أوقات النهي عن الصلاة

أوقات النهي عن الصلاة اتفق عليها العلماء وأصحاب المذاهب الأربعة وفقًا لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والأصل في المسلم أنه يمتثل لأوامر الله -جل وعلا- فإذا أمره الله بشيء فعله، وإن نهاه عن شيء أعرض عنه، ومن خلال موقع زيادة سوف نتعرف على أوقات النهي عن الصلاة.

أوقات النهي عن الصلاة

توجد أوقات حددتها لنا السنة النبوية الشريفة لا تجوز فيها الصلاة، واختلف العلماء ما إن كانوا ثلاثة أوقات أو خمسة، ولكن الرأي الأرجح أنها خمسة، وهذه الصلاة يجب أن تكون سنة، أو نافلة، أو تطوع، وليست فرضًا لأن صلاة الفرض تصلى في أي وقت إذا نسيها المسلم وهذا بحسب قول جمهور العلماء.

الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها هي خمسة أوقات وهي:

  • من بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس.
  • عند طلوع الشمس إلى أن تصل الشمس لمقدْار رمح في رأي العين؛ أي بعد طلوع الشمس باثني عشر دقيقة.
  • عندما تتوقف الشمس قبل صلاة الظهور فتكون في كبد السماء، وسمي هذا الوقت بوقت الوقوف، يكون بمقدار ثلث ساعة أو ربع ساعة.
  • بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أو إلى أن تصل لدرجة الاصفرار.
  • عندما تصفر الشمس إلى أن تغيب.

هذه الأوقات الخمسة لا يجوز للعبد أن يصلي فيها، إلا إذا كانت فريضة قد نسي أن يصليها فيصليها وقت ما يتذكرها كما أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما ذكر أصحابه نومهم عن الصلاة (ذَكَروا للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نومَهُم عنِ الصَّلاةِ؟ فقالَ: إنَّهُ ليسَ في النَّومِ تَفريطٌ، إنَّما التَّفريطُ في اليقَظةِ، فإذا نسيَ أحدُكُم صلاةً، أو نامَ عنها، فليصلِّها إذا ذَكَرَها) حديث صحيح، رواه أبو قتادة، مصدره صحيح النسائي، لذلك فصلاة الفريضة تصلى في أي وقت إن نسيت.

كما يمكن الصلاة في هذه الأوقات الخمس الصلوات ذات الأسباب، مثل فريضة الفجر تصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر، ومثل صلاة تحية المسجد، وأيضًا إن كان هناك صلاة كسوف فهي تصلى بعد العصر، أو الحاج والمعتمر الذي يصلي سنة الطواف، إن طاف بعد صلاة الفجر، أو صلاة العصر.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة في المقابر؟

أحاديث صحيحة لأوقات النهي عن الصلاة

إثباتًا على أن الصلاة منهية في تلك الأوقات السابق ذكرها، فقد وردت بعض الأحاديث النبوية الصحيحة في هذا الصدد، لذا استكمالًا لعرض أوقات النهي عن الصلاة، سنذكر لكم الشواهد على ذلك في الأحاديث كما يلي:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا طلَعتِ الشَّمسُ، فإنَّها تَطلُعُ بينَ قَرنيِ الشَّيطانِ وَهيَ ساعةُ صلاةِ الكفَّارِ فدَعِ الصَّلاةَ حتَّى ترتَفِعَ ويذهبَ شعاعُها ثمَّ الصَّلاةُ مَحضورةٌ مَشهودةٌ إلى أن ينتَصِفَ النَّهارُ، فإنَّها ساعةٌ تفتحُ أبوابُ جَهَنَّمَ وتُسجَرُ فدعِ الصَّلاةَ حتَّى يَفيءَ الفَيءُ، ثمَّ الصَّلاةُ مَحضورةٌ مَشهودةٌ إلى غروبِ الشَّمسِ فإنَّها تغربُ بينَ قرنيِ الشَّيطانِ، وَهيَ ساعةُ صلاةِ الكفَّارِ) حديث صحيح، رواه عمرو بن عبسة، مصدره نخب الأفكار.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث يسار مولى ابن عمر أنه قال: (رآني ابنُ عمرَ وأنا أصلِّي، بعدَ طلوعِ الفجرِ، فقالَ: يا يَسارُ، إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ خرجَ علينا ونحنُ نصلِّي هذِهِ الصَّلاةَ، فقالَ: ليبلِّغ شاهدُكم غائبَكم، لا تصلُّوا بعدَ الفجرِ إلَّا سجدتينِ) حديث صحيح، مصدره صحيح أبي داود.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا صلاةَ بعدَ صلاةِ الصُّبحِ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ ولا صلاةَ بعدَ صلاةِ العصرِ حتَّى تغربَ الشَّمسُ) حديث صحيح، رواه عمر بن الخطاب، مصدره صحيح أبي داود.
  • روى عقبة بن عامر قال: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح مسلم.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَبْرُزَ، وإذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَغِيبَ، ولَا تَحَيَّنُوا بصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا؛ فإنَّهَا تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شَيطَانٍ. أوِ: الشَّيْطَانِ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح البخاري.

