحَديدَ عَلى بَضاضَةِ جِلدِهِ   ***   ثَوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَليَنا

أبيات شعر عن الوداع للمتنبي

من الممكن أن تجد المرء يضحك ويبتسم وقلبه يأن من الفراق، فلا يجد أن العالم بأكمله يستطيع أن يسع حجم الألم الذي يشعر به، لكنه يرى أنه من الأفضل ألا يشرح لمن حوله ما يعانيه.

كذلك أبو الطيب المتنبي كان من الأشخاص الكتومة فلا يسرد ما يمر به، حتى يكاد ينفطر قلبه، بل كان يخرج إلينا بأجمل أبيات شعر عن الفراق للمتنبي، والتي توضح مدى تألمه من جرح الوداع، لذا دعونا نطلق العنان لخيالنا مع شطور قصيدة حشاشة نفس ودعت يوم:

حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَت يَومَ وَدَّعوا   ***   فَلَم أَدرِ أَيَّ الظاعِنَينِ أُشَيِّعُ

أَشاروا بِتَسليمٍ فَجُدنا بِأَنفُسٍ   ***   تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسِمِ أَدمُعُ

حَشايَ عَلى جَمرٍ ذَكِيٍّ مِنَ الهَوى   ***   وَعَينايَ في رَوضٍ مِنَ الحُسنِ تَرتَعُ

وَلَو حُمِّلَت صُمُّ الجِبالِ الَّذي بِنا   ***   غَداةَ اِفتَرَقنا أَو شَكَت تَتَصَدَّعُ

بِما بَينَ جَنبَيَّ الَّتي خاضَ طَيفُها   ***   إِلَيَّ الدَياجي وَالخَلِيّونَ هُجَّعُ

أَتَت زائِراً ما خامَرَ الطيبُ ثَوبَها   ***   وَكَالمُسكِ مِن أَردانِها يَتَضَوَّعُ

فَما جَلَسَت حَتّى اِنثَنَت توسِعُ الخُطا   ***   كَفاطِمَةٍ عَن دَرِّها قَبلَ تُرضِعُ

فَشَرَّدَ إِعظامي لَها ما أَتى بِها   ***   مِنَ النَومِ وَاِلتاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ

فَيا لَيلَةً ما كانَ أَطوَلَ بِتُّها   ***   وَسُمُّ الأَفاعي عَذبُ ما أَتَجَرَّعُ

تَذَلَّل لَها وَاِخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى   ***   فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلُّ وَيَخضَعُ

وَلا ثَوبُ مَجدٍ غَيرَ ثَوبِ اِبنِ أَحمَدٍ   ***   عَلى أَحَدٍ إِلّا بِلُؤمٍ مُرَقَّعُ

وَإِنَّ الَّذي حابى جَديلَةَ طَيِّئٍ   ***   بِهِ اللَهُ يُعطي مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ

بِذي كَرَمٍ ما مَرَّ يَومٌ وَشَمسُهُ   ***   عَلى رَأسِ أَوفى ذِمَّةً مِنهُ تَطلُعُ

فَأَرحامُ شِعرٍ يَتَصِلنَ لَدُنَّهُ   ***   وَأَرحامُ مالٍ لا تَني تَتَقَطَّعُ

فَتىً أَلفُ جُزءٍ رَأيُهُ في زَمانِهِ   ***   أَقَلُّ جُزَيءٍ بَعضُهُ الرَأيُ أَجمَعُ

اقرأ أيضًا: شرح قصيدة إمام العلم والرأي المجلي

أبيات أبي الطيب عن الرحيل

رحيل الحبيب إما بالموت أو الفراق من أعظم المشاعر ألمًا، والتي من شأنها أن تفتك بالقلب وتجعله حطامًا، وهذا ما يمكن أن نستشعره من أبيات شعر عن الفراق للمتنبي التي تتجلى في قصيدة (في الخد أن عزم الخليط رحيلًا)، والتي نسرد عليكم بعضًا منها من خلال ما يلي:

في الخَدِّ أَن عَزَمَ الخَليطُ رَحيلاً   ***   مَطَرٌ تَزيدُ بِهِ الخُدُودُ مُحولا

يا نَظرَةً نَفَتِ الرُقادَ وَغادَرَت   ***   في حَدِّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلولا

كانَت مِنَ الكَحلاءِ سُؤلي إِنَّما   ***   أَجَلي تَمَثَّلَ في فُؤادي سولا

أَجِدُ الجَفاءَ عَلى سِواكِ مُروءَةً   ***   وَالصَبرَ إِلّا في نَواكِ جَميلا

وَأَرى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً   ***   وَأَرى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَملولا

تَشكو رَوادِفَكِ المَطِيَّةَ فَوقَها   ***   شَكوى الَّتي وَجَدَت هَواكَ دَخيلا

كما أن النار تلتهم الجسد، فإن الفراق من شأنه أن يلتهم القلب، حيث يشعر المرء بأن ألوان الدنيا تصبح باهتة ولا يكاد يتنفس إلا من ثقب إبرة، ولكن من الممكن أن يعرب المرء عما يعيشه من خلال قراءته لأبيات شعر عن الفراق للمتنبي، والتي يتجلى أجملها في تلك السطور من ذات القصيدة:

