دعاء الرفع من الركوع

دعاء الرفع من الركوع الصحيح عن الرسول صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  كما ورد في السنة، فهو من قال: “صلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي” (البدر المنير 600/4) وبذلك فالصلاة – كما قال الفقهاء – عبادة توقيفية نأخذها كما علمها لنا رسول الله – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – دون زيادة أو نقصان، وهو بين لنا فرائض الصلاة وأحكامها وسننها وشروط صحتها وآدابها.

دعاء الرفع من الركوع

نقل لنا الصحابة الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تُقال عند الرفع من السجود كلها صحيحة، للمسلم أن يختار منها ما يأنس إليه قلبه منها:

عن أبي هريرة – رضي الله عنه  قال: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، قالَ: إذا قالَ الإمامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهُمَّ رَبَّنا لكَ الحَمْدُ فإنَّه مَن وافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” (صحيح البخاري 3228)

يعلمنا النبي صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في هذا الحديث ماذا نقول بعد الرفع من الركوع، فإذا قال الإمام “سمع الله لمن حمد” أي أن الله أستجاب وقبل دعاء من حمد وقد فسرها بعض الفقهاء بصيغة الدعاء بأنها المقصود منها أستجب يا ربنا دعائنا وحمدنا لك فيجب على المأموم (من يصلي خلف الإمام) أن يقول: “ربنا ولك الحمد أي ربنا لك الحمد على هدايتنا”.

فإذا وافق قول المأموم لقول الملائكة، فإنه يُغفر للمأموم ما تقدم من ذنوب، ذلك لأن الملائكة تحضر الصلوات يستكثرون من الخير، وفي نفس الوقت يدعون الله كثيرًا ويحمدونه وترفع أقوالهم إلى السماء فمن وافقهم في قولهم رُفعت أقواله مع أقوالهم وهم الأخيار المطهرين فيغفر الله له ذنوبه.

إقرأ أيضًا: دعاء التحصين من الأعداء وما هو فضله

حديث أنس بن مالك

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: “خرَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن فرَسٍ، فجُحِشَ فصلَّى بنا قاعدًا فصلَّينا معَهُ قعودًا، ثمَّ انصرفَ فقالَ: إنَّما الإمامُ – أو قال إنَّما جُعِلَ الإمامُ – ليؤتمَّ بهِ فإذا كبَّرَ فَكَبِّروا وإذا رَكَعَ فاركعوا وإذا رفعَ فارفعوا وإذا قالَ: سمعَ اللَّهُ لمن حمدَهُ فقولوا: ربَّنا ولَكَ الحمدُ وإذا سجدَ فاسجُدوا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قُعودًا أجمعونَ” (البخاري 733).

يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن الرسول صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سقط عن فرسه فخدشت ساقه خدش شديد وقد أصاب النبي – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – ألم في الأعضاء منع من القيام للصلاة، وعندما كان يصلي بالناس الذين جاءوا ليزورنه  في الغرفة التي جلس بها كان يصلي بهم وهو جالس والناس قعود أيضًا، وبعدما انتهى من صلاته قال لهم إن الإمام جُعل ليتبعه المأمومين، فإذا كبر فكبروا بعده، وإذا ركع فأركعوا، وإذا رفع فأرفعوا، وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمد يقول المأموم: “ربَّنا ولَكَ الحمدُ” وهذا موضع الشاهد.

حديث رفاعة بن رافع

عن رفاعة بن رافع قال: “كنَّا يومًا نُصلِّي وراءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  فلمَّا رفَع رأسَه مِن الرَّكعةِ وقال: سمِع اللهُ لِمَن حمِده قال رجلٌ وراءَه: ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه فلمَّا أنصرَف رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  قال: ( مَنِ المُتكلِّمُ آنفًا)؟ فقال رجلٌ: أنا يا رسولَ اللهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : (لقد رأَيْتُ بضعًا وثلاثينَ ملَكًا يبتَدِرونها أيُّهم يكتُبُها أوَّلُ)”
في هذا الحديث الذي يرويه رفاعة بن رافع يتبين لنا فضل الحمد، فإنه يملأ ميزان العبد تصديقًا لقوله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : “الحمد تملأ الميزان”
ففي هذا الحديث إنه عندما رفع الرسول صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  من الركوع وقال سمِع اللهُ لِمَن حمِده رد رجل من الخلف وقال ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، فبعد الصلاة قال الرسول إنه رأى ما بين الثلاثة والثلاثين، والتسعة والثلاثين يتسارعون لكتابة هذا الدعاء هذا بيان على مدى فضلها.