الحِكمة من النهي عن الصلاة في أوقات معينة

إن الله تعالى لم يخلق شيئًا عبثًا، ولم يشرع لنا أمرًا إلا فيه بيان لحكمته وقدرته، والمسلم عليه أن يمتثل لأوامر الله -جل وعلا- وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد أوضح علماء المسلمين أن بحث المسلم في حكمة الله من إحلاله لأشياء، وتحريمه لأشياء أخرى، تزيد في قلبه الإيمان بالله -جل وعلا- وتزيد ثباته على الحق.

لم ينهانا الله -جل وعلا- عن الصلاة في أوقات خمسة، إلا لحكمة ولطف منه، وقد وضح الله ذلك على لسان نبيه في بعض الأحاديث الشريفة، وفي إطار موضوع أوقات النهي عن الصلاة، سوف نعرض لكم حكمة الله في نهيه عن الصلاة في خمسة أوقات.

1- حكمة النهي عن الصلاة عند طلوع وغروب الشمس

النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لأن ذلك يكون تشبه بالكافرين عبدة الشمس؛ لأنهم يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فهذا النهي يعد سدًا لذرية التشبه بالمشركين.

الدليل على ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال (صلِّ صلاةَ الصُّبحِ ثُمَّ أقْصِرْ عنِ الصلاةِ حتى تَطلُعَ الشمسُ حتى تَرتَفِعَ، فإنَّها تَطلُعُ بين قَرْنَي شَيطانٍ، وحِينَئِذٍ يَسجُدُ لها الكُفَّارُ، ثُمَّ صلِّ فإنَّ الصلاةَ مَشهودَةٌ مَحضُورةٌ حتى يُستقْبَلَ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أقْصِرْ عنِ الصلاةِ فإنَّ حِينَئِذٍ تُسَجَّرُ جَهنَّمُ، فإذا أقبلَ الفَيءُ فَصَلِّ فإنَّ الصلاةَ مَشهودَةٌ مَحضورةٌ حتى تُصَلِّي العصْرَ، ثُمَّ أقْصِرْ عنِ الصلاةِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ، فإنَّها تَغرُبُ بين قَرْنَي شَيطانٍ ، وحِينئِذٍ يَسجدُ لها الكُفَّارُ) حديث صحيح، رواه عمرو بن عبسة، مصدره صحيح الألباني.

روى عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا، فإنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيِ الشَّيْطَانِ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

2- حكمة النهي عن الصلاة قبيل الظهيرة

نهانا الله -جل وعلا- عن صلاة السنن والنوافل والتطوع، لأن في وقت الظهيرة قبيل الزوال، توقد نار جهنم بشدة.

الدليل على نهي الصلاة في ذلك الوقت هو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ثم بعد طلوعها صلِّ فإن الصلاةَ مشهودةٌ محضورةٌ حتى يستقلَّ الظلُّ بالرمحِ، ثم أقصِر عن الصلاةِ فإنه حينئذ تُسجر جهنمُ، فإذا أقبل الفيءُ فصلِّ) حديث صحيح، رواه عمرو بن عبسة، مصدره مجموع الفتاوى.

اقرأ أيضًا: سبب نزول إِنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا

3- النهي عنِ الصلاة بعدَ صلاة الفجْر إلى طلوع الشمس

من أوقات النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، لأجل سد الذريعة في التشبه بالكفار عبدة الشمس، وقال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك الأمر، أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان، فيصلي لها عبدة الشمس سواء بسجودهم أو غير ذلك.

