تأملات في سورة يوسف عليه السلام

تأملات في سورة يوسف عليه السلام أحد السور المكية، أي التي نزلت على النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة المكرمة، باستثناء 3 آيات نزلت عليه وهو في المدينة المنورة، وتعرض لنا هذه السورة قصة واحد من الأنبياء، هو يوسف –عليه السلام-، وهي زاخرة بالكثير من التأملات التي سنتطرق لذكر بعضًا منها في السطور القادمة عبر موقع زيادة.

تأملات في سورة يوسف عليه السلام

تأملات في سورة يوسف عليه السلام
تأملات في سورة يوسف عليه السلام

تعتبر سورة يوسف –عليه السلام- واحدة من السور الطويلة في المصحف، كما أنها تندرج ضمن السور التي استهلت بالحروف المتقطة “أ ل ر”، وتضم سورة يوسف مائة وأحد عشر آية، وهي تحتل المرتبة الثانية عشر في ترتيب سور المصحف الكريم.

حيث تعرض هذه الآيات مجموعة من أبرز المحطات التي مر بها النبي يوسف –سلام الله عليه- في حياته، وماذا كان دور أبيه النبي يعقوب –سلام الله عليه- وأشقائه في تلك القصة، وكذلك تتعرض إلى الصعوبات والمحن التي اعترضت طريق النبي يوسف –عليه السلام-.

سواء عندما كان في أهله وبين إخوته، أو عندما نقل إلى دار العزيز، ومنها إلى السجن بعد ذلك، وكيف نجى الله نبيه من كل تلك البلاءات، والخاتمة العظيمة التي انتهت عليها السورة.

وعند استعراض هذه السورة الرائعة، فسوف نقف على العديد من التأملات التي وردت فيها، فمنها ما هو تربوي، ومنها ما هو لغوي، ومنها ما هو في الإيمان واليقين، وسوف نذكر مزيج من كل ذلك، حيث:

ويمكن التعرف على المزيد عبر: سورة يوسف لإنجاب الذكور وفضل قراءتها

وقفات تدبرية في سورة يوسف

  • أن الله عز وجل أنزل هذه السورة على نبيه الكريم –عليه صلوات الله وسلامه- يمهد له بأنه سيضطر لمغادرة بلده التي يحب بسبب عشيرته، كما حدث واضطر يوسف –عليه السلام- بأيدي أشقائه، وأن النتيجة في الحالتين متقاربة، فكما كان في روح يوسف –عليه السلام- تدبيرًا لتسيده وارتفاع مكانته وبعدها غفرانه لما فعل به، فسوف يحدث ذلك مع النبي –عليه الصلاة والسلام-، فسوف يهاجر داره مرغمًا، وسيتحول ضعفه إلى قوة وتمكين وعزة، وسيعود متسيدًا فاتحًا، ويصفح عن قومه، وقد حدث ذلك بالفعل عندما فتح رسول الله مكة فيما بعد، وحديثه الشهير: “اذهبوا، فأنتم الطلقاء”.
  • تعتبر سورة يوسف –عليه السلام- مثالًا لوضع الخطط وتحري الأسباب والعوامل التي تحقق الغاية المرجوة، بغض النظر عن كونها صالحة أو طالحة، حيث ظهر ذلك في خطة إخوة يوسف إبعاده حينما ملأهم الغيط من إيثار أبيهم يعقوب –عليه السلام- له، فأخذوا يطرحون الخيارات المتاحة أمامهم ما بين قتله أو رميه في البئر، ثم استقرارهم على الخيار الأخير، وبعد ذلك الحيلة التي رسموها على أبيهم والحجج التي ساقوها ليطمئنوا خوف يعقوب –عليه السلام-، حتى أرسل معهم يوسف وفعله فعلتهم به، حيث:
  • ذهبوا إلى يعقوب في المساء لكي لا يشعر بخيانتهم وعدم صدقهم، وقد أقبلوا باكين ليعدوه للأمر الجلل الذي على وشك استقباله منهم.
  • خاطبوه بلفظة آبانا، لاستثارة عطفه وحنوه عليهم، ولبيان خوفهم على يوسف.
  • ساقوا إليه الحجة التي كانت تخوفه من مرافقة يوسف لهم، وأتبعوها (وما أنت بمؤمن لنا، ولو كنا صادقين).
  • وضعوا بين يديه ثوب يوسف وعليه دم، كدليل على التهامه من قبل الذئب.
  • غير أن خطتهم فشلت بسبب ثغرة فادحة، وهي أن الثوب لم يكن به أي دلالة على مهاجمة الذئب ليوسف، فلم يكن ممزق أو شيء من هذا القبيل، وبذلك علم يعقوب أنهم يكذبون.

