حكم صلاة الجماعة للرجال

ما حكم صلاة الجماعة للرجال في المسجد؟ وما حكمها في المنزل؟ اختلفت أقوال العلماء والأئمة الأربعة في مشروعية صلاة الجماعة للرجال، وكثرت الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية التي استشهد بها العلماء على صحة أقوالهم، فمن المصائب العظيمة التي حلت على بعض الناس، هو عدم قيامهم إلى الصلاة عن عمد، فقد نسوا أنها أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، ومن خلال موقع زيادة سنتعرف على حكم صلاة الجماعة في المسجد للرجال.

حكم صلاة الجماعة للرجال

اختلف الكثير من العلماء، وأصحاب المذاهب الأربعة في حكم صلاة الجماعة للرجال، وبالأخص في المسجد، فذهب بعض العلماء إلى أن أداء صلاة الجماعة في المسجد شرط، وأن من يصليها منفردًا دون عذر فإن صلاته باطلة.

أما الرأي الآخر قد أجاز فيه بعض العلماء أن صلاة الجماعة فرض كفاية فإذا قام بها جماعة من الناس صارت سنة على الباقين.

حيث قال أبو العباس وأبو إسحاق في حكم صلاة الجماعة أنها فرض كفاية ووجب إظهارها بين الناس، ويقاتلون عليها إن أبوا أن يظهروها في الناس وهذا ما قاله الإمام الشافعي في كتابه الإمامة.

فأكدوا قولهم بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما قال: (ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقامُ فيهمُ الصَّلاةُ إلَّا قدِ استحوذَ عليْهمُ الشَّيطانُ فعليْكم بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ القاصيةَ) حديث حسن، رواه أبو الدرداء، مصدره صحيح النسائي.

كما أكد على أن صلاة الجماعة للرجل في المسجد الإمام النووي -رحمه الله- في كتابه مجموع شرح المذهب، حيث قال إنها فرض كفاية كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله- وأيضًا هذا قول جمهور العلماء والشيخين ابن سريج، وأبو إسحاق، كما أن الأحاديث الصحيحة تؤكد أنها فرض كفاية.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة قبل الإقامة في المسجد

آراء أهل العلم حول صلاة الجماعة

ذكرنا حكم صلاة الجماعة للرجال وهنا نذكر أن آراء العلماء اختلفت حول حكم صلاة الجماعة حيث قال بعض العلماء علماء أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال ابن بطال في كتابه شرح صحيح البخاري لابن بطال أن الفقهاء قد أجمعوا على أن صلاة الجماع للرجال سنة عدا أهل الظاهر.

قال أيضًا إن صلاة الجماعة سنة وهذا ما أكده معظم العلماء وقال بعضهم إنها سنة مؤكدة، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضرورة الصلاة في المسجد لذلك يجب علينا ألا نتهاون مع الأمر ونحرص على الصلاة في جماعة المسجد.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بسَبْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عمر، مصدره صحيح البخاري.

يؤكد لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية الصلاة في جماعة، وأن مكانتها عند الله أعلى من صلاة الشخص منفردًا، والمقصود بكلمة (الفذ) في الحديث المنفرد في صلاته، وعلينا ألا نتهاون في صلاتنا، فيجب ألا نضيعها فقد وردت الكثير من الأحاديث على أن تارك الصلاة يعد منافقًا أو كافرًا.

قد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من عقوبة ترك الصلاة، ففي حديث أبي هريرة أنه قال: (ثقلُ الصلاةِ على المنافقينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ ولو يعلمونَ ما فيهما لأَتَوْهُمَا ولو حَبْوًا ولقد هممتُ أن آمُرَ بالصلاةِ فتُقامَ ثم آمُرَ رجلًا يُصلِّي بالناسِ ثم أنطلقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدونَ الصلاةَ فأحْرِقُ عليهم بُيوتَهم بالنارِ ولو عَلِمَ أحدُكم أنهُ إذا وجدَ عَرْقًا من شاةٍ سمينةٍ أو مِرْمَاتينِ حسَنتَينِ لأتيتُموهما أجمعينَ).

