حكم ترك شعر الدبر

حكم ترك شعر الدبر من الأمور التي بين الفقهاء الأحكام الخاصة به، كما بينوا حكم ترك أو إزالة بقية شعر الجسم والآداب التي يجب مراعاتها فيما يخص العمل بتلك الأحكام، وهذا ما سنعرضه في السطور التالية على موقع زيادة.

حكم ترك شعر الدبر

حكم ترك شعر الدبر

حكم ترك شعر الدبر أو عدم تركه لم يظهر في الحديث النبوي الشريف الذي تحدث فيه عن سنن الفترة، ولكنه لم يندرج تحت حكم الشعر المسكوت عنه كما سنوضح فيما يأتي:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عَشْرٌ من الفِطْرَةِ: قَصُّ الشارِبِ، وإعْفاءُ اللِحيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ “

قال الإمام النووي رحمه الله: المراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحوله، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر يشمله أيضًا.

إن الحكمة التي شُرعت من أجلها إزالة شعر العانة هي نفس الحكمة التي تقتضي استحباب حلق الشعر حول الدبر خاصة إذا كان تتعلق فيه من القذارة أو يسبب رائحة كريهة.

حيث إن المقصود من الحلق أو الإزالة هو تمام النظافة وكمال الطهارة، وكذلك يجب البعد عن كل الأسباب التي تؤدي إلى القذارة من تعلق الوسخ وتعلق النجاسات وما ينتج عنه من رائحة كريهة.

كما أن هذا الأمر يشمل النساء في الحكم وليس الرجال فقط من حيث حلق شعر العانة وشعر الإبط وشعر الدبر لعدم وجود خصوصية لهن من هذه الناحية، والله أعلم.

يتبين مما سبق أن حكم ترك شعر الدبر جائز لأنه يستحب حلقه وليس واجبًا؛ لذلك يجب الانتباه إلى أنه في حالة ترتب على حلقه ضرر أو مشقة أو ضيق فلا مانع من تركه.

الواجب فيما يخص شعر الدبر هو تحقق النظافة والحيطة من تعلق النجاسة بالشعر، أما إذا كان الضيق من حلقه لا يصل لدرجة المشقة أو الضرر فإن الحلق أولى.

خاصة أن حلقه يعين على الطهارة وتحقق النظافة، وبين علماء الدين أن يجوز إزالته بالاستحداد أو غيره (والاستحداد أي باستخدام الحديد كالشفرة سواءً كانت بالموس العادي أو الماكينة)

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم الصلاة في السيارة وشروطها

أحكام شعر الجسم

قسم الفقهاء الأحكام التي تتعلق بجسم الإنسان إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما نص الشرع على تحريم أخذه.

القسم الثاني: ما نص الشرع على طلب اخذه.

القسم الثالث: ما سكت الشرع عنه.

نفصل ما سبق فيما يلي.

القسم الأول: ما نص الشرع على تحريم أخذه

المقصود منه الشعر الذي لا يجوز قص شيء منه أو إزالته، وهو كالتالي:

اللحية للرجل.

الحاجب للرجل والمرأة.

الأدلة من القرآن والسنة

إن الأصل في التشريع قائم على أساس ما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه من أوامر ونواهي، وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة ويعتبر القرآن الكريم هو المصدر الأول.

السنة النبوية الشريفة من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وما ثبت نقله عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ثم يأتي المصدر الثالث وهو ما أجمع عليه الفقهاء والعلماء الربانين والمحتكمين لكتاب الله وسنته.

الأدلة من القرآن الكريم

لا يوجد دليل من القرآن الكريم نصي فيما يخص الشعر وتركه أو إزالته ولكن الأدلة من السنة النبوية الشريفة كثيرة التي تعتبر المصدر الثاني من التشريع.

قال الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7].

الأدلة من السنة النبوية الشريفة

قول صلى الله عليه وسلم: ” أَعْفوا الِّلحَى، وجُزُّوا الشَّوارِبَ، وغيِّروا شَيْبَكم، ولا تَشَبِّهوا باليهودِ والنَّصارى” رواه أبو هريرة، وأخرجه أحمد، حديث صحيح.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” جُزُّوا الشَّواربَ، وأَرْخوا الِّلحى، خالفوا المجوسَ ” رواه أبو هريرة، وأخرجه مسلم، حديث صحيح.

في الحديثين ما يدل على عدم جواز حلق اللحية للرجل.

قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النامصات بقوله: ” لعن اللهُ الواشِماتِ والمُستوشِماتِ، والواصلاتِ، والمُتنمِّصاتِ، والمُتفلِّجاتِ للحسنِ المُغيِّراتِ خلقَ اللهِ عزَّ وجلَّ” رواه عبدالله بن مسعود.

استدل الفقهاء بهذا الحديث بعدم جواز أخذ شعر من الحاجبين أو إزالتهما للنساء والرجال على السواء.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم لمس الفرج أثناء الصيام وإدخال الأصبع في الفرج أو الدبر في نهار رمضان

القسم الثاني: ما نص الشرع على طلب أخذه

  المقصود منه الشعر الذي يجوز قص شيء منه أو إزالته، وهو كالتالي:

شعر الإبط للرجل والمرأة.