وَيُعيرُني جَذبُ الزِمامِ لِقَلبِها   ***   فَمَها إِلَيكِ كَطالِبٍ تَقبيلا

حَدَقُ الحِسانِ مِنَ الغَواني هِجنَ لي   ***   يَومَ الفِراقِ صَبابَةً وَغَليلا

حَدَقٌ يُذِمُّ مِنَ القَواتِلِ غَيرَها   ***   بَدرُ بنُ عَمّارِ بنِ إِسماعيلا

الفارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بِمِثلِها   ***   وَالتارِكُ المَلِكَ العَزيزَ ذَليلا

مَحِكٌ إِذا مَطَلَ الغَريمُ بِدَينِهِ   ***   جَعَلَ الحُسامَ بِما أَرادَ كَفيلا

نَطِقٌ إِذا حَطَّ الكَلامُ لِثامَهُ   ***   أَعطى بِمَنطِقِهِ القُلوبَ عُقولا

أَعدى الزَمانَ سَخاؤُهُ فَسَخا بِهِ   ***   وَلَقَد يَكونُ بِهِ الزَمانُ بَخيلا

وَكَأَنَّ بَرقاً في مُتونِ غَمامَةٍ   ***   هِندِيُّهُ في كَفِّهِ مَسلولا

أبيات المتنبي عن الفقد

من المؤسف أن يتعرض المرء إلى فقدان من أحب في هذه الدنيا، حيث تتبدد المشاعر الجياشة وتصبح سراب، ولا يبقى لنا سوى الذكريات التي تبكي القلوب وتدمع العين حين تذكرها.

فهيا بنا في صحبة مع أجمل أبيات شعر عن الفراق للمتنبي من قصيدة أجاب دمعي، والتي توضح مدى تأثره وحزنه واشتياقه لمن أحب.

أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ   ***   دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكبِ وَالإِبِلِ

ظَلِلتُ بَينَ أُصَيحابي أُكَفكِفُهُ   ***   وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ

أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ   ***   كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ

وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ   ***   مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ

مَتى تَزُر قَومَ مَن تَهوى زِيارَتَها   ***   لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ

وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ   ***   أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ

ما بالُ كُلِّ فُؤادٍ في عَشيرَتِها   ***   بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ

مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَةٌ   ***   لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَلِ

تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِساتُ بِها   ***   في مَشيِها فَيَنَلنَ الحُسنَ بِالحِيَلِ

قَد ذُقتُ شِدَّةَ أَيّامي وَلَذَّتَها   ***   فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ

وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني   ***   وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي

وَقَد طَرَقتُ فَتاةَ الحَيِّ مُرتَدِياً   ***   بِصاحِبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَزِلٍ

فَباتَ بَينَ تَراقينا نُدَفِّعُهُ   ***   وَلَيسَ يَعلَمُ بِالشَكوى وَلا القُبَلِ

ثُمَّ اِغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِها أَثَرٌ   ***   عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفنِ وَالخِلَلِ

لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلّا مِن مَضارِبِهِ   ***   أَو مِن سِنانٍ أَصَمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ

جادَ الأَميرُ بِهِ لي في مَواهِبِهِ   ***   فَزانَها وَكَساني الدِرعَ في الحُلَلِ

اقرأ أيضًا: أبيات شعر حزينة

ألم الفراق في أبيات المتنبي

نختتم معكم أرق أبيات شعر عن الفراق للمتنبي من خلال سرد بعض شطور قصيدة (أما الفراق فإنه عهد)، فقد عاصر المتنبي الكثير من مشاعر الاشتياق، إما للمحبوبة، إما للأهل أو الأقارب، إما للوطن.

فإن كل أبيات شعر الفراق للمتنبي تحمل تلك الأحاسيس التي تنبئ عن اعتصار قلبه ألمًا، وإليكم بعضًا من أبيات القصيدة:

أَمّا الفِراقُ فَإِنَّهُ ما أَعهَدُ   ***   هُوَ تَوأَمي لَو أَنَّ بَيناً يولَدُ

وَلَقَد عَلِمنا أَنَّنا سَنُطيعُهُ   ***   لَمّا عَلِمنا أَنَّنا لا نَخلِدُ

وَإِذا الجِيادُ أَبا البَهِيِّ نَقَلنَنا   ***   عَنكُم فَأَردَأُ ما رَكِبتُ الأَجوَدُ

مَن خَصَّ بِالذَمِّ الفِراقَ فَإِنَّني   ***   مَن لا يَرى في الدَهرِ شَيئاً يُحمَدُ

في ظل التكنولوجيا وظهور الأنواع المستجدة من الكلمات الصاخبة، يجب على المرء من حين إلى آخر أن يستمع إلى أبيات الشعر التي تسمو بالروح، مثل أبيات شعر عن الفراق للمتنبي.

قد يعجبك أيضًا