المسلم في صلاته يتشبه بالمشركين عبدة الشمس، لأنه في صلاته صفة السجود، وبالتأكيد هو لا يقصد أن يسجد للشمس، ولكن يشبههم في هذه الصورة في ذلك الوقت؛ لهذا نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في ذلك الوقت.

أضاف شيخ الإسلام ابن تيمية حكمة أخرى من النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، وهو تنشيط للنفس وراحتها من ثقل العبادة، فيرتاح فيها العبد بالنوم وغير ذلك، ويؤدي ذلك إلى نشاط نفسه، وقد وضح أن الشيء الدائم يمل منه الإنسان، فلذلك نهى الله -جل وعلا- عن الصلاة في بعض الأوقات، حتى يزيل الملل في نفس بني آدم.

صلوات تُصلَّى في أيِّ وقت

الصلوات المنهي عنها في الأوقات التي حددناها، هي صلاة التطوع، أو الصلوات التي ليست لأسباب محددة، أما الصلوات التي تركها العبد نسيانًا منه، أو سهوًا، ففي هذه الحالة يجب أن يصلي الصلاة في أي وقت قد ذكرها فيه.

سوف نعرض لكم فيما يلي الصلوات التي يجوز للعبد أن يصليها في أي وقت، حتى إن كان وقتًا منهيًا عنه، وذلك ارتباطًا بموضوعنا عن أوقات النهي عن الصلاة.

1- الفرائض الفائتة

إذا نام شخص عن صلاة فريضة مثل ظهر أو عصر، أو نسي أن يصليها، فوجب عليه أن يؤدي صلاتها في أي وقت كان، سواء عند طلوع الشمس أو غروبها، ويؤدي الصلاة وقت ما يذكرها، فإن ذكرها قبيل الظهر وهذا وقت منهي عنه الصلاة، فعليه أن يصليها وقتها.

الدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) حديث صحيح، رواه أنس بن مالك، مصدره صحيح مسلم.

2- قضاء سنة الفجر

قضاء سنة الفجر إن كان بعد طلوع الشمس فلا شيء فيه وذلك لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لم يُصَلِّ ركعَتَيِ الفَجْرِ؛ فلْيُصَلِّهِما بعدَما تَطلُعُ الشَّمْسُ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره السلسلة الصحيحة.

3- ركعتي الطواف في الحرم

يجوز للمرء أن يصلي ركعتي الطواف عند البيت الحرام في أوقات النهي عن الصلاة، والدليل على ذلك في حديث جبير بن مطعم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يا بَني عَبدِ مَنافٍ، لا تمنَعوا أحدًا طافَ بِهَذا البيتِ، وصلَّى أيَّةَ ساعةٍ شاءَ مِن ليلٍ أو نَهارٍ) حديث صحيح، مصدره صحيح الترمذي.

4- الصلوات ذوات الأسباب

صلوات الأسباب يمكن أن تصلى في الأوقات المنهي عنها الصلاة، وصلوات الأسباب قد تكون، صلاةِ جنازة، أو تحيَّة المسجد، أو صلاة كسوف، أو ركعتي الوضوء، أو إعادة الجماعة، وأجاز العلماء صلاة الاستخارة لما يفوت، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بصلاتي ركعتي تحية المسجد إذا دخل الشخص المسجد أي وقت.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخَل أحدُكم المسجد، فلا يجلسْ حتى يصلِّيَ ركعتين) حديث صحيح، رواه أبو قتادة الحارث بن ربعي، مصدره صحيح البخاري.

اقرأ أيضًا: السنن المؤكدة في الصلاة

صلاة النافلة في وقت الزوال يوم الجمعة

اتفق جمهور العلماء على أن يوم الجمعة مستثنى فيه النهي عن الصلاة، فلا يدخل ضمن قائمة أوقات النهي عن الصلاة، وذلك لأن الإنسان في منتصف النهار قبل الظهيرة، يصلي ركعتين أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهما، لذلك استثنى العلماء نهار الجمعة من النهي عن الصلاة فيه، وأكد الإمام الشافعي على ذلك، والعديد من الأئمة الأخرى.

الدليل على ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى) حديث صحيح، رواه سلمان الفارسي، مصدره صحيح البخاري.

الصلاة عماد الدين وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولم يقدر الله شيئًا للإنسان إلا بحكمة منه ولطف منه، فالأوقات التي نهانا الله عن الصلاة فيها لها من الحكم على الإنسان كثيرة.

قد يعجبك أيضًا