قيل في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصد في قوله المنافقين؛ لأنهم يتركون صلاة الجماعة، وقال بعض العلماء إن الحديث قيل في المسلمين الذين يتركون صلاة الجماعة دون عذر.

لولا أن ترك الصلاة كبيرة من الكبائر قد تصل إلى درجة الكفر لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك الحديث.

حكم صلاة الجماعة في المسجد

إن صلاة الجماعة واجبة على كل فرد، ويجب أن تكون في المسجد على وجه الخصوص، فيجب أن يؤديها الفرد مع المسلمين، ولا عذر لمن لا يصلي الصلاة جماعة في المسجد، إلا أن يكون مريضًا.

هذا ما أكده النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا حينما قال: (من سمع النداءَ فلم يأتِ فلا صلاةَ له إلا من عذرٍ، قيل لابنِ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما ما هو العذرُ؟ قال: خوفٌ أو مرضٌ) حديث صحيح، رواه بن عباس، مصدره مجموع فتاوى بن باز.

إذًا فحكم صلاة الجماعة للرجال واجبة مالم يكن هناك عذر، وقد شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحرص على أداء صلاة الجماعة في المسجد، واستأذن رجل ضرير النبي -صلى الله عليه وسلم- في أن يصلي في بيته ولا يذهب إلى الجماعة في المسجد، فسأله النبي هل يسمع الآذان بالصلاة فقال له نعم، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلبي ذلك النداء.

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ) حديث صحيح، مصدره صحيح مسلم.

هذا الحديث يؤكد لنا أهمية الصلاة في المسجد حتى في في أصعب الظروف، فها هو الرجل الأعمى يطلب من النبي رخصة حتى يصلي في بيته، وقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلبي نداء الصلاة، وأن يذهب إلى المسجد، وها نحن الآن نرى رجالًا أصحاء بقوة الجبال، يسمعون النداء للصلاة فما هو عذرهم؟

كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يحرصون أشد الحرص على الإتيان إلى صلاة الجماعة، ويتنافسون على الصف الأول في المسجد، وذلك لأنهم كانوا يستشعرون أهمية الصلاة في قلوبهم وأن الله فرضها لهم ليكافئهم يوم القيامة بما عملوا، ودليل على ذلك قول -عبد الله بن مسعود- أن صلاة الجماعة يتركها المنافقون، وكان يؤتى بالرجل وهو مستند بين رجلين حتى يقف في الصف.

كان المتخلف عن الصلاة في جماعة يعد من المنافقين، لذلك كان الصحابة يحرصون على الصلاة، حتى ينالوا رضا الله -جل وعلا- ورضا رسوله الكريم، وأصبح من المصائب اليوم هو نسيان الشباب لأهمية صلاة الجماعة في المسجد.

حكم صلاة الجماعة في المذاهب الأربعة

اختلفت آراء الائمة الأربعة في حكم صلاة الجماعة للرجال بين فرض كفاية، وواجب، وسنة، وسوف نعرض لكم فيما يلي آراء الائمة الأربعة في حكم صلاة الجماعة للرجال.

  • المذهب الشافعي: يرى الإمام الشافعي -رحمه الله- أن صلاة الجماعة فرض كفاية فإذا فعلها معظم الناس، فتكون سنة لدى الباقي.
  • المذهب الحنفي: قال الإمام أبو حنيفة بوجوب صلاة الجماعة للرجال في المسجد، فطالما الشخص قادر ولا يحمل عذرًا فوجب عليه أداء الصلاة في المسجد.
  • المذهب الحنبلي: اتفق مذهب الإمام أحمد بن حنبل مع المذهب الحنبلي، حيث أكد على أن صلاة الرجل في جماعة واجبة عليه.
  • المذهب المالكي: يرى جمهور المالكية أن صلاة الرجل في جماعة سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال بعض علماء المالكية إنها فرض كفاية.