شعر العانة للرجل والمرأة.

شعر الشارب للرجل.

الأدلة من السنة النبوية الشريفة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عَشرٌ مِنَ الفِطرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإِعفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، واسْتِنشَاقُ الماءِ، وقَصُّ الأَظفَارِ، وغَسلُ البَرَاجِمِ، وَنَتفُ الإِبطِ، وَحلقُ العانَة، وانتِقاصُ المَاءِ قَالَ مصعب: ونسِيتُ العاشِرة إِلاَّ أَن تَكون المَضمضَةُ، قالَ وَكيعٌ وَهُوَ أَحَدُ روَاتِهِ: انتِقَاصُ الماءِ، يَعني: الاسْتِنْجاءَ. رَواهُ مُسلِمٌ.”

ومعنى البراجم أي: عقد الأصابع ومفاصلها كلها.

استدل الفقهاء من الحديث السابق فيما يخص الشعر على قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة.

قال النووي: (قال العلماء: ويلحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن، وهو الصماخ، فيزيله بالمسح، لأنه ربما أضرت كثرته بالسمع، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف).

وقال: (والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر يشمله أيضًا.

واستدل الفقهاء من جميع ما سبق على استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر.

وأما حديث أنس المذكور في الكتاب (أي صحيح مسلم): (وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة فمعناه: لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين، لا أنهم وقت لهم الترك أربعين). من كتاب صحيح مسلم بشرح النووي (2/151).

ويتضح مما سبق أن حكم ترك شعر الدبر هو استحباب حلقه.

القسم الثالث: ما سكت الشرع عنه

المقصود منه الشعر الذي لم يرد أي نص فيه ذكره، ويرجع حكم الأخذ منه أو تركه إلى اختيار العبد فإن شاء أزاله وإن شاء أبقاه والأمر فيه واسع ، والله أعلم، وهو كالتالي:

شعر الأنف.

شعر الجبهة.

أدرج بعض العلماء شعر السيقان وشعر العضد وشعر البطن وشعر الصدر.

الأدلة من الكتاب والسنة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” و ما سَكَتَ عنهُ فهوَ عَفْوٌ” رواه الطبراني والبزار وحسنه الهيثمي.

لكن العلماء لم يضيفوا حكم ترك شعر الدبر في هذا القسم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز صيام يوم عرفه وانا علي قضاء وما هو الدليل على ذلك

الآداب التي تخص الشعر

ذكر الفقهاء بعض الآداب التي تخص قص الشعر أو تقصيره أو إزالته أو تركه، وتلك الآداب منها ما يخص الأخذ من الشعر والبعض الآخر يخص ترك الشعر، ونوضحها كما يلي:

آداب الأخذ من الشعر

من الآداب التي يجب اتباعها عند الأخذ من الشعر:

أن يبدأ بالجانب الأيمن.

يجب أن يستتر من الناس.

أن يواري الشعر الذي يزيله.

ألا يترك شعره أكثر من أربعين يومًا.

عند حلق العانة يستحب له ان يأخذ من تحت السرة.

آداب ترك الشعر

من الآداب التي يجب اتباعها عند ترك الشعر:

المداومة على النظافة وأنه يجب تطهير الشعر من النجاسات والقاذورات التي تتعلق به خاصة أنه معرض لتعلق الوسخ والعرق مما يؤدي إلى خروج روائح كريهة وهذا مما لا يصح مع الإسلام.

شعر رأس المرأة من علامات الجمال فالمرأة تمدح بطول الشعر ووفرته وتركه أولى وإذا دعت الحاجة إلى قصه أو تخفيفه فلا حرج، ولكن إذا كانت المرأة متزوجة فلا بد لها من استشارته في حالة القص منه.

لا يجوز للرجال أو النساء التشبه بالكافرين في تطويل أجزاء من الشعر وحلق الجانبين لأنه من القزع المنهي عنه والأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها:

عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ)، قال نافع – أحد رواة الحديث – في تفسير القزع: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ .

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضًا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: (احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ)

 

وسئل أحمد عن حلق القفا فقال: (هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم)، وبهذا يعلم أنه لا يجوز ترك بعض شعر الرأس.

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: “ومن يقصّر أطراف الشعر ويجعل الشعر كثيفاً في منتصف الرأس فإنه يشمله هذا؛ لأن فيه تشبهاً بأهل الفساد”.

فالإسلام دين طهارة ونظافة وهذا من كمال دين الحق لما يحققه من سلامة الأبدان من الأمراض، والله أعلى وأعلم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل الاكل يبطل الوضوء وما هي مبطلات الوضوء في الإسلام؟

إجمال بعد تفصيل

بناءً على ما تم عرضه فيما سبق، نجد أن

  • اتضح فيما سبق من بيان حكم ترك شعر الدبر بأن الفقهاء قسموا أحكام ترك الشعر أو الأخذ منه إلى ثلاثة أحكام.
  • الأقسام الثلاثة هي ما نص الشرع على تحريم أخذه، وما نص الشرع على طلب اخذه، وما سكت الشرع عنه.
  • هناك آداب نبه عليها الفقهاء فيما يخص شعر الجسم.
قد يعجبك أيضًا