لا يفوتك: سبب نزول سورة يوسف وسبب تسميتها بهذا الاسم وفضل قراءتها

النبي يوسف عليه السلام وامرأة العزيز

يظهر هذا أيضًا في قصته مع امرأة العزيز التي حاولت أن توقعه في الفاحشة ولكنه أبى، وذاعت تلك الواقعة في البلدة، فدعت امرأة العزيز النسوة وأمرت يوسف بالخروج عليهن؛ ليدركن ضعفها أمام هذا الشباب والبهاء، وما تلا ذلك من أحداث حتى زجت به في السجن، ثم كيف غادره يوسف فيما بعد.

نستطيع أن نرى ذلك أيضًا في خطة يوسف –عليه السلام- لإبقاء شقيقه بنيامين بجواره داخل مصر، تلك الخطة الذكية التي نتج عنها اجتماع يوسف –عليه السلام- بكل أهله، لا بشقيقه فقط.

  • في قول الله –عز وجل-: “ولقد همت به وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه” تأمل لغوي بديع، فقد يظن البعض ممن يقرأ تلك الآيات أن يوسف –عليه السلام- كان على وشك الوقوع حقًا في هذا الجرم مع امرأة العزيز، غير أن التفسير السليم لهذا القول يرشدنا نحو وجوب التوقف عند عبارة (ولقد همت به)، فتلك عبارة تامة منتهية، تتبعها عبارة أخرى هي (وهم بها لولا أن رأى برهان ربه).
  • فحاشا على رسل الله تعالى أن تراودهم دواخلهم بالمنكر، حيث إن (هم بها) هي جواب الأداة (لولا)، وإلا أتت الجملة بعدها منقطعة، و (لولا) أداة تفيد امتناع لوجود، ومن ثم يصبح معنى هذه الآية لغويًا: أن برهان الله –عز وجل- حال بين النبي يوسف –عليه السلام- وبين أن تراوده نفسه عن هذا الفعل في الأساس ولو لقيد أنملة.
  • قول الله –جل وعلا-: “قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين. ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين”.

  • فمن يقرأ هذه الآيات يعتقد أن امرأة العزيز هي التي لم تخن، غير أن التأويل السليم لهذه الآية يعرفنا أن النبي يوسف –سلام الله عليه- هو من صان العزيز وحفظ عرضه ولم يستغل غيابه ولم يغدر به، فجاءت العبارة الأول معلوم قائلها وهي امرأة العزيز، بينما لم يرد قائل الثانية لأنه واضح من سياق الكلام، وقد اعتمد هذه البيان اللغوي في أكثر من موضع في القرآن الكريم.

وبعد أن عرضنا تأملات في سورة يوسف عليه السلام  يمكن التعرف على المزيد عبر: فضل قراءة سورة يوسف يوميًا والدروس المستفادة منها

العبر التي نتعلمها من سورة يوسف –عليه السلام-

ورد في قصة نبي الله يوسف –عليه سلام الله- التي أخبرنا عنها القرآن الكريم، الكثير والكثير من العظات والعبر، التي يتعين عليها تأملها والوقوف عندها طويلًا والاستفادة منها، فهذا هو الهدف الأساسي منها.

ولعل من أهم العبر التي نستطيع استخلاصها من قصة هذا النبي الكريم –عليه سلام الله تعالى وصلواته-، ما يلي:

  • تعتبر حياة النبي يوسف من أبرز ما تحدث عنه الذكر الحكيم، وبشكل مفصل بصورة كبيرة، فقد ورد فيها قدرة الله عز وجل على تغيير حال العباد في غمضة عين، وتدبيره للأمر بحكمة بالغة قد لا نراها في كثير من الأحيان، فهذا يوسف من سجين وحيد مغترب، إلى آمرًا على البلاد والعباد ومتحكمًا في ثرواتها، وقد اجتمع بكل أهله.
  • جاء في السورة بيان لأمر في غاية الأهمية، وهو تفسير الرؤى، فهو ملكة من الله –عز وجل- يعطيها لمن يريد، وهم وحدهم من لهم حق التأويل والحديث في هذا الأمر دون سواهم من البشر، ومن ثم علينا الانتباه لهذا جيدًا.
  • تحدثت سورة يوسف عن مبدأ في غاية الخطورة والأهمية هو (العدل)، حيث لزامًا علينا تحريه في كافة شئوننا، حتى داخل الأسرة الواحدة، وليس داخل المجتمعات الكبيرة والدول فقط، ولنا في قصة إخوة يوسف المثل.

وبهذا نكون قد وفرنا لكم تأملات في سورة يوسف عليه السلام وللتعرف على المزيد من المعلومات يمكنكم ترك تعليق أسفل المقال وسوف نقوم بالإجابة عليكم في الحال.

قد يعجبك أيضًا