اقرأ أيضًا: صلاة الجماعة افضل من صلاة الفرد بكم درجة

حكم صلاة الرجل بأهله في المنزل على وقتها

في إطار الحديث عن حكم صلاة الجماعة للرجال نذكر قول الشيخ عبد الله العجمي، وهو أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الصلاة في البيت جماعة مع الأهل، أو الزوجة والأولاد صلاة صحيحة ولها أجرها كأجر صلاة الجماعة.

لكن الصلاة في جماعة في المسجد لها أجر أعظم، وهذا ما أكده جمهور العلماء، لأن الخطوات التي يسيرها العبد إلى المسجد وجلوسه فيه، له عند الله أجر عظيم.

حكم صلاة الجماعة للمرأة

أكد جمهور العلماء على أنه لا حرج على المرأة في صلاة الجماعة مع النساء، وليس واجب عليها أداء الصلاة في جماعة في المسجد، ولكنه من المستحب أن تصلي مع مجموعة من النساء وتكون إحداهن إمامًا، وهذا ما ورد عن أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما- أنهما صلتا جماعة ببعض النساء.

ورد عن عائشة أم المؤمنين: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ)، وقالت جبيرة بنت حصين: (أَمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا).

فإن كانت إحدى السيدات ذات قراءة طيبة وعلى قدر كاف من العلم، فيمكن للمرأة أن تجهر بقراءتها في الصلوات الجهرية إذا كانت تأُم مجموعة من النساء، ولكن شريطة ألا يكون هناك رجل من غير محارمها، فيمكنها أن تكون إمامة لصاحباتها، حتى يتمكنوا من أن يتعلموا منها القراءة الصحيحة، وكيفية الركوع، والسجود، والخشوع، والاطمئنان.

يمكن للمرأة الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة ولكن ليس واجبًا عليها، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا تمنعُوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ، وليخرُجنَ تفِلاتٍ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره شرح السنة.

أدلّة قرآنية تثبت وجوب صلاة الجماعة

صلاة الرجل في جماعة المسجد من الأمور الواجبة، وهذا ما أكده الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز، حيث وردت بعض الآيات القرآنية التي تؤكد أهمية الصلاة في جماعة، سوف نعرض لكم بعض الآيات القرآنية فيما يلي استكمالًا لموضوعنا عن حكم صلاة الجماعة للرجال.

  • قال الله -تعالى-: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصّلاة فلتقم طآئفةٌ مّنهم مّعك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفةٌ أخرى لم يصلّوا فليصلّوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ودّ الّذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم مّيلةً واحدةً ولا جناح عليكم إن كان بكم أذًى مّن مّطرٍ أو كنتم مّرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إنّ اللّه أعدّ للكافرين عذاباً مّهيناً) (سورة النّساء: 102)
  • قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (سورة البقرة: 43)

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة عند الأئمة الأربعة

أدلة من السنة لوجوب صلاة الجماعة

وردت الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة عن فضل الصلاة في جماعة للرجال، وذكر أيضًا أنها واجبة عليهم، والدليل على ذلك كان حرص الصحابة -رضوان الله عليهم- في إتيانها، وعلينا جميعًا أن نتبع تعاليم النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء.

في إطار موضوعنا عن حكم صلاة الجماعة للرجال، سوف نتعرف على بعض الأدلة على وجوب الصلاة في جماعة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا في الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشًى، فأبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حتَّى يُصَلِّيَهَا مع الإمَامِ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنَ الذي يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يَنَامُ. وفي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: حتَّى يُصَلِّيَهَا مع الإمَامِ في جَمَاعَةٍ) حديث صحيح، رواه أبو موسى الأشعري، مصدره صحيح مسلم.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً، وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن مسعود، مصدره صحيح مسلم.
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاةُ الجماعةِ تَزيدُ علَى صلاةِ الفذِّ خَمسًا وعشرينَ درجةً) حديث صحيح، روته عائشة -أم المؤمنين- مصدره صحيح النسائي، وذكر الحديث في رواية أخرى سبع وعشرون درجة.

صلاة الجماعة في المسجد لها فضل عظيم على العبد، فلك أن تتخيل أن بكل خطوة تخطوها إلى المسجد حسنة، والصلاة عماد الدين وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

قد يعجبك أيضًا