إقرأ أيضًا: دعاء سجود التلاوة وما هي أوجه اختلاف سجود التلاوة عن الصلاة العادية

حديث السيدة عائشة

عن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  كان إذا دخل في الصَّلاةِ قال : اللهُ أكبرُ ، ونحن نقولُ: اللهُ أكبرُ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدِك، وتبارك اسمُك، وتعالَى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك، وكان إذا ركع قال: اللَّهمَّ لك ركعتُ، وبك آمنتُ أنت ربِّي، وعليك توكلَّتُ، وإذا قال: سمِع اللهُ لمن حمِده قال: اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ملْءَ السَّماواتِ والأرضِ، وملْءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أهلَ الثَّناءِ والمجدِ، وإذا سجد قال: اللَّهمَّ لك سجدتُ، وبك آمنتُ، وأنت ربِّي عليك توكلَّتُ، وإذا تشهَّد ذكر التَّشهُّدَ ويتبعُه: أشهدُ أنَّ وعدَك حقٌّ، وأنَّ لقاءَك حقٌّ، وأشهدُ أنَّ الجنَّةَ حقٌّ، وأشهدُ أنَّ السَّاعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها، وأنَّ اللهَ يبعَثُ من في القبورِ، إنَّ اللهَ لا يخلَفُ الميعادَ” (حلية الاولياء 97/3).

في هذا الحديث الشريف تصف لنا أم المؤمنين صلاة الرسول وماذا كان يقول فيها فتقول:

كان يبدأ في الصلاة ويقول: “اللهُ أكبرُ”، ويرد المأمومين: “اللهُ أكبرُ: اللهُ أكبرُ، سبحانك اللَّهمَّ وبحمدِك، وتبارك اسمُك، وتعالَى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك”
إذا ركع صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  يقول: “اللَّهمَّ لك ركعتُ، وبك آمنتُ أنت ربِّي، وعليك توكلَّتُ”

بعد الرفع من الركوع يقول: “سمِع اللهُ لمن حمِده”، ويتبعها بقوله: “اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ملْءَ السَّماواتِ والأرضِ، وملْءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أهلَ الثَّناءِ والمجدِ”

في السجود يقول: “اللَّهمَّ لك سجدتُ، وبك آمنتُ، وأنت ربِّي عليك توكلَّتُ”

بعد التشهد يقول: “أشهدُ أنَّ وعدَك حقٌّ، وأنَّ لقاءَك حقٌّ، وأشهدُ أنَّ الجنَّةَ حقٌّ، وأشهدُ أنَّ السَّاعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها، وأنَّ اللهَ يبعَثُ من في القبورِ، إنَّ اللهَ لا يخلَفُ الميعادَ”

اتفاق الفقهاء

على هذا فإن الفقهاء أتفقوا على أربع صفات يقولها المصلي بعد الرفع من الركوع، يقول منها المصلي ما يشاء هي:

  • ربنا لك الحمد.
  • ربنا ولك الحمد.
  • اللهم ربنا لك الحمد.
  • اللهم ربنا ولك الحمد.

إقرأ أيضًا: دعاء ما بين السجدتين وفضل السجود لله

الدعاء بين السجدتين

في الجلوس بين السجدتين لا يوجد فراغ وإنما ورد عن الرسول ذكر في هذه الجلسة، فعن حذيفة بن اليمامة قال أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  كان يقولُ بين السجدتينِ: ربِّ أغفرْ لي ربِّ أغفرْ لي، (مجموع فتاوى ابن باز 13/68).

وعن عبد الله بن عباس – رضي الله عنه قال: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ  كانَ يقولُ بينَ السجدتينِ: اللهمَّ اغفرْ لِي، وارحمْنِي، وعافنِي، وأهدِني، وارزقْنِي” (الخلاصة للنووي 415/1).

في روايةِ الترمذيِّ : “وأجبرْنِي”  بَدلَ  “وعافِني”.
في روايةِ ابنِ ماجه : “وارفعْنِي”  بَدلَ  “وأهدِني”.

قال الفقهاء أنه يشرع الدعاء بإحدى هذان الدعاءان ويزيد علهم ما شاء ما لم يكن قطيعة رحم أو أثمًا، ولا بأس بتكرار أحدمها أو بالدعاء بهما معًا.

بذلك نكون قد نقلنا لكم قول الفقهاء في دعاء الرفع من الركوع والأدلة الصحيحة من السنة ودعاء بين السجدتين اللهم يجعكم وإيانا من المصلين.

قد يعجبك أيضًا