حكم من سب الصحابة

ما حكم من سب الصحابة؟ وهل سب الصحابة يمكن اعتباره من الكبائر؟ ومن هم الصحابة؟ من الطبيعي أن يجد المسلم ذاته يحب الصحابة -رضوان الله عليهم- بمجرد القراءة في سيرتهم ومعرفة التضحيات التي قاموا بها لله -عز وجل- ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، لذا يتساءل البعض عن حكم من يسب الصحابة وهل هو مسلم أم كافر، لذا فمن خلال موقع زيادة سنقوم بالإجابة على كل هذه التساؤلات عبر الفقرات التالية.

حكم من سب الصحابة

لقد حرصت السنة النبوية الشريفة على تحريم سب الصحابة رضوان الله عليه، وهذا لأن الله تعالى اختارهم ليكونوا صحبة لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، ونشر دينه في بقاع الأرض ومحاربة الكافرين والمشركين، وقد بلغوا أعلى مراتب الإيمان ومراتب الحب لله -عز وجل- ورسوله الكريم.

فمن الصحابة رضوان الله عليهم الوزراء والأنصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين وتشهد عليهم العديد من المواقف في مواضع السيرة النبوية جميعها، أما عن حكم سب الصحابة فيقول الشيخ عثمان عويضة أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بأن من يسب الصحابة أو آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته عليه أن يتوب توبة نصوحة إلى الله عز وجل والتوقف عن هذا الأمر، كما وضح أنه لم يخص شخص في هذا الأمر إلا وقد ابتلاه الله -عز وجل- أشد بلاء.

قال البعض من أهل العلم بأن الأمر يعتبر من الكبائر، وأن سب الصحابة ليس مرتبة واحدة بل له العديد من المراتب ويختلف الحكم باختلاف الحالات كما يلي:

1- السب في عدالة الصحابة واستحلال الأمر

في هذه الحالة يعتبر العبد كافرًا باتفاق من جموع العلماء والفقهاء، فالصحابة -رضوان الله عليهم- معروفون بعدالتهم لما ورد من أدلة في الكتاب والسنة، كما قال النووي في عدل الصحابة:

(وكُلُّهـم عُدولٌ رَضِيَ اللهُ عنهم، ومتأوِّلون في حُروبِهم وغَيرِها، ولم يُخرِجْ شَيءٌ من ذلك أحدًا منهم عن العدالةِ، … ولهذا اتَّفَق أهلُ الحَقِّ ومن يُعتَدُّ به في الإجماعِ على قَبولِ شَهاداتِهم ورواياتِهم، وكَمالِ عَدالتِهم رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعين).

كذلك يقول ابن كثير: (الصَّحابةُ كُلُّهم عدولٌ عند أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ لِما أثنى اللهُ عليهم في كِتابه العزيزِ، وبما نطَقَت به السُّنَّةُ النبويَّةُ في المدحِ لهم في جميعِ أخلاقِهم وأفعالِهم، وما بَذَلوه من الأموالِ والأرواحِ بين يَدَيْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ رغبةً فيما عند الله من الثَّوابِ الجزيلِ، والجزاءِ الجميلِ).

بهذا فإن حكم السب في صحابة الرسول تم اعتباره كبيرة من الكبائر عند جموع العلماء، واستحلال الأمر يعتبر إنكار لما جاء في الدين، ومن ثم فالحكم من سب الصحابة في هذه الحالة هو الكفر والخروج من الملة.

اقرأ أيضًا: حكم الامام علي رضي الله عنه

2- حكم سب الصحابة جميعًا والتشكيك في دينهم وعدالتهم

يقول القاضي عياض: (كذلك نقطَعُ بتكفيرِ كُلِّ قائلٍ قال قولًا يُتوصَّلُ به إلى تضليلِ الأُمَّةِ، وتكفيرِ جميعِ الصَّحابةِ، كقَولِ الكميليَّةِ من الرَّافِضةِ بتكفيرِ جميعِ الأُمَّةِ بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، … لأنَّهم أبطَلوا الشَّريعةَ بأَسْرِها؛ إذ قد انقَطَع نَقْلُها ونَقْلُ القُرآنِ؛ إذ ناقِلوه كَفَرةٌ على زَعمِهم، وإلى هذا -واللهُ أعلَمُ- أشار مالِكٌ في أحَدِ قَولَيه بقَتلِ من كفَّر الصَّحابةَ).

كذلك يقول ابن حجر بشرحه لحديث الوارد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (آيةُ الإيمانِ حُبُّ الأنصارِ، وآيةُ النِّفاقِ بُغضُ الأنصارِ) أن من بغضهم وهم أنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحبائه فهو مشكك في دينه ويعتبر من المنافقين.

كما أشار العيني إلى أن حب الصحابة الكرام يجب أن يكون قائمًا لما لهم من فضل في نشر الدين وبذل أموالهم وأنفسهم فداءً إلى الله ورسوله، كما أشار الصاوي إلى أن من يكفر الصحابة جميعًا أو جمهورهم ويسبهم، فيكون حكم من سب الصحابة في هذه الحالة الكفر باتفاق جمهور الفقهاء.

3- حكم سب صحابي تواترت عنه النصوص

في هذه الحالة أيضًا يسب الفرد الصحابة ويشكك في عدلهم ودينهم بتشكيكه وسبه في الصحابي الذي تواترت عنه النصوص، ويعتبر ناكرًا لعلوم الدين وأحكامه، ويقول مالك بهذا الشأن: (من شتم أحدًا من أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ أبا بكرٍ أو عُمَرَ، أو عثمانَ أو معاويةَ، أو عَمْرَو بن العاصِ، فإنْ قال: كانوا على ضلالٍ وكُفرٍ، قُتِلَ)

كما سئل أحمد بن حنبل حكم من سب الصحابة، وعمن يشتم أبا بكر -رضي الله عنه- وعائشة -رضي الله عنها- فقال: (ما أراه على الإسلامِ) أي أنه خارج الملة.

كما أكد محمد بن يوسف الفريابي أن من شتم أبا بكر -رضي الله عنه- فهو كافر ولا يُصلى عليه صلاة الجنازة، كما سئل عما يجب فعله به عند الموت وهو قائل لا إله إلا الله فقال الفاريابي: (لا تمسُّوه بأيديكم، ادفَعوه بالخَشَبِ حتى توارُوه في حُفْرتِه).

اقرأ أيضًا: حكم طلب الدعاء من الغير

تحريم سب الصحابة من السنة النبوية

كما أشار الشيخ في كلامه إلى أن حكم من سب الصحابة ليس القتل وأن هذا القرار لا يتخذه العوام بل الحاكم والحكومات، وأن الأمر قد نزل من الله -عز وجل- في كتابه القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ).

كما أتت السنة النبوية الشريفة بالتحريم الصريح للسب أو الطعن فيهم والحط من قدرهم، وما يثبت تحريم سب الصحابة في السنة النبوية يتبين في الحديث الشريف: (كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبًا أو مثل الجبال ذهبًا لما بلغتم أعمالهم).

أتى الحديث أيضًا في صحيح مسلم برواية من أبي سعيد قائلًا: (كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه).

أما عن أشهر الصحابة المعروفين والمعروف دورهم في الدين الإسلامي ونشره، نذكر منهم في الفقرات القادمة:

1- أبو بكر الصديق

هو عبد الله بن عثمان بن عامرن وأطلق عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بعد أن كان يدعى بعبد الكعبة في الجاهلية، ولُقب بالصديق وكان أول من أسلم من الرجال من صحابة النبي، وكان أبو بكر أحد شرفاء قريش وساداته، وأطلق عليه لقب الصديق من قبل النبي لكثرة تصديقه له، فهو من أول صدقه في أمر رحلة الإسراء والمعراج، كما لقبه محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعتيق لجمال وجه وحسنه ولكرمه.

اقرأ أيضًا: حكم سماع الأغاني في رمضان قبل الإفطار أو بعده

2- عمر بن الخطاب

بمجرد دخول عمر بن الخطاب إلى الإسلام كان ذا أثر كبير وقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بدخوله إلى الإسلام عندما قال: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ)، لقب عمر بن الخطاب بالفاروق، وهذا لأنه كان يفرق بين الحق والباطل.

يطلق لقب صحابي على كل مسلم التقى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- سواء وآمن به ونصره مهما طالت المدة أو قصرت، وقد وصلوا لدرجات عالية من الإيمان والورع، فكرمهم الله بأعلى الجنان.

قد يعجبك